الجمعة، 6 مايو 2022

في الشعر المنسي ..والشعراء المنسيين بقلم الكاتب محمد بن رجب

 الشعر المنسي والشعراء المنسيون


عرض الأستاذ المؤرخ عبد اللطيف الحناشي قبل سنوات في صفحته قصيدة فيها ابداع شعري من عصر المتنبي ولاحظ أنه شاعر غير معروف فعلقت على ما قدمه بما يلي ..

في الشعر المنسي
..والشعراء المنسيين

أستاذ عبد اللطيف... أنت تطرح اليوم مسألة أدبية وثقافية مهمة جدا كثيرا ما تناولها النقد الأدبي أو تاريخ الأدب هي مسألة "الشعراء المنسيون" أو الشعراء الذين طواهم التاريخ ولا يذكرون الا في دراسات متخصصة ودقيقة ..و ولهذه الظاهرة أسباب كثيرة فاما أن الشاعر لم يكن من الصف الأول ولو كتب بضعة نصوص جميلة تصل حد الابداع أو هو لم يصل الى قصور الملوك والأمراء والأثرياء وشيوخ القبائل فاما لأنه زاهد في ذلك أو من الرافضين للسلطةوالجاه والثراء أولأن في عصره أشخاص عرفوا كيف يبعدونه عن هذه الأمكنة ليرتعوا فيها وحدهم لقوة انانيتهم وفساد رؤيتهم أو لأن الذين أرخوا للأدب تغافلوا عنه ولم يستجيبوا لاختياراتهم
..........والظاهرة لم تحدث في القديم فقط بل هي ابنة كل العصور
.... فهل تعلم أن العصر الدي نعيشه الآن ومنذ مائة سنة شهد الكثير من المظالم... شعراء رائعون في تونس لا يذكرون الا لماما ولأسباب معينة رغم أنهم تركوا عددا من الدواوين أي أنهم لم يكونوا من المقلين مثل هدا الشاعر المقل الذي قدمت أنت لنا ن شعره بعض ما وصل ..خذ لك مثالا من الشاعر منور صمادح وقارنه بالشابي ستجد أن له عشرات القصائد التي تتفوق على شعر الشابي فنا ولغة وفكرا ...... الأسباب كثيرة يطول عرضها للتأكيد على أن الشابي لم يكن أشعر الشعراء بل كان الشجرة التي غطت الغابة و قد عمل التعليم قي تونس والنقاد ساروا في الركب على تكريس الشابي وحده ......نعم الشابي شاعر عظيم لكن شعراء آخرين قالوا شعرا جميلا متميزا لا نعرف منهم الا القليل ولا نتحدث عنهم الا في المناسبات ... وبالتالي لم يدخلوا الذهنية العامة للشعب التونسي أو حتى النخبة من هؤلاء .. أمير شعراء تونس الشاذلي خزندار وفي عصره رافقه شعراء كبار لا نذكرهم تماما الا في بعض استشهادات ..ومنور صمادح متى نذكره
....ومصطفى خريف
..و مصطفى المدب
..ومحمد مزهود ..من القدامى ومن المحدثين هل نذكرمحمد مصمولي وعامر بوترعة .ولا ننسى عددا من الشعراء الذين ماتوا في ريعان الشباب أمثال المختار اللغماني الذي لم يفرح بديوانه حزينا وموجوعا حزينا لما يجري في تونس ضد الحريات والجيل الباحث عن مكانة له حقيقية تحت شمس بلده ومات موجوعا للمرض الذي ألم به وحمله الى العالم الآخر
..ورحل أيضا رضا الجلالي الذي مات في الشارع جائعا . والبشير الجلالي الذي انتحر في شاطىء قرطاج ليس بعيدا عن القصر الرئاسي إحتجاجا على ملاحقة البوليس له ..ومحمد البقلوطي الذي توفي في ريعان الشباب بصيرا بسبب الامراض التي إمتصته لفرط حساسيته ..
وهناك اسماء أخرى كثيرة لشعراء متميزين هم افضل بكثير من اسماء هي الآن مهيمنة لأن الساحة تفتقد لسلطة أدبية شجاعة وهذا الغياب مكن الزعانف من السيطرة ولا أدب لهم ولا شعر ...
..و أنا أدعوك أستاذ عبداللطيف الى الاطلاع
على أطروحة الشاعر جعفر ماجد الذي كشف فيها عن عدد كبير من الشعراء التونسيين من القرن العشرين ابدعوا ورحلوا ولا ذكر لهم الا من بضعة قصائد نشروها في الجرائد والمجلات وماتوا ولا أحد جمع شعرهم ......ثم راجع كتاب زين العابدين السنوسي وستكتشف شعراء كم ظلمتهم الأيام والأقدار .....وفي أيامنا هذه أرى شعراء يتجولون في كامل الجمهورية ويشاركون في جميع الأمسيات وفي جميع المهرجانات وفي جميع الملتقيات لا لشئ الا لان صوته عال ويعرف كيف تؤكل الكتف بعضهم ليس له أكثر من مجموعة شعرية لا ابداع فيها ومع دلك فان اسمه كبير وهو يكبر مع الأيام ولقلة النقاد من دوي السلطة الفاعلة المؤثرة على الساحة فانه سيبقى طويلا في الذاكرة في حين أن هناك شعراء متميزون لا أحد يذكرهم ولا أحد يتفطن إليهم ويحترمهم والأسباب أيضا كثيرة
....أعلم أن شعراء لم يكتبوا الا بضعة نصوص عادية حتى لا أقول شيئا آخر لا يخرجون من الندوات والأمسيات وغيرها ما يعني أنهم يجمعون الأموال بلا وجه حق فهل تعرف أن المشاركة لها مقابل يتراوح بين المائة والخمسين دينارا والمائتين والخمسين وهناك من يطلب أكثر
فقم بالعملية الحسابية اذا ما كانت مشاركته بمعدل مرتين في الأسبوع .......
ولا تنسى أن شعراء مهمين كانوا هنا ونعرفهم بالدقة الكاملة لا يجدون ثمن الورق الذي يكتبون عليه فما بالك بثمن جهاز كمبيوتر في حين أنهم مجيدون ..............................................................
محمد بن رجب


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق