الأحد، 22 مايو 2022

(طائرُ البحر) يُحلّق في قرطاج بأجنحة الشّعر و العطر و السّحر بقلم الشاعر عبد العزيز الحاجّي

 ..... (طائرُ البحر) يُحلّق في قرطاج

بأجنحة الشّعر و العطر و السّحر :
استانف نادي ( طائر البحر) مساء يوم أمس الجمعة 20 ماي 2022 نشاطه في المكتبة الجهويّة بتونس ( قرطاج بيرسا) في موعده و توقيته الجديدبن اللّذين اختارهما اعضاؤه و روّاده ( مساء كلّ يوم جمعة بداية من السّاعة الثّانية بعد الظّهر).
و قد استهلّ هذه الأمسية ، بطريقة سلسة و عفويْة، عازف النّاي الموهوب و المتالّق الاستاذ ( رشيد بن جوهرة) بلمسات ، صدحت على وقعها الجميل، المبدعة الاستاذة ( علياء علولو الكشو) باغنية خفيفة و محبوبة من تراثنا التّوتسيّ. و عقب هذه الوصلة الخاطفة افتتحت مديرة المكتبة الجهويْة بتونس الأستاذة ( عفوى الإنكليز) رسميّا هذه الامسة مُرحّبة بالجميع و مُذكّرة بكون هذا اللّقاء الإبداغيّ ينتظم تحت عنوان ( تجديد ذكرى الشّاعر الرّاحل " نور الدّين صمْود"). و إذ أحالت الاستاذة ( عفوى) الكلمة إلى هيئة النّادي التّسييريّة لكيّ تعرض برنامج عملها في هذه الامسية، فقد كانت الأديبة الأستاذة ( جميلة بلطي عطوي) هي اوّل المتكلّمين إذ قدّمت تعريفا ضافيا بمسيرة الشّاعر ( نور الدّين صمّود) الحافلة بالنّجاحات في التّحصيل العلميّ و المعرفيّ في اكثر من وجهة ( قليبية، تونس العاصمة، القاهرة،. لبنان) و الحافلة بالإنتاج الشّعريٍ و الأدبيٍ و النّقدي ،و هو إنتاج غزيز توّج شاعرنا بجوائز سنيّة في لبنان و في تونس...
إثر هذه العُجالة القيّمة و المُفيدة التي ذكّرت فيها الأستاذة ( جمبلة بلطي عطوي) بالمحطّات الابرز في حياة الشّاعر الرّاحل ( نور الدّين صمّود) انصت الحاضرون إلى مُداخلة قدّمها عضو من اعضاء هيئة النّادي التّسييريّة تحت عنوان ( تراسل الحواسّ مدخلا للتّحديث في ديوان " رحلة في العبير" للشّاعر " نور الدّين صمّود") حيث انطلق المتدخّل من تحديده لمفهوم ( تراسل الحواسّ) كما صاغه الرّمزيّون اواخر القرن التْاسع عشر و بدابة القرن العشرين ، و هو مفهوم لا نعدم جذوره في التّجربة الصّوفيّة الرّوحيّة و الإبداعيّة. لذلك كانت النْمادج الشّعريّة التي قُدّمت للحاضرين من شعر سلطان العاشقين ( عمر بن الفارض الذي عاش في القرنيْن السّابع و الثّامن الهجريّين ) دالّة في هذا الإطار ، فجميعها تتنزّل في إطار ما تخيّره الصّوفيّون في شعرهم من خلخلة للحدود بين الحواسّ طلبا لحقيقة الوجود في ماوراء الواقع و الاستعاضة عن المحسوس بالمحدوس. و قد كان مثّل هذا المدخل خير تمهيد لاختيار نماذج من ديوان ( رحلة في العبير) للشْاعر ( نور الدّين صمّود) جاءت مصداقا لعنوان الكتاب الذي يُسيّد من خلال كلمة ( العبير) حاسّة الشّمّ على بقيّة الحواسّ، و خاصّة منها حاسّتي السّمع و البصر اللّتين حكمتا تباعا الشّعريّة الشّفويّة ( في العصر الجاهليّ عموما) و الشْعريّة الكتابيّة ( منذ بداية العصر الإسلاميّ عموما)، كما جاءت النّماذج المتخيّرة من باكورة الشّاعر الرّاحل ( نور الدّين صمّود) دالّة على جهدة المبكّر في إغناء الشّعر التّونسيّ و الشّعر العربيٍ عامّة بتجربة متميّزة تحدّ من هيمنة السّمغيّ المُرتهن لطقوس الشّفويْة و ترفد البصريّ الذي انخرط في إعلاء شعريّة المكتوب منذ ظهور الدّواوين في العصر الإسلاميّ الأوّل. إثر ذلك عمد المتحدّث إلى تبيّن أبعاد التّاثير الجماليّ لهيمنة حاسّةالشّمّ في ديوان ( رحلة في العبير) فدرس مكوّنات الشّعر ( اللّغة و الصّورة و الإيقاع و البنية) و استجلى الطّريقة الخلّاقة التي تعامل بها (نور الدّين صمّود) مع الحداثة الشّعريّة العربيْة في مرحلتيها الرٍومنسيْة و الرّياديّة في النّصف الاوّل من القرن العشرين. و قد خلص الباحث إلى انّ الشّاعر ( نور الدّين صمّود) نجح في باكورته هذه في مستويين معا إذ قدّم لنا كتابا شعريّااشتغل فيه على تجربة واحدة عموما ( الكتابة بالحواسّ) و في الوقت نفسه اضاف للشّعر التّو نسيٍ و الشّعر العربيّ تجربة إبداعيّة تغنيهما كليهما خاصّة بما ساعفته به حاسّة الشْمّ من معان و صور و رؤى شعريّة جديدة و مبتكرة وقف الحاضرون على اهمّيتها في ما استمعوا إليه من تدخّل عضو هيئة النْادي التّسييريْة.
إث ذلك كان الموعد مع حصّة القراءات الإبداعيّة التي شارك فيها الحاضرون، و قد سعدنا بإنصاتنا إلى ضيوف ثلاثة جدد التحقوا بنا هم الشّعراء ( محمّد علولو) و (لمياء محمّد احمد) و ( منار الشّارني) ، كما سعدنا بمشاركة الفنّان التّشكيليّ الأستاذ ( عبد اللّطيف الكوساني) لاوّل مرّة في هذه القراءات بنصّ إبداعيّ كتبه حديثا. و لم تبخل علينا الأديبة الأستاذة ( جميلة بلطي عطوي) بإسماعنا ممّا جادت به قريحتها ،و كذلك فعل المبدع الأستاذ ( حمدان حمّود الوصيْف) الذي اختتمت هذه القراءات بعده بإنشاد نصّ من الكتاب المُحتفى به ( رحلة في العبير) للشّاعر ( نور الدّين صمّود) رحمه اللّه و عطّر ذكراه.
عبد العزيز الحاجّي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق