الاثنين، 28 أغسطس 2023

وِجدَانِيّات بقلم الكاتبة إيمَانْ دَاوِد

 وِجدَانِيّات


ذات فجر من أيّام ربيعي الفريدة

كنت أمرّ عبر طرقات الحياة العديدة 

توقفت برهة حين سمعتُ أنشودة البحر 

 كنتُ أسير ، أعانق شرودي 

أتأمّل ، أتجوّل، أتأنّى ،أحلّق و أسافر 

عبر فضاءات من الفكر و الوجدان 

داخل أروقة فصول حياتي

فاجأتني ترانيم الربيع ، أطربت قلبي 

حين أزهر العمر مِن روحي

لمحته يسبح في بحر الزمن الذي يمضي 

أراه يتباطأ تارة ثم يسارع الخطى تارة أخرى 

سمعته يشدو ويترنّم ثم يغدو متعبا

تردَّدَتْ إلى مسامعي أهازيج الموج الحالمة

تتبّعتُ عمق مداها وسمِعَت معي الشطآنُ صداها

فرقَصَت على أنغام رمالها

شدا الطير في عليائه معي فَرِحًا

و علا النخل في شموخه وَجِلًا 

وصل شَدْوِها الى امتداد الفيافي

 حتى لامس عبيرها موسيقى القوافي 

 وصار لحنا فريدا لكنه لم ينفرد في ركن الذِكرَى 

ولم ينزوِ في رفوف الشجن و الحيرة 

بل ابتهجت مواكب الرّبى و غنت طرَبا

 أطلّت ورود عمري نشوى

 من بين أغصان الأشجار المتشعبة 

غمرت بساتين الورد بحسنها 

و فساتين صبايا بزهوها 

لا تزال ألوان الحياة مزهوّة بالحب  

رغم قتامة سحب الخريف 

و ليل الشتاء البارد المخيف 

و رياح القدر المفاجئ العنيد 

لا تزال السماء تشدو مطرا 

 تنصت الطيور إلى زخّاتها 

عبر نوافذ السنوات التي تمرّ مسرعة

 على أطراف الأماكن و تشع خيوط الشمس 

على ضفاف البحار الهادئة

تحلّق النوارس حولي مبتهجة  

أتابعها بنظراتي فتزداد ابتهاجا 

و كأنها تراني نورسا ينتظر لحظة الانطلاق 

أواصل البحث عني في ظلّ تجلياتي

 أنتشي بنسيم الفجر الذي يداعب وجنتيّ

 أرى النور يلمع في سماء حياتي

 كنجمة متلألئة في مرآة عيوني

 عادت إليّ نغمة الحياة بعد صمتها 

إنها ترافقني وتغمر صباحي و مسائي 

منذ أمسي و حتى الزمن الآتي 

تناجي الروح في لحظات تفرّدي 

وسكوني و هدوئي وغفوتي و صمتي 

و صحوتي و توهاني وجنوني و صمودي 

تراني كطفلة بريئة تواجه بعض الأمواج

 ترقّ و تحنو عليها يد الزمان بكل أمان

 تأخذ بيدها الصغيرة الرقيقة 

 كي تعبر بها شتّى الدروب الطويلة

 ثم ترسو بها في ميناء العمر  

المفعم بالمشاعر و الأماني الجميلة.


         إيمَانْ دَاوِد 

                      تونس  



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق