... .. القدر الرابع ... رواية / رضا الحسيني
.. ( الأُم جميلة ) ( 15 )
_ المفروض يا ست هناء يا ظريفة نفصل بين البنت وأخوها الولد
_ نفصل ؟! طب إزاي ؟ بيوتنا زي ما انتِ عارفة يدوب
_ البلكونة يا شريفة ، تتقفَّل البلكونة للمفرد فيهم ، سواء كان ولد أو بنت ، الحل سهل ، ولمانفصل بينهم دلوقتي يكبروا وهم متعودين ، والمصاريف هشارككم فيها ، ماهم ولادي برضو
_ عارفة ياجميلة ، طول عمرك بتاخدي الولاد في حضنك ، تعالي انت بقى دلوقتي في حضننا يا أحلى أخت ، تعالي
_ والله عندك حق يا أزهار ، تعالي في حضننا يا أحلى جميلة
حتى اليوم لم تعرف واحدة منهن ما كان يدور بيني وبين الأولاد الثمانية ، كنت دائما أعالج مايشتكون منه بهذه الطريقة غير المباشرة ، ولأن صديقاتي الثلاث يثقن بي فكن يتقبلن مني كل شيء ، كن يعرفن بكل تأكيد كيف أحبهن وكيف أعشق أولادهن دون تمييز بينهم
ذات يوم سألتني أحلام بنت أزهار _ إحدى توائمها الثلاثة _ بتحبي مين أكتر ياخالتو ، ماما أزهار ولا خالتو شريفة وخالتو هناء ؟
_ الأول قوليلي : ليه سؤالك ده ؟!
_ عشان دايما بستغرب لما بشوفك ياخالتو بتعامليهم كلهم بنفس الطريقة
_ وبتستغربي ليه ؟!
.. انتِ مثلا بتحبي أختك آمال أكتر ولا كاميليا بنت خالتك هناء وإسراء بنت خالتك شريفة ؟
_ طبعا بحبهم كلهم وكتير ومقدرش أتخيل حياتي بدون واحدة منهم أبدا
_ شُفتي ، أنا كمان كده ، مقدرش أتخيل حياتي لا بدونكم ولا بدون ماما أزهار وهناء وشريفة، ده زي الجسم ، كل عضو فيه مهم زي غيره ، والحياة تبقى صعبة أوي من غير أي عضو فيه
_ ياااااااه ياخالتو ، حتى كلامك جميل زي اسمك
عشت هكذا سنوات كثيرة وأنا أعشق كل لحظة حوار يدور بيني وبين كل واحد من الأولاد الثمانية ، أو بيني وبين صديقاتي الثلاث ، كنت أشعر أنني مثل مهندسة تنسيق الحدائق ، فكنت في كل لقاء معهم أو مع أحدهم كأني أزرع زهرة جميلة في حديقة حياتنا المميزة والنادرة
يومها أعادني سؤال أحلام لأول مرة مرضَ فيها أكرم ابن أزهار، كان أول من حملته يدي عند ولادته ،وبعدها بدقائق حملت بمنتهى الدهشة والسعادة بقية التوائم ( أحلام وآمال ) ، وذات يوم وجدنا أكرم يعاني من جفاف مفاجيء وهو بشهوره الستة الأولى ، كنت أفعل لأجله كل شيء ،وأقضي بجواره ساعات طويلة حتى استعاد صحته وعاد يضحك لنا ، يومها ارتمت هناء في حضني وهي تبكي من الفرح مثلي ، وأذهلتني يومها جملتها :
_ ابننا أكرم ياجميلة ربنا شفاه
_ ماهو ربنا دايما أكرم علينا من أي حد
يااااه ، هزتني كثيرا هذه العبارة يومها ، وظل الأمر يتكرر كلما أصاب أيا من الأولاد أي مكروه ، وصرت أعيش بين صديقاتي الثلاث وأولادهم الثمانية أجمل حياة ، كنت كأي امرأة أحتاج لطفل ، وها أنا معي أحد عشر طفل ، كل وقتي ملكهم بكل حب ، وكل قلوبهم تمتلئ بحبهم لي ، بل عشقهم لي
وغدا لنا لقاء مع ( الورم )في القدر الرابع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق