الجمعة، 29 أبريل 2022

ورقة أدبية حول نص الأديب الشاعر والفنان المغربي الأستاذ عبد الرحمان الغندور المعنون ب * مكابرة * بقلم الكاتب علال الجعدوني المغرب .

 علال أب أشرف الجعدوني

✓ *ورقة أدبية حول نص الأديب الشاعر والفنان المغربي الأستاذ عبد الرحمان الغندور المعنون ب :
* مكابرة *
نَــصَـبُـوا لي مشنقة ومقصلة في محطة القطارْ،
خيروني في أسباب الموت...
أن أختار الموت مقتولا
أو أختار الانتحار.
حاكموا صبري...
اتهموني بالعناد
وبالإصرار.
حاكموا حلمي... ورموني بالجنون...
سألني كبيرهمُ الذي علمهم فنون القهرْ:
مـا تنتظرُ طول هذا العمرْ؟
أجابه شيبُ الكبرياء:
إني أنتظر يا سيدهم...
نوراً من عينيها...
يعلن ميلاد الفجرْ.
إني أسترخص في عشقها
مشنقة... أو مقصلة... أو طعنةَ خنجرْ.
إني أترنح سكراناً في انتظاري،
أشرب كأسي بطعم الحنظل
أُطْـعِـمُ قهري ورود الصبرْ،
لأن حبيبتي آتيةٌ ذات صباحٍ...
محمولة على هودج جَـمْـرْ،
وفي عينيها بسمةٌ...
ويداها تحملان باقاتِ زهرْ.
وأنـــــا هـــنـــا...
مشنوقٌ أو مطعونٌ...
لا أمَلُّ... لا أسأمُ...
لا أضــجــرْ.
عبد الرحمان الغندور.
المغرب .
✓ مدخل أو أرضية للتحليل :
حتما ، إن للأدب صلة وثيقة بالحياة وكذا بقضايا الإنسان والمجتمع ، كما يعتبر الشعر تعبير إنساني يترجم تجربة شخصية وفكرية ، بل هو خلوة مع الذات وشحن روحي يتناول مواضع وفق طبيعة الوضعيات التي يعيشها الإنسان في واقعه . وهناك من يعتبره مرآة الذات ، أو رسالة تعري نواقص المجتمع عاكسة لأغوار الذات .
ويعتبر عبد الرحمان الغندور من الشعراء الحداثة أو رواد الشعر الحديث ، فاض نهر جنونه الشعري فكتب لنا نصا عنونه بعنوان (مكابرة ) :
✓ دلالة العنوان :
فانطلاقا من العنوان الذي هو بمثابة عتبة أساسية لفك مغاليق النص ، ومساعدة المتلقي على فهم فحوى ومضمون الموضوع ، يمكن القول على أن دلالته هي كالتالي :
جاء في المعجم شرح كلمة مكابرة :
1-مكابرة إسم مصدر كابر ،
عرف بمكابرته : بمعاندته ، منازعة في المسألة العلمية لا لإظهار الصواب بل لإلزام الخصم .
2- المكابرة مصطلحات :
المغالبة على الأهل أو المال ونحو ذلك ( فقهية ) .
3-المكابرة :
المنازعة والمجادلة في المسائل العلمية لا لإظهار الحق ولكن لمجرد الانتصار على الخصم .
والمكابرة : سلوك يدفع الإنسان إلى تخليه عن قيم الحوار واستيعاب الرأي الآخر وتقديره ، لهذا حين يستمع المكابر إلى رأي غيره لا يكون مستعدا لفهم وجهة نظر غيره والاقتناع بها ...
وللمكابر صفات متعددة أو ظواهر متنوعة سأعرضها لكونها قد تساعد نسبيا في قراءة وتحليل النص تحليلا موسعا ، يمكن إجمالها فيما يلي :
-الارتباك والتوتر .
-تبادل النظرات .
-رؤيته كثيرا في كل مكان .
-المراقبة الدائمة .
-الابتسامة الدائمة .
-الاهتمام والتجاهل لغيره .
-التحدث معك عن المستقبل
-الاهتمام بمظهره .
-الاستماع الجيد لك .
-يسأل عنك دائما .
✓قراءة أدبية في نص الشاعر : عبد الرحمان غندور .
غالباً الشاعر ما يحاول تحليقه في مديات الخيال ويحاول تطريز نصه بالمجاز والاستعارة كي يغدي إبداعه بما يليق به وبالرجوع إلى ما سطره الشاعر من صور فنية قد نجده لون كتاباته بألوان منقوعة في الشحن والأسى تناغي الأمل .
فلو قرأنا مطلع القصيده :
*نصبوا لي مشنقة ومقصلة في محطة القطار ....
....
خيروني في أسباب الموت ....
.....
ماذا تنتظر طول هذا العمر ؟
.....
إني أنتظر ....
نورا من عينيها
يعلن ميلاد الفجر .
لقد اقتنى الشاعر كلمات مذهلة ، بعضها صاغها جملا وأخرى أسئلة استفهامية ، وهذا الأسلوب الجميل هو أسلوب زج به القارىء في مشاركته بتقنية جميلة ، إنها صرخات مكتومة تراقص هسيس الكلمات وكأنه إحساس بالضجر ...
فعلا صوت الأعماق لا يمكن استنباطه بسهولة ولا يمكن الوصول إليه إلا بمساعدة الشاعر بعد نبش في سراديب الذات ....
فالنص راق امتطت عباراته الترميز ، مليء بصور تؤثث رسم المنحى النفسي بلغة شاعرية زئبقية ،تحرك لواعج مكامن وكوامن النفس مؤججة جمال الكتابة بقدرة لغوية تصويرية جموح .
لقد طرح الشاعر إشكالية غامضة بحيث علق مضمون النص الشعري وترك المتلقي هو من يجب عليه التخمين في الموضوع والتعمق في البحث ... وبطبيعة الحال لكي تكتشف أبعاد النص عليك بقراءة سيرة الشاعر ، أو تأويل الكلمات العميقة المعنى ... فالنص يحتوي على غموض تام ، ونقرأ هذا في عدة عبارات :
مثلا : " شيب الكبرياء " ....؟؟؟؟
وكذلك عندما تقرأ " لأن حبيبتي آتية ذات صباح ". فبرغم بساطة الكلمات ، لكن يبقى المعنى غير واضحا بالمرة ....
قد تكون ذلك ترنيمة الروح أو صدى الوجدان وقد يكون الخطاب مناجاة من صخب الحياة وصجيج اليومي المؤرق ...
بتعقب للكلمات من أول النص إلى آخره يجعلك الشاعر تنغمس في عوالم حالمة جوانية مطيتها المتخيل .
لكل ذاك فنص المبدع يلخص معاناة مليئة بالشجن غير معهودة تلخص أحاسيسه بشموخ وأنفة تنبع من أعماق مأتاها الصفاء والنبل والنخوة ....
ويبقى الباب مفتوحا للتأويل .... أتمنى للشاعر مسيرة موفقة في كتاباته المتميزة ...
بقلم : علال الجعدوني المغرب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق