الأحد، 18 أبريل 2021

مرثية مطرزة بالوجَع..لأعزاء تواروا خلف الغيوم..دون دون عناق يترك القلب أعمى بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 مرثية مطرزة بالوجَع..لأعزاء تواروا خلف الغيوم..دون دون عناق يترك القلب أعمى

الإهداء : إلى والدي ذاك الذي تجاوز الثمانين بخمس عحاف..والتهم الحياة قبل أن يلتهمه الموت ذات مساء دامع..
ونفس الإهداء يهدى إلى فلذة كبدي..ذاك الفتى الوسيم الذي رحل في زمن مفروش بالرحيل..دون وداع يترك القلب أعمى.
أما أمي..التي يطل علي وجهها من شرفات الليل..فلروحها الطاهرة..ألف سلام
أيّها الموت:
كيف تسلّقت أيّها الموت فوضانا
وألهبت بالنزف ثنايا المدى
وكيف فتحت في كل نبضة من خطانا
شهقة الأمس
واختلاج الحنايا..
ثمّ تسللت ملتحف الصّمت مثل حفاة الضمير
لتتركَ الجدول يبكي
والينابيع،مجهشات الزوايا..؟!
أبي :
لِمَ أسلمتني للدروب العتيقة
للعشب ينتشي من شهقة العابرين..
لٍمَ أورثتني غيمة تغرق البحر
وأسكنتني موجة
تذهل الأرض
ثم رحلت؟
فكيف ألملم شتيت المرايا..
ألملم جرحك فيَّ
وكيف أرمّم سقف الغياب
وقد غصّ بالغائبين؟
فهات يديك أعني..
لأعتقَ أصداف حزني
وهات يديك إلىَّ،أغثني
لأنأى بدمي عن مهاوي الردى
فليس من أحد ههنا،إبني
كي يراني..
في سديم الصّمت..
أقطف الغيم
وأزرع الوَجدَ
في رؤوس المنايا..
غسان :
إبني وكبدي:
ها أنا الآن وحدي
أضيء الثرى بين جرح وجرح
وأسأل الرّيح وهي تكفكف أحزانها:
الذي ظلّ لي !؟
غير كتب-رثيت- فيها موتايا
وآخر..
سأعصر فيه خصر السحابة كي تبوح:
كم خيبة لي في سماها
كم رعشة أجّجتها غيمة في ضلوعي
وألهبت فيَّ جمر العشايا
وكم مرّة ألبستني المواجع جرحها
وطرّزت دمعي وشاحا للقادمين؟
* * *
أمي:
ها أنا الآن وحيد
أستدرج الوحي للرّوح
وأسير على حلكة الدّرب فجرا
كأنّ العواصف تلاحقني
كأنّ الرّحيل جزائي
كأنّ الرحيل-تعويذتك-لروحي
كأنّي طريد
إبني:
ههنا يا إبني،ألتحف الصّمت
أقدّس سرّ هذا الزّمان
أتصفّح دفتر عمري
وأفتح ذراعيَّ للمتعبين
كأنّي تعبت قليلا
كأنّ عطرك قد تلاشى
كأنّي هرمت
ترى،هل أقول لقلبي:
كفَّ عن الحلم والنبض
ترى:
هل يستجيب؟
أم أنّ الرهان الذي قد خسرت
سيظلّ يلاحقني في الدروب
كي أظلّ في كل درب شريد..!
أيا أبتي :
كم قطّرتك الثنايا..
لأشرب ضوءك
قم من سباتك وجُرَّ الفيافي لنبعي
لينتعش الظامئون بمائي
أنا ما ذبلت
ها أنا واقف في انحنائي
كأن تراني شامخا بالحنين
غير أنّي تأهّبت في الحزن
حتّى تهدّل منّي الشذا
وأسرجت دموعي بواحات وجدك
حتّى تراءى لي وجهك كطيف في حلمي
فكم ليلة سأظلّ أحلم..
كي لا يهرب الحلم منّي
وكم-يلزمني-من الدّمع كي أرى الجرح
أجمل
كي أراني..
كي أرى وجهك-ولو مرّة-في تضاعيف الهدى
يفاجئني ويغيب؟
محمد المحسن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق