السبت، 27 نوفمبر 2021

ولادة لامتناهية/محمد المهدي حسن/جريدة الوجدان الثقافية


 ولادة لامتناهية

في البدء كانت الرّوح
ايقونة هلامية
مسكنها اللاّ مكان
اغواها الطّين
استقرّت فيه نورا
فكان الانسان
جاءه الأمر أن
"هزّ لك بجذع البيان
يسّاقط عليك الصوتم ورقا
فاصنع لك منه كيان"
قرقعة الحرف رهيبة
"اق...رأ" تخرج من جوف الطين
و تقبض على الحلق
ثمّ ينفجر بها اللسان.
ذبذبة رنّانة
زغاريد أمّك
و هي تطلق الطلقة
لمّا تمثّلت للعيان
زائر جديد ظنّته شهوة
و كأنّه ما كان كان
من قال لك "رح"
و الرّوح منك لم تسترح؟
هي تأتي و ترحل
لللا مكان
و تأسّس لك زمانا
يكبّل أجنحتك
و يحرمك من الطيران.
انس ساعتك الحائطيّة البليدة
و افرج جناحك
على الكون
و اسع إلى مشارف الشمس
لتعاودك متعة الذّوبان
بين اللامتناهيين
أنت فكرة
أنت لحظة
كنها و أتقنها
و لا تقبلنّ
بما كان كان.
كذبة الموت قديمة
و حقيقة البعث
تنأى بنفسها
عن صيرورة الزّمن
و تتعالى عن المكان.
لغة الكون فيك
عليك أن تفقهها
حلّ شفرتها
في ذاتك العميقة
و لا حاجة لك بالترجمان.
لا فخر لمن عرف نفسه
و لا عذر لمن يجهلها
ما كانت له الوسيلة
لما ليس في الحسبان
أنت الانسان
تأنسن و لا تنسى
ما وثّق القلم
و ما جاد به
حدّ السنان
ما أحلى الذّوبان في الكون
و ما أجمل العسر
لمّا يخلفه اليسر
و تنقذه الذّاكرة
من بحر النسيان.
محمد المهدي حسن (من مخطوط "حادي النوارس")

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق