حين يلامس الشاعر التونسي القدير طاهر مشي نرجس القلب..بقصيدة عذبة بطعم الجمال
من المعلوم أنَّ الحبَ كحالة إنسانية سامية،وما يكتنفه من لواعج العشق وصور الجمال، شكل على مدى العصور حافزاً قوياً لإثارة إبداع الشعراء،فضلاً عن مساهمة إبداعية المنجز الشعري بفاعليةٍ في تميز بعض الشعراء عن نظرائهم.
ولا ريب أنَّ إبداعَ الشاعر يرتكز بشكلٍ أساس على الموهبة المقترنة بتنوع مصادر المعرفة التي يوظفها هذا الشاعر أو ذاك لرغبةٍ جامحة في التعبير عما يشعر به،أو قد يوجه بوصلتها نحو بلوغ المجد والإحساس بالتميز حيناً ما،مع العرض أنَّ الشعورَ الخفي الذي يؤرق الشاعر،ويرغب البوح به قصد إيصاله إلى المتلقي،يبقى على الدوام رهين ما يمتلكه من أدواتِ البناء الشعري التي بوسعها ترجمة ما بداخله من رؤى،وما يطرق في ذهنه من هواجس..
أسوق هذه المقدمة الموجزة بعد ما أطلعت على -قصيدة :” لأني أحبك مثل الربيع
” للشاعر التونسي القدير طاهر مشي والذي يُعَدّ -في تقديري -من أفضل الشعراء العرب-
وعلى الرغم من اختلاف معايير المشارب والأذواق،الاّ أنَّ ما أثار انتباهي بدايةً بخصوص -القصيدة (لأني أحبك مثل الربيع) موضوع “هذه القراءة المتعجلة”هو ما تجسد بأمر-واحد ووحيد-،يتمثّل في الانتقائية في اختيار العنوان الذي ضمنه كلمة -الحب-،وهذه المفردة كما هو معروف في معاجم اللغة العربية تستمد خاصيتها المؤثرة في المتلقي مما تحمله في طياتها من معانٍ ترقى بالرؤيا الجمالية،وتستفز بما تحمله من بهاء ذائقته الجمالية،فالحب العفيف المتَّسم بطابع مثاليّ صِرْف.
وهنا أقول:لقد تمثل-الشاعر القدير طاهر مشي- المواءمــة والتكييــف ما بين الشعر والفن؛ لأجل الوصــول إلــى صياغــةٍ ذات قيمة أدبية وفنية معبرة،إذ أطل علينا في -قصيدته المدهشة هذه -بما يعتمل في ذاته من مشاعر وخيالٍ جامح بعد أنْ عودنا على الاندهاش بلوحاته الفنية التي يتجسّد فيها الشعر في أبهى تجلياته.
وحتى-لا أطيل على القارئ الكريم-الإستمتاع بهذه القصيدة الراقية أعيد القول-:
إنَّ القراءةَ المتأنية المتأملة لجل قصائد-د-طاهر مشي-تقود إلى الاحساس بتميز الشاعر -طاهر-فيما يكتبه وذلك يتجلى بأسلوبه السهل الممتنع،إذ يتصف أسلوبه في تركيب أبياته الشعرية بسلاسة المفردات ووضوح معانيها،وصدق عاطفتها،ما يجعل قصائده أكثر إثارة للمتلقي واقرب إلى نفسه وخلجات وجدانه.
ومن وحي القراءةَ المذكورة آنفاً،ندرك أيضاً تميز شاعرية-طاهر مشي-بلغةٍ شعرية عذبة عزّزت بنية القصيدة وساهمت في المحافظة عليها بفضل امتلاكه إمكانيات شعرية غير محدودة،والتي ساهمت في تدعيم منجزه الشعري الواعد بما أفضت إليه من شعرٍ رقيق،إذ اتسم شعره بقوة التأثير وصدق العاطفة،إلى جانب إجادته التفنن في نسج الصورة الشعرية.
ختاما أدعو-القارئ الكريم-للرقص معي على ايقاع القصيدة الموسومة بالحب والمشاعر المتدفقة والهادرة :
لأني أحبك مثل الربيع
ومثل الخريف وفصل التمنّي
لأني أحبك كل الفصول
فكل الدّروب تساءل عنّي
فكيف إذا غبت عني تراني
وبدر الدجى في سبات كأني..
(طاهر مشي)
يعتمد الشاعر ( طاهر مشي) المحاورة النسقيَّة الكاشفة عن صدى غزليّ إيحائي،يشي بالتوق العاطفي،والترسيم التشكيلي الصياغي؛ ليغدو المقطع لوحة نسجيَّة متكاملة في تشغيل مادة التعبير الفني؛مما يضفي على الحركة النسقيَّة صور جمالية، بإيحاءات شفافة،وحس عاطفي عميق.
يعتمد الشاعر ( طاهر مشي) الترسيم اللوحاتي الدقيق في الكشف عن نيران الحب؛بصور تميل إلى التجسيد البصري،والومض الشعوريّ الداخلي الذي يصطهج بالحب ونيرانه المشبوبة، فالجملة–لديه-ذات مداليل بصريَّة،وأنساق تشكيليّة،تضجّ بالغريزة الحسيَّة؛لكنها، تحلق في عباب التألق التصويريّ للأنثى..
ومن هنا تكتمل أبعاد اللوحة،وأنساقها بخطوط متداخلة،وأوصاف تصويريَّة بصريّة دقيقة؛ معتمداً تداخل الألوان،والأحاسيس الداخلية؛وعلى هذا؛تبدو قصيدته اللوحة ذات أصداء بصريّة، ومحفزات شعوريّة داخلية؛تحرك الإيقاع الداخلي والبصريّ للقصيدة.
ولانبالغ في قولنا : إن قصائده الرومانسية-تزداد إثارة وفاعلية-في تشكيل لوحاته الفنية،وهو ما يكسبها جمالية في إيقاعاتها الداخلية وأنساقها التصويرية.
أُهنيء شاعرنا الفذ على هذه القصيدة،ولازلت عند موقفي بل ربما عند إصراري أن المتابع لن يلحظ ماهو أدنى في شعر د-طاهر مشي بين قصيدة وأخرى..
وهذا التصاعد هو شارة النجاح…
محبتي..
محمد المحسن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق