الاثنين، 9 ديسمبر 2024

عين كديجة (1-2-3-4-5) بقلم الكاتب نصر العماري

 عين كديجة (1-2-3-4-5)

بقلم نصر العماري.
غادر حمّام الحاج حميدة ،
وهو يلفّ جسمه بقشّابية صوف سوداء خوفا من لفحة الهواء .
حذّره طبيب الصّحة العمومية اكثر من مرّة حين علم انّه يشتغل "طيّابا"،
كان بودّه ان يخبره بمهنته الاصلية
لكنّه احجم ربّما يشعر بالقرف منه
لكنّه اضاف قائلا :
في الحقيقة، يادكتور اشتغلت اكثر من مهنة ، حسب فصول السّنة، في الصّيف.. وضحك واضاف: صانع اديب اغني في الاعراس هههه...
اما في الخريف، كنت تجدني ابيع الغلال في قلب سوق المدينة..
في الرّبيع، مكّاس في رحبة الغنم.
اما في الشتاء فتجدني في الحمّام ...
واحذق مهن اخرى هههه يادكتور.
تبسم الطّبيب وكتب له الوصفة
وطمأنه قائلا : انت رجل عظيم... لا باس عيك نزلة برد غير حادّة . لكن حاذر عند خروجك من الحمّام. لفّ نفسك جيّدا ...
كانت قدماه تأخذاه نحو قاع المزود
انعطف الى "نصبة ببّوش " اقتنى بطيخة لبنانية، شمامة على لغة اهل الشرق، تشمّمها اكثر من مرّة
، رائحتها زكيّة، يريد ان يرضي بها زوجته وابنة عمّه "زكيّة" .
وضعها له البائع في سلة بلاستيكية سوداء . نقده ثمنها واستلم الباقي وتوجّه الى دكان "اولاد ملوكة" سلّم ومازح و اقتننى حاجته ونقد وخرج...
تجاوز جامع التّقوى، قطع شارع بنزرت ، سار قليلا ثم انعطف الى اليمين ، ولج نهج اسد بن الفرات كان يؤنس نفسه ويؤرجح سلته البلاستيكية وهو يدندن لحن اغنية للشاعر الشّعبي الحفناوي
" واش لزّك وانت زوالي" وجد نفسه امام باب خشبيّ ازرق سماويّ. توقّف ، اخرج المفتاح ... ودخل ومعه السّلة و خبزتي "الباقات" والمائتي غراما من "الطرشي والزيتون الاخضر المملّح"...
لم يشتك اسديّس يوما من ضنك الحياة ولا من صلفها. كانت ضحكته تملأ ارجاء المكان الذي يتواجد فيه، في السّوق او في الحمّام او في المقهى، حين يجالس اصدقائه ويشرع يحدّثهم عن طرائف عاشها في الاعراس ويشرع يُدندن مقطعا من اغنية من الاغاني الشّعبية العديدة التي يحفظها ...
استقبلته زوجته زكيّة ابنة عمّه البُرني معلقة :
جيت!!! يا مرحبا بالمِدّب.
فاجابها منشدا:
خدّك يا مكحول ارماقهْ
مْنينْ بانْ بْراقهْ
يَضْوي علْ ضَيْ عْلاقهْ"
فاجابته زكيّة زوجته ساخرة
" ايه والله .. مِدّبْ ونصف .. هههه"
فواصل اسديّس انشاده:
"خَدّك يا مكحول ارماشهْ
كيف المِشماشَه
والخُرص معلّق نواشهْ"
فردّت عليه ،
"مدّب الخدود و الاخراصْ .. هههه... ايّه شدّ بلاصتك الطعام حاضر، ما عادش انسخّنه مرّة اخرى ...
وكلمة المدّب هي اختصار لكلمة المُؤدب وهي مهنة معلم القرآن للصبيّة ...
لكن اسديّس لم يشتغل يوما مؤدبا للصبيان ، لكن الكل يعرفه بهذا الاسم، "المِدّب اسديّس" فكان يحضر الجنائز ويقرأ القرآن الكريم مع بقية المؤدّبين الذين يستأجرهم اهل الميّت لتلاوية ياسين وما تيسر على فقيدهم. و كان اسديّس يغسّل ويجهز ويخيط للميّت الكفن باتقان ...
وضع اسديّس ما احضر على طاولة خشبيّة عليها سماط نيلوني موشّى برسوم الزّهور، تتوسط ثلاثة مقاعد تحتلّ قاعة الجلوس ، مقاعد مطلية باللون البنيّ الدّاكن يتّسع كل منها الى ثلاثة اشخاص .
نزع سديس قشابيته وعلّقها خلف الباب ثم جلس وشرع يدندن لحنا قديما ...
ثم نادى زوجته طالبا منها ان تحضر سكينا معها ووعاء لتقطيخ البطّيخة...
المدّب اسديّس، كنية التصقت به منذ صغره . فاسمه الحقيقي الباهي بن خليفة العوني.
و"اسديس" هي تصغير لكلمة سُدس. والسّدس عدد يساوي قسمة الوقيّة على ستّة وهو تقريبا خمسة غرامات من ثلاثين ...
كان والده "خليفة" رحمه الله كثيرا مايُرسله الي حانوت "ابيك عمارة" العطار بآخر حي قاع المزود ليحضر له "سْدِسْ وخمسين " اي سُدس وقيّة من الشاي الاحمر وخمسين غراما من السّكر وكان الباهي يتوجه مسرعا على قصر قامته وخفة حركته ويدخل الدّكان ويكثر من الجلبة طالبا "سْدسْ وخمسين " غير محترم لمبدإ الاولوية ، فاطلق عليه التاجر "ابيك عمارة" اسم اسديّس ومن يومها التصق به الاسم ...
قرّبت زكيّة الطاولة من اسديّس
ووزعت الطعام واحضرت دورق الماء وبراد الشاي وقسّمت الخبز وتهيأت للاكل. لكن اسديّس مدّ يده للسكين وشرع يقطع البطيخة، وما كاد يفعل حتى انبجست من البطيخة كرة زهريّة اللون صغيرة بحجم كرة الطاولة. لاحظت زكيّة ذلك، فتوقّفت عن المضغ سائلة عن ذلك الشّيء الذي خرج من البطيخة ومدّت يدها تلتقطه ...
توقّف اسديّس بدوره عن التّقطيع وبقي يتابع زوجته وهي مندهشة فاغرة الفم تقلّب الكرة بين اصابعها...
تفرست زكيّة في الكرة لاحظت ان قشرة رققة تلفّها ، ازاحتها بحذر ، وماكادت تفعل حتى صرخت :
ماهذا ياكلب!!!
والقت بالكرة في وجه اسديّس ...
اِلتقف اسديّس الكُرة مدهوشا من العبارات التي اطلقتها عليه زوجته ، ودقّق النّظر وامعن في الشيء الغريب ، فلم يفهمه وشعر بالغثيان منه. فالقاه سريعا في اتجاه زوجته مشمئزا قائلا:
- ماهذا ؟؟؟ ماهذا الشيء يا كلبة من اين اتيت به؟
امسكت زكية بالكرة بين اصابعها وجحّظت عينيها في زوجها قائلة : من اين أتيتُ به!!! انا الكلبة ؟؟؟ ها قد كشفك الله يا رخيص ... صبرت عليك، قلت ابن عمي وزوجي واب ابنائي، لكن ذيل الكلب لن يستقيم ابدا ولن يكفّ عن البصبصة ...
- ماذا تقولين يازكية؟ ... ماهذا منك؟ ماعهدتك هكذا ... لم افهم قولي ماذا اصابك؟.. وماهذا الشيء المكوّر بين اصابعك؟...
- بين اصابعي !!! وكأنك لا تعرفه؟.. بريء!.. نقيّ!... يامدبّ! .. يا مدّب العيون والخدود والنهود والقدود ...
- ماذا تقولين يا زكيّة، ماذا اصابك؟؟؟ لم افهم بعد ؟ ماهذا الشيء الذي عكّر صفوك والهب لسانك السليط!!!...
- لساني!!! ياغسّال الموتي يالصّ الاكفان... هاقد كشفك الرحمان ...
اوصلت بك الدناءة الى هذا الحدّ؟
انظر... انظر ..
وهي تلوّح بالكرة بين اصابعها..
ها قد فضحك الحيّ الذي لا ينام وسافضحك في الحيّ والناس قيام ... اوه يا ربيّ..
و أخذت تنظر في الكرة تقلّبها يمينا وشمالا، ثم اضافت :
كم انت مقزز !!!... وكم هي مقرفة...
حوقل اسديّس واستعاذ من الشيطان الرجيم وبسمل وشرع يتلُو آية الكرسي...
فولولت زكيّة، وضحكت ، وقهقهت، وزمجرت في وجهه:
- او تحسبني مجنونة لتتلوَ عليّ القرآن .. ام" انا من تحت ايديهم" يالك من مسكين لعلّك تحسب اني مسحورة ..
انت المسحور .. انت المسحور ..
افق .. افق يا زوجي وابن عميّ الغزيز وهمّي الكبير..
فسكت اسديس ومدّ يده ليأخذالكرة منها .
فامتنعت صارخة :
اليك عنّي .. اليك عنّي لا تلمسني .. هذا دليل .. دليل اجرامك وخسّتك...
تراجع اسديس الى الخلف وهو يستغفر سائلا ايّها ان تسلمه الكرة ليتعرّف ما هي ... واقسم لها بالله العظيم وبجميع اولياء الله الصالحين انه لم يفهم عم تتحدث، ولم يفهم هذه الكرة التي قد تكون ورما عفنا اصاب البطيخة ، وهذا طبيعي نتيجة الادوية والمستحضرات الكيميائية التي ...
قطعت زكية على اسديّس حديثه ملوّحة اليه بالكرة صارخة :
انها عين ... عين...
فاجبها مستغربا :
عين!!! عين واصابتك... عين من؟؟؟
فاجابته زكيّة في شدّة :
عين خديجة .. عين خديجة ..يا زوجي المِدِّبْ التي اصابتك انت ...
اما انا احمد الله انا الطاهرة النقيّة التّقية... اتنكر انها عين خديجة ...
اليست هذه رموش خديجة، اليست هذه اهدابها ... والحدقة !!! انظر اليست حدقتها ... والجفون...
لم يشتك اسديّس يوما من ضنك الحياة ولا من صلفها. كانت ضحكته تملأ ارجاء المكان الذي يتواجد فيه، في السّوق او في الحمّام او في المقهى، حين يجالس اصدقائه ويشرع يحدّثهم عن طرائف عاشها في الاعراس ويشرع يُدندن مقطعا من اغنية من الاغاني الشّعبية العديدة التي يحفظها ...
استقبلته زوجته زكيّة ابنة عمّه البُرني معلقة :
جيت!!! يا مرحبا بالمِدّب.
فاجابها منشدا:
خدّك يا مكحول ارماقهْ
مْنينْ بانْ بْراقهْ
يَضْوي علْ ضَيْ عْلاقهْ"
فاجابته زكيّة زوجته ساخرة
" ايه والله .. مِدّبْ ونصف .. هههه"
فواصل اسديّس انشاده:
"خَدّك يا مكحول ارماشهْ
كيف المِشماشَه
والخُرص معلّق نواشهْ"
فردّت عليه ،
"مدّب الخدود و الاخراصْ .. هههه... ايّه شدّ بلاصتك الطعام حاضر، ما عادش انسخّنه مرّة اخرى ...
وكلمة المدّب هي اختصار لكلمة المُؤدب وهي مهنة معلم القرآن للصبيّة ...
لكن اسديّس لم يشتغل يوما مؤدبا للصبيان ، لكن الكل يعرفه بهذا الاسم، "المِدّب اسديّس" فكان يحضر الجنائز ويقرأ القرآن الكريم مع بقية المؤدّبين الذين يستأجرهم اهل الميّت لتلاوية ياسين وما تيسر على فقيدهم. و كان اسديّس يغسّل ويجهز ويخيط للميّت الكفن باتقان ...
وضع اسديّس ما احضر على طاولة خشبيّة عليها سماط نيلوني موشّى برسوم الزّهور، تتوسط ثلاثة مقاعد تحتلّ قاعة الجلوس ، مقاعد مطلية باللون البنيّ الدّاكن يتّسع كل منها الى ثلاثة اشخاص .
نزع سديس قشابيته وعلّقها خلف الباب ثم جلس وشرع يدندن لحنا قديما ...
ثم نادى زوجته طالبا منها ان تحضر سكينا معها ووعاء لتقطيخ البطّيخة...
المدّب اسديّس، كنية التصقت به منذ صغره . فاسمه الحقيقي الباهي بن خليفة العوني.
و"اسديس" هي تصغير لكلمة سُدس. والسّدس عدد يساوي قسمة الوقيّة على ستّة وهو تقريبا خمسة غرامات من ثلاثين ...
كان والده "خليفة" رحمه الله كثيرا مايُرسله الي حانوت "ابيك عمارة" العطار بآخر حي قاع المزود ليحضر له "سْدِسْ وخمسين " اي سُدس وقيّة من الشاي الاحمر وخمسين غراما من السّكر وكان الباهي يتوجه مسرعا على قصر قامته وخفة حركته ويدخل الدّكان ويكثر من الجلبة طالبا "سْدسْ وخمسين " غير محترم لمبدإ الاولوية ، فاطلق عليه التاجر "ابيك عمارة" اسم اسديّس ومن يومها التصق به الاسم ...
قرّبت زكيّة الطاولة من اسديّس
ووزعت الطعام واحضرت دورق الماء وبراد الشاي وقسّمت الخبز وتهيأت للاكل. لكن اسديّس مدّ يده للسكين وشرع يقطع البطيخة، وما كاد يفعل حتى انبجست من البطيخة كرة زهريّة اللون صغيرة بحجم كرة الطاولة. لاحظت زكيّة ذلك، فتوقّفت عن المضغ سائلة عن ذلك الشّيء الذي خرج من البطيخة ومدّت يدها تلتقطه ...
توقّف اسديّس بدوره عن التّقطيع وبقي يتابع زوجته وهي مندهشة فاغرة الفم تقلّب الكرة بين اصابعها...
تفرست زكيّة في الكرة لاحظت ان قشرة رققة تلفّها ، ازاحتها بحذر ، وماكادت تفعل حتى صرخت :
ماهذا ياكلب!!!
والقت بالكرة في وجه اسديّس .
...اِلتقف اسديّس الكُرة مدهوشا من العبارات التي اطلقتها عليه زوجته ، ودقّق النّظر وأمعن في هذا الشّيء الغريب ، فلم يفهمه وشعر بالغثيان منه. فألقاه سريعا في اتجاه زوجته مشمئزا قائلا:
- ماهذا ؟؟؟ ماهذا الشّيء يا كلبة، من اين أتيتِ به؟
امسكت زكيّة بالكُرة بين اصابعها وجحّظت عينيها في زوجها قائلة : من اين أتيتُ به!!! انا الكلبة ؟؟؟ ها قد كشفك الله يا رخيص ... صَبرتُ عليك، قُلتُ ابن عمي وزوجي واب ابنائي، لكن ذيل الكلب لن يستقيم ابدا ولن يكفّ عن البصبصة ...
- ماذا تقولين يازكيّة؟ ... ماهذا منك؟ ماعهدتك هكذا ... لم افهم قُولي ماذا اصابك؟.. وماهذا الشّيء المكوّر بين اصابعك؟...
- بين اصابعي !!! وكأنك لا تعرفه؟.. بريء ! نقيّ!... يامدبّ! .. يا "مدّب" العيون والخدود والنّهود والقدود ...
- ماذا تقولين يا زكيّة، ماذا أصابك؟؟؟ لم افهم بعد ؟ ماهذا الشّيء الذي عكّر صفوك وألهب لسانك السّليط!!!...
- لساني!!! ياغسّال الموتي، يالصّ الاكفان... هاقد كشفك الرّحمان ...
أَ وصلت بك الدّناءة الى هذا الحدّ؟
انظر!.. انظر !..
وهي تلوّح بالكرة بين اصابعها..
ها قد فضحك الحيّ الذي لا ينام وسأفضحك في الحيّ... اوه يا ربيّ...
و اخذت تنظر في الكرة تقلّبها يمينا وشمالا، ثم اضافت:
كم انت مقزّز !!!... وكم هي مقرفة...
حوقل اسديّس واستعاذ من الشيطان الرّجيم وبسمل وشرع يتلو آيات الكرسي...
فَوَلولت زكيّة، وضحكت ، وقهقهت، وزمجرت في وجهه:
- او تحسبني مجنونة لتتلوَ عليّ القرآن .. ام" انا من تحت ايديهم" يالك من مسكين لعلك تحسب انّي مسحورة
انت المسحور .. انت المسحور ..
افق .. افق يا زوجي وابن عميّ الغزيز ،وهمّي الكبير ...
فسكت اسديس ومدّ يده ليأخذ الكرة منها .
فامتنعت صارخة :
إليك عنّي .. إليك عنّي لا تلمسني .. هذا دليل .. دليل اجرامك وخسّتك...
تراجع اسديّس الى الخلف وهو يستغفر سائلا ايّها ان تسلمه الكرة ليتعرّف ما هي ... واقسم لها بالله العظيم وبجميع اولياء الله الصّالحين انّه لم يفهم عمّ تتحدث، ولم يفهم هذه الكرة التي قد تكون ورما عفنا اصاب البطيخة وهذا طبيعي نتيجة الادوية والمستحضرات الكيميائية التي ...
قطعت زكيّة على اسديّس حديثه ملوّحة اليه بالكرة صارخة :
انها عين ... عين...
فاجبها مستغربا :
عين!!! عين واصابتك... عين من؟؟؟
فاجابته زكيّة في شدّة :
عين خديجة .. عين خديجة ..يا زوجي "المِدِّبْ" التي اصابتك انت ...
اما انا احمد الله انا الطاهرة النّقيّة التّقية... اتنكر انها عين خديجة ...
اليست هذه رُموش خديجة، اليست هذه اهدابها ... والحدقة !!! انظر اليست حدقتها ... والجفون...
تراجع اسديّس الى الخلف وجلس على المقعد وهو ينظر الى الطعام وقد عافته نفسه رغم انّه جائع .
طلب من زوجته ان تهدأ وتخفّض من صوتها. لكنّها ظلت مصرّة على ان الكُرة هي عين خديجة جارتها، التي توفيت منذ شهر وكانت قد
لاحظت ان زوجها كثيرا ما يتودّد إليها ويقف يُحدّثها في الشّارع ، وكانت تُهاديه خبز " القُوجة" ساخنا، بل لم تكن تستحي من دقّ الباب وتقديم الجردقة و الجردقتين قائلة : "المدّب يحبّ خبزي " وانّه كان يذكرها مُثنيا على مهارتها في اعداده ،بل وقد لاحظت انه صار يترنّم مردّدا:
"شُفتوشْ خَدِيجَة يالمحفل شُفتوشْ خَدِيجَه؟
زين الْمُضْحِك و التّفليجهْ
شُفتوش خدلّج خرجت فِي الْمُحَفَّل تَدَرَّجْ، في لبسهْ تَبَهَّجْ
مَعْذُورْ العَاشِق فِي خَدِيجَهْ
ويضيفُ متنهدا:
حْواجبْ كِيما نُون خَطّ البَريًهْ
وشفّه نقيّهْ
والعين م الكحلْ تَرفع وقيّهْ...
ورغم انها ضبطه اكثر من مرّة يذكر اسمها لكنّه انكر واقسم انّه مجرّد كلام شعراء، حفظه لمّا كان يُغني في الاعراس .
لكن زكية لا تصدّقه...
واصرات على انّ العين عين خديجة.
انكر اسديّس ذلك وتساءل:
من اين له بعين خديجة والمرأة تُوفيت ودُفنت منذ شهر او اكثر وقد يكون الدّود نهشها.
لكنّ زكيّة ذكّرته بشديد تأثره يوم موتها ، وانه كان حاضرا جسما بلا روح، وكأن روحه سافرت معها، ولعلّه قام باقتلاع عينها عند تغسيلها وتكفينها يوم الجنازة ليحتفظ بها تذكارا عزبزا على قلبه ...
لكن اسديّس نهرها وشتمها واخبرها انه لا يجوز للرّجل تغسيل المرأة .
وانّه لم يقترب منها لحرمة الميّت.. وإن كان اشار على اهلها بكيفية خياطة الكفن، فذلك لانهم عجزوا ، والتجؤوا اليه باعتباره الخبير العارف بخياطة الاكفان.. فهو من افضل مؤدّبي المدينة ..
قهقهت زكيّة ساخرة و مدّت الكُرة في وجهه لينظر بام عينه صدقها ويتفرّس فيها ويتثبّت..
لاحظ اسديّس ان الكُرة فعلا هي عين انسي، بجفنيها واهدابها وحدقتها السوداء .
فهبّ واقفا مؤكدا :
فعلا إنّها عين ، عين بني آدم .. لكنّها ليست عين خديخة . هذه عين سوداء ..خديخة عينيها ليست سوداء...
يتبع
Peut être une image de 1 personne

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق