الشكّ...!
تأخرت مرة في العمل، وسرعان ما طغى الظلام، و قلّت الحركة.
كنت أهرول والخوف ينهشني،
"إلاهي استرني و اعم العيون الزائغة عني"
"اسكت أيها الملعون أخاف أن تكون مطمع اللصوص في هذا الوقت"
كانت أمي المتصلة: " نادين أين أنت أكلّ هذا التأخير بسبب الشغل؟ قلبي غير مطمئنّ"
فأضطر لقطع المكالمة و عيوني تنظر يمنة ويسرة.
بينما أنا أحاول الإبتعاد عن المنطقة شبه المهجورة والتي عادت حسب روايات الإجرام في بلدتي أنها وكر الفساد والجرائم...إذ بصوت متلعثم يناديني،
نادين، انتظري، إني أ...
لم أعد قادرة على المشي، "يا الله بمن سأتصل؟ من سينقذني؟ كيف و متى...." وكيف عرف اسمي هذا الوغد؟
لم أجرأ على الالتفات خلفي، وتسمرت كالتمثال، ثم جريت بكل ما أوتيت من جهد...
وما إن وصلت قرب الميكانيكي، وهو عم "حبيبي" ولا يعرف بعلاقتنا طبعا، حتى اطمأننت قليلا، تقدمت منه وسألته بصوت مرتعش" يا عم سامح هل بإمكاني إنتظار تاكسي هنا؟ إني أخاف أن يقتطع طريقي أحد المعربدين أو المنحرفين...
"طبعا بنيتي، لا بأس، و إن شئت أتصل بصديق أعرفه لديه تاكسي وسيوصلك حيث تقيمين"
فجأة رن هاتفه، فتغيرت ملامح وجهه،
"أين هو الآن، "حيّ السمر قرب شجرة الآكاسيا؟
ترك هاتفه ملقى على الأرض و محله مفتوحا وهو يجري بسرعة...
"يا الله! ماهذه الليلة المشؤومة" أخرجت هاتفي واتصلت بخالد عدة مرات لكنه لم يجب...
"يا لك من ملعون كلما احتجتك لم تجبني... تبا لك وللحب أيضا..."
أحسست أن محلّ العم سامح أمانة عندي وازدادت مخاوفي، أخذت هاتفه من الأرض، وحاولت الاتصال بخالد ربما يجيب من رقم عمه، لكن دون جدوى، يبدو أنه في سهرة خاصة مع إحدى الحسناوات...
كان الشك يعبث بهدوئي والغيرة تحرق فؤادي...
بعد قليل رن هاتف العم سامح، "هههه يا خالد إنك تقهرني تتصل بعمك وأنا لا؟ لحظة سأرد و أقطع علاقتي بك أيها الوغد"
رددت بصوت عال" تفضل يالك من شرس يا خا...
لكنه صوت غريب، يغمره النحيب والبكاء،...
"مالذي حصل يا عم؟
"أتعرفين خالد يا بنيتي؟ ماااات خالد...
ما ما مات؟ خالد؟ من خالد؟ كيف مات....!
"لاااااااااا خالد لا يموت، ولم يمت"
سقطت على الأرض أضرب رأسي بقوة، والندم يجلدني " أنا السبب أنا السبب"
ذلك الصوت المتقطع المألوف كان خالد يستنجد بي بعد أن أخبرته أنني سأتأخر في العمل وكعادته أراد أن يفاجئني...!
ناهد الغزالي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق