الخميس، 28 أبريل 2022

حين يكون المسلم..في ظل صدقته يوم القيامة بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 حين يكون المسلم..في ظل صدقته يوم القيامة

الإهداء : إلى تلك التي مسحت دموعي بمنديل صدقتها..قي مثل شهر عظيم كهذا..إلى ف/بن م
تصدير:
“الصدقة عبادة لا يقبلها الله إلا إذا دفعها المسلم لمستحقّيها بنيّة التقرب إليه سبحانه وتعالى.”
تطغى الأجواء الروحانية على أيام الشهر الفضيل،وتأتي الصدقة على رأس أعمال الخير لأنها تساعد المحتاج وتُشعره بأن هنالك من يقف معه ولا يتركه وسط العوز والحاجة،لتؤكد أن التكافل المجتمعي والإحساس بالآخرين حاضر دوما.
وتُعد الصدقة في رمضان من أكثر صور الأعمال الخيرية التي يقوم بها الناس لمساعدة أبناء المجتمع الواحد، ليكون رمضان في كل عام، هو باكورة الخير مُضاعف الأجر
الصدقة من أشرف الأعمال وأفضلها،حث الله عليها في كتابه العزيز فقال جل من قائل: {وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [الحديد:18] وقال: (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ)[الحديد:11].
وإذن؟
الصدقة إذا،تدفع المصائب والكروب والشدائد، وترفع البلايا والآفات والأمراض،حيث يربي الله تعالى الصدقات،ويضاعف لأصحابها المثوبات، ويُعلي الدرجات،وجاء الأمر الإلهي للرسول صلى الله عليه وسلم بأخذ الصدقات والحث عليها، قال تعالى: (خذ من أموالهم صدقةً تطهرهم وتزكيهم بها…)، سورة التوبة : الآية 103.
كما أن الأعمال تتضاعف في رمضان،والفضل الإلهي عظيم في هذه الأيام المباركة.. هذا بدأ الشيخ عبدالله المناعي به خلال حديثه عن الصدقة، داعياً من يرغب في ثواب الله إلى الإكثار من الصدقات في هذا الشهر.
الجمع بين الصدقة والصيام من أسباب دخول أعلى الجنة، كما قال النبي “صلى الله عليه وآله وسلم”: “إن في الجنة غرفاً يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها”، قالوا: لمن هي يا رسول الله؟ قال: “لمن طيب الكلام، وأطعم الطعام، وأدام الصيام، وصلى بالليل والناس نيام”، فلعل هذه الخصال تجتمع كلها في رمضان. إذا أطعم الصائم الطعام في رمضان فهو له صدقة، وهو أيضاً شكر لنعمة الله -تبارك وتعالى- وهو إيثار بما لديه من مال وتذكر للفقراء والمساكين،فتكون هذه الصدقة محققة لفوائد كثيرة من فوائد الصيام وحكمه.
وهنا أقول:
حث الإسلام على التبرع وفعل الخير وتقديم المعروف للناس بكل صوره وأشكاله،لأنه من التعاون الذي أمر الله به،قال تعالى وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِر وَالتقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَان (المائدة 2 )
والتبرع ببذل المال لمن يستحقه إن ارتبط بنية التقرب إلى الله تعالى فهو صدقة مندوبة،لأن فيها نفعاً للفقير وعوناً للضعيف وإغاثة للملهوف،ومساعدة للعاجز وتقوية له على أداء فرائض الله تعالى بتأمين حاجاته وحفظ حياته ؛ قال صلى الله عليه وسلم، خير الناس أنفعهم للناس (رواه الطبراني) .
وفي الصدقة شكر الله تعالى على نعمه العميمة،فالمال والغنى نعمة عظيمة تقتضي شعور المؤمن بزيادة المسؤوليات التي يتحملها تجاه نفسه وتجاه أسرته ومجتمعه ودينه،وهي دليل صحة إيمان مؤدّيها وتصديقه بوعد الله في مضاعفة الأجر،قال تعالى مَنْ ذَا الذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاَللهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (البقرة 245)،وقال صلى الله عليه وسلم واصفاً عظيم الثواب عليها أيّما مؤمن أطعم مؤمناً على جوع أطعمه الله يوم القيامة من ثمار الجنة، وأيما مؤمن سقى مؤمناً على ظمأ سقاه الله يوم القيامة من الرحيق المختوم،وأيما مؤمن كسا مؤمناً على عري كساه الله من خضر الجنة (رواه الترمذي) .
ولا فرق في أحكام المتصدق بين الرجل والمرأة، ويجوز لِلمرأةِ أَن تتصدق من بيت زوجها للسائل وغيره إذا أذن لها صراحة أو ضمناً .
والأفضل في صدقة التطوع أن تكون سراً،فهذا أقرب إلى صدق النية وأبعد عن الرياء وأحفظ لكرامة الفقير ومشاعره، وإن كانت تصح ويثاب عليها في العلن قال تعالى إنْ تُبْدُوا الصدَقَاتِ فَنِعِما هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفرُ عَنْكُمْ سَيئَاتِكُمْ ، وَاَللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (البقرة 271)، والتصدق في الخفاء يحمي المؤمن من أهوال يوم القيامة.
ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه (رواه البخاري)،وقال أيضاً صدقة السر تطفئ غضب الرب وصلة الرحم تزيد في العمر وكل معروف صدقة (رواه الطبراني) .
ودفعها في رمضان أفضل من دفعها في غيره لا سِيّما في العشر الأواخر منه.
سئل،صلى الله عليه وسلم،عن أفضل الصدقات فقال صدقة في رمضان (رواه الترمذي)،فالحسنات تضاعف فيه، ولأن الفقراء فيه يضعفون ويعجزون عن الكسب بسبب الصيام،والصدقة تعينهم على أداء هذه الفريضة،كما أن من فطّر صائماً كان له مثل أجره،لذا كان الإنفاق على أفراد الأسرة وأهل البيت في رمضان مستحباً فهم صائمون .
ولا يجوز إيذاء الفقير والمنّ عليه بالصدقة، ومن يفعل ذلك يُضِيعُ عملَه ويُبْطِلُ ثوابَه ؛ قال تعالى الذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُم لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنا وَلاَ أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (البقرة 262) .
فالصدقة عبادة لا يقبلها الله إلا إذا دفعها المسلم لمستحقّيها بنيّة التقرب إليه سبحانه وتعالى .
على سبيل الخاتمة:
أن الإنفاق في سبيل الله من أعظم أبواب الخير في رمضان وغير رمضان وأن لله عز وجل خواصّ في الأزمنة والأمكنة والأشخاص” وشهر رمضان له خصائص وفضائل وأن فضائل الصدقة تزداد وتعظم إن وقعت في الزمان الفاضل ألا وهو رمضان وأن الصدقة في رمضان حسيةٌ كالصدقة على الفقراء والمساكين.
وصدقة معنوية كالتسبيح والتهليل والتكبير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتلاوة القرآن وأن الجمع بين الصيام والصدقة من موجبات الجنة وأن الصدقة تمحو الخطايا والذنوب وأن الثابت من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الإكثار من الصدقة في رمضان.
خلاصة القول:
تعد الصدقة أحد أكثر الأبواب المحببة إلى الله سبحانه وتعالى، إذ بيّن فيها منافع الصدقات وآثارها على الإنسان والمجتمع، إذ يرفع الله ببركتها البلاء عن المتصدق ويشفيه ويعافيه من أمراضه ويفرج بها همومه، فالصدقة ترفع البلاء عن المتصدق نفسه وعن أهل بيته أيضاً، وتمثل هذه واحدة من أهم فوائد الصدقة،
كما أن الصدقات أيضًا تمنع ميتة السوء، فهي تحتوي على الكثير من الخيرات والبركات التي يحصدها المسلم في دنياه، بل وحتى في آخرته في حال قام بهذا العمل المحبب إلى الله عز وجل،وقد ذكرها سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم في الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة.
(إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ).
رمضان شهر الدعاء،فقد حثّ الله عباده على الدعاء بعد أن أمرهم بالصيام؛ لتتأكّد الرابطة بين الصيام والدعاء؛ فالله قريبٌ من العبد ويستجيب دعاءه،قال الله -تعالى-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) وخير الدعاء ما كان للغير،فالمسلم يحبّ الخير لأخيه المسلم كما يُحبّه لنفسه؛ فيدعو الله له بأن يُفرّج همّه، ويزيل كربه، ويوفّقه في أمره،ويُعينه على الخير،ويدعو له بعد مماته كما دعا له في حياته،بأن يرحمه الله،ويغفر له.
وقد مدح الله تعالى المنفقين في سبيله، والمتصدقين ابتغاء مرضاته في جميع الأوقات من ليل أو نهار، والأحوال من سر وجهر: (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانيةً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، والإنفاق على كل حال وبكل كيفية وفي أي وقت، بالليل أو بالنهار، سراً أو علانية، بالقليل أم بالكثير، كل إنفاق له أجره، وأجر المنفقين عند ربهم، وهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ويروى أن علياً بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي عنه، ولم يكن يملك غير أربعة دراهم، فتصدق بدرهم ليلاً، وبدرهم نهاراً، وبدرهم سراً، وبدرهم علانية، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما حملك على هذا؟»، قال: حملني أن أستوجب على الله الذي وعدني، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إن ذلك لك.
وإذن..؟
الصدقة إذتت،مطهرة للمال،تخلصه من الدخن الذي يصيبه من جراء اللغو،والحلف،والكذب، والغفلة.
اللهم أعنا على فعل الخير واجعلنا ممن يسابقون على فعله،واستعملنا لطاعتك وسخرنا لفعل كل ما يقربنا إليك واجعل لنا بصمة خير في هذه الدنيا..
محمد المحسن
Peut être une image de 1 personne


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق