الاثنين، 28 أغسطس 2023

وردتي الراحلة بقلم د. محفوظ فرج

 وردتي الراحلة  


رحلت وردتي بعدما

دخلت عامها العقد والنصف

عاهدتُها بالوفاء لتربتها وبحبّي 

للماءِ حين يغازلُ 

منها الجذورَ الظِّماءَ 

ستُفديهِ روحي 

كما كان ( محمود ) يغطس 

في عمقِ دجلةَ

وهو يصيحُ : أحبّك 

عشنا صديقينِ 

في الحلوِ والمرِّ 

تمَشّى بأوردتي طيبُ أنفاسِها

وإذا ما شكوتُ لها الحالَ

ما حلَّ فينا من القهرِ

دارتْ علينا الدوائرُ

من كلِّ حدبٍ وصوبٍ 

تميلُ عليَّ حناناً تخفِّفُ عنّي الأسى 

في محاسنِ هيئاتِ ورداتِها

وردةٌ تتفتَّحُ تواً 

وكُمٌّ تنامٌ بقشرتِهِ 

خضرةٌ واحمرارٌ 

بجانبهِ وردةٌ حدَّثتْني بِغُصَّةِ حزنٍ 

حروفُ شذاها 

 شكتْ لي اللهيبَ بآبٍ 

فعللتُ تُربتَها بالمياهِ مساءً 

ولكنها كلِّ عام توَدِّعُ غُصناً لها 

وما بيدي حين يذبلُ 

أن أستعيدَ لأوراقهِ الإخضرار 

وردةٌ يَئستْ 

من توالي الخطوبِ عليها

الغبارُ تطاولَ 

يحبسُ أنفاسَها

ولافحُ نارِ السمومِ بقَيضٍ

يذيبُ الحصى 

قد أحالَ الرياضَ هشيماً

فلمْ يبقَ مما يُسمّى بقيعانِنا 

نَهَرٌ دائمُ الجريانِ 

ولا شَجَرٌ دائمُ الإخضرار


د. محفوظ فرج 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق