الأربعاء، 3 مارس 2021

قبيلة بدون ضريح بقلم الشاعر حامد الشاعر

 قبيلة

بدون ضريح
هذا الضريح له مكانة خاصة في قلبي و منذ طفولتي و أنا ألعب بجواره و أزوره باستمرار و أقرأ الفاتحة و السور فيه على الأموات و أشعر بارتباط وجداني مع مكانه و مرافقه
ما يميزه أنه بني على مكان عال و مرتفع عبره أرى أجمل الحقول و المنازل و ما أتمناه أن أدفن بجواره في مكانه العالي الذي تهب عليه النسائم و الرياح
و السؤال المطروح عندي هل تصبح قبيلتي بلا ضريح
أجد نفسي صوفي الهوى خاصة أن دمائي تعود إلى زمرة من الأولياء و الشرفاء من أهل البيت و التصوف و التعبد و أيضا انتمائي لهذا الوطن الحبيب المغرب بلد الأولياء
فمؤسس التصوف العالمي المولى عبد السلام بن مشيش أكن له معزة كبرى و مودة و محبة و أيضا للأخ الشقيق له سيدي يملاح و هو جدي الذي أنتسب إليه و ابنه تزوج ابنة المولى عبد السلام و منهما جاء أجدادي الشعراء و الأمراء
المولى عبد السلام حفيد المولى إدريس الأكبر مؤسس الدولة الإدريسية المستقلة عن المشرق و هو بدوره حفيد الحسن بن علي بن أبي طالب و فاطمة الزهراء كريمة نبي الإسلام
و للأسف الشديد قبيلة الساحل تعيش في محنة و فتنة فبعد الترامي و الاستيلاء على مقدراتها من أراضي سلالية و جموع و غابات و السيطرة على ثرواتها و نهبها من رمال الشواطئ و مقالع و حتى مساجدها جاء الآن الدور على أقدس مكان فيها هو هذا الضريح الشامخ و الذي يعتبر من أهم معالمنا التراثية
و يندثر أمام صمت رهيب من ساكنة و أصحاب القرار
في قريتي الساحل الغناء أماكن أرتاح فيها وجدانيا و أشعر بسلام روحي فيها و هدوء مثل منزل أسرتي و أرض والدي التي زرعتها بالأشجار و أرعى فيها الأغنام و شاطئ سيدي عبد الرحيم وغابة الساحل و الموقع الأثري ليكسوس و عين الحمام و مسجد الروييف والمنزل الذي عشت فيه بمدينة العرائش باعتباري ولدت هناك و بيت جدتي بحومة الروييف بجماعة الساحل و هذا الضريح الشاهد و المشهود
و محاولة تحفيظه الأخيرة كعقار لم تعجبني و لم تعجب كل الغيوريين على المنطقة و عليه و ما نخشاه أن يصبح في زمن النسيان و الأرض المحيطة به تصير عقارات استثمارية و مشاريع عمرانية تدر الأرباح على أصحابها و ليس الساكنة
الضريح تراث محلي ذات طابع إنساني و رمز هويتنا ففي ساحته كانت تقام المواسم و الاحتفالات و الأفراح و الأعراس و المهرجانات و ما زالت
نريد أن تصبح تلك الأرض المحيطة به منتزها عاما و حدائق ذات بهجة و أماكن عامة للترفيه و التجول و فضاء للمعارض و المسارح
الضريح يجب أن يبقى و تبقى معالمه و هناك من احتفى به قديما و هناك من يحتفي به حديثا و نشكر رجال المقاومة و نشكر كل الأيادي البيضاء التي ساهمت في إشعاعه عبر بنائه و إصلاحه و إنارته و تعبيد الطرق فيه
و من واجبي تسليط الضوء عليه و التعريف به
كل الأضرحة التي في قريتي خميس الساحل لها تاريخ عريق فمن دفن بها إما كان وليا أو شريفا أو عفيفا أو بطلا شعبيا أو ثائرا و أغلبهم حسب علمي من أبطال واقعة وادي المخازن الشهيرة المعروفة بمعركة الملوك الثلاثة كما هو متداول الزوايا الصوفية قامت عبر الزمان بالجهاد و الاجتهاد في أمور الدين و الدنيا
هي كما قلت عريقة و لها ألف طريقة لكن ضريح سيدي احساين هو قطب الرحى و درة التاج فيها
لهذا أنا أدافع عنه و عن تاريخه
أنا ضد الشعوذة والدجل و السحر و ما شابه ذلك و كل عمل شيطاني لكني أحترم هذا المكان لأنه ببساطة روضة دفن فيها أغلب أجدادنا و آباءنا و إخواننا
أقول لا لهدم الضريح و لا للاستيلاء على أرضه و مقدراته
كل هذا التراث ملك لنا نحن أبناء قبيلة الساحل و لن نتخلى عنه مهما جرى و سندافع بكل الوسائل عن حمانا
في الأعلى صور قديمة و حديثة للضريح
بقلم الشاعر حامد الشاعر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق