الأحد، 22 ديسمبر 2024

كيف أكتب لكم معنى أربعٌ وخمسون عامًا؟ بقلم الكاتبة شاديا السروجي

 هل تعرفون ما تعني أربع وخمسون عامًا

من الذل والإكراه؟

تعالوا معي إلى عالم الأسرار،

إلى البلد التي أضحت تعاني من التخلف والجهل والتبول في الفراش،

إلى المعارضين وتحت سرير الخوف مصفقين،

إلى الشعب الذي يخرج ويكتب الشعارات كما يكتب عقد القِران،

إلى الأمة التي تخاف أن تكتب الشعر وأن ترسم الكلمات،

بعدما قطعوا أصابع علي فرزات،

وبعدما فجروا اللغات،

وبعدما وضعوا الحرف في الزنزانة،

وبعدما قطعوا حناجر ثوار مغنيها.


فكيف نكتب الشعر؟

وحمام السلام ينزف الدم فينا،

والهر الصغير لم يعد يصدر صوت المواء في بيوت الياسمين؟

وكيف نكتب الشعر؟

ووسادة أمي خالية من الابتسام، ولا تحمل سوى صور الموت؟

كيف نكتب الشعر؟

والدفء ضاع في ليالي الشتاء الحزين،

والنيران أضرمت في صيفنا الأليم؟

كيف نكتب؟

وليس هنالك سوى هولاكو عظيم،

صورته تملأ الحيطان، وتماثيله في الشوارع والساحات.

 نتغزل في عينيه،

وعناصر المخابرات تجبرنا أن نصلي كي يبقى حاكمًا أبدياً،

علماؤنا يستمدون الفتاوى من شفتيه،

كلماته تدرس، هو آلهة ليالينا السوداء،

وهو بوذا في طرقاتنا الحمراء،

هو جنكيز خان في الدور والساحات 

وعلى شاشات التلفزة،

وفي المقاهي والمطارات.


هل تعرفون ماذا تعني أربع وخمسون عامًا

والسلاسل الحديدية في الأعناق؟

كسرة الخبز نأكلها بالذل والإكراه،

كأس الماء يقدم بمرسوم جمهوري،

والغيم يأتي بمرسوم من باب القصر،

والمراسلون يقدم لهم الكتب والمقالات العسكرية،

ومدفع الرشاش.

هؤلاء الرسل في عصره، وهو خيرٌ من كل المنزلين.


هل عرفتم ماذا يعني أن نكون مطبلين، والطبلة

بيد السلطان؟

هل شاهدتم أبا لهب يَقتلُ بالطائرات، يحرق وينسفُ عيون الأطفال؟

ماذا أقول وكيف أشرح لكم؟

وكتاباتي على جدار المنفى،

وحرفي عسير.

كيف أكتب ومصاص الدماء فوق عيون حبيبي؟

يداه معلقتان كشجرة سنديان احترقت،

وباتت تنتظر الخلاص.


كيف أكتب لكم معنى أربعٌ وخمسون عامًا؟

الكاتبة شاديا السروجي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق