الجميلة هوارية
و كأن التعدي على سياج الأخلاق و كسر حاجز الحياء و التمادي في السباحة في يم البذاءة تحول لمعبر للشهرة و آلية للتموقع بين أهل القمة التي إحتلتها الغربان بعدما آثرت النسور الرحيل بمكتسبات الشرف و لوحات الزمن الجميل إثر تجرأ الدخيل على مقاسمة أهل المبادئ الدار.
فالشهرة في أيأمنا حسب المعطيات الخبيثة المتنكرة في ثوب الحضارة أو بالأحرى طلبها من قبل أراذل القوم تحول لدرب يخوضه فاقد الذمة والأخلاق و المبادئ فهنا تحولت الراقصة بسرعة البرق لنجمة تتبوأ العلا بمفعول سحري لهز ما ستره الله ويتحول الفاحش لمثال و قصة نجاح بعد معاقرة طويلة لأماكن القذارة تحت مسمى المسيرة الفنية و بكل تأكيد فإن مواقع التواصل ذلّلت الصعاب و سهّلت المأمورية فيكفيك هاتف نقال واتصال بالأنترنت و تجرد من الأخلاق قبل الثياب لسطوع نجمك، فنحن بعصر تنكب الكنانة بذوق الشرف و الفخر والمجد في حين أنها تؤوي سهام إعدام الموروث الثقافي وتعاليم العادات والتقاليد سعيا لإنتاج فيديو قد يعبر بصاحبه العالم طارقا بوضاعة أبواب الشهرة والنجاح المزعوم.
أما إذا ولجنا عالم المثقفين فتجد نفسك بين سنان القوافي و النحو و بين مقصلة الأخلاق في نظر الكثيرين فبقدر ما تنسج الكلمات مشاهد الجمال والبهاء متسلحة بالألوان الزاهية المشرقة بأحكام الحياء وجواهر الحشمة و مداد خوف الله وهو يخط الكلام الذي يحاور الروح برقة آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر و طالبا لرضا ملك السماوات بلا جراح للأنفس و لا تجريح أو مساس بالثوابت في إطار إحترام الرسالة الإلاهية التي أسمعت البشرية قرع نعلي الحبشي و خلدت في القرآن إسم الرومي وأخذت برأي الفارسي بقدر ما تتلألأ أمامك نجوم من ورق رسمت لنفسها دربا للعلا بالثورة على الأخلاق والموروث الثقافي وتعاليم الصفاء و النقاء و وصايا الجدات .
فالأخلاق لم ترتبط يوما بأرض أو بمنطقة معينة فمِن أرض الشرك سطع نبراس الزمان و من بيت صناديد الشر بزغت نجوم الهدى و لكن في أيامنا أصبحت بعض النفوس المريضة لا تولي أهمية للكلمة فترى بعضها يتفنن في نسج الترهات تحت مسمى الرواية مدعيا الإصلاح أو كما يعتقد نقل الواقع بحجة تقويم المسار على اعتقاد منه أننا نعيش على هامش المجتمع أو فوق القمر فيربط خياله الطالح بالركب مميطا اللثام عن عقد نفسية و عداء خفي وعميق للثوابت فتراك تقرأ بين السطور تسويقا خبيثا لرسائل التحرر و تنويما ممنهجا للزهور الفتية وهي تلقي أولى رشفات الحياة بناء على رؤية ضيقة منبعثة من صدفة عاثرة أطلقت العنان لتعميم المشهد و هو يضم بين زواياه حرائر الزمن حاشرا الجمع في بوتقة تجربة طائشة مقرفة بثت بفعل الحروف تفاصيلها للعالم ليجعل فاقد الحرفة يروج من جهته للفراغ الروحي و القفز بأجنحة التحرر على حصون الشرف و العفة و الأنوار الخالدة.
فهوارية الحقيقية لم تترنح يوما على إيقاع طبل الغجر و لم تتمايل ليلة على إيقاع تجار الفسق و لم تتاجر ليلة بشرفها أو عفتها فبقدر ضعف الشاذ على صناعة موقف يقاس عليه بقدر جهل أناس قواعد التصنيف فأخلطوا الصالح بالطالح على خلفية تعاليم عابرة بثوب براقش المتعطشة للتحكم بآليات الجهل و هي تجني على أهلها .....تحية لهوارية التي حفظت القرآن و تحية لهوارية التي ربت الأجيال وتحية لهوارية التي تعيش محلقة في قصور الشرف و مواطن العفة ....وتحية لهوارية الحقيقية التي يفترى عليها كل يوم .
محمد بن سنوسي
من سيدي بلعباس
الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق