الحُلْمُ الزَّائِفُ.
قَالَت الوَرْدَةُ هَمْسًا:
"أَنَا صِرْتُ اليَوْمَ أَجْمَلْ..
صَارَ فِي وَجْهِي الصَّفَاءُ بَعْدَ أَنْ دَكَّهُ دُمًّلْ..
وَمَسَاحِيقِي الجَدِيدَة فِعْلُهَا فِي الجَذْبِ أَشْمَلْ..
صَيَّرَتْنِي شَهْرزَادًا دُونَ حَكْيٍ أَوْ تَمَلْمٌلْ..
وَعَنَاقِيدِي الطَّوِيلَة تَلْتَوِي فِي المَدِّ جَدْوَلْ..
أَنَا صِرْتُ الآنَ أَجْمَلْ...
بَسْمَتِي بَرْقٌ بِلَيْلٍ مُتَكَدِّرْ..
وَتَضَارِيسِي الشَّهِيّة مِثْل مَوْجٍ يَتَبَخْتَرْ..
مَلْمَسِي بَعْدَ الغُرُوبِ، فِي الهَوَى طَعْنَةُ خِنْجَرْ..
كُلُّ شِبْرٍ مِنْ هِضَابِي آيَةٌ، خَلْقٌ مُدَبَّرْ..
وَلِبَاسِي سَأُسَوِّيهِ بأَنْفَاسِي وَعِطْرِي..
سَأُغَنِّيهِ بِلَهْفِي..
كِسْوَتِي العَصْمَاءُ أَسْقِيهَا بِدَمْعِي..
سَيَرَانِي مِنْ بَعِيدٍ سَيُصَلِّي وَيُكَبِّرْ..
مِنْ زَمَانٍ لَمْ يَصِلْنِي، لَمْ يُطَهِّرْنِي بِعَنْبَرْ..
لَمْ يَشُقَّ مَوْجَتِي الصُّغْرَى كَزَوْرَقْ..
لَمْ يُلاَعِبْنِي وَيَغْرَقْ..
سَيَرَانِي كَمَلاَكٍ زَفَّهُ الغَيْبُ...سَيَشْهَقْ...
سَأُجَافِيهِ بِكَدٍّ حَتَّى يَزْدَادَ فَيُصْعَقْ..
ثُمَّ أَرْمِيهِ بِقَلْبِي دَائِمَ المَكْثِ وَأُطْبِقْ..
وَأُصَفِّقْ....مَاتَ مَنْ أَهْوَى بِقَلْبِي...سَكَنَ الرُّوحَ وَخَفَّقْ."
بَعْدَ أَنْ حَاكَتْ حَكَايَا فِي الخَيَال،
هَزَّهَا لَفْحُ الوِصَالْ..
خَرَجَتْ بَعْدَ اشْتِيَاقِ للتَّلاَقِي.
رَصَدَتْهُ فِي الطَّرِيقِ فِي عِنَاقٍ وَوِفَاقِ..
يَلْثُمُ عِطْرَ الزَّهَرْ..
يَسْرق الأَشْوَاقَ مِنْ لَمْحِ البَصَرْ..
فَتَوَلَّتْهُ بِوَهْجٍ وَخَفَرْ: أنْتَ....يَا....غُضَّ البَصَرْ.."
فَتَجَافَاهَا. وَغَامَ فِي الطَّرِيق، يَهْتِفُ بِاسْمِ القَمَرْ..
ثُمَّ أَرْدَاهَا عَلِيلَة دَكَّهَا سَقْمُ الضَّجَرْ..
فَتَهَاوَتْ فِي الحُفَرْ...
صالح سعيد / تونس الخضراء.