غرِّدي يَا عَصافيرَ السّلام
واسكُنِي بَينَ أغصانِ الشّجر
أطرِبِي الكَونَ وتباهِي بالرّيشِ
واجعَليهِ مَزهُوّا تحتَ المَطر سِيحِي فعصفورِي سَجينُ القَفصِ
لِيَصْدأ ذَهبُهُ دونَ حرِيةِ القَدَر
طِيرِي في فَضاءِ الأرضِ
وامزِجِي تَغارِيدَ الصُبحِ بالسّحَر
وأزِيحِي عَن النّفوسِ الكآبةَ
وكُلَّ العِللِ والأسقامِ والخَطر
هَذا الكونُ فَسيحٌ فاستَرزِقِي
واتركِي تَسابيحَ سَجينِي كَالذِكر
وامرَحِي مِثلَ النّحلِ يَحومُ
ليَلعَق الرّحيقَ المُعسلَ مِن الزّهَر
وابنِ بَين الحَشائشِ أعشاشًا
أشبِعيها بالبيضِ وفِراخِ الصِّغر
عَانقِي الأزهارَ كالفراشاتِ
نَستلهمُ مِن جَمالِكِ قافيةَ الشِعر
أنتُم أطيارُ الأحلامِ والأمَانِي
وَرَمزُ السّلامِ وَكُحلُ العَينِ للنَّظر
فِي غِيابكُم مَا نَاخَ القومُ نياقَهُم
ومَا تَركُوا السّربَ يَنجُو مِن سَقر
فِي غِيابكُم يَتَسوَّدُ الفَضاءُ
وتَحزنُ نجُومُهُ لِخرابِ الوَكر
الأرضُ تُوحِي لآلامِها تُخاطِبُنا
صَامتَةً كأنّنا أشجَارٌ خَاليّة مِن الثٌمَر
تُوقِدُ نِيرانُ الفُقدِ بِصيدِ طائرِهَا
فتَحتَرقُ البَهجَةُ ومَسَرّةُ البَصَر
عُودِي يَا عَصافيرِي وَزقزِقي
فَلا الذّهبُ أغلَى ولا زِينَةُ الدُّرَر
وارتَفعِي كالنّجمِ عَاليًا واهوِي
كالشُهبِ تُضِيئِينَ مَدارَ الوَكر
والعَنِي دعَاةَ الدّوَائِر الخَائنَةِ
نَعَت مَجدَها وانْحَنَت للذُلّ المُحتَقر
عُودِي ورَفرِفِي مَع الشّفَقِ
وامُري بِوقفِ حُروبِ الجَمر
أنتِ الحُرِيّةُ سِيقِي لنَا الجَمالَ
نُقَلّدُ فِيكِ المَحبّةَ لِهَناءِض البَشَر
وارمِ بالوَردِ النّفُوسَ تَتحَرّرُ
مِن شَغبِ المَظالِمِ وَقَيدِ البَطَر