تحايا المساء : أكثر من وجع لموت واحد .! -- مراد - ساسي
_
كنت باذخ الجرح ..
ينهش ضلعي الباكي الف نشيد كسيح
تأكل كبد العمر الهزيل ...
عند انطفائي ،
شدوت بكل غباء حنجرتي
من فهارس جوعي
من تواريخ دموع القبيلة
شدوت بوتر ألم العالمين السّحيق
بكل ما اوتيت من وجع مجوسي
للغرباء الرّاحلين في صمتي ...
حداء بدويّا...
مثل زهد قديم ..مدنّس
يعشّش في فوضى القلب..
ونسيت ضحكة الحقل
نجمة الطّفل السّاطعة
كنت ...
كطائر القطا.. حين يخدعه الشّرك
يعمّد في أصابع الرّيح ..حكاية ..موته..
حداء ...يفيض كغفلة خوف في الرّوح ..
أوزّعه من ترف مودتي . ما استطعت.. لرحيل الشّمس ! ..
و ألف سُراقة خلفي ..
ألف سُراقة يحاصرني
ألف ألف سراقة
يقتفي اثري...
كل قريش تخلّت عن كعبتها ...
تخلت عن بيعة فتاها تحت الشّجرة
واستنفرت من دم البسوس الحجريّ
نفط قبائلها ..
أهدرت دمي
استباحت ضفائر لحمي
وطاردتني من اجل رغيف ...!؟
وهمّت بي نوق مطهّمة لخليفتهم ..
ترمح بغايا ..الخيام الثّملة ..
تراودني ..في المسارات المحنّطة
كانت الريح تحمل رائحة موتي
والهدهد الرّاقص من كفر فرحته..
دليلهم ...
بوصلة الكواسر الزّائفة
حطّّ على وهم عمائمهم ..
نادى :
"يا آل ثمود ..هذا فتاكم ..
عنده صواع مَڸككم ...؟
وصولجان مُلككم ؟
مفتاح كعبتكم ؟
وقفل بيت عزّتكم ؟
هو سارق..صندوق زهد قصوركم
وحاجب شروق الشّمس ...
ودفء الآلهة عن معابدكم ..!؟؟"
صاح النّفير .!!
أناخوا العير
فتّشوا في شهوتي البكر
عن صواع الملك
وضعوه.بين ملح حزني ...
وطنين فوانيسي المعطّلة
-وزعموا أنّهم وجدوه....-
وكمن يحصي غنائمه ..
فتحوا فراغ حقائب القلب ..
وجاؤوا بدم كذب
يفنى على قمصان تراود الموت
على أرصفة فوضى مفاصلي ..؟؟
قلت وأنا أرتل خسارتي
والحزن بحّة جرح
يلهث في حنجرتي
كمقبض سكّين على الوريد !
مهلا كي أفيض في الصّوت ..
كي افتح لكم خرائب دموعي المهربة
أقول لكم درايتي ’.لا نبوتي ..
فالسموات انشغلت مذ زمن عمن سواي
فلا تعود إليّ ..
إلا بشحوب الدّعاء كرسول قديم
والتوسل خمر ذاب بين ركبتيْ ..
فلا شيء يشهد لي ..
باني قد عشت ..
إلا خطايا في سير الرواة العابرين
حملوني على أسنة سيوفهم ..!
هرعوا بي إلى المنفى ...
إلى عري العتمات الضيّقة
...أمسك الغياب بثوب انطفائي
طويته وانزويت بغربتي
ابحث عن لغتي
حنين الفقراء ..
في أغنيات الحجر المنزوي في آهات العبيد
في تراتيل الشوق الثمل البعيد
من تعتّق الجوع في جثّتي
أحمل وجهي النحاسي ّ
ألملم رنين الذّاكرة في حلق النّدم
وعتم شبابيك الموت ..
فللملامح مكيدة الخرائط
في يد الأعداء
لا صوت لي غير وجع التذّكّر
كجلجل في عنق الشّوق الطّريد
يقرع جرس أغنية
جفّت على شرفات الرّيح ...
وتضجّ فيّ ...رجفة الصّوت
تلطم زهدي الحرام على خدّه
وتمضغ قلبي المسجون
في ثرثرة جثّتي الرّابضة
على فوهة جبهة الهزيمة ..
كنت كتنهيدة أخيرة لعصغور
في قبضة صيّاد
كخفقة الطّفل الصّامد مرهقا
يودّع في الجرح نمش النّشيد الخجول
كنت كغريب ...
يجمع حبّات آثامه المؤجلة
يغمّسها في جرحه لمرة أخيرة
ككسرة.صديقة تغادره إلى الأبد
أو بكاء داسه الغياب
بصراخ نعال المنافي
حتّى غرق القلب في دمه
..ولا من بريد ...
ولا من بريد ...!!
--مراد ساسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق