المبدعة
اختنقت مريم بما تقوم به من أعمال بيتية.....عليها ان تطبخ الطعام و ترتّب البيت،فقد ربّيت على ان تلبّي طلبات زوجها، و أبنائها،ترتيب بيتها، إنّها الأصول التي لقّنتها كلّ أنثى... لكن اليوم نهضت مريم على وقع صوت يدعوها أن تكتب عن تضاريسها عن الحياة و الحبّ، عن الطّير إذا غادرت أوكارها.و العواصف اذا هبّت،فتطلق الكلمات من عقالها.إنّها في شوق عارم إلى عالم الفنّ و الأدب، عالم لا يمكن ان يلجه إلاّ مرهف حسّ لفظته سكينة الوجود و تشبّع من رضاب شفتيه الألم......نهضت مريم و في جوفها رياح أخر غير تلك التي ربّيت عليها. و أحسّت بالفوضى في كلّ تراتيب حياتها."لا بدّ ان أعدّل تنظيم ما بداخلي،،،و ان اقطع مع فوضى المحتوم ،،لا بدّ من مقاومة هذا الروتين الجاثم على صدري،،على نفسها المهوسة بعشق الحرف،،،انها تكره ذلك العقد الاجتماعي الذي يطوق حلمها و يذكّرها دائما انّها أنثى عليها ان تتقن فن الطبخ ،،و الكنس،،و أن تنجح في لمّ شتات الاسرة....وان تكون للآخرين عونا و قدوة.حينها فقط سيفتل الزوج شواربه و يشكر على حسن اختياره لعروسه" هكذا كانت مريم تحدّث نفسها. ثم عصفت بداخلها أسئلة:"ترى واين انا في هذا الخضمّ السعيد الراكد؟؟؟؟،" إنّها تريد ان تتلمّس موقعها كذات مبدعة....أنّ كلّ أواني المطبخ صور تتراقص في ذهنها.....الزوج ينادي أحضري الشاي يا مريم ...و تعالي ....البنت الضغرى امي .تعالي لمساعدتي فتمرين اللغة صعب و لم أستطع فكّ طلاسمه....
لم تتحمل مريم و بدا لصوتهم ولولة ترفضها...هرعت بسرعة إلى غرفتها ، تحتضن قلمها الذى تجاهلته منذ مدة .و اشتدّ بينهما العناق. عناق ابديّ يعزف أجمل سنفونية حبّ ..فاسرعت تدعو زوجها ليشاركها رغبتها و يبارك طموحها..فاذا به يزمجر حانقا: "ماهذا الهراء يا مريم.....أنت أنثى. امراة متزوجة، و الابداع من حصّة الرجال أ نت موعودة بالجنة متى أخلصت في تربية أبنائك و توعدوك بالنار اذا لم تطيعي زوجك و لم توفري له أسباب الراحة والهناء....."أحست مريم بالقهر و الغبن،،فالكتابة نار تتأجج بأعماقها تجاهلت ما سمعته. و ضجّت بأعماقها رياح أخر..رياح الرّفض و التّحدي ممتطيةحروفهاجوادا سيوصلها إلى برّ الامان......خرجت مريم من البيت غير مبالية بالبرد و الصقيع ففي اعماقها نار تتاجج للكتابة.، تدفأت مريم بحلمها، خرجت بملابس نومها الشفافة .منشدة الخروج من التحرير إلى التّحرر..الكل يناديها لم تلتف إلى الخلف لكن رقّ قلبها لصوت ابنتها الضغرى تناشدها الا تخرج،،،التفتت مريم و هزت راسها الى الأعلى لتطمئن ابنتها:"انني ذاهبة إلى حيث اراكم بعدسة مختلفة ،ستكونون اجمل بنيتي ، وسأحضن أحلامك من موقع آخر فهلاّ باركتم ولادتي ،،،فالمخاض لم يكن سهلا".خرجت مريم و زخات المطر قد بللت كامل جسدها و افتضّت صمتها ، مبشرة بعالم جديد عالم انثى انثى ابت إلا ان تكون مبدعة......
بقلم سهام الشبعان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق