الاثنين، 1 نوفمبر 2021

ورقة أدبية موجزة في حق ٱلشّـاعرة سعيدة الرغيوي : علال الجعدوني المغرب/جريدة الوجدان الثقافية


 ✓ ورقة أدبية موجزة في حق ٱلشّـاعرة سعيدة الرغيوي :

قبل ٱلْخَوض في كتابة ٱلْورقة ٱلْأدبية، لا بد من ٱلْإشارة إلى أن ٱلشِّعر : هو تجربة قبلَ كُلّ شيء ، كما هو ٱلْمعاناة ٱلّتي تصهر ٱلْأَشياء، وٱلْمُغامرة ٱلْجزئية ٱلّتي لا تتوقَّفُ عند حد، وأكثر من هذا فٱلشِّعرُ ليس مجرد كلامٍ يرسل في مُخْتَلفِ ٱلْمُناسبات، أو أنه محسنات بديعية تَسْتَدعِي ٱلتّشبيهات وٱلْمقابلات وٱلْاستعارات ٱلّتي لا تحملُ أيّ معنى.
فٱلشّعر "هو ٱلْحياة ".وٱلْقصيدة تبقى فضاء واسعاً تعترك فيه مُختلف ٱلصِّيغ، وتمتزج مكامن ٱلشُّعور مع روح ٱلْفَنِّ بلون متميز ليصِلَ ٱلشّاعر إلى قمّةِ ٱلْإبداع أو إلى مشَارف ٱلرُّؤيَـا ..
ومن هذا ٱلْمنطلق يمْكنُ إدراج ٱلشّاعرة الأستاذة سعيدة الرغيوي في صنف ٱلْمبدعين ٱلّذين ساهموا في مثلِ هذه ٱلتّجربة ٱلرّائدة وبٱلْأخص في تشكيلِ نموذج ٱلْقصيدة ٱلْحديثة بطرق تصويرية رائعة ٱلْمعاني، مقتنصة لذيذ ٱلْمَجازات بٱمتطاء ٱلتّرْميزِ وٱلتّأويل وٱلدّلالة في جُلِّ كتاباتها ٱلّتي جمعتها في إصدار أنيق عنونته : " قناديل ٱلرُّوح " ديوان شعري ٱلْهايكو ، بحيث يمكن ٱلْجزم على أنَّ ٱلصُّور ٱلشّاعرية ٱلْمرسومة بٱلدِّيوان تعدُّ جوهر ٱلْإبداع بإحساسٍ و وعيٍ مَقْصُودٍ، فٱلشّاعرةُ موهوبة تملك ناصية ٱلْحَرف، تمكَّنَت أن تكون شاعرة بخيالها ٱلنّيرِ ٱلْواسِعِ.
نعم شاعرة متميزة وقوية متمردة، تهيمُ بٱلْقَارىءِ على وهجِ رؤى عميقة بأسرارِها ٱلدّفينة، وليس هذا فحسب، بل تفكك صمت ٱلذّات مِمّا يؤكدُ أن ٱلشّاعرة "سعيدة الرغيوي"، قيمة فكرية كبيرة ، طلعها لايَجِفُّ عطاء، فتجربتها زاخرة بحِكمٍ وازنة مُستقاة مِمّا يحُومُ حَولها ، متشبعة بٱلْموروثِ ٱلثّقافي ٱلْغنِي بٱلصُّورة ٱلشِّعرية ٱلشّاعرية ....
فإبداع ٱلشاعرة ٱلْمَنشور هنا وهناك ، سواء بٱلمجاميع ٱلشّعرية ٱلْمُشتركة" إيماءات " أو بٱلديوان ٱلجماعي" ٱلعربي ٱلْآن " أو بديوان "على رصيف الجحود "أو ٱلكتابات ٱلْمبثوثة في ٱلْمواقع وٱلْمجلات ٱلْعربية سواء ٱلْورقية أو ٱلمنشورة رقمياً؛ هي كتابات تُغرِقُ ٱلْكيان بنكهة ٱلتّميز وٱلتّفرد ، لأن ٱلشّاعرة لم تتقيد بمدرسة ما، بل ولجت عالم ٱلْكتابة وهي متحررة من كل ٱلْقيودِ، نحتت شعراً جميلاً على خاصرة ٱلنّجاح وٱلتّألق، تبنت حروفا رشيقة نابعة من ٱلْأعماق، ساحرة ٱلْجَرْسِ ، قوية ٱلدّلالات، متجنبة ٱلتّصَنع لُغةً وأسلوباً متربعة عُرُوشَ ٱلصِّدق كَيْ تَخْلُقَ ٱللّذة ٱلْجمالية فِي نُصُوصِها ٱلنّثرية بِشاعرية عذبة ٱلصِّياغة.
(فكل حرفٍ لايمس ٱلرّوح بشاعريته وصدقه ،ولا يرتشف ٱلْجُرحَ ٱلْغائر ،لايخلد ،ولا يعول عليه).
وخلاصة ٱلْقول:" فٱلشّاعرة سعيدة الرغيوي تُحاولُ جر ٱلْمتلقي إلى عُمْق ٱلتَّجربة ٱلشِّعْرية ٱلْمُعَاصرة بكل عطاءاتها وتعثراتها.سلكت مسلكاً على غرار باشلار حيث يرى أو يقول :
( إنّ ٱلشِّعْرَ ٱلْعظيم هو ٱلشِّعر ٱلرُّؤيوي ،إنَّ ٱلرُّؤيا هي ٱلّتي تجعل ٱلشِّعْر جَسَدا ) ١، لأنَّ هُناكَ فرق بين ٱلنّص ٱلْعَادي وٱلنّص ٱلْإبداعي كالفرق بين حال " ٱلرُّؤية "وحال "ٱلرُّؤْيا ".
١ النظرية الأدبية الحديثة والنقد الأسطوري ،حنا عبود منشورات اتحاد كتاب العرب ١٩٩٩ص١١
✓ بقلم : علال الجعدوني المغرب

لن انساك/سلوي البرشومى/جريدة الوجدان الثقافية


 لن انساك

كيف انساك يوما كيف انسي
كلماتك همساتك رحيق هواك
كيف انسى الليالي والنسيم
وعشق السنين ودندنه
كلماتك
مثل دندنه العصافير
كيف
وكيف أنسي النجوم المضيئه
كيف انسى ملامحك
لااستطيع
النسيان فمواجعي تزداد كلما
زاد الحنين زاد الشوق لرؤياك
فمهما ابتعدت وطال
البعد
اعلم ان بعدي عني عذاب بقلمي
سلوي البرشومى
من مصر الاسكندريه

إليها /محمود عبدالمعطي/جريدة الوجدان الثقافية


 إليها

هي الروح
التي اناجيها
أتغني بها بأنغام
ذاك الرحيل
طيفك أبقى
ذكرى جميلة
على صفحة العمر
وقت الاصيل
أسافر في
روحك الطاهرة
وتسير مسار الدم
في الشرايين
اليها،،،، فهي
الهواء النقي
والصفاء
والعمر القليل
اليها يرحل النبض
ببطئ ويجزف
أماني المستحيل
تحدوك أمنية
للتلاقي
مع نور الشمس
بعد العناء الطويل
محمود عبدالمعطي
ابو احمد

حين يحلّق الروائي محسن بن هنية..في الأفق بجناح واحد (رواية المستنقع نموذجا) بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 حين يحلّق الروائي محسن بن هنية..في الأفق بجناح واحد (رواية المستنقع نموذجا)

“الكتابة هي إقتسام العالم وإعادة ابتكاره” عن الكاتب السعودي:أحمد أبو دهمان
..يقف الروائي التونسي القدير”محسن بن هنية”رائدا ومنارة في مسار الإبداع الروائي العربي عامة،والتونسي خاصة،كتابة روائية متميزة،وموسوعة ثقافية كشف بها عن هوس شديد بالحفر والتنقيب عن كل ما يمكن أن يؤلم-الإنسان-في ظل مرحلة تاريخية تتسم بالإنكسار والترجرج.
آخر تجل لهذا الهوس،روايته”المستنقع/أو التحليق بجناح واحد”(1) التي تعتبر (وهذا الرأي يخصّني) علامة متميزة في تاريخ الرواية العربية،ببنيتها السردية وصيغ إشتغال المتخيل والذاكرة واللغة.نص روائي راهن محسن بن هنية من خلال إستضافته لنصوص أخرى على تحقيق الصنعة الروائية التي تلعب فيها مقصدية الكاتب دورا ديناميا في إبراز مظاهر التناص(2) الشكلي والمضموني،وهو الشيء الذي يبرر توزع النص بين كتابات أدبية تنبجس من نسيج الواقع المعيش،مما يعقد معه وضع النص في خانة الجنس الأدبي المحدد ،ويتضح ذلك من خلال إعتماده مؤاشرات دالة على إمكان انتسابه إلى جنس السيرة الذاتية،والجنس الأدبي الروائي في نفس الوقت.وعليه،تتضافر سلطة كل من المؤلف والسارد في هذا النص لتدعيم هذا التوجه،وتذويب الحدود بين الخطابات والملفوظات.ومن ثم،تعتبر صيغة الإسناد القولية التي يتلبس بها الخطاب الروائي،من خلال صيغتي(قال-قلت)عنصرا مساهما في تعتيق الشكل الروائي.
فإذا كانت كذلك،فإنها من جهة أخرى،تسمح بإمكان إستقطاب لغات وأصوات متعددة،وتمريرها عبر ذات المؤلف،إنّه التشخيص الخالص للنزوع السيري،نستطيع تبنيه من خلال حضور مادة السيرة الذاتية التي تمكن المؤلف بوعيه الإستيتقي المؤسلب تذويبها في سياق الحكايات الفرعية،إما من خلال حضور الروايات(أو النصوص)السابقة أو الشخصيات الرئيسة فيها بالروايات نفسها،أو بقراءة-الإيحاءات-الهاجعة بين السطور والتي تكثر في هذه الرواية،كمظهر من مظاهر الإستبطان والإستجلاء للحظات حياتية،يمتزج فيها الحقيقي بالمتخيل،إعتمادا على الذاكرة كمنطلق أساسي لتشخيص المحكي وتقلباته على امتداد النص،في أفق المكون الروائي le romanesque كدينامية لإشتغال قطبي القصة والخطاب.
التحليق في فضاء المعنى:تشخص مقاصد النص وفقا للمقاربة السوسيولوجية على أنّها ذلك الجنين الذي يتولّد عن مخاض التفاعلات الميكانيكيّة بين أنسجة مؤسّساتية.لذلك تستحيل عمليّة تسييج العلة المكتفية بذاتها والمحددة لغيرها.كما ترجع المقاربة العياديّة الفرويدية تلك المقاصد إلى مؤسسة اللاشعور،من جهة أنّها الزاوية التي يستريح فيها المعنى منتظرا غفوة”حارس الليل” ناشدا الإنفلات خاصة وأنّ عطر الحقيقة أكثر إغراء من أي عطر آخر،فلا يغريه إلا شهريار الحرية.
لكن مع مدرسة:فرنكفورت”ستنجز المزاوجة بين المقاربتين إيمانا منها بضرورة المنهج الكلي الشمولي،أي المنهج الذي ياخذ بعين الإعتبار أي دافع وإن كان عرضيا في سياق استكناه النظام الدلالي لأي نص.ومع ذلك لابد أن نسأل هل لنا أن نشد الرحال إلى فضاء محسن بن هنية الإبداعي كي ننعم بمراسمه؟هل لنا أن نفكر في فكره؟وهل نمتلك حق التفكير ضد فكره؟هل نحافظ على إستقلالية فكرنا مع فكره؟..
إنّها المساءلة اللامتناهية التي أقضّت مضجعي أثناء محاولتي “التحليق” في الفضاء الإبداعي لمحسن بن هنية،(بأجنحة عدّة ،لا بجناح واحد..)لاسيما وأنّه أوقعنا-سهوا عنّا-في فخاخ المعنى حيث لا سبيل للخلاص دون عطوب لا شفاء منها..استراتيجيا السرد:الحكاية والتشظي: .كنت أحيانا أراك جبلا بعيد المنال،يعز تسلقه أو سبر فجاج أدغاله وشق أحراشه،وأحيانا أخرى كنت أتخيلك بحرا عميقا تعجز شباكي على صيد حيتانه أو الغوص حتى قعره ولملمة أصدافه..(ص5)
بعد مسيرة طويلة،لم تعد الرّواية بيانا تسجيليا ولا حتّى نقدا للمجتمع أو لأرباب السياسة،بل انخرطت في مسارات حداثية أخرى ومعاصرة.وأمسى من الضروري التفريق بين أمرين لطالما تشابكا هما:الرّواية بإعتبارها تاريخ أحداث ممكنة الوقوع،من جهة،والتاريخ بإعتباره رواية أحداث وقعت.عير أنّ هذا التفريق مازال لا يحسم الموقف المتصل بإشكالية العلاقة بين الكتابة الرّوائية والواقع الذي تعاصره،فكأنّها تلغيه وهي معنيّة به في الآن نفسه،تستقصيه وتتمرد عليه،تتكئ على جسده لتستكشف رؤياها.ولعلّ”المستنقع” صورة للتشظّي الذي يصعب معه تمثّل واقع متماسك الأديم يحاكي ما تعرفه خبرتنا بالحياة ويكمن هذا المعنى في ما أعطاه الكاتب للتجربة الشخصية من امتدادات في الداخل،متجاوزا بذلك المرئي إلى مناجاة المرئي في لغة النفس والذّهن،وإلى إصغاء مرهف إلى رنين تلك الذات وإشعاعاتها الغامضة والضاربة في كلّ اتجاه.”يكاد هذا المعنى أن يكون صياغة فنية لما ارتآه الناقد والمبدع جبرا ابراهيم جبرا في بعض نصوصه التي حاور فيها ماجد السامرائي معلنا أنّ” تجارب الشخصية لذيذة وعاتية ملتاعة بشاعرية مذهلة…الطفل يلعب،يجد في لعبه مرآته التي يريد”(3).
وبذا،تحوّلت استراتيجيا السّرد إلى أفق سردي ينبسط مداه على كل الأنواع:محكوم ببناء شذري مرسل كأرخبيل،الأمر الذي جعل الرواية تُبنى بالأساس على عدد من الثنائيات والمقابلات تمثّل التصارع،فهناك الحب والكراهية،والقبول والرفض،والحلم والواقع والجذب إلى أسفل والتوق إلى المثل العليا والحرية والتماثل والإختلاف.وهذه الماهية الأساسية في جوانب الجذب في الرواية تدفع إلى بنية خاصّة للرواية لعلّها بنية دائريّة أو حلزونية.فلا نكاد نعيش الأحداث وتقدّمها وتطوّرها حتى نرجع إلى نقطة البداية أو هكذا يُخيّل إلينا.
فلا حلّ في الأفق،ولا حلّ في الواقع،بل نحن نكتشف،أو نبدأ بالإكتشاف أثناء ملامسة خبايا النص وهو في الحقيقة رواية داخل الرواية تأخذ شكل رسالة تصوغها”هناء”بحبر الرّوح،وتعبّر من خلالها عما يعتمل في داخلها من مشاهد التمزّق والتشظي،وما يمور في وجدانها من حبّ كاسح “لرئيسها المباشر”سي حسان..مدير المجلة..”..المستنقع:رواية هموم المجموعة:كانت غاية الكاتب من رواية-المستنقع-هي ملامسة الراهن بكل تداعياته المتشعبة،أو بالأحرى تحليل عديد الأطروحات السياسية والثقافية والإقتصادية والإجتماعية من منظور نقدي محايد ونزيه..
وقد نحا-المحسن بن هنية-“بمكره الأدبي المعهود “المنحى القائم على حسن استشراف المسالك المحايثة للعملية الإبداعيّة،حتّى يضمن للأثر المنشأ حسن التلقي وجودة التأتّي..وهذه السياسة الأدبيّة تجعل القارئ عاديا أو غير عادي يسلس القياد ويذعن للنصّ وشروطه القرائية.ولكنّ أمر النصّ آخر..إنّه نصّ الكشف والإنكشاف في ذات الآن.فهو يخترق سجوف الصّمت وبعرّي المستور ويلج بجسارة المسكوت عنه،فتشيع نبرة تجريبية واقعيّة مميّزة في المتن السردي للرواية،تصف الواقع وتشخّص الرّاهن بأسلوب جسور لم يألفه الخطاب السائد، حيث تنبجس من- ضلوع-رئيس التحرير-كلمات رمادية موغلة في الألم ،وكأنّ الوجودية السارترية أو الكاموية قد بُعثت من مرقدها في شكل محليّ ضيّق ولكنه ذو أبعاد إنسانية شاملة:هناك رهط كالطاحونة التي تطحن رؤوس البشر حتى أبناء عمومتهم أو تطحن حبّات القمح..الأمر عندهم سواء،المهم أرصدتهم في البنوك،النقود مغمّسة في الدّم،في الخل،في البترول،في الحرام،بالنشل،بالسرقة مقابل العرض،مقابل الشرف..القيم،المبادئ،الوطن،الشهامة..الذل..التمسّح..القوادة..المدح الرخيص..في الأخير هي نقود تشتري بها الذمم والضمائر.. ص:128
ولكن..
التستر خلف حجاب الكلمات لم يعد ينفع ،و الخطاب السياسي المتوهّج لم يعد يلهب حماس النّاس –في مثل ليل عربي كهذا-.فماذا يفعل الإنسان-العربي- الباحث عن وتد مستقرّ في زمن لم نعد نعرف فيه الطريق إلى الحكمة،وقد ارتجّت من تحته كلّ نقاط الإرتكاز.
وبسؤال مغاير أقول:
كيف يمكنه أن يتجاوز الألم والتشظي في عالم سريع الإنزياح والتغيّر..؟..
إنّ حضور الأسئلة الحارقة ،الأحلام المشتهاة،الإستيهامات والواقع بكل تشعباته يبرز قدرة الكاتب على الجمع بين كل هذا ضمن تشكيل لا يلاحظ فيه أي نوع من أنواع النشاز أو النتوء الفني،بل إنّ كل هذا يوضح،بقوّة،كيف نجح الكاتب في التوفيق الجيد بين الإتتقاء والتركيب في سبيل تقديم نص ذي حس إبداعي يشدّ القارئ من غير سقوط في حذلقات أوتنطعات فاقدة الماء والرواء..
وهذا ماجعل الرواية تتميّز بلحظات مكثفة وذات عمق تصويري آت من مناجاة أو حوار تتبدّى فيهما حالة الشخوص في بحث دائم عن الحرية التي هي أعز ما يطلب في فضاء وفي زمن كل ما فيهما لا يحيل إلاّ على الألم والحسرة،كما يبين ذلك التعبير التالي: وتيرة الأيّام أصبحت باهتة تتوالى في رتابة مضجرة كحشرجة المريض الذي أزمن مرضه ودبّ اليأس في برئه،…وتحت وطأة اشتداد الجفاف وذهاب الربيع دون زهور أو فراشات ودخول الصيف بوجه كالح ينفث من خياشيمه الهجير..(ص192)
على أنّ أهم ما نجحت فيه الرواية هو قدرتها،في الآن نفسه،على ملامسة الجرح الجماعي والألم العام حتى وهي تقوم على تفريد الأوعاء والحالات.فالرواية تملك عمقها وتميزها من كون الفردي لا يغيب حجم الكارثة الجماعية،وبذلك فهي لا تغرق في بكائية ذاتية مقطوعة الأواصر بالهم العام.فرغم تقديمها حالات-شخوص،فهي تثير،في ثنايا ذلك،ودون السقوط في مستنقع الأطروحة الفجة،وضع أزمة جماعية ليست الحالات الفردية،مع أهميتها سوى التعبير الأفصح والفجائعي عنها.
ومن ثم،نجد،في الرواية،ذلك البحث أيضا عن البطولة في زمن العيش في مجتمعات صاخبة وزاخرة بالحركة والعلاقات التي أصبحت تقوم-في غالبها-على الزيف والقناع.وكل هذا يبيّن أنّ الرواية قادرة على تقديم الصورة ضمن بعدها الإشكالي حيث لا مجال للحكم الواحد-الوحيد.فالكل قابل للمساءلة وإعادة النظر حتى ولو أوهم بالوضوح والسكينة.إذ لا مجال هنا للوثوقيّة والإنغلاق من منطلق أنّ”النصّ الأدبي ملتبس ومتعدّد المستويات ومتعدّد الدلالات وإرجاعه إلى دلالة واضحة وشفافة يقود إلى إلغائه كنصّ”(4).
النصّ الجمع:استدعت الرواية نصوصا تراثية وأشكالا فنية متنوعة وتمكنت من صهرها بطريقة محكمة جعلتها تكوّن وحدة لانشاز فيها من غير أن تفقد هذه الأشكال تميزها فكأنّها”تتجاور وتتلامس وكأنّ بعضها يذوب في بعض..”(5)
فإذا بالنصّ القرآني يتلاحم مع السرد:فالمقرئ يقرأ القرآن،والآيات تنساب انسيابا”إذا الشمس كورت.وإذا النجوم انكدرت.وإذا الجبال سيرت…”والنص التاريخي ينصهر في الوصف فإذا بالمسجد الأقص ينتصب شامخا يوحي للقارئ بالآفّاقين أو جنود الإحتلال الإسرائيلي الذين يطوّقون هذا المكان المقدّس،ولهولاء المحتلين أخبار وحْده النص التاريخي كفيل بضبطها فيقع استحضاره.
وتنفتح الرواية على فن العمارة فتشاهد مساجد ومآذن وأزقة عتيقة،وتوظف فنون المسرح فيما يُعرف بخيال الظل،وتستدعي الفنون الشعبية فإذا بك في جو” الحضرة”والأعراس والأغاني الشعبية.
إنّ تمازج هذه النصوص والأشكال الفنية في النصّ الروائي الواحد يعطي التجارب الروائية الجديدة تميّزها وطرافتها ويبعد عنها شبح الرتابة ويخرجها من سلطة النص الواحد إلى رحابة النص الجمع مكمن النصّوص المتنوعة حدّ التناقض المتآلفة فيه حدّ الإنصهار.ولمَ لا تكون نموذجا للتعايش والتكامل في إطار التنوع والإختلاف في عالم قوامه الصراع والتنافر.على سبيل الخاتمة:تبدو لنا رواية”المستنقع” غير مكتفية بالإنفتاح على روائيتّها،تحاول الإغتناء بذاتها.ورغم أنّ الروائي قد طغى على الميتاروائي فإنّ هذه الرواية يمكن أن تدرج ضمن اتجاه من الروايات الحديثة يؤمن بإزدواجية الكتابة بإعتبارها موضوعا وتأمّلا في الموضوع،وهو اتجاه ينطلق من ادراك حاد بصعوبة الكتابة ومسؤوليتها،فثمة أسئلة عديدة تتعلّق بالإبداع وبماهية الكتابة ووظائفها ما زالت مطروحة في عصر تتهاوى فيه الأنساق وتطرح كل الثوابت..
في الختام قد لا أبالغ إذا قلت أنّ الرواية قد أبانت عن قدرة متميزة لدى كاتبها تكشف عن حذقه الكبير في بناء العوالم السردية رؤية وكتابة والإمساك بمختلف منعرجات الفن الروائي وتنوعاته مع صبر طويل في التعامل مع هذا الفن بما يستلزم من دراية وخبرة.ومن ثمّ،نستطيع أن نلمح أنّ القراءة المستعادة لهذا-المنجز الإبداعي-لا يمكن إلاّ أن تحمل معها إضافات متجددة تكشف عن زخم النص وقدرته على إسثثارة الإعجاب المتلذّذ وإثارة الأسئلة المؤرقة والعذبة في ذات الآن..
إنّ حرارة الكتابة وتقلبات الحكايات بين تفصيلات الواقع الدقيقة وشطحات الخيال والإستيهام التي تتلبس صورة هذا الواقع تلبسا ممعنا،تنتقل عدواه إلى القارئ دون مطبات فنية أو تشويش تقنوي مفروض.وبذلك،تكشف الرواية عن غنى الإختيار السردي وعمق المسار الكتابي لدى بن هنية،لا في منجزه النصّي فحسب،بل كذلك،في محتمله الإبداعي الواعد،الشيء الذي يوضح أنّ الأمر لا يتعلّق بنزوة عابرة ولا بعشق للتقاليع،بل بإمتلاك الصوت تفرّدا وصدى..
محمد المحسن
الإحالات:
1-المستنقع أو التحليق بجناح واحد للمحسن بن هنية-خطوات للنشر والتوزيع-الأكاديمية الثقافية العربية الآسيوية-الطبعة الأولى/20062-
2-ظهر هذا المصطلح لأوّل مرّة على يد جوليا كريستيفا في عدّة أبحاث لجماعة Tel Quel وهو يعني حضور فعلي لنص ما في نص آخر،أو عملية تحويل وأنتقال عدة نصوص يقوم بها نص مركزي يحتفظ بزيادة المعنى،أوتكرار لوحدة في خطاب آخر(Antoie Compagnon).-
3-عن سامي الطلابي-مجلة الحياة الثقافية-العدد108/أكتوبر99/ص:1334-
4-فيصل درّاج:الواقع والمثال.دار الفكر الجديد،بيروت ط1/1989،ص:1255-
5-محي الدين حمدي،تقديم رواية على نار هادئة،ص:8

خوف /راضية قعلول/جريدة الوجدان الثقافية


 خوف:

اندسّ أيمن في فراشه، وهو يشكّ في أنّه سيستطيع النّوم في هاته اللّيلة الشّتويّة الباردة، تمدّد تحت الغطاء الصّوفيّ، وشعور غريب ينتابه، يخيّل أنّه ليس وحيدا؛ بل هناك ظلال لغرباء يتجوّلون في فناء البيت، وصوت خطواتهم يختلط بصوت جريد النّخلة التي تحتكّ بنافذة الغرفة.
الرّيح تعربد، تعوي كالذّئاب الجائعة، وترجّ النّوافذ فتصدر صوتا أجابه قلب الصّبيّ اليافع بدقّات متتاليّة، لكن رغم هذا أغفى وهو يلوم نفسه لأنّه شاهد فيلم رعب تسبّب في توتّره.
ضوء أرجوانيّ يحرق عينيه فجأة، وصوت مرعب يأمره:
ـــ الزم الصّمت أيّها الآدميّ.
الرّعد يقصف... البرق يمزّق السّحب الدّهماء فيمكّنه من رؤية شبح له جسم إنسان لكنّ رأسه رأس تمساح يزيّنها تاج ترسل الأحجار الكريمة التي ترصّعه بريقا يخطف الأبصار.
أراد أيمن أن يصرخ لكنّه شعر بالاختناق...أحسّ بيد غليظة تشدّ على رقبته بقوّة؛ فكّر في أنّ هذا ليس إلّا حلما مريعا.
الخوف يعضّ بطنه، فيرفع يديه في الهواء كالرّوبوط. قطّ ضخم يفتح فمه فتظهر أنيابه كالمناجل، ويتطاير الشّرر من عينيه.
يوجّه الشّبح نحوه سلاحا يشبه مسدّسا عملاقا... يطلق عليه زخّات من الأضواء الملوّنة فينقلب خلقه ويتحوّل إلى خفّاش قبيح بجناحين كبيرين، فيتقزّز من منظره المريع.
أحدهم يمدّ إليه بندقيّة آلية فيمسك بها، يضغط على الزّناد فيمطر التّمساح بوابل من الرّصاص، يشتدّ وطيس المعركة... التّمساح يقترب منه، القطّ العملاق يمدّ أظافره القبيحة نحوه، يشعر أيمن بقوّة خارقة تدفعه إلى الفضاء حتى يتجاوز مدار الكرة الأرضيّة، تشتدّ قتامة السّواد، يتابع مقاتلة خصومه، كائن فضائيّ متوحّش يحمي ظهره ويساعده، يشتدّ أزيز الرّصاص... يصرخ هو بأعلى صوته سأهزمك... سأهزمك... سأهزمك أيّها اللّعييييييييين... إحساس فظيع بالعطش ينتابه، قطرات من الماء تبلّل وجهه، يد باردة كالثّلج تمسك به فيرتعش، صوت خافت يأتيه من واد سحيق:
ـــ أيمن ... أيمن... ألم أقل لك لا تشاهد أفلام الرّعب؟؟
ـــ أريد شربة ماء ياااا.
{ راضية قعلول، نصّ من مجموعة النّصوص المعدّة لليافعين أسميتها لمجة}

مداد وبشارة/بسام سعيد عرار/جريدة الوجدان الثقافية


 مداد وبشارة

...............
مداد فتيل وشرارة
بلون الدم القاني والنور
جماليات
لا تغيب مع قسوة الأيام
جذوة حق وعزة وكرامة
أيها القادم
أملا ووعدا وبشارة
من هنا وهنالك
تنبؤات
ضاربة الجذور والاستشراف
تنهل من الخير الأبقى
استحقاقات وعد ماثلة
همم تحمل شعلة التغيير
فنارات ضياء
أمام جحور الظلام
تأخذ بالأسباب
لا تنسى رب الأسباب
المنال ليس ببعيد
يا صاحب السبق والريادة
تتسارع الخطا والأحداث
وأنت الحاضر جوهرا
في الباطن والظاهر
قولا وعملا
في معالي النصوص والروح
قلب يزرع البهاء
ينثال وسع الكون
عيون مائزة تعبر الأمداء
وقع تفكر على مسامع البصيرة
نقش سرمدي بحجم السماء
نفع النفس الزكية العميم
ما عادت تفي الرؤى القاصرة
على امتداد الزمان والمكان
بصمة تتأتى تبهر الناظرين
بقلمي
بسام سعيد عرار

قراءة في قصيدة / في بلادي :للأديب والشاعر السوري : مصطفى الحاج حسين . بقلم : الشاعر والناقد العراقي : علي سلمان الموسوي /جريدة الوجدان الثقافية


 /// قراءة في قصيدة ..

(( في بلادي )) ..
للأديب والشاعر السوري : مصطفى الحاج حسين .
بقلم : الشاعر والناقد العراقي : علي سلمان الموسوي .
---------------------------------------------------------------------
هكذا هي القامات الأدبية تبدو أن تكون يقظةً في ثيمات الوجود المعرفي العميق
هم التأملات و الأشكال المرسومة في مخيلة الأقلام بين النور والنور ساهمت في خلق عالمنا الأدبي المميز
وها نحن نكرّم هذا الفضاء الدرامي المثير...للشاعر
مصطفى الحاج حسين
عندما نتذوق نكهة الشعر ونحن نتسلق سلالم الكلمات في وحي مدهش يركض إلى حافات حلم معاق ..تتخذ من الأماكن والأزمنة
إطلالة خدرٍ على زقاق من أنين
حيث تتراقص مواهب التخيّل وكأنّها مهارة الحائك البارع الصبور الذي لا يعرف الملل ...يأتي بعناق الغبش الناعم على سكون الفطرة المتوجرة..
هنا نتلمس رأس اللحظة التي تبحث عن رحلةٍ فذةٍ في الهيبة الخلابة
بل كأنهّا الهمس المتماوج عبر خصوصيات ما وراء الأشياء التي تمر بثقة الماهر المتقن وسط حشدٍ من تحوطات الأنامل النازفة
اغماضة تحلق بأجواء مرصعة بعوالم النوادر الفارهة لوطنٍ مازال بلا رأس
/في بلادي
يحصدُ الفقراءُ
غلالَ الدّمِ/
/وتقطفُ النّساءُ
سِلالَ الدّمعِ/
/ويرضعُ الأطفالُ
ُحليبَ الانفجاراتِ /
/وتتزيّنُ الفتياتُ
بالشّحوبِ والارتجافِ/
/ويحملُ الرّجالُ على أكتافِهِمْ
جثَّةَ الخرابِ/
في لعبة النثر يبقى للصقور فضاءٌ غير الذي نراه وهو مجال الغرابة في عالم الدهشة والإثارة حين يبدو لنا الحديث خارج مضامير المواجهة الفعلية في حقائق الانفعالات وفي محطةٍ جديدة من خرير نبع ماءٍ ودماء
يعجُ به العطش المكلوم بالوجع ،
نفحةٌ بلاغية صامته هذه المرة
ضمن بوابات الرغبة والقسوة والانتشاء..
/في بلادي
ترسلُ الشَّمسُ أشعَةَ الهلاكِ/
/وتتمترسُ الجبالُ
خلفَ المدافعِ/
/وتأوي العصافيرُ
إلى حجرِ النّارِ/.
هنا حروفٌ غامرات بالندى عبارة عن مسحاتٍ خفيفةٍ تزيّنُ روحَ تربةٍ تمسكتْ بشفاهِ الأقلامِ والآلام حين وضعتْ في جوفِ بركانها أزمنةً مشاكسةً ،
التفتُ بين طياتِ السطورِ تارةً يميناً وأخرى شمالاً كي أرى الصمت الذي بات يكسّرُ روابي التجوالِ المتعثرِ بين نواصي الكلمات ،
حريقُ النبراتِ تداركَ ميادينَ الرمادِ المنفّعلِ الذي أسبل مناغماً كفوفَ المنتفضينَ التي تسربلت أفكارهم في شظايا العتمة صوبَ نوافذٍ اللاخلاص من أفواهِ العصاة..
ترقنُ قيدَ المتمردين الذين يخلقون من ضريبة الحياة أزماتٍ بلا جدوى ..
/في بلادي
ننصبُ فخاً للقمرِ/
/نعلّقُهُ على عَمودِ الحقدِ/
/ونسلخُ عنهُ الضّوءَ/
/في بلادي
يذبحُ الأخُ أخاهُ
بتهمةِ الخيانةِ/
/وتكونُ سكّينُهُ
يدَ الغريبِ/.
شواهدُ الزمنِ في برج الذكريات المشحون بعبقٍ قديم ، تشظى مازحاً على طهر الأماكن المعّدة سابقاً لحفلات الذكرى وعقيق تُحفِ نادرةِ من الصراع
في باحةِ تفقدية خلفَ ستائرِ البوح
مساماتٌ متشققةٌ في أغوارٍ بعيدةٍ
حافةٌ صلدةٌ تخلو من أحلامِ الغد ، لن تنتظر بزوغ سمشٍ لصبحٍ قريب،
كتلةٌ من رمزياتٍ مشتابكةٍ الجذور ومتصارعةِ الشعور احتضنت جمالاً نقياً غابت في كل مفاتنه
وملامحه المُثلى،
مسك حبلَ الريح من طرفٍ واحدٍ
وتركُ للسماء
نوايا مؤجلة،
تعود..
الى شدو النسيان
ربما...هو الحميم المشفر
الذي اعلن عصيانه مؤخرا.
/في بلادي
صارَتِ الأشجارُ تورِقُ جثثاً/
/وصارَ النّهارُ يُطِلُّ
على الفاجعةِ /
/وغدا النّدى
قطرانَ السّرابِ/
/في بلادي
تفحَّمَ الهواءُ/
/وصارَ السّلامُ
رماداً/
/وعمَّ الانهيارُ
وتراكمَ السّخطُ/
/في صدرِ الغمامِ/
كأنّها قصيدة عشق تتبارى على حرفة سيل من هيئات متنازعة على ملكية مجهولة
نرى الرجال والنساء يتسابقون على حلة من ضياع .
/في بلادي /
/جفَّتْ خطواتُنا
وتحوَّلَ نبضُنا يباساً ./
تجسيد الآلام المهولة التي تحل وكأنّها علامات إخبارية مقيدة بأسلوب نافذ الشعورية والفكرية ..لا قيود على سلطان الحروف حين تكون على ناصية التمرد.
ما وراء طبيعات العيوب والخطوب والأفراح المؤجلة وزوابع الأمنيات الجائعة الى نوافذ الضوء في تخمة الحياة المتصحرة عرفا...
تقديري للحرف الثمين
شكرا والف عطر مميز
مداد حرف ودعاء..
علي سلمان الموسوي
العراق .
==================================
القصيدة :
* في بلادي ...*
شعر : مصطفى الحاج حسين .
في بلادي
يحصدُ الفقراءُ
غلالَ الدّمِ
وتقطفُ النّساءُ
سِلالَ الدّمعِ
ويرضعُ الأطفالُ
ُحليبَ الانفجاراتِ
وتتزيّنُ الفتياتُ
بالشّحوبِ والارتجافِ
ويحملُ الرّجالُ على أكتافِهِمْ
جثَّةَ الخرابِ
في بلادي
ترسلُ الشَّمسُ أشعَةَ الهلاكِ
وتتمترسُ الجبالُ
خلفَ المدافعِ
وتأوي العصافيرُ
إلى حجرِ النّارِ
في بلادي
ننصبُ فخاً للقمرِ
نعلّقُهُ على عَمودِ الحقدِ
ونسلخُ عنهُ الضّوءَ
في بلادي
يذبحُ الأخُ أخاهُ
بتهمةِ الخيانةِ
وتكونُ سكّينُهُ
يدَ الغريبِ
في بلادي
صارَتِ الأشجارُ تورِقُ جثثاً
وصارَ النّهارُ يُطِلُّ
على الفاجعةِ
وغدا النّدى
قطرانَ السّرابِ
في بلادي
تفحَّمَ الهواءُ
وصارَ السّلامُ
رماداً
وعمَّ الانهيارُ
وتراكمَ السّخطُ
في صدرِ الغمامِ
في بلادي
جفَّتْ خطواتُنا
وتحوَّلَ نبضُنا يباساً *.
مصطفى الحاج حسين .
إسطنبول

نحر/ابتسام المياحي العراق/جريدة الوجدان الثقافية


 نحر

تتلاعب بي الافكار
لتقرر انكساري
والروح بقفر صرعى
انحر من منهما
اانحر الروح بفكري
ام انحر الفكر بالهذيان
حبلى بغرامك بل اكثر
ولا اجيد لغة الرسائل للغرام
فلا تتأمل
ابتسام المياحي
العراق

المبدعة بقلم الكاتبة سهام الشبعان

 المبدعة

اختنقت مريم بما تقوم به من أعمال بيتية.....عليها ان تطبخ الطعام و ترتّب البيت،فقد ربّيت على ان تلبّي طلبات زوجها، و أبنائها،ترتيب بيتها، إنّها الأصول التي لقّنتها كلّ أنثى... لكن اليوم نهضت مريم على وقع صوت يدعوها أن تكتب عن تضاريسها عن الحياة و الحبّ، عن الطّير إذا غادرت أوكارها.و العواصف اذا هبّت،فتطلق الكلمات من عقالها.إنّها في شوق عارم إلى عالم الفنّ و الأدب، عالم لا يمكن ان يلجه إلاّ مرهف حسّ لفظته سكينة الوجود و تشبّع من رضاب شفتيه الألم......نهضت مريم و في جوفها رياح أخر غير تلك التي ربّيت عليها. و أحسّت بالفوضى في كلّ تراتيب حياتها."لا بدّ ان أعدّل تنظيم ما بداخلي،،،و ان اقطع مع فوضى المحتوم ،،لا بدّ من مقاومة هذا الروتين الجاثم على صدري،،على نفسها المهوسة بعشق الحرف،،،انها تكره ذلك العقد الاجتماعي الذي يطوق حلمها و يذكّرها دائما انّها أنثى عليها ان تتقن فن الطبخ ،،و الكنس،،و أن تنجح في لمّ شتات الاسرة....وان تكون للآخرين عونا و قدوة.حينها فقط سيفتل الزوج شواربه و يشكر على حسن اختياره لعروسه" هكذا كانت مريم تحدّث نفسها. ثم عصفت بداخلها أسئلة:"ترى واين انا في هذا الخضمّ السعيد الراكد؟؟؟؟،" إنّها تريد ان تتلمّس موقعها كذات مبدعة....أنّ كلّ أواني المطبخ صور تتراقص في ذهنها.....الزوج ينادي أحضري الشاي يا مريم ...و تعالي ....البنت الضغرى امي .تعالي لمساعدتي فتمرين اللغة صعب و لم أستطع فكّ طلاسمه....
لم تتحمل مريم و بدا لصوتهم ولولة ترفضها...هرعت بسرعة إلى غرفتها ، تحتضن قلمها الذى تجاهلته منذ مدة .و اشتدّ بينهما العناق. عناق ابديّ يعزف أجمل سنفونية حبّ ..فاسرعت تدعو زوجها ليشاركها رغبتها و يبارك طموحها..فاذا به يزمجر حانقا: "ماهذا الهراء يا مريم.....أنت أنثى. امراة متزوجة، و الابداع من حصّة الرجال أ نت موعودة بالجنة متى أخلصت في تربية أبنائك و توعدوك بالنار اذا لم تطيعي زوجك و لم توفري له أسباب الراحة والهناء....."أحست مريم بالقهر و الغبن،،فالكتابة نار تتأجج بأعماقها تجاهلت ما سمعته. و ضجّت بأعماقها رياح أخر..رياح الرّفض و التّحدي ممتطيةحروفهاجوادا سيوصلها إلى برّ الامان......خرجت مريم من البيت غير مبالية بالبرد و الصقيع ففي اعماقها نار تتاجج للكتابة.، تدفأت مريم بحلمها، خرجت بملابس نومها الشفافة .منشدة الخروج من التحرير إلى التّحرر..الكل يناديها لم تلتف إلى الخلف لكن رقّ قلبها لصوت ابنتها الضغرى تناشدها الا تخرج،،،التفتت مريم و هزت راسها الى الأعلى لتطمئن ابنتها:"انني ذاهبة إلى حيث اراكم بعدسة مختلفة ،ستكونون اجمل بنيتي ، وسأحضن أحلامك من موقع آخر فهلاّ باركتم ولادتي ،،،فالمخاض لم يكن سهلا".خرجت مريم و زخات المطر قد بللت كامل جسدها و افتضّت صمتها ، مبشرة بعالم جديد عالم انثى انثى ابت إلا ان تكون مبدعة......
بقلم سهام الشبعان