السبت، 15 يناير 2022

على هامش رحيل القامة الشعرية الشاهقة نورالدين صمود * مرثية..لنجم سقط في الأفول بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 على هامش رحيل القامة الشعرية الشاهقة نورالدين صمود *:

مرثية..لنجم سقط في الأفول
الإهداء:إلى الشاعر التونسي العظيم نورالدين صمود في رحيله الشامخ..
"العبرات كبيرة وحارة تنحدر على خدودنا النحاسية..العبرات كبيرة وحارة تنحدر إلى قلوبنا".(ناظم حكمت).
"أبدا لن يموت شيء مني..وسأبقى ممجدا على الأرض ما ظلّ يتنفّس فيها شاعر واحد"( الكسندر بوشكين)
كيف تسلّقت أيّها الموت فوضانا
وألهبت بالنزف ثنايا المدى
وكيف فتحت في كل نبضة من خطانا
شهقة الأمس
واختلاج الحنايا..
ثمّ تسللت ملتحف الصّمت..
مثل حفاة الضمير
لتتركَ الجدول يبكي
والينابيع،مجهشات الزوايا..؟!
* * *
نورالدين:
لِمَ أسلمتنا للدروب العتيقة
للعشب ينتشي لشهقة العابرين..
لٍمَ أورثتنا غيمة تغرق البحرَ
وأسكنتنا موجة تذهل الأرضَ
ثم رحلت؟!
فكيف نلملم شتيت المرايا..
نلملم جرحك فينا
وكيف نرمّم سقف الغياب
وقد غصّ بالغائبين؟
فهات يديك أعنا،لنعتقَ أصداف حزننا
وهات يديك إلينا،أغثنا
لننأى بدمائنا عن مهاوي الردى
فليس من أحد ههنا،نورالدين
كي يرانا..
في سديم الصّمت،نقطف الغيم
ونزرع الوَجدَ
في رؤوس المنايا..
***
يا نورالدين صمود
ههنا..
نضيء الثرى..
بين جرح وجرح
ونسأل الرّيح وهي تكفكف أحزانها:
ما الذي ظلّ لنا !؟
غير-وطن-كلّما قلنا ننسلّ من عشقه
أفرد للنوايا بساطا
وألهب فينا جمرَ العشايَا..
***
شاعرنا المسافر عبر الغيوم :
كم قطّرتك القصائد..
لنشربَ ضوءك
قم من سباتك وجُرّ الفيافي لنبعنا
لينتعشَ الظامئون بمائك
تونس ها هي واقفة في انحنائها
كأن تراها شامخة بالحنين
غير أنّها تأهبت في الحزن
حتّى تهدّل منها الشذا
وأسرجت دموعها بواحات وجدك
حتّى تراءى لها وجهك..
كطيف في حلمها
فكم ليلة ستظل-مدن الفقراء-تحلم..
كي لا يهرب الوجد منها
وكم يلزمنا من الدّمع كي نرى الجرح
أجمل
كي نراك..
كي نرىى وجهك-ولو مرّة-في تضاعيف الثنايا..
محمد المحسن
*نور الدين صمود (1932 - 11 يناير 2022)،هو شاعر وأستاذ جامعي تونسي.
ولد عام 1932 في قليبية، درس بجامع الزيتونة حتى أحرز على شهادة التحصيل، ثم التحق بمصر حيث واصل دراسته العليا بجامعة القاهرة وحصل على الإجازة في الآداب من الجامعة اللبنانية 1959، وعلى دكتوراه الدولة 1991. أما أطرحته لدكتوراه الدولة فقد ناقشها عام 1991.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق