كل سنة والمرأة التونسية بالف خير
الجمعة، 18 أغسطس 2023
تونسية وراسي عالي بقلم الكاتبة عفاف الفندري
تقولينَ بقلم د. أسامه مصاروه
تقولينَ
قالولي ليش خففت الكتابي كلمات الشاعر سمير شيّا
قالولي ليش خففت الكتابي
~ أنا وحَرفي .. بقلم الكاتبة جميلة عبسي
~ أنا وحَرفي ..
سقوط قناع عاشقة بقلم منصور ابو عبدالله
سقوط قناع عاشقة
بقلمى منصور ابو عبدالله
**************
إخلعى عنك قناع العشق سيدتى
فما عاد زيف كذبك يغرينى
واعلمى انه لم يبقى منكى شيئا بذاكرتى
ومهما ادمعت عيناكى فلن تثنينى
***************
كثرت فى عشقك لى اقنعتك
وظهر كذبك وكذب أعذارك
تراكى نسيتى ان عشقى كان قرارك
ناديتنى وتمنيتنى واقعا وفى أحلامك
****************
انا قد رسمت النساء خارطة صماء
وجعلت منهن كأنهن قمر للمساء
وأخرى رسمتها بيدى بيد حسناء
واخريات من عشقى اسكنتهن السماء
*****************
أما أنت فتلونتى وتجملتى لأحبك
واسقيتينى الشهد شرابا من غدرك
وجعلتينى اقاطع النساء جميعا من اجلك
والأن قد كشفت الايام غدرك وكذبك
*******************
فالبسى ما تشائين من اقنعة الهوى
وانا لن احرك ساكنا لامرأة قلبى منها اكتوى
ولن اسامح حتى لو كان حبك بعدد الثرى
فقد اناب قلبى عن زيفك وللفراق انتوى
********************
بقلمى منصور ابو عبدالله
سقوط قناع عاشقة
بِئْسَ التّحَجُّرُ بقلم الشاعر محمد الديلي الفاطمي
بِئْسَ التّحَجُّرُ
ضاعَ القريضُ وأضْحى النّظْمُ أطْلالا***وَأصبح اللّغْوُ في زمنِ الغَوْغاءِ صَوّالا
تَبْكي الحُروفُ على الماضي وحَقّ لها***ألاّ تَظلَّ لدى الدّهْماءِ تِمْثالا
هيَ الأمورُ كما عايَنْتها لَغَطٌ***زادَ التّخلُّفَ في الإدْراكِ أشْكالا
إنّ المآسي على الأقْلامِ قَدْ هَجَمتْ***بسوءِ لَغْوٍ أذلَّ الضّادَ إذْلالا
تَبّاً لنا مَسَخَ التّدجينُ أحْرُفَنا***بِئْسَ التّحجُّرُ زادَ الحالَ إهْمالا
////
لا يَرْفَعُ الرّأسَ من تَهوي بهِ القِيَمُ***ولا ينالُ المُنى منْ زَلّتْ بِهِ القَدَمُ
وأعْقلُ الناسِ بالتّقْديرِ مُلْتَزِمٌ***تعْلو بِهِ القِيَمُ السّمْحاءُ والشّيَمُ
لا غافِلٌ بِعُيوبِ النّاسِ مُنْشَغِلٌ***ولا كَذوبٌ بِقولِِ الزّورِ مُتّهَمُ
إنّأ لَفي زَمَنٍ ضاقَ النّفاقُ بهِ***والناسُ منْ قِيَمِ الأخْلاقِ تَنْتَقِمُ
يَرْضى اللّئيمُ بِأدْنى العَيْشِ يَخْفِفِظُهُ***والحُرُّ تَرْفعُهُ الآدابُ والقِيَمُ
@محمد الديلي الفاطمي
انا بقلم الشاعرة سهام ذكار
انا
ماني بوصي على الغير
لا
ولاهمني ضيم الڨرايب
ولا أتبع إلي عڨله صغير
لا
ولاني من يخون الحبايب
لا أنطڨ الحرف مندون تفكير
لا
ولا أشمت بغيري بالمصايب
تراها الإنسانية ماتحتاج تفسير
لا
ولا الصبر يبيله كتايب
أناظر الكل بود وتڨدير
لا
ولا أدهش إن شفت العجايب
ولاني من إلي بالعالم يحير
لا
ولا أتصيد عطايب
سايرن مع الكون إلي يسير
بحفظ ربي وبستر العوايب
ولا أروم الكسر في خشم الفڨير
لا
ولا أزود عذاب إلي عزملي بالنوايب
ولا أڨول إني فاعلن هالخير
اداري الشمعة عن عين الرغايب
ولااسرج الهودج بضهور الحمير(حاشاكم)
لا
ولا أرافڨ غير بيضين الڨلايب
ولاهمني من الوڨت اش يصير
لا
ولاتحريت الغيب لو هالڨلب ذايب
ومن زرعلي بالدرب مسامير
ارفع كفوفي للسما مالي عتايب
ومن ودني أفرشله حرير
احفظه وياي وإن كان غايب
ويابشر من الله المڨادير
والصبر لبس الطيبين بالثوايب
لاتكدر الروح ترهقك التفاكير
ويلي تصافيه الحياة بالشعر شايب
لاتلتهي عن النفس بالغير
لا
ولا تغرنك المدايح والكذايب
وكم من طايرن بالجو يطير
مايدري عن الأڨسام بالرضا طايب
ومهما شڨاك الوڨت تعاسير
لاتسال بشر لايردنك خايب
خاف من ربك إن حسيت تڨصير
أما الخلايڨ مالها عندك حسايب
سهام ذكار 18اوت2023
يهجرنا الجفاة. بقلم الشاعر فرحي بوعلام نورالدين.
يهجرنا الجفاة.
يهجرنا الجفاة ما علموا وفاءنا...
ونلقى هجرهم رحابة غير مبالينا.
نرفع النفس عن ذاك تكرما ولا...
ننزل منزل من إستخف وإستهانا.
لعمرك الناس أهواءهم معادن...
منهم وفي مخلص وعابث جبانا.
لله ذر أهل الوفاء وإن رحلوا...
أثر عبقهم وقصصهم بيننا باقينا.
هم أهل الخصوص بالتحية نخصهم...
وسلام لهم عجما كانوا أو عربانا.
صدقوا الحب عهدهم ووفوا...
نصاب الوفاء كلهم رجالا ونسوانا.
فلا تدعوا حبا يا أهل الهوى حتى...
تميزوا بين الصريح وما كان بهتانا.
ولاتطؤوا مدائنه حتى تجربوا...
حال البصر وحال كنتم عميانا.
كل شيء ماض إلى التجريب...
إن بعضا من الحب صرع وجنونا.
لكم بالفؤاد معرفة ودليل وأصدق...
الحب ماكان العفاف عليه سلطانا.
والنزغ في الحب من الشيطان...
ماخلا درب العصيان ذلا ولا هوانا.
بقلم ع جمال الجزائري.
المسمى حقيقة فرحي بوعلام نورالدين.
الموطن الجزائر.
ولاية سعيدة.
يوم 15/08/2023.
أنا إمرأة تبكي على حيطان الألوان بقلم الأديبة زينب بوتوتة الجزائر
أنا إمرأة تبكي على حيطان الألوان
أنا إمرأة تبكي
على حيطان الألوان
إمرأة تقدس رمزية الصمت
وسلاما من القلب على
نعمة النسيان
وعلى أخوة أنانية هشة مزيفة
وعلى صرح أبوي إنهار بإنهيار المكان
بقيت لي بعض الذكريات المتراكمة
و بعض الأشياء
أمسح بها عار هذا الزمان
وعار نقض العهود
وعار الخذلان
وعري لسوءآت من لا يرتدون الأخلاق لباسا
فباتوا شبه إنسان
بل وأشد ضلالة
وأشد طغيانا من الطغيان
لا لا وألف لا
لن أصنع من الموت بيتا
ولا من الحزن بنيان
لست هنا لكي أحاسب أحدًا
بل لأكتب عن طقوس عهر
لم يغطيها اللباس
ولو كان مصنوعا من الحرير
ولو نسجوه بخيوط الذهب
والفضة
ولو باركته أيادي الصانعين
ولو كان له القابلية التاريخية
من عهد الفرس والرومان
ولو نسجه الطير مسبحا بآيات الرحمان
أصبغ أصابع يديا العشر
بألوان الطبيعة وفصولها
وأدفع مابقي لي من عمر
كبرهان
أن لون وجهي لون واحد
وآخر الألوان .
الأديبة زينب بوتوتة الجزائر
*...دعني...* بقلم الكاتب حمدان بن الصغير
*...دعني...*
أداري
خلف ضحكتي
إنهياري
و صقيع البرد
جاب أطراف المدى
يسكن الشريان
نبضي الذي خفت
بالصدر صداه
مذلة السؤال
أين ذهبت
و أي الدروب
ضاع فيها ندائي
من خلف ضحكتي
ألف سد
يشد للقاع أسراري
و ضياع
فيه أضعت
الملك و الصولجان
كفر الذي أسلم
في ملك الله دعني
ربي غني عن عذابي
حمدان بن الصغير
الميدة نابل تونس
... يأسِرُني ... كلمات الشاعرة/ نهــى عمــر/ فلسطين
... يأسِرُني ...
شعر/ نهــى عمــر/ فلسطين
ما أصعَبَ الصمتَ حينَ الكونُ يَظلُمُني
وعاتِيَ الموجِ ذاكَ الحينُ يَهزِمُني
وَعندَها سَيَغيبُ الشِعرُ عن فَنَني
فَلا نِقاشٌ وَلا وَحيٌ يُهدهِدُني
إنَّ الهُمومَ إذا تَعلو شَواهِقُها
غابَ البَيانُ، وَصارَ البَوحُ يَحرِقُني
فَالعقلُ يَجمَدُ والظَلماءُ مُطبِقَةٌ
حتماً أَعودُ إلى رُشدي فَيُنقِذُني
كلُّ الخَلائِقِ في التَغْييبِ عاجِزَةٌ
رُؤىً تُعاقُ وَبَحرُ التيهِ يُغرِقُني
لا شيءَ إلّا حَنيناً قد يَطولُ بِنا ..
للوَصلِ يا نورَكَ الخَلّابَ يأسِرُني
قد يَأفلُ الحُبُّ إنْ تَشتَدَّ قَسوَتُهُ
ذاكَ الحَبيبُ، وَبَسماتي تُفارِقُني
وَيُحْكِمُ الحُزنُ حَولَ الروحِ قبضَتَهُ
فَيَمكُثُ القلبُ في هَمٍّ يُزَعزِعُني
لكنَّهُ اللهُ مَن يَشفي مَواجِعَنا
سَلَّمْتُ أَمْري لِرَبِّ الكونِ يَجبُرُني
بالعقلِ نُدْرِكُ أنْ للهِ رَجعَتُنا
في اليُسرِ والكَرْبِ أَدعو اللهَ يُنصِفني
يا رَبُّ هَديَكَ إنْ زادَ ابتِلاؤكَ لي
كَيما أَحيدُ إذا النُقصانُ يَدهَمُني
أَبيتُ في قَلَقٍ لولاكَ خالِقُنا
رِضاكَ مَأمَنُنا بالغيثِ يَغمُرُني.
قراءة نصية لديوان عطر القوافي للشاعر فاروق الجعيدي/بقلم الشاعرة سليمى السرايري
قراءة نصية لديوان عطر القوافي للشاعر فاروق الجعيدي/بقلم الشاعرة سليمى السرايري
-----
عطر القوافي الذي فاجأني به الشاعر فاروق الجعيدي هو فعلا جاء عطرا ينثر أريجه في القلب والروح – قلوبَ الأعزاء الذين خصّهم الشاعر بالاهداء من والده رحمه الله الى زوجته واهله والاصدقاء..
العنوان ما قبل القصائد هو في حد ذاته إجابة بيّن من خلالها ولادة الكلمة الحرّة الراقصة على اوتار المشاعر تلك المشاعر التي قُدّت من معاناة ما ومن فرح ومن ضياع ومن أوجاع ومن عشق ومن جنون…
أوليست الكلمات هي أوجاع شاعر ؟؟
أوليست الحروف ما علق في أعماق الشاعر من أفراح واتراح ورقاصته الطويلة على دروبٍ أحيانا غامضة واحيانا واضحة وبين تلك المسافات الفاصلة ندخل مع فاروق الجعيدي كهف العبارة لنخرج مسكونين بالأبديّة…
فلنغص قليلا في جنونه الجميل علّنا ندرك ما يكتنف النصّ من بلاغة تصويرية وانزياحيّة فيها صور رائعة حسيّة فاضت من حشاشة شاعرعاشق حدّ الإمتلاء ..
عازف على أوتار الهيام والوطن والصمود والإنتماء ففاضت قصائده شاعرية تقطر وردا وياسمين..
في قصائده الاولى أراد أن يبيّن لنا اوجاع الأرض ، اوجاع الموت اوجاع الظلم والعدوان الغاشم على كلّ الأشياء الجميلة وقتل الانسان هذا الكائن البشريّ خليفة الله على الأرض كيف يُداس تحت نعالٍ وقلوب لا تتحرّك فيها الانسانية..
كم جميل أن يعتز الكاتب فاروق الجعيدي بالمبادئ والقيم ويكتب بحرّية قلم سامق ذكيّ وشامخٍ معتزّا بعروبته ضدّ كلّ جلاّد آثمٍ رافع سيف حرفه بكلّ شجاعة تحديّا واضحا في وجه من يحاول ان يسرق منّا قداسة الوطن
يقول الجعيدي في قصيدته :
حشودٌ من التتار والماغول حلُّوا .. توافدُوا
صُبحا أناخُوا بقريتي.. طردوا بقايا عشيرتي
ركضوا حفاة في زوايا حجرتي
كسروا المرايا وأطفأوا كلّ الشّموع
أحرقوا النوافذ
كدّسوا أكوام صخر بالمنافذ
إذن أني لا اتساءل كيف لا تتحرّك فينا صرخة القهر والشاعر يفجّر في داخلنا صمتنا الراكد وكيف لا ننحت بدورنا هويتنا العربية على حجارة الزمن – حجارة تئنّ حينا واحيانا تبكي.. ودماء زكيّة تسيل …..
قائلا وكانّه ينوح ما اقترفت الأيادي الغاشمة في نفس القصيدة :
سكبوا على أرضي دمي
نشروا على شجر الكروم أضلعي
وبمرْآى منّي
ومرْآى من كلّ الدّموع ومسمع
شنقوا الطّيور .. ورمّلوا كلّ الزّهور بتُربتي
فقد تعلّمنا من خلال هذه القصيدة وعدة قصائد أخرى لا تقلّ عمقا، كيف تنبّتُ شفاهنا الكرامة والعزّة..
فاروق الجعيدي الذي تنوء به أوجاع الوطن الكبير ، هو شاعر قلبه بعرض الأفق يتّسع الألم ، الإرهاق، والجراح..
تحت قدميه براكين لا تجرؤ على تحدّيه…
هو هنا شامخ شموخ الأقلام الحرّة …رافعا راية الوطن مثل ملايين التونسيين الذين يفدون أرضهم بأرواحهم وبكلّ عزيز…
فلو تمعنّا قليلا في قصيدة المحكمة لتاكّدنا هذه الثورة العارمة التي تتخبط في داخله والتي تكاد تنفجر من بين السطور والكلمات والصرخات العالية المشحونة والمخضّبة بالوجع
وجع مواطن شريف يسأل :
ألمْ تقولوا إنّها .. ثورة وطن عربي و… ربيعْ ؟
مُدُّوا أيَاديكمْ أرى .. تَـبّـَــــــــــــــــــتْ !
ما لي أراها تلطختْ بـِدَمِ الرّضيـعْ ؟
من شنَّق الأقلامَ والأعلامَ
من زيّف الأرقامَ
من ذبَّح الأحلامَ .. من طيّر سِربَ الحمامْ ؟
قولوا إذن : مــن يا تـرى زرع الـدّمـارْ ؟
جميل هذا الاحساس بالكرامة وهذه الشجاعة والمنهجية وحلم البلاد لا يحتويه المكان فحَلُمْنَا كما حَلُمَ الشاعر فاروق الجعيدي بوطن أكبر وأعمق وانبل من ان يُداس ويهمّش وكأنّ بالشاعر يقول :
إنّنا غرباء في أوطاننا لكننا هنا لباقون رغم كلّ الذين نهبوا ثروات البلاد.
يتنقّل بنا الكاتب الجعيدي بحرفيّة
من مواسمِ الكذب “إلى ” شهيداتِ الرّغيف “
والمعناة التي عرف الشاعر كيف يصوغها في قصائد موجعة
قصائد تبكي وجعَ الرصيف ووجع البطالة والرغيف
فنسمع بين الفينة والفينة أنينا خافتا وسط السطور ينبعث كعزف ناي حزين…
يقول وقد سما بنا عاليا جدا في كلمات شديدة الوقع على المتلقّي :
أمّي لا تعرف أسعار مساحيقِ الشّفاهِ كما النساءِ
لا يؤرّقُ أمّي سوى سعرِ الرّغيفْ
غابت الشمسُ ولكنْ ما أتتْ أمّي فَوَيْلي ، قالوا ماتْتْ
تحملُ يُمناها فأسا.. تنزفُ عيناها حلما
يذرف خدّاها دمعا من دماء
عطرها مسْكُ الرغيفْ
ويستمرّ التحليق عاليا ليخلق الشاعر مملكة خاصة محتفلا بهذيانه الجميل
لنحطّ معه الرحال عند المواعيد المخضّبة بالعشق والغرام ونقتفي آثار نفائسه في بساتين من فواكه كلّ الفصول…
في قصيدة هذيان، يدخل بنا فاروق الجعيدي كهوفا ومغارات الأسطورة والخيال ونلمح الأنثى تلتحفُ المستحيل على ربوتها العالية تمشّط شعرها المسترسل عبر العصور –
هناك، تطلّ الخطيئة راقصة عاشقة تغري الحبيب بالموت الجميل
والشيطان يشحذ أسنانه في شكل ذئب متمرّس يغوي العذراء بالخطيئة والموت في آنٍ …
وجدتُ في قصيدة هذيان اشارة إلى قصص الأنبياء بأسلوب الشاعر وخياله الشاسع الخصب وكأني أرى الآلهة “ليليث”تستيقظ،، تلك البغيَة المُقدسة لإنانا وظفّها الشاعر المتألّق بطريقة مختلفة في اللاّوعي، عائدا بنا إلى تلك الأحقاب الزمنيّة الغنيّة بالأساطير بين خيال و واقع ، بين ساحر وجميل .
هيّ المرأة هنا، تغوص في وجدان الرجل تجعل كلّ رغباته أوطانا يسكن إليها .
هيّ المرأة الفاتنة المغرية لدرجة السحر ،
تلك التي تظهر ليلا لتغوي الرجال بحسنها وبهائها تقتل الذكور من عشاق وأطفال وتأكل بعضهم ، إذ يقول الجعيدي :
تجلسُ حوّاء بفستان مريم .. تمزّق بطنها
بخنجر نهم .. نصلهُ ندم
تجتثّ جنينها .. تأكله .. مضغةً وصراخاً
ويستمرّ الهذيان الذي يبحر بنا بعيدا جدا في خيال فريد وندخل أرضاً جديدة غريبة ونشق معه بحورا وامواجا بين الأفاعي والذئاب والنسور وضباعٍ ودواب ذات أسنان حادّة لتختلط الأصوات والصراخ والبكاء ويشتدّ الصداع عنيفا عنيفا، في قصيدة لم أستطع الخروج منها بسهولة…
إذن، يستمر صوت الشعر عاليا في زفرات قلمٍ يصف المشاعر بدقة متناهية وبلغة مختلفة لتنتبه انك على حافة الهاوية تخشى السقوط وفي نفس الوقت تتمنى أن تعرف أغوار الهاوية وما يخبئه الجعيدي في خياله العجيب.. فهو بارع في نسج بساطٍ ساحرٍ يطير بنا من خيال إلى خيال…
لا أخفي عنكم أنّي وجدتُ متعة حقيقية وأنا اغوص في عطر القوافي التي جاءت مختلفة كليّا عن القوافي المعتادة وعن العطور التي طالما استنشقناها من خلال قصائد كثيرة للشعراء غير ان شاعرنا فاروق استدرجنا إلى عالمه التصويري أو السنيمائي ولمحت أفلام الخيال في تفاصيل دقيقة جدا وكأنني دخلت عالما جديدا لم يسبق لي أن عرفته او سمعت عنه وهذا استهواني وشدّني كثيرا…
لا تخلو قصائده من الحمام والمطر والريح والسماء الأغصان الازهار الورود الشموس الأقمار
لا عجب ان يوظّف الشاعر فاروق الجعيدي معجم الطبيعة وهو ابن تلك المروج الشاسعة في مدينة عريقة “باجة” فكم تمنّى أن يكون سحابا أو مطرا، مروجا أو هضابا..
مازلنا نتذوّق حلاوة الحرف كما تذوقنا معه خبزا لذيذا من تنّور أمّه
وهو الذي لا يتوقف غناؤه بتلك الحقبة الزمنية من عمره حين كانت الحياة بسيطة جميلة – إنّ عاطفته النقيّة والغنيّة بالمشاعر الصادقة تشبه تلك الحقول…..حقول القمح…
والشاعر يذهب بنا بعيدا ليزرع وردا في شتاء الكلام ، من تنّور امّه انطلق دافئا كالربيع، بعد عن عطّرته الأرض هذه “الأمّ الكبرى ” الخضراء الحبيبة الوطن الغالي فاللحظات لدى الشاعر الجعيدي لا يمكن الإمساك بها عند انبثاقها لذلك تجده منطلقا في شعوره بكل عفوية في حالة توحد تام حالة سفر دون حقيبة ولا جواز .
إن لحظات التجلّي في نفسية الشاعر فاروق هي شديدة الوجع خاصة في قصيدة ” على صدر أمّي ” التي عبّر فيها عن أوجاع الفرد.. فهي في الحقيقة يصف فيها الأم الكبرى ، الأم التي تجمعنا تحت سماء واحدة ..الأم التي لولها لمَا عرفنا الكرامة، ولما رفعناها تلك الراية الغالية : تونس
في أسطر شديدة الدقة والجمالية والصدق،
يقول الشاعر فاروق الجعيدي :
أحبُّ الطّريق..
وهمس الطّريق لخطوات أمّي
يُخلّصُني من غبار المنافي ..
يُجرّدُني من بقايا الــعقدْ
وأحذرُ مشي الرّصيف لأنّي
رأيتُ الرّصيف مع كلّ ليل ..
يخونُ البلدْ … !
ولكلمة الأمّ حضور مؤثر في وجدان الشاعر من الأمّ الكبرى تونس الحبيبة إلى الأمّ الوالدة التي حملته تسعاً
لا يوظّف الشاعر فاروق الجعيدي مفردة الأمّ توظيفا روتينيا أو تباهيا بل هي اسباب وجدانية عاطفية نبيلة يمجّد فيها خصال والدته ويصوّر بريشة رسام ماهر مشاعره في قصيدة سلسة رقيقة فتشبّثت روحه بروحها وسكنته مشاعرٌ سامية كما سكنته تلك اللحظات وذلك الاشتهاء لحضن آمن دافئ وصوت ينساب نغما ويفيض ورداً.
وينســـــــابُ صوتُك فــي أذنيّ
كأنّات ناي بأوتار عودْ
تزُفُّ لك الرّوحُ أحلى التّماسي
وتُهدي لخدّيْك أحلى الورودْ
فاروق الجعيدي تستحق قصائده الوقوف عندها مطوّلا لما تكتنفها من مشاعر صادقة ووطنية عميقة عاشقا تراب البلاد والخضراء ترفرف كحمامة سلام في داخله
خضراءُ تيهي بالرّبيع تعطّري
ها أنّ عطرك بالخدود تورّدا
كم تيّمتْ قلبي مروجُك والرُّبى
كم هام قلبي في عيونك أنشدا
يا أنت يا أرضا تباركُها السّماء
إنّا ضربنا في غرامك موعدا
وأكيد لنا مواعيد اخرى مع هذا الشاعر ودراسات مطوّلة لقصائد تسبح في ملكوته
فتتزيّن بمشاعره
وتتانّق بصدقه
وتسمو به وبنا في سماء ارجوانية…
–
سليمى السرايري
تعبت أقلامي وجف حبري بقلم الشاعر هشام كريديح
تعبت أقلامي وجف حبري
دميت المقل وعيل صبري
شكل الرزايا لا تأتي مناصفة
تدق طبولها من نصر لنصر
احضن مواجعك لا تجهر بها
عودك غض لا تتركه للكسر
وارسم على ناصية الحلم
وسطر أمانيك سطربسطر
إن الدروب وعرة مسالكها
لا مهرب من القضاء والقدر
فكأس الهوى طوبي لشاربه
يثملك مدام وصاله والهجر
حيث كان الجوى كن معه
عصية ..هي مسالك السفر
إن العيون إذا رمت حجبت
أسرارهاعلى مشارف البصر
______________
[[[[[[[[هشام كريديح ]]]]]]]]
الإبداع القصصيّ شرط لتجسيد الإمتاع والإقناع والتّأثير.. قصة-السفير-للروائي والقاص التونسي المحسن بن هنية نموذجا بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن
الإبداع القصصيّ شرط لتجسيد الإمتاع والإقناع والتّأثير.. قصة-السفير-للروائي والقاص التونسي المحسن بن هنية نموذجا
من المعروف أن السيطرة الفنية على أبعاد الشكل فى الفن مسألة فى غاية الأهمية والصعوبة لايستطيعها غير فنان قادر على السيطرة على أدوات فنه خاصة فى فن مرهف مراوغ كفن القصة القصيرة،ومن الطبيعى أن ثمة أعمالا قصصية يحتل فيها الشكل البنائى حيزا يخل بالعلاقة بين الشكل والمضمون أوـ بتعبير أدق يخل بالنسب الدلالية لمكونات الشكل الفنى غير أن هذا الخلل لايجعل العمل الفنى شكليا فقط، وإنما يخل بأحد مقومات بنية الشكل، وهو الانسجام الجمالى لمكونات الشكل،وهذا الخلل هو دليل حسى على اضطراب المضمون لدى القاص أو قل اضطراب التجربة لديه فهى مشوشة لم تتبلور وضبابية لم تتحدد، وهذا يؤكد أن (شكل القصة أو القصيدة مرتبط أصلا بالوظيفة التى تشكل من أجلها مادام قد كتب لقارىءفى مجتمع قائم الآن أو سيقوم فى المستقبل،وهذا التواشج بين الشكل والوظيفة يؤكد على أن الاهتمام بالشكل ليس مجانيا وإنما هو تعبير عن مدى الاهتمام بمدى قدرة المبدع على تحقيق أغراضه) ( 1)
هنا أريد أن أشير إلى أن مفهوم الشكل ليس على معنى الوعاء المجرد الذى ينصب فيه المضمون بل الشكل هو التعبير والبناء معا والقدرة على ـ توتير الجدل ـ إن صح التعبير بين العناصر الجمالية الشكلية لخلق الدلالات الإنسانية للقصة وذلك من خلال الاستجابة سواء ـ لدى الكاتب أو القارئ ـ لمفاهيم التوازن والوحدة والاستمرار فى بنية الشكل نفسه بمعنى أن يتحقق فى النص هذا التوازن بين العناصر الجمالية التى تتفاعل من خلال وحدة انطباع إنسانى ما فى كافة مكونات الشكل القصصى، وعندما يتجادل الرمز وما له من محددات فنية مع الشكل القصصى وما له من محددات جمالية، يصير الشكل الرمزى للقصة ذا دلالة خاصة (فالشكل ليس الرموز وإنما هو التعبير الكلى بالرموز.. فليس المخطط الهندسى للقصيدة ـ أو القصة ـ هو شكل القصيدة أو القصة ـ بل الشكل فى العمل الأدبى التعبير البنائى وليس المخطط الهندسى)(2)
فإذا انتقلنا إلى المجموعة القصصية(أحوال) للروائي والقاص التونسي المحسن بن هنية وجدنا القاص فى قصة ( السفير) يدخلنا إلى عالم الطفولة العذبة الذى يظل أفق ابتسام على مدى عمرنا كله،والكاتب يبنى قصته من مواد الواقع الحسية من حكايا الجدة:” “حضرت الجدّة لم تتغيّر كما هي تحنو على حفيدتها.أنا الذي تغيّر..فأصبحت طفلا يتوسّد ركبة الجدّة. أصابعها تبحث عن فريسة تختبئ في شعري.
وهي تقول:”علّي إسمو بالصّاد و مشى يصطاد لقاها هي… لحقوا خوه جابوها حيّة..”
هكذا تفعل معنا قبل كلّ حكاية. تختبر مدى قدرتنا على الفهم والتأويل. فتطرح لغزا كهذا. فإن توصّلنا إلى حلّه حكت لنا حكاية.أو تحجم عن الحكي ولكن قليلا ما تفعل”.جميع هذه المفردات التى تشكل أفق الطفولة تنير وتسطع لدى الكاتب الذي يتركنا منفتحين على إيحاءات جمة ودلالات خصبة، أو هو يتركنا فى مفترق طرق جمالى ـ إن صح التعبير ـ ولنا أن نسلك طريقنا الجمالى حيث شئنا فى الفهم والإدراك ، وهذا من ميزات الرمز الكبرى التى يختلف بها عن كافة صور المجاز فى التشبيه والاستعارة والكناية، وإذا رجعنا إلى المنهجيات اللسانية فى تحليل الخطاب الأدبى وجدنا ما يساعد على التمييز بين بنائية الرمز وبنائية الصور الجمالية الجمالية الأخرى( فالفارق الأساسى بين الرمز والاستعارة يكمن فى الوظيفة التى يسبغها كل منها على التمثل الذهنى الذى يطابق المدلول الشائع للكلمة المستعملة وهذا يمكن أن ندعوه بلفظة (صورة) ففى البناء الرمزى، يكون إدراك الصورة ضروريا لفهم المعلومة المنطقية التى تتضمنها المقولة .على العكس من ذلك البته انتقال المعلومة وفهمها فى الاستعارة وجود هذا الوسيط…وفى حين يتوجب فهم الصورة الرمزية فهما عقلانيا لكى يتم تفسير المرسلة، لاتدخل الصورة الاستعارية فى البناء العقلانى للمقولة ذلك لأن المضمون الإعلامى لهذه الأخيرة يستخرج دون اللجوء إلى التمثل العقلانى (3)
وهذا يعنى أن علمنا المسبق بالمواضعات اللغوية والاجتماعية لرمز (البراءة) له توجيه أساسى فى مدى وعينا بالدلالات الحسية التى جسدها السرد فى القصة، حيث تتجسد البراءة فىالعذوبة والطلاقة والبساطة، ويدفع بنا الكاتب (المحسن بن هنية) إلى أعماق إنسانية أخرى للبراءة لينتقل الرمز إلى أبعاد كونية أكثر عمقا واتساعا، فتصير البراءة بذلك اتحاد المخلوقات بالمخلوقات، واستدماج الذات الإنساية الصافية..”حضرت الجدّة لم تتغيّر كما هي تحنو على حفيدتها.أنا الذي تغيّر..فأصبحت طفلا يتوسّد ركبة الجدّة. أصابعها تبحث عن فريسة تختبئ في شعري.وهي تقول:”علّي إسمو بالصّاد و مشى يصطاد لقاها هي…لحقوا خوه جابوها حيّة..”
هكذا تفعل معنا قبل كلّ حكاية. تختبر مدى قدرتنا على الفهم والتأويل. فتطرح لغزا كهذا. فإن توصّلنا إلى حلّه حكت لنا حكاية.أو تحجم عن الحكي ولكن قليلا ما تفعل.
” كان سلطان برّ العرب من سلالة سلاطين هذا يخلف هذا الابن يخلف الأب. أمّا إذا كان للسّلطان أكثر من ولد.
-إمّا أن يقتل الأخ أخاه حتى ينفرد بالسّلطة بعد حرب ظروس أو تقسّم البلاد والعباد والمدن والمواني والمطارات فتصبح السّلطة ذا حريم واسع وأمّا إذا أنجب أكثر من اثنين فبلاد العرب واسعة وقابلة للتّقسيم فما العيب وهم أمة واحدة أن يصبح فوق كل ّبيت علم،فيحتلّون كراسي في مجلس الأمم.
توقّفت جدّتي لعلّها تستردّ أنفاسها أو توشّي الحكاية بالتّشويق لتزيد بذلك لهفتنا ورغبتنا في معرفة تطوّرات الأحداث…”
مأ أرغب فيه..؟
أرغب قبل الحديث عن الشّخصيّة في المنجز القصصيّ السّياسيّ العربيّ (قصة-السفير-للروائي والقاص التونسي المحسن بن هنية-نموذجا)، في توضيح مرادي بإيجاز من ثلاثة مصطلحات أساسيّة،هي : السّياسة والشّخصيّة والقصّة.
مصطلح (السّياسة) مصطلح واسع في الواقع الحقيقيّ غير الفنّيّ، يشمل القرارات المتحكِّمة بقضايا المجتمع،من الطّعام والزّواج والتّعليم إلى الصِّناعة والاقتصاد. فأمور المجتمع تخضع كلّها للقرار السّياسيّ الذي يصنعه الحاكم لضبط حياة المحكومين.وهذا ما أشار إليه بأسلوب فني الكاتب-بن هنية-ولكنّني،في التّحليل الفنّيّ للنّصوص المتخيَّلة،سأكتفي بقضيّة واحدة،هي قضيّة العلاقة بين المحكوم والحاكم،وخصوصاً أسلوب الحاكم العربيّ،صانع القرار،ومُنفِّذه، وعلاقات أعوانه بالنّاس.وليس المقصود بالسّياسة هنا وفي الواقع الخارجيّ الحقيقيّ (علم السّياسة)، ولا (الفلسفة السّياسيّة)؛ لأنّ علم السّياسة يعني النُّظم السّياسيّة الهادفة إلى تحديد المبادئ العامّة،والمناهج العلميّة المستخدمة في الوصول إلى التّعميمات الخاصّة بالحياة السّياسيّة. في حين تعني الفلسفة السياسيّة دراسة الأفكار السّياسية، وتأمُّل منظومة قيمها وأبعادها الزّمنيّة.
أمّا مصطلح القصّة فأقصد به النّصوص الإبداعيّة التّخييليّة الحكائيّة التي رصدت علاقة المحكوم بالحاكم وأعوانه، ولن أهتمّ بالقصص الوعظيّة غير التّخييليّة؛ لأنّ الإبداع القصصيّ شرط لتجسيد الإمتاع والإقناع والتّأثير؛ أي أنّ السّياسة في المنجز القصصيّ السّياسيّ، في حدود الحديث الرّاهن، هي التّعبير الأدبيّ الإبداعيّ عن طبيعة الحُكْم وأسلوبه وتجلّياته كلّها في المجتمع العربيّ.
أمّا الشّخصيّة فأقصد بها ما صنعته لغة القاص على هيئة الإنسان القادر على ابتداع الحدث القصصيّ والتّفاعل معه، وتجسيد فكرته،وقد أبدع (للأمانة) المحسن بن هنية في هكذا أسلوب فني سردي. هذه الشخصيّة الفنّيّة التي صنعها القاصّ-بن هنية- باللّغة تختلف عن الإنسان في الواقع الخارجيّ الحقيقيّ في أنّها معروضة من جانب واحد ضيِّق مناسب للحدث أو الفكرة التي يرغب القاصّ في التّعبير عنها، وليست معروضة من جوانبها كلّها. أمّا متعلّقاتها،كالاسم والصِّفات الجسديّة والأخلاقيّة،التي تحاكي الإنسان في الواقع الخارجيّ المحيط بالقاصّ وقرّائه فالغرض منها إيهام المتلقّي بأنّه يقرأ شيئاً حقيقيّاً عن إنسان حقيقيّ…
في هذا السياق نقرأ شذرات من قصة-السفير-للمحسن بن هنية”رأيت أنّ الأمر تجاوز مجرّد الحكاية وتجاوز ذهنية النّائم فاستفقت غاضبا مذعورا أدرت زرّ جهاز التلفزيون فهجم الظّلام على الغرفة فتطايرت الصّور والخيالات.فلا سفير ولا سلطان ولا حتى أنفاس جدّتي أو صوت أنديرة غاندي إلا ّبعض الدّفء في أحضان السّرير وأفكار شاردة تدور في ذهني أدفعها حينا فتعاودني آخر لتنفجّر في شكل أسئلة حارقة ومحيّرة.فاستنجت بمنجد الطلاّب حتى أحدّد جذور و مصدر كلمة “سلطة” فقرأت:
“السُّلطَةُ” هي “المُلك والقُدرة” ثم بحثت عن الجذر فلم أجد جذرا واضحا فاكتفيت بهذا النّعت “سَلطَ”..كان سليطا.وفي أُخرى أسلّطُ،سلّط عليه و أطلق له القدرةَ و القهرَ” و أرى أيضا، “تسلّط”أي صار مُسلّطا عليه.
و عند الصّباح مررت بالمقهى ووددت أن أسرد على مسامعي بعض ممن أعرف كوابيس حكاية السّفير والسّلطان فكانت دهشتي أكبر عندما رأيت هؤلاء المعارف كل يبتعد عنّي ويُشيح بوجهه مدبر وعندما أمسكت أحدهم من كتفه تأفّف منّي و ردّ عليّ وكأنّه لا يعرفني من قبل.
-.. تجنّبني يا هذا…إنّ للجدران مسامع وعيون.”
ما أريد أن أقول؟
أردت القول :
لقد جابهت الشّخصيّات في المنجز القصصيّ السّياسيّ السّلطة مكتفيةً بالإيحاء الرّمزيّ بأنّها ظالمة قاهرة مستبدّة (يتجلى هذا الأمر في قصة السفير لبن هنية)،وكأنّها كانت تدعو بشكل غير مباشر إلى سلطة ديمقراطيّة يعيش النّاس فيها بحرّيّة، ويتمتَّعون بالكرامة الإنسانيّة. وهذه هي الحدود التي تقف الشّخصيّة القصصيّة عندها،ولا تجاوزها إلى تحديد ماهيّة السّلطة بدلاً من تعميم شخصيّتها الاعتباريّة التي تمسّ كلّ سلطة ولا تحدِّد سلطة معيَّنة،أو تُحدِّد المكان والزّمان القصصيّين بدلاً من تجريدهما،هرباً من التّخصيص الذي يقود إلى المساءلة.
أعتقد،أيضاً،(وهذا الرأي يخصني) أنّ القاصّين العرب لم يتّعظوا من إخفاق تجاربهم في زعزعة السّلطة في ثمانينيّات القرن العشرين وتسعينيّاته، أو قيادتها إلى سياسة حكيمة عمادها الحرّيّة وحقوق الإنسان.وليس السّبب في ذلك أنّ صوت منجزهم القصصيّ السّياسيّ كان ضعيفاً، ولكنّ السّبب هو أنّ بنية السّلطة كانت من الصَّوَّان، بحيث تكسرت عليها الرّموز الشَّفيفة وغير الشّفيفة، والتّفصيلات القصصيّة السّاخرة وغير السَّاخرة.أو قُلْ إنّ السّلطة العربيّة لم تكترث بالنّقد الرّمزيّ مادام بعيداً عن تسميتها، وعن الإشارة إليها مباشرة. وعلى الرّغم من أنّ الاقتراب الرّوائيّ العربيّ كان أكثر غزارة وتفصيلاً وإيلاماً للسّلطة بتقديمه ما أصبح يُعرَف في الدّراسات النّقديّة بروايات السّجن السّياسي(4)،فإنّ الاقتراب الرّمزيّ التّعبيريّ بقي العلامة البارزة للمنجز القصصيّ السّياسيّ العربيّ. ويُخيَّل إليَّ أنّ القصّة القصيرة جدّاً التي ازدهرت في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين (القاص التونسي المحسن بن هنية أبرز روادها)،كانت أكثر بلاغة في أثناء اقترابها من قضايا السّياسة،وفي أثناء ترسيخها الرّمز على أنّه الوسيلة الفضلى في نقد العلاقة السّياسيّة الشّائكة داخل المجتمع العربيّ. يُضاف إلى ذلك كلّه أنّ المرء يدعو لعبد اللّه العروي بالخير؛ لأنّه طرح في وقت مبكِّر من حياته الفكريّة مسألة (هويّة الحاكم)، دون أن يسمعه أحد؛ لأنّ العرب كانوا في خمسينيّات القرن العشرين وستينياته مشغولين بالدّعوة إلى التّحرُّر من التّبعيّة للغرب، فقبلوا حُكْم العسكر دون أن يفكِّروا بأبعاد هذا القبول وتبعاته.وللسّبب نفسه يتساءل بعض المفكِّرين العرب الآن عمّا إذا كان الحاضر،حاضر الثّورات العربيّة،الذي يُهدَّم بكلّ هذا العنف والقسوة،قادراً على أن يُحرِّرنا من أغلال التّقديس للبطل والعسكر والغرب..
قبعتي..أيها المبدع التونسي المحسن بن هنية..
ولنا عودة إلى قصتك-اللذيذة-عبر مقاربة أخرى مستفيضة..
محمد المحسن
المصادر والمراجع:
1) فؤاد دوّارة : نجيب محفوظ من القومية إلى العالمية، لهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1989، ص 243
2) فاضل السباعي : حزن حتى الموت،الأهلية للنشر والتوزيع، بيروت،1975.
3) عبد الرحمن مجيد الربيعي : الشاطئ الآخر،قراءة في كتاب القصة العربية،الدار العربية للكتاب، ليبيا/ تونس،1983،ص 167
4). انظر حول هذا الموضوع:
– نزيه أبو نضال : أدب السجون،دار الحداثة،بيروت 1981
– سمر روحي الفيصل (د): السجن السياسي في الرواية العربية، اتحاد الكتاب العرب،دمشق، 1983 (صدرت الطبعة الثانية عام 1994 عن دار جروس برس، طرابلس/ لبنان)
– طه وادي (د): الرواية السياسية،دار النشر للجامعات المصرية، القاهرة 1996
** همسات مع ليل بعد منتصفه ** بقلم الكاتبة ** عفاف الفندري **
** همسات مع ليل بعد منتصفه **
وكأن دموعي نهر جارف يحمل معه
ذكرياتي اللعينة اللئيمة ..
التي تمزقني .. تقتلني .
تبعث فية النزع الاخير..
لترمي به في هوة عميقة في
أرجاء بقايا قلب معذب وحطام
تتقاذفه تيارات نهر دموع يأبى
الجفاف..
يؤرقني البعد ويبكيني ..
كم امقتك أيها الحنين
وايها الاشتياق اللعين ..
اكيد .. هي لعنة الحب ..
وعشق حتى الموت ..
عليك اللعنة أيها الكبرياء ..
** أعذرني **
أرقني بعدك عني
فلا تستغرب ولا تلمني
قلقة انا .. جدا .. فاعذرني
تسمعني كلاما حلوا
تتركني ثم تهجرني
أنت قريب وبعيييييد عني
ارقني بعدك عني ..
أريدك دوما أن تكلمني
تناجي شوقي وتحضني
أكون قربك وتعشقني
تحضن يداي وتقبلني
تهمس لي وحنانك يعذبني
أرقتي بعدك عني ..
لست أنانية انا ..لأني
أعشقك حبيبي فلا تلمني
فاعذرني ولا تعذبني
أرقني بعدك عني
فلا تستغرب ولا تلمني
** عفاف الفندري **
العاشقة المتمردة
تونس 🇹🇳 صفاقس
الخميس، 17 أغسطس 2023
بقلم الأديبة... جميلة بلطي عطوي
.....صريع الأسى .....
لئن حاصرتك دواعي الفشل
وبتّ صريع الأسى والمَلل
فعلّق مناك بركن الضّيا
فتلك طريق الرّضا والأمل
لتشرق شمسك من عمق ليل
وتزهو جنانك بين المقل
على الدّوح تشدو طيورك طرّا
معاشك ذكر وشُربك طَلّ
كما الورد تصبح لونا وطيبا
وتنسى أساك وعصْف الجدل
وتضحي وقد شاقك العَوْد سؤلا
وتدحر حسّ الضّنى والعلل
مع الوقت تزداد روحك أمنا
وبالأمن تثمل دفءا وظلّ.
تونس ...17/ 8/ 2023
بقلمي.... جميلة بلطي عطوي
الانقسامُ الفلسطينيُّ بقلم الشاعر محمود بشير
الانقسامُ الفلسطينيُّ
حتماً سنَسْقُطُ في ظلامِ الهاويةْ
إنْ نحنُ أبقيْنَا القطيعَةَ طاغيةْ
لا خيْرَ فينا إنْ تركْنا عِلَّةً
توُدِي بِنَا تستَلُّ مِنَّا العافِيَةْ
الكُلُّ فينَا قد جفَا إخوانَهُ
والأختُ لا تأتِي الشقيقةَ حانِيَةْ
وطنٌ سليبٌ والقطيعةُ داؤُنَا
وعدوُّنَا يبْتَزُّ أرضاً باقِيَةْ
وبقاؤُنَا شطْرانِ يُذْهِبُ ريحَنَا
والخُلفُ لا يبقِي السلامَةَ دانيةْ
وطبائعُ الأضدادِ تفرِضُ ذاتَهَا
تُبْقِي النُّفوسَ معَ النُّفُوسِ مُجافِيَةْ
إنْ ظلَّتِ الأحْقادُ تسْتَبِقُ الخُطَىٰ
فاعْلَمْ بحَدْسِكَ أنْ نفْسَكَ عاصِيَةْ
هذا الخلافُ والاختلافُ يجُرُّنَا
نحوَ الهلاكِ وسوفَ تَدْنُو القاضيةْ
ماذا تقولُ والانقسامُ جريمَةٌ
إنْ لم نُزِلْهُ تظَلُّ عينُكَ باكِيَةْ
نحنُ الحُماةُ وآنَ جَمْعُ شتاتِنَا
فلْنَأْتَلِفْ نُبْقِ الكرامةَ عاليةْ
فالأرضُ لا ترضَىٰ التَّفَرُّقَ حاكِماً
حتى ولا ترضَىٰ جُموعاً غافِيَةْ
محمود بشير
2023/8/17
أمواج البحر بقلم الكاتبة نهلة دحمان الرقيق
أمواج البحر
أغمض عيني
تختاتلني امواج البحر
عروس التحفت السماء
تجملت بنور الشمس
تحلت بأفخر اللآلئ و الزبرجد و
الألماس
و تعطرت بأطيب الانفاس
فألهبت الغرائز و أثارت الآحساس
حى خلتها من الملائكة لا من الناس
نهلة دحمان الرقيق
الاثنان /31/07/2023
هكذا..أوصتني أمي التي توارت خلف الغيوم.. بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن
هكذا..أوصتني أمي التي توارت خلف الغيوم..
لك نرجس الرّوح يتفتّح عشقــــا..بين شقوق المرايــا
إلى أمي التي أنجبتني في عتمات الفصول..وشمخت فوق زخات العذاب..حين أتاها الذبول..ألف سلام لروحها الطاهرة
يا إلاهي..
تموت التي وهبت قمحها للغيم
وأطعمت من حليب اللوز
صبايا مرّ على نضجهــن
نصف قرن ونيــــف
هكذا هي أمّي..
كلّما انهمر الغيم..وجْدا
وتشظّت مرايا المســاء
خبّأت ودائعها..
في كفّة الرّيح
وشدّت على وجع
بحجم السمــــــاء
ثم قالت..
"لا تخف يا محمد"..
لك مقعد على بساط المـــــدى
ووتَد تلتفّ من حوله كل الثنايـــا
لك مفاتيح الفصول..
وقلب جميل
وأمّ تقيّة..
تؤجج..إذا حاصرك السّيل
جمر العشايـــــــــا
لك إشراق البراري
وخيطان..من مطر
وشوق يضيء في شعاب الهدى
لك نرجس الرّوح يتفتّح عشقــــا
بين شقوق المرايــا
فلا توغل في الدّمع
ولا تحمل مشكاة الحزن على عاتق الليل
ستبصر وجهي..
خلف تخوم الصدى
يضيء في غلس الظلــــــــــــــمة
ولا تصغ لعويل الصّمــــت
فلا شيء أشدّ بهاءً من الموت
ولا تكن طيرا أضاع بلا سبـــب
عشبةَ البحر
وحلّق في فجاج الكون
علّ تجود الفصــــــــول
بما وعدته الـــــــرؤى
درْ على هدأة البحر
ولا تترك بقايا دموع على الجفن
ولي أنّني خائفة
لحظتان..ودمعـة
عينايَ لا تبصران
إلى أين تمضي الرّوح
في مثل هذا الصّمت العظيم ؟
إنّي أرى من بعيد..
طائرا يقتات من مهجة الليل
يمتشق غيمة للهـــــــــدى
ويمضي بي..
إلى لجّة الغيم
حيث سديم الصّمت
واختلاج الحنايــــــــا..
محمد المحسن