* الغزو الثقافي وكيفية التعامل معه في تونس، بين الموجود والمنشود. *
الثقافة هي نسيج من الأفكار، والتقاليد، والاتجاهات في مجتمع ما. وهي كذلك القيم، من مقبول، ومرفوض في أي مجتمع، و هي أيضا أساليب التفكير، وأشكال السلوك، والعادات، وطريقة الملابس.. و هذه العموميات تعطي الثقافة طابعها الذي يميّزها من غيرها من الثقافات. لذلك تتغير الثقافات من مجتمع إلى آخر، ولا يخلو مجتمع مهما كان بسيطا أو بدائيا من ثقافته التي تميزه. كما أنّ الثقافات يمكن أن تتلاقح فيما بينها، فتأخذ كلّ ثقافة ما هو إيجابي من الثقافة الأخرى، و تتجنَّب كلّ ما هو سلبي دون أن تمسّ بجوهر ثقافة كل مجتمع.وهذا هو التلاقح المحمود.ويمكن لإحدى الثقافات أن تغزو بلدا ما، فتُغيّر جوهر ثقافته الأصلية وتؤثر فيها تأثيرا سلبيا، وهذا ما يسمّى بالتلاقح السّلبي.
ومن هذا المنطلق، من واجب ودور وزارة الثقافة التونسية أن تستعمل الفنون، وهي جزء لا يتجزا من الثقافة، وليست الثقافة بشمولها، في ترسيخ ثقافتنا المستمدّة من عراقة تاريخنا الذي مرّ بعدّة حقبات تاريخية بدءا من الحضارة الأمازيغية مرورا بالحضارة العربية الإسلامية، مع التّفتّح على الثقافات الأخرى دون استنساخها..
لكن ما نلاحظه منذ زمن بعيد، أن وزارة الثقافة التونسية حادت عن الطريق، وأصبح دورها محو ثقافتنا شيئا فشيئا، وإدخال الثقافات الغربية لتملأ به الفراغات التي أُحدِثت عمدا، إمّا اقتناعا، واعتقادا بأنّ الثقافة الغربية أفضل من ثقافتنا، وهو خطأ فادح في التفكير، لأنه ليس لأي ثقافة أفضلية على ثقافة أخرى، فكل ثقافة لها خصوصياتها وتميّزها، أو تلبية لرغبات، وأوامر من يريد غزونا ثقافيا لغايات دعم التبعية الثقافية للغازي، وبالتالي تثبيت التبعية الاقتصادية ونشر الرذيلة والتفسخ الأخلاقي..
لذلك واعتمادا على ما سبق ذكره، يجب على كل الأحرار في تونس التصدّي لمحاولات التغريب بفضح ممارساتهم، ونواياهم، وبتقديم البديل الذي يرسّخ ويدعّم ثقافتنا ويأخذ كل ما هو إيجابي من الثقافات الأخرى واجتناب كل ما هو سلبي.
كمال العرفاوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق