السبت، 18 سبتمبر 2021

الحُلْمُ الزَّائِفُ. بقلم الكاتب صالح سعيد / تونس الخضراء.

 الحُلْمُ الزَّائِفُ.

قَالَت الوَرْدَةُ هَمْسًا:
"أَنَا صِرْتُ اليَوْمَ أَجْمَلْ..
صَارَ فِي وَجْهِي الصَّفَاءُ بَعْدَ أَنْ دَكَّهُ دُمًّلْ..
وَمَسَاحِيقِي الجَدِيدَة فِعْلُهَا فِي الجَذْبِ أَشْمَلْ..
صَيَّرَتْنِي شَهْرزَادًا دُونَ حَكْيٍ أَوْ تَمَلْمٌلْ..
وَعَنَاقِيدِي الطَّوِيلَة تَلْتَوِي فِي المَدِّ جَدْوَلْ..
أَنَا صِرْتُ الآنَ أَجْمَلْ...
بَسْمَتِي بَرْقٌ بِلَيْلٍ مُتَكَدِّرْ..
وَتَضَارِيسِي الشَّهِيّة مِثْل مَوْجٍ يَتَبَخْتَرْ..
مَلْمَسِي بَعْدَ الغُرُوبِ، فِي الهَوَى طَعْنَةُ خِنْجَرْ..
كُلُّ شِبْرٍ مِنْ هِضَابِي آيَةٌ، خَلْقٌ مُدَبَّرْ..
وَلِبَاسِي سَأُسَوِّيهِ بأَنْفَاسِي وَعِطْرِي..
سَأُغَنِّيهِ بِلَهْفِي..
كِسْوَتِي العَصْمَاءُ أَسْقِيهَا بِدَمْعِي..
سَيَرَانِي مِنْ بَعِيدٍ سَيُصَلِّي وَيُكَبِّرْ..
مِنْ زَمَانٍ لَمْ يَصِلْنِي، لَمْ يُطَهِّرْنِي بِعَنْبَرْ..
لَمْ يَشُقَّ مَوْجَتِي الصُّغْرَى كَزَوْرَقْ..
لَمْ يُلاَعِبْنِي وَيَغْرَقْ..
سَيَرَانِي كَمَلاَكٍ زَفَّهُ الغَيْبُ...سَيَشْهَقْ...
سَأُجَافِيهِ بِكَدٍّ حَتَّى يَزْدَادَ فَيُصْعَقْ..
ثُمَّ أَرْمِيهِ بِقَلْبِي دَائِمَ المَكْثِ وَأُطْبِقْ..
وَأُصَفِّقْ....مَاتَ مَنْ أَهْوَى بِقَلْبِي...سَكَنَ الرُّوحَ وَخَفَّقْ."
بَعْدَ أَنْ حَاكَتْ حَكَايَا فِي الخَيَال،
هَزَّهَا لَفْحُ الوِصَالْ..
خَرَجَتْ بَعْدَ اشْتِيَاقِ للتَّلاَقِي.
رَصَدَتْهُ فِي الطَّرِيقِ فِي عِنَاقٍ وَوِفَاقِ..
يَلْثُمُ عِطْرَ الزَّهَرْ..
يَسْرق الأَشْوَاقَ مِنْ لَمْحِ البَصَرْ..
فَتَوَلَّتْهُ بِوَهْجٍ وَخَفَرْ: أنْتَ....يَا....غُضَّ البَصَرْ.."
فَتَجَافَاهَا. وَغَامَ فِي الطَّرِيق، يَهْتِفُ بِاسْمِ القَمَرْ..
ثُمَّ أَرْدَاهَا عَلِيلَة دَكَّهَا سَقْمُ الضَّجَرْ..
فَتَهَاوَتْ فِي الحُفَرْ...
صالح سعيد / تونس الخضراء.
Peut être une image de ‎‎‎صالح سعيد‎‎ et intérieur‎

حبيبي بقلم د. انعام احمد رشيد

 حبيبي

عودني حين يدنو المساء
ان يفتح شباكه ويسمع مني القصيد
وحينها اذوب شوقا كذوبان الجليد
وارتل عليه تراتيل عشقي في الحاني
كالطفل الوليد
فتصعد الى سماء العاشقين
الملبدة أحياناً بالغيوم
فتمحوها كشمسٍ في ربيعٍ
زاهرٍ يعطي الدفء ويعيد
فينبضُ الفؤادُ ويقول هل من مزيد
د. انعام احمد رشيد
Peut être une image de 1 personne, position debout et costume

قصيدة السَّحَر بقلم أحمد أبو العمايم

 قصيدة

السَّحَر
ويأتي السحر كسحرٍ
على الساهرين
منهم عاشقٌ متيمٌ
عازف لناىٍ حزين
منهم مستلهمٌ لحروف
القصيد من قلب الأنين
وسيدة تسكب الدمعات
على حب دفين
منهم من يسطر الكلمات
وهذا يستحضر الذكريات
وعابس يراقب
قطار السنين
وهذا يطلق العنان
لِما خلف الممات
يشدو لحن بلا وتر
ربما قضى منه وطراً
وهذا شارد أضناه
الهجر وشوق مبين
وذاك كلَّ كاهله
من سوء مكر الحاقدين
وشاعر يلملم بقاياهُ
فوق الورقات
وقد جف المداد
وضاق عرق الوتين
وهذا غارق في الملذات
وشيخ كابح للشهوات
وزاهد هجر تكاليف الحياة
تكفيه كِسرة من القديد
ولاهٍ منكر للإله
أوهمه الطواغيت أن
ذاك دين جديد
فوق أعالي الشجر
هناك عصفور اعتكف
يناجي الإله عند السحر
ربي ألهبنا
الشوق والحنين
رحل الخليل
وأنت الجليل
إني لك من الساجدين
وإذا بهاتف يشق السحاب
يبدد خيوط الضباب
هو حق لا سراب
سيأتي كل الغائبين
وها هو الفجر قد لاح
يزف للكون قدوم الصباح
والطير يشدو هيا
أفيقوا معشر المستغفرين
أين السائلين
أين التائبين
أين الحامدين
لَبْوا دعوة الحق ومَنْ
سواه مجيب للعالمين
أحمد أبو العمايم

على هامش حملة الإساءة للرسول الكريم-محمد-صلى الله عليه وسلّم بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 على هامش حملة الإساءة للرسول الكريم-محمد-صلى الله عليه وسلّم :

القوة بلا أخلاق عمياء..وإذا كانت قادرة على تدميرالآخربيد..فهي ستبدأ بنفسها أولا
العلاقة بين الشرق والغرب قديمة،شائكة وتحكمها تراكمات التاريخ..وهي تراكمات-في أغلبها-متخمة بالتوتر،والغضب،والسوداوية..الغرب كان يسعى طوال الوقت إلى بناء امبراطوريات تكفل لشعوبه حياة متميزة،وكان الشرق،أرضا مناسبة لهذه التوسعات..الغرب أيضا ينظرإلى شعوب الشرق علىأساس أنها شعوب همجية،تسعى لإزعاج وجوده على الأرض..ولم تكن النظرة-بالتالي-من الشرق إلى الغرب إلا ردا على من وصفه ب"المستعمر""الغازي"و"الذي يسعى للهيمنة على مقدراتنا"
وإذن؟
العلاقة، إذا كانت في أبسط أشكالها علاقة حذر،وتربص وإنتظار لما يمكن أن يحصل من الطرف الآخر.هذا الحذ ر كان ينقلب إلى ما يمكن وصفه بمواجهة بين الطرفين،وهو الأمر الذي يلخص ما يجري بعد أحداث مانهاتن01..
والأسئلة التي تنبت على حواشي الواقع:
-ترى ما الذي يمكن أن تسفر عنه المواجهة الدائرة الآن بين طرفين كل منهما يرى(حسب تعبير هيغل)أنه على حق ويدافع عن أفكاره؟وما التأثيرات التي يمكن أن تخلفها هذه المواجهة على الساحة الثقافية العربية؟؟..وقبل ذلك:هل هناك-بعيدا عن الأفكار الفضفاضة-حلول لرأب الصدع- الذي ظهر بينهما؟؟..
لقد غدت العلا قة بين الشرق والغرب علاقة إرهاب متبادلة،تختلف الوسائل،لكن المعنى الدامي والتدميري واحد،سواء كان بإجتياح من الطائرات الأمريكية لشعب أعزل يفترش التراب"أفغانستان"أو كان بالقصف المدمر للعاصمة العراقية-بغداد- أو كان بما حدث من تدميرمؤلم للذات والآخر بالإختراق المفاجئ لثلاثة من أجساد أمريكية:جسد المال ممثلا في مبنى التجارة العالمي،العقل العسكري المدبر"البنتاغون"وتهديد الكيان السياسي ممثلا في"البيت الأبيض"..
في بداية القرن الجديد تحولت العلاقة بينهما إلى علاقات نهش وإبادة،وهي بإختصار-هستيريا-معاصرة،تقطر دما وخرابا،لم تكن العلاقة على هذا النحو في أي مراحل التاريخ،ربما كان الحوار بينهما داميا إلا أن ما يجري يمثل لحظة تاريخية أكثر تعقيدا وعنفا،فاللحظة الراهنة،إذن أقرب إلى لحظة عمياء..وحين تكون هذه اللحظة مدججة بأحدث أنواع التقنيات وأسلحة الدمار المتنوعة،فإنه يمكن تأكيد نبؤات-نستر داموس-التي تؤكد أن القيامة قد تقوم الآن ويُدمر العالم ذاته بأحقاده المتبادلة..
التوازن مفقود،والعولمة المتوحشة تحاول إبتلاع العالم وهذا الأمرأكّده-فوكوياما-حيث أشارإلى أنه لم تعد هناك أطراف متعددة لكي نتحدث عن حرب،بل ثمة-سوبرمان-واحد يرث تواريخ القوى،وإن كان..هو بلا تاريخ..
ولكن..
من المفارقات المذهلة أن تعلن –اليونسكو-التابعة للأمم المتحدة في23نوفمبر01 يوما عالميا لحافظ الشيرازي-شاعر العشق الذي لم يكتب سوى في الغزل ولم يتغنّ إلا بوحدة الوجود والإنسان مهما إختلفت الأديان والأعراق..وفي سنة1999،أيضا كان –لجلال الدين الرومي-صاحب مثنوي ظهور بالغ الأثرفي أمريكا،حيث تُرجمَت أشعاره في الحب الإلهي إلى الأنقليزية،وكانت الأكثر مبيعا في أمريكا بالذات وليس عجيبا ان يطبعوا بطاقات معايدة تحتوي على أشعاره..ذلك ما يطرح علينا سؤالا حول إمكانية الخصومة في العالم أي إمكانية أن تتخذ من الولايات المتحدة خصما لنا،والعكس بالعكس..
ولكن أيضا..
ثقافة السلام،وفقا للخطاب الأمريكي،تستدعي حتما تحقيرأي فكرة أونزعة للمقاومة،ومن ثم ارتفعت معاول-كتاب الطابور الخامس-لتهيل التراب على كل صور المقاومة،خلال الحرب العراقية-الأمريكية..أما سجل المقاومة العراقية اليومية لللإحتلال فليس سوى"حوادث متفرقة"أو عمليات يقوم بها"أنصار صدّام"وكأن دعاة الخطاب الأمريكي يستكثرون مقاومة الإحتلال على الشعب العراقي..وأما عمليات المقاومة الفلسطينية فيتم وصفها ب"الإرهاب"ويدور الحديث بعد ذلك عن خطاب"ديني جديد"ينزع فتيل المقاومة من "جوهر"الدين الإسلامي ويحرّم الد فاع عن الوطن..وإذا تركنا المسرح السياسي الذي تنشط فوق منصته فرقة-كتاب الرد السريع-فسنجد أن الخطاب الثقافي الأمريكي لم يهمل المسرح الأدبي والفكري وأدار على خشبته التهاويل الفكرية المجسمة في أردية فاخرة..فبدلا أن يقال أن الصراع الحقيقي يدور بين شعوب المنطقة والهيمنة الإستعمارية،يقال لنا بأصوات –الحكمة-أن القصة تكمن في"صراع الحضارات"وأننا نعاني من إعتلال خلقي،يجعلنا لا نقبل ذلك"الآخر"ويتجاهل الجميع أن تاريخ حضارتنا كله هو تاريخ تفاعل مع الحضارات الأخرى،كما لا يحدد لنا أحد بصراحة من هو"ذلك الآخر"وما إذا كان الإسم الحركي لإسرائيل مثلا..
ما المطلوب؟
المطلوب أن تحدّق الحضارة الغربية"المنتصرة-المنكسرة"في ذاتها وتطرح على نفسها-لا سؤال القوة-بل سؤال التوازن والجوهر،القوة بلا أخلاق عمياء،وإذا كانت قادرة على تدميرالآخربيد فهي ستبدأ بنفسها أولا.
والمطلوب أولا وأخيرا أن يتنفس العالم مزيدا من هواء التوازن..
هذا لب المسألة.
محمد المحسن
Peut être une image de Med Elmohsen

تأملات خاطفة في قصيدة "حُبُّ الوطنِ فريضة وما عداهُ نافِلة!" للشاعر التونسي القدير طاهر مشي بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 تأملات خاطفة في قصيدة "حُبُّ الوطنِ فريضة وما عداهُ نافِلة!" للشاعر التونسي القدير طاهر مشي

لقد كان دأب الشعر دومًا أن يثير الرؤى الفكرية الأساسية التي تتعلق بمشكلات الإنسان الوجودية، والإحساس بهذه الرؤى قد يتعلق بحيثيات تشكل الوعي والإحساس بمقولة الوطن؛ التي تشكل ضمانة أساسية لوجود الإنسان، وإذا كانت العصور القديمة لم تجعل من هذا الإحساس والوعي بها اتجاهًا واضحًا في الشعر، وذلك تبعًا لطبيعة الفكر آنذاك، فإن العصر الحديث هو ما دفع بهذا المفهوم ليصبح عمادًا أساسيًا من أعمدة الثقافة المعاصرة، فالعصر الحديث منذ بدايته اقترن بولادة قوميات جديدة أفرزها انهيار النظم السياسية القديمة، وأدى ذلك إلى ظهور الحسّ الوطني بعد الشعور بصلات الشعوب ومشاركتها في أنظمة الحكم بأشكال عدة.
وقد حملت بدايةُ دخولِ العرب في العصر الحديث العربَ على الاهتمام بهذا المفهوم، خاصة في المرحلة التي أحسّ بها العرب بالخطر على هويتهم وبلادهم مع اتباع الدولة العثمانية سياسة التتريك، وظهور القوى الاستعمارية وقوى الاحتلال في أجزاء مما يعرف الآن بالعالم العربي قاطبة، ولما كان الشعر واحدًا من أبرز مجالات الثقافة عند العرب في القديم وفي مطلع العصر الحديث، فقد شكل الاهتمام بالوطن اتجاهًا شعريًا بارزًا..
والوطن اصطلاحا هو المكان الذي يعيش فيه الإنسان، ويرتبط به وينتمي إليه، وبعيداً عن العلاقة التي تربط المواطن بوطنه، التي تنظمها التشريعات والدساتير، ثمة علاقة أقوى وأعمق تعرف بتلك الحالة الوجدانية والمعنوية من الارتباط النفسي التي تتطور تدريجيا، فتبدأ بتعلم واكتساب الشعور بالمواطنة، والانتماء والحب والولاء لهذا الوطن، حتى تصل لدرجة الاستعداد ليضحي بحياته من أجله، وقد اختصر الشاعر جورج بايرون وهو شاعر بريطاني من رواد الشعر الرومانسي هذه العلاقة بقوله: «إنَّ من لا يُحِبُّ وطنَهُ لا يُمكنُ أنْ يُحِبَّ شَيْئًا».
وقلما يعبر الإنسان العادي عن علاقة الحب التي تربطه بوطنه،فيما يبذل الشاعر جهداً مميزاً ليعبر من خلال قصائده عن عواطفه وأحاسيسه تجاه وطنه..مثلما أبدع الشاعر التونسي القدير د-طاهر مشي في هذه القصيدة المذهلة حيث يتجلى البعد الوطني بشكل خلاق..لا تخطئ العين نوره وإشعاعه..
حُبُّ الوطنِ فريضة وما عداهُ نافِلة!
"""""""""""""""""""""""""""""""
ما هذه النّظَراتُ يا محبوبتي؟
فالعيْنُ منها الشّوقُ قد أضناني
والخدُّ بالأنوار ِيغدو …وَردة ً
تُهدي ندى الرّيحان ِللظّمآنِ!
لا تَحرِمي قلبي أنا مِنْ نبْضِهِ
خوْفي عُبابَ الصّبِّ أنْ ينساتي
والبسمةُ الغَرّاءُ تغزو أضلُعي
يا سيفَكِ البتّارَ قد….أغواني!
ظنّي أنا مِن مُقلَتيْكِ صَبابتي
وسأهجُرُ الأوطانَ؛كيْمَا تراني!
لكنْ هَوى المُشتاقِ خارِجَ ديرَتي
والبُعدُ مَا أَجْلَى هَوَى خِلاّني
قد يحتَوينِي الهجْرُ دهْرا طائلا
لكنْ سأبقى في رُبى أوْطاني!
حُبُّ الوطنْ بعدَ الإلهِ فريضةٌ
ما بعدَهُ نفْلٌ ….أرى بِزماني!
أغزو دروبَ الحُبِّ أنّى جُبتُها
لا أنْحَني للبُعْدِ أو….أحزاني !
(طاهر مشّي)
-تونس-مهد الثورات العربية-في قلب الشاعر(-طاهر مشي) وفي قلب شعره،لكن في لحظات شعرية قوية تذوب الحدود ويتمدد الوطن وتتسع جغرافيته ليشمل كل الأوطان العربية التي اكتوت بنار الفتن،والتي تعيش حالة من اللامنطق واللامعقول بسبب ما استجد فيها من أحداث مأساوية،تستدعي-في تقديري- الوعي بالوحدة وبوطن عربي كبير ينتصر للإنسانية والأمن والسلام.
إبداع الشاعر التونسي القدير -طاهر مشي-متجدد وخاص،له بصمته الإبداعية التي تميزه عن غيره من المبدعين، يكتب عن إدراك ويقين بنضج تجربته الشعرية،وبأن مواضيعه متجددة لم تستهلك..كما أن لغة الشاعر أنيقة تتميز بخصائص مختلفة،نجده يعبر عن ارتباطه بوطنه بلغة الحب والحنين الشفيفة..
وهنا أضيف : شعر الشاعرالمتميز -طاهر مشي-كما أشرت-متجدد بما يضفيه عليه من أحاسيس وأفكار ومواقف وإبداع وتشكيل لغوي وتصوير بلاغي وإيقاعات موسيقية تنسجم مع انفعالاته ومواضيعه،وتؤثر في النفس عميقا.
على سبيل الخاتمة :
انا هنا بصراحة لا اتساهل في مسؤولية الكتابة النقدية من حيث المحاباة في الاصدقاء،كوني ولسبب بسيط لا أعرف الشاعرالتونسي الكبير طاهر مشي-عن قرب أبد..إنما أعرفه عن بعد لمتابعتي اعماله الشعرية وما يكتب بالفن والأدب وهذا من تخصصي انا !
وقد استحوذ علي -هذا النص-( حُبُّ الوطنِ فريضة وما عداهُ نافِلة!) لأن أسجل له ما يستحق من حق واستحقاق وكنشاط ابداعي له،ولتجربته الشعرية وفي قصائده المتعددة وهو الإبن البار -لتونس التحرير-وكذا لهذا الوطن العربي الفسيح و"الممتد من البحر إلى البحر"-
ابن الشعر وابن السرد والحكايا ومكامن الوعي الجمالي في العلاقة بين السحر في اللغة والشعر وما بينهما من انتاج للوعي المتجدد في فضاء وروح الشاعر السائر على درب العالمية بخطى ثابتة..ومدروسة..
محمد المحسن


كان حلماً جميلاً بقلم الشاعر حكمت نايف خولي

 كان حلماً جميلاً

كان حلماً جميلاً رؤية مخملية
غزلتهما روحٌ بارَّةٌ
من خيوطِ المودةِ والمحبةِ والوفاءْ
كان معزوفةً شجيةً عزفتها حناجرٌ ملائكيةٌ
على أوتارِ الطهارةِ والعفةِ
حلمٌ ساحرٌ رؤيةٌ تتوهجُ ببريقِ
العذوبةِ والبراءةِ توشِّحها عباءةُ
الرقةِ واللطافةِ يعطِّرُها أريجُ النرجس
حلمٌ لامسَ أعماقَ الروحِ وعايشها
أعواماً طويلةً فتمازجَ مع خلجاتِها
واختلطَ مع همساتِها حتى باتَ من
صميمِ بطانتِها وجوهرِ جبلتِها
مسكينٌ أنت يا شاعرَ الألغاز
وبعد مضيِّ العمرِ جاءتْ الأقدارُ
تهزأ منك وتسخرُ من حلمك ورؤياك
ربما كنت حالماً وواهماً يا شاعري
وربما كنت مصيباً ومحقاً برؤياك
المهم أنك كنت وفياً صادقاً مخلصاً
طاهراً عفَّاً وشريفاً
لكن لا تنسى أنك رميتَ بحلمك في
أرضٍ يابسةٍ وبين قلوبٍ متخشبةٍ
تعودتْ وتمرستْ على كلِّ ما هو ماديٍّ
وترابيٍّ فهزأتْ منك ومن رؤياك
صبراً أيها الشاعرُ عزاؤكَ أنك في عالمٍ
غير عالمك ودنيا غير دنياك
الهوَّةُ سحيقةٌ بينك وبين من بنيتَ عليهم
الأحلامَ ونسجتَ منهم ولهم رؤياك
سامحَ الله أرضاً تزيَّفَ فيها كلُّ شيءٍ
وتشيئن فيها ساكنوها حتى باتوا مدمنين
قوالب فكرهم لا يفقهون ولا يستوعبون
غير لغة التراب . تعزى ايها الشاعر وتصبرْ.
وداعاً أيها الحلم وداعاً أيتها الرؤية
صلاتي ودعائي للجميع
مع اجمل الأمنيات
شاعر النرجس والألغاز
حكمت نايف خولي

حَكايَا المَرايا بقلم الشاعرة سعيدة باش طبجي -تونس

 《حَكايَا المَرايا》

رَفَّ قلبي لِنظْرةٍ في المَرايا
و تَهادتْ جَدائلي كالصَّبايا
عَلَّني ذاتَ نظْرةٍ من عبيرٍ
أرشُفُ العِطْرَ منْ شبابي بقايا
علَّني أُبْصِرُ الهَوى و الأمَاني
تُرْسِل الخطْوَ نحْو عَهْد صِبَايا
عَلَّني أُبْصِرُ الوُجودَ سَلامًا
زَهْرَ حُبٍّ ..مُعرِّشًا في الزَوایا
ثمّ أرْسَلْتُ ضِحْكةً علَّ عيْني
تَجدُ الحُسْنَ كامِنًا في الثَّنايا
و تأمَّلتُ نظْرتِي و جَبِيني
و غَرِقْنا معًا بدَرْبِ الحَكايا
و غَرَفْنا من ذِكْرياتِ القَوافِي
قصّة الشّعر یزْدهي بالعَطَايا
نَسْرُدُ العُمْرَ نبْضة منْ حنينٍ
تُوقِظ الحُبَّ كامِنًا في الحَنايا
في زَمانٍ كَنَفْحةٍ من خُلودٍ
من جَنى الشّهْد و الشّذَا و السَّجَايا
حينَ كنّا شوقًا وعِشْقا عَطاشى
نرْكبُ الشّعْرَ و الهُيامَ مَطايَا
☆☆☆☆
أرْجعَتْ صُورتي المَرايا هَشيمًا
و تدَاعَتْ في مُقلَتَيَّ الشّظايا
و الأماني تَكلّسَتْ فِي شِفاهِي
و الشّظايا تَغلْغلتْ في الثّنايا
و إذا بالعُيونِ تهْمِي غُبارًا
و صَقيعُ الثّلوجِ يغْزو حَشايا
و تهَادى البَياضُ في ثَلْجِ شيْبي
يَسْرُدُ العَجْزَ قصّةً للبَرايا
وَ رَأَيتُ الحُروفَ تَرْجُفُ ولْهى
و القَوافي في نبْضَتي كالسَّبايا
و رأیْتُ الرّبیعَ أضْحَی صقیعًا
و نَوایا الذٸابِ أضحتْ عَرایا
و رأیتُ الدِّمَاءَ تَنْزِفُ قَهرًا
و المَنَایا تَغْتَالُنا فِي الزَّوایا
تَتداعی الشُّجُونُ من کُلِّ صَوبٍ
لَیلَ رُعبٍ مُدَثَّرٍ بالرَّزایا
☆☆☆☆
يا حُرُوفي..يا نبْضَتي ..يا يَراعِي
أنْجِدُوني منَ الضَّنَى و المَنايا
يا مِدَادي أَمْطرْ رُموشي بقَطْرٍ
من جنى الحَرْف للشِّفاهِ عَطايا
يا حُروفي..لَأنْتِ نبْعُ جَمالي
انْتِ عندي العُطورُ.. أنْتِ الهَدَايا
یا حُرُوفي لأنْتِ حَدُّ سُیُوفي
ضِدَّ قهر الجوى و جَوْر النّوایا
نَسْجُ عُمْري :طُفُولتي و شَبَابي
و غَرامِي و نشْوَتي و مُنَايا
نَسْغُ تَرْحِي و صَبْوتي و عَذابي
و اشْتِیاقِي و شَقْوتي و الخَطایَا
قِصّةٌ في ضَمیرِ کوْنِ الماؔسِي
شِمْتُها ومْضةً بقَعرِ المَرایَا
قِصّةٌ في ضَمِيرِ نَبْضِي رَوَتْها
ومْضَةُ العُمْرِ في مَرايَا الحَكايَا
☆(( سعيدة باش طبجي -تونس))☆