الثلاثاء، 20 أبريل 2021

من أجواء رواية قصيرة بقلم فتحى عبد العزيز محمد

 من أجواء رواية قصيرة :ـ

(2) فرقعات زجاجات بيبسي " موسكوفية " باردة وظهيرة خرطومية ساخنة..
ـــ
ج. يوليوا فيدا 19
شهادة ظل القادة
ـ
" يا عذرائي المنتحبة
يخترق اسمي قلبك كاستغاثة
(انت نسر وحيد وانا سماء كاملة)
" آه يا بعل رؤاي يا اسمها
انا بقرتك الصفراء
وثور قربانك الكحيل."
" محجوب كبلو "
4- مباشرة أخذت للصالة الداخلية المصغرة وقدمت لي زجاجة بيبس كولا مثلجة مستوردة من فولجاقراد , وهذا كان يومها حسب المعطيات شيء لايصدق بل حقيقي قمة الكرم لميزانيات الترفية المحدودة , وللمرة الثانية علي التوالي خلال خمسة سنوات وهذا يعني في العرف السائد بأنني أصبحت رفيق يحسد بدرجة صديق " دروشبا " ومؤتمن بالكامل , ومن القلائل المسموح لهم بالولوج لصالة " الكرملين الذهبية " الداخلية المصغرة , لمقابلة مارشال الجو" ديمتري شفتين " شخصيا القادم للتو من المكسيك أو دول البحرالكاريبي عبرغينيا بيساو , ليوافق علي تعيني مترجم ومراسل تحت الاختبار ,حقيقة أذكر بأن المعاينة في حد ذاتها كانت أسرع معاينة وأصعب معاينة , وأسهل وأصعب تعيين في تاريخ حياتي العملية فقد دب صراحة اليأس الي نفسي فبعد أن ظننت بانها ستكون مختصرة بالقائم يالاعمال بالانابة , أو أحد موظفية الكبار بطاقم السفارة لكنني فوجئت بانني أقف بين يدي مارشال جوـ أستخبارات قادم من موزمبيق وأثنين ضباط عظام من زوى الازياء العسكرية المغايرة , الداكنة تماما كعملاء للكي جي بي المختارين كما علمت فيما بعد لمهام خارجية سرية , هما العقيد قرقوري أيفانوف كان في مهمة سرية لثوار الساندونستا بنيكراجوا , ومتجة الان لمحطة عملة الجديدة بولندا ـ وارسو أما الرائد أيغور كفشنكو فقد كان منسق أستخبارات مضادة قادم من أنجولا منقول للشيشان ـ غروزني , لهذا دب حقيقي اليأس في نفسي أمام هؤلاء الفطاحلة الاساطين ,لانني أجبت فقط صراحة في حدود معرفتي المتواضة وما أعرفة من خيارات متاحة , كما أنني لم اجب علي اسئلة شخصية صميمة ذات حساسية عالية وخصوصية مفصلية بحتة , أمطروني بها بغتة دفعة واحدة القائمين علي الامر أشبة ما تكون ـ معاينة بالصدمة , ليتحسسوا ويروا بأم أعينهم مستوي فعلي ورد فعلي وتصرفاتي , وقدرتي علي التحليل والقراء الصحية للمواقف المحتملة والغير محتملة , واشياء أخري كضغط العمل والظروف الغير مواتية والعمل في ارض معادية , وأشياء حساسة متعلقة بالعقيدة السياسية والقتالية لمقاتلي الجيش الاول في العالم , ففوجئت بعدها بالمارشال شخصيا يقول لي بعد موافقة الثلاثة كتابيا وبعد طول تدبر كبير :
ـ للاسف الشديد أيها الرفيق .. سنضطر لتعينك .. أقول موقتا تحت الاختبار لمدة ثلاثة ساعات فقط وسنري بعدها ما سيتقرر بشأنك ,قلت له مسنفهما ومسنغربا :
ـ ثلاثة سنوات سعادتكم .. أم ثلاثة ساعات ..؟ , قال لي بحزم :
ـ الذي سمعتة .. ماذا سمعت ؟؟ قلت لة:
ـ ثلاثة ساعات فقط سيادتك ..قال لي مؤكدا :
ـ هي ..ثلاثة ساعات لاتزيد ولاتنقص روبل وأحد ..هذا مفهوم ؟؟ قلت له :
ـ مفهوم .. سعادتك .. , ثم اضاف مازحا والكل ينفجر ضاحكا :
ـ مترجم ومراسل .. حتي لاتحسن السمع في البر ماذا ستفعل غدا عندما نرسلك جوا للهبوط بجزيرة كمشتكا الثلجية في أقصي أقاصي الشرق البعيد , أو ندفع بك لمناورات ضخمة وأنزال في البحر الاسود أوالمتوسط , ليضيف جادا هذة المره :
ـ أطميئن خالص .. لا تستعجل أوتسبق الاحداث ثلاثة ساعات فقط يا رفيق , وسنوافيك بالنتيجة خطيا .. , وما كانت هي سواء لحظات ونؤدي علي جميع من كان بالمركز الثقافي لتشريف مائدة الغداء , التي أعدت خصيصا لتكريم مارشال الجو ـ أستخبارات وفريق الكي جي بي المرافق والمتواجد بالخرطوم , الحقيقة كان حفلا بهيجا هادئيا علي أنغام سوفينيات باخ وفاجنر الكلاسيكية تخللة رقص هادي من بعض الحضور الشباب وعائلاتهم , لم يقطع ذلك الحفل الجميل الممتد سواء تسريبات حوالي الساعة السادسة والنصف , بأن هناك وهذا مؤكد حركة أنقلابية بالخرطوم , وتم التتنبية علي الحضورالمدنيين والعوائل بالتوجة لحافلتي المكروباص المتوقفتان بالخارج علي جناح السرعة , لنقلهم للسفارة بالامتداد العمارات شارع 3 علي ما أذكر والمنازل الملحقة المجاورة .
ثم تلاحقت بعد ذلك الاخبار المتواترة بان هناك بيان هام بالتلفاز فترقبوه , بالطبع وفي حوالي الساعة السابعة والنصف تقريبا ظهر قائد المحاولة الانقلابية في بث حي مباشر من القناة الرسمية الوحيدة , طلب مني ترجمتة فوريا وكتابية وقمت بذلك العمل بسرعة أذهلتهم , وما أن أنتهي التلفاز من البيان الهام وبداءت المارشات العسكرية , توقفت في تزامن عجيب وغريب شاحنة عسكرية ثقيلة من نوع أورال محملة بمفرزة من الجنود مدججين بالاسلحة الخفيفة والثقيلة , ليترجل منها ثلاثة ضباط أحدهم ضابط عظيم من الانقلابين علي ما يبدوا , واثنين مرافقين برتب أقل يطلبون بالانتركم مقابلة القائم بالاعمال شخصيا , أو أي مسئول رفيع لامر هام وعاجل جدا , بالطبع سمح لهم بالدخول لصالة الانتظار فورا وما هي لحظات علي ما اذكر ليسمح لهم بدخول للمكتب الجانبي , ليرحب بهم القائم بالاعمال بالانابة والوفد الزائر ويستمعوا جميعا لشرح مفصل عن الحركة التصحيحية , كما وصفوها بشكل دقيق يقول لي القائم بلاعمال يالانابة ملتفتا وباللغة :
ـ أيها الرفيق أبداء الان عملك الرسمي بالسفارة فاعطوني الشفرة اللازمة وأجهزة الترجمة الفورية من العربية للروسية ,وعدلوا في نفس اللحظة بالشفرة الجديدة خاصتي حصريا , وشرعت في هذا العمل الغاية في الحساسية فورا وعلي ما أذكر كانت المقابلة سريعة مقتضبة والمطالب محصورة ومحددة سلفا , أولها واهمهم توفير غطاء وأعتراف دبلوماسي رسمي علي وجة السرعة بالامم المتحدة , وحس الدول الصديقة الاعضاء بالتاييد , والثاني زو أهمية قصوي فورية توفير معدات عسكرية غاية في الحساسية مفقودة وضرورية , وتأمين أجهزة اتصالات بعيدة المدي علي جناح السرعة وباسرع ما يمكن , ثم ودعوا الوفد باشد مايكون ووعد هم القائم بالاعمال بالانابة شخصيا بارسال المطالب فوريا لموسكو , بعدها باغتني مارشال الاستخبارات برايهم الصراح وبلا مواربة ليقول لي أحدهم وهو الايغوري اللرائد أيغور كفشنكوالصارم القسمات بلا تخفظ :ـ " نيت بلوخا " مابطال " وليقول الآخر بلا تحفظ :
ـ " أوتشن خرشوا " جيد جدا .." وليردف القائم بالاعمال بالانابة قائلا :
ـ " برغراسنا " جميل ويضيف بكرم سخي " أوتشن ..أوتشن .. خرشوا " جيد جدا .. جدا .وليضيف :
ـ أهنيئك .. ومبروك التوظيف "
ويسلمنى خطاب خطي رسمي مرؤوس بالتعين السريع والصعب بامضاء مارشال الجو ـ استخبارات شخصيا وحضوريا تحت الاختبار لمدة ستة أشهر قابلة للتمديد , لحين موافقة لجنة أمن الدولة العليا " الفدرالية المركزية ـ موسكو " حاليا " ,العتيدة الخطرة الجانب والمجاورة تماما لمبني الكرملين المطل علي حوض نهر الفولجا الفسيح ..
فتحى عبد العزيز محمد
الصحافة شرق ـ الخرطوم
3/2/1992م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق