الاثنين، 8 سبتمبر 2025

إيرين دورا كافاديا تعزز الدبلوماسية الثقافية بين الدول من خلال مساهماتها في المشاريع الفنية والمهرجانات حاورها الإعلامية دنيا صاحب – العراق

 إيرين دورا كافاديا تعزز الدبلوماسية الثقافية بين الدول من خلال مساهماتها في المشاريع الفنية والمهرجانات

حاورها: دنيا صاحب – العراق

إيرين دورا كافاديا، الأكاديمية والكاتبة والمترجمة والناشطة الثقافية اليونانية، تسهم في بناء جسور بين الثقافات العالمية عبر الأدب والفنون تعمل على تعزيز التواصل الثقافي والفني من خلال قيادة المشاريع والمؤسسات الدولية، وتسعى أيضاً إلى تقوية الدبلوماسية الثقافية بين الدول عبر الأنشطة التنموية، وتنظيم المهرجانات، والمشاركة في المؤتمرات العالمية.

وبفضل هذه الجهود، أصبحت إيرين شخصية محورية تسعى لدمج الفنون والأدب بالمعرفة من أجل تعزيز قيم الحوار والتفاهم والسلام بين الشعوب ومن خلال مسيرتها المتميزة في التعليم والثقافة، ومناصبها البارزة مثل الأمين العام لمؤسسة كتاب رأس المال العالمية ونائب رئيس مهرجان بانوراما الدولي للفنون، تمكنت من ترك أثر ملموس في المشهد الثقافي العالمي

في هذا الحوار، نسلط الضوء على رؤيتها الفنية والثقافية، وتجاربها في الأدب والفنون، ودورها في إلهام الأجيال القادمة من المبدعين حول العالم.

---

1- في بداية هذا اللقاء، نرحب بالسيدة إيرين دورا كافاديا من أثينا، اليونان الأمين العام لمؤسسة كتاب رأس المال العالمية. نود أن نتعرف على بدايات نشأتك في أثينا، وكيف أسهمت تلك النشأة في تغذية شغفك المبكر بتعلم اللغات الأجنبية والكتابة، وكيف انعكس ذلك في تشكيل شخصيتك الثقافية ورسم مسارك المهني في الأدب والتعليم؟

ولدت في أثينا، المدينة الأبدية حيث تتحاور العراقة والحياة العصرية كل يوم. نشأت بين الأطلال القديمة التي ما تزال تتحدث، والشوارع التي تضج بالطاقة الحديثة، فشعرت أن اللغة تحيط بي كالهواء—حتمية، حاضرة في كل مكان، وواهنة للحياة. منذ طفولتي كنت منجذبة irresistibly للغات الأجنبية، كل واحدة منها تنفتح كعالم سري ينتظر أن يُكتشف. وبطبيعة الحال، كان والداي أول من زرع فيّ حب اللغات الأجنبية؛ فوالدي الذي سافر عبر البحار لسنوات كان شاهداً حياً على أهميتها. وهكذا أصبحت الكتابة طريقتي في نسج هذه العوالم معاً في نسيج واحد من المعنى. وكما أقول دائماً: "نحن جميعاً مواطنو اللغة قبل أن نكون مواطني الأمم." هذه القناعة وجهتني بثبات نحو الأدب، واللغويات، والتعليم كمسار حياتي.

ومع ذلك، جاء نداء الكتابة أبكر من ذلك، ملحّاً وحنوناً، قدراً أعلن نفسه قبل أن أتمكن حتى من تسميته. أتذكر بوضوح محبّب أولى قصصي الغامضة—حكايات بسيطة عن مجموعة من التلاميذ وكلبهم الوفي وهم يحلون الألغاز في قلاع مهجورة أو في أركان حيهم المألوفة. كانت مستوحاة من كتب المغامرات الشبابية التي أحببت قراءتها، لكنها حملت بصمة خيالي الخاص. كنت في الثامنة فقط حين تجرأت على رسم تلك المغامرات الأولى على الورق، أشكل الشخصيات وألون وجوهها بعيني روحي

وعند الثانية عشرة، طلبت من أمي آلة كاتبة—لم تكن هناك حواسيب آنذاك أصبح "تك تك" مفاتيحها موسيقى أحلامي الأدبية الأولى، مؤكداً قراري بالسير في درب الكتابة. لم تكن الكتابة بالنسبة لي تسلية، ولا هواية عابرة؛ كانت أول همسة لرسالة، الشرارة الأولى لنار أبدية ما تزال مشتعلة
وكما أتأمل دائماً: "كتبت قبل أن أعرف ثِقل الكلمات — ومع ذلك حملتني مثل أجنحة."

---

2- كيف انعكست دراستك في اللغويات الحاسوبية والأدب الألماني على هويتك الثقافية وأسلوبك في التعبير الإبداعي بلغات العالم؟

قد تبدو هذه الدراسات مختلفة جداً عن بعضها، لكنها في الحقيقة اجتمعت بشكل جميل. فقد علمتني اللغويات الحاسوبية أن أرى البنية الخفية للغة وأناقتها الرياضية، بينما كشف لي الأدب الألماني عن روح الكلمات—شِعريتها، فلسفتها، إنسانيتها العميقة—القريبة من جذورها في الفلسفة اليونانية والتي انعكست أيضاً في بنية اللغة. إن اندماج الاثنين شكّل هويتي التعليمية والثقافية: دقيقة وخيالية في آن، منطقية وموسيقية معاً. وما يزال ذلك يحدد طريقتي في الكتابة والتعبير بعدة لغات، دائماً باحثة عن الانسجام بين العقل والإلهام.

لكن وراء ذلك قصة أعمق. بعد الأدب الألماني، اخترت التخصص في اللغويات التقابلية. فمنذ طفولتي، كنت أحمل حبّين عظيمين: الأول لأسرار الكلمات، والثاني للمجهول—التكنولوجيا، العلوم، الفضاء، الفيزياء الكمية، وآفاق الاكتشاف. لكن في ذلك الوقت، كان لا بد من اختيار مسار واحد لدخول الجامعة، واخترت اللغويات. ومع ذلك، للحياة طرقها الخاصة في جمع ما نظن أنه منفصل.

بعد إتمام الماجستير في اللغويات التقابلية، انفتح الباب: فرصة في الجامعة الوطنية، قسم اللغويات، بالتعاون مع الجامعة التقنية الوطنية قسم الروبوتات وأنظمة الذكاء الاصطناعي. وهناك التقت شغفيّ الاثنين أخيراً—اللغة والتكنولوجيا—ومنذ تلك اللحظة، يسيران جنباً إلى جنب.
ومنذ ذلك الحين، أقول دائماً إنني أحمل بداخلي "حبّين في واحد". فهما لا يتنافسان؛ بل يكمل أحدهما الآخر معاً يغنيان كل كلمة أكتبها، وكل مشروع أعمل عليه، وكل انخراط ثقافي أتبناه.

---

3- كيف أثرت هذه التجارب في منظورك الفكري والثقافي، وكذلك في أنشطتك ومشاركاتك الدولية لاحقاً؟

حظيت بامتياز العمل كمتطوعة في المعهد الوطني للبحوث "ديموقريطوس"، في قسم الإلكترونيات الدقيقة، حيث كانت مهمتي وسم وتسجيل اللغة الطبيعية البشرية وتحضيرها للترميز في الآلة بالنسبة لي، كان ذلك تجربة مدهشة—أن أشهد كيف يمكن لشيء إنساني عميق كاللغة أن يُترجم إلى نظام. في ذلك الوقت، كان مجرد التفكير بأن الآلات قد "تفهم" الكلمات البشرية يبدو غير معقول لمعظم الناس، لكنني شعرت بأن أفقاً جديداً يفتح أمامنا. وفي نفس الفترة جاء إنجاز حاسم آخر: عرض ورقتي البحثية (إيرين دورا وآخرون) كجزء من الفريق اليوناني المكوّن من أربعة باحثين في المؤتمر الدولي للذكاء الاصطناعي عام 2004، الذي عُقد في جزيرة ساموس باليونان. كان تقاسم البحث في مجال ما يزال في بداياته تجربة متواضعة وملهمة.

وبالنظر إلى الوراء، كانت تلك السنوات مُفعمة بفتح البصائر. جعلتني أدرك أن العلم والقيم الإنسانية يجب أن  يسيرا جنباً إلى جنب—فالتقدم بلا أخلاق خطير بينما الأخلاق بلا تقدم تبقى عقيمة. شعرت بقوة كيف أن العالم يتغير بسرعة مذهلة، وكيف تتكشف إمكانيات جديدة على نحو مدهش؛ وبكلمات الفيلسوف اليوناني القديم هيراقليطس: "τα πάντα ῥεῖ"—"كل شيء يتدفق، كل شيء يتغير." يرن صداه القديم دائماً في ذهني، لأننا نشهد التدفق نفسه للتاريخ وهو ينحرف نحو عصر جديد. كل هذه التجارب شكّلتني بعمق. علمتني ألا أخاف من التقدم، بل أن أوجّهه؛ وألا أرفض الابتكار، بل أن أُنسنه. لقد وسّعت رؤيتي وأعدّتني لمشاركتي الثقافية الدولية اللاحقة.

4- تشغلين حالياً منصب الأمين العام لمؤسسة كتاب رأس المال العالمية ونائب رئيس مهرجان بانوراما الدولي للفنون. ما هي استراتيجياتك لتعزيز العلاقات الدولية وتحقيق التعاون المشترك في المشاريع والأنشطة الثقافية والأدبية والفنية حول العالم؟

بصفتي الأمين العام لمؤسسة كتاب رأس المال العالمية منذ عام 2020، ونائب رئيس مهرجان بانوراما الدولي للفنون، فإن المبدأ الذي أسترشد به كان دائماً بسيطاً لكنه عميق: بناء الجسور، ملتزمين بشعارنا "جسر الثقافات، توحيد الأمم". الحوار، والثقة، والتعاون هي جوهر كل ما نقوم به. الهدف هو خلق منصات يستطيع من خلالها الكتّاب والفنانون والمفكرون من كل أركان الأرض مشاركة أصواتهم—عبر المختارات الأدبية، المهرجانات، المنشورات والبرامج الثقافية التي تذيب الحدود وتجمعنا في هدف مشترك.

إن مؤسسة كتاب رأس المال العالمية كما تعلمين، هي أكثر من مجرد منظمة؛ إنها حركة حيّة. مؤسسة غير ربحية غير سياسية، وغير دينية، تسعى لجمع الكتّاب والمفكرين والمبدعين تحت مظلة واحدة، مانحة إياهم فضاءً للتعبير الحيّ، ومشجعة إياهم ليكونوا محركات للسلام، وقيم الإنسانية واحترام الطبيعة. لذلك فإن استراتيجيتنا ذات بعدين: الأول تغذية الروح الأدبية والفنية للأفراد، والثاني تنمية وعي ثقافي جماعي يرسّخ السلام والوئام.

نحقق ذلك من خلال إرشاد الشباب وتشجيع الحوار الحر حول قضايا السلام واللاعنف، وتنظيم المهرجانات الدولية، ودعم التعاون مع الجامعات والمكتبات والهيئات الثقافية حول العالم. ومن خلال تبادل الأفكار مع نظرائنا عبر القارات، نوسع الآفاق ونخلق فرصاً للنمو المشترك. وهكذا يصبح كل مشروع ليس مجرد حدث بل خطوة نحو بناء عالم أكثر رحمة ووعياً ثقافياً.

وفي هذه النقطة، لا يسعني إلا أن أعبر عن خالص امتناني واحترامي العميق لرئيسنا الفخري، المؤسس والرئيس التنفيذي لمؤسسة كتاب رأس المال العالمية ورئيس مهرجانات بانوراما البروفيسور باريث بادم نابهان نامبيار الذي أولاني هذه المسؤوليات—مسؤوليات أعتبرها ليست مجرد مناصب، بل أمانات مقدسة، تحمل قيمة عميقة ومسؤولية جسيمة. إن رؤيته، وإخلاصه، وإيمانه الذي لا يتزعزع بأن "الإنسانية تزدهر عندما تُرعى الفنون والثقافة بلا حدود" تلهمنا جميعاً. وتحت قيادته، أصبحت WCIF وبانوراما منارات عالمية—تذكّرنا بأن الأدب والفن ليسا كماليات بل أدوات حيوية لترسيخ القيم الإنسانية، وحماية كوكبنا، وتكريس السلام ذاته.

---

5- كيف تصفين رؤية مهرجان بانوراما الدولي للفنون؟ وما الأهداف التي يسعى المهرجان لتحقيقها على الصعيد الدولي؟

إن مهرجان بانوراما الدولي للفنون، إلى جانب مهرجان بانوراما الدولي للأدب الحائز على الجوائز، هما من البرنامجين الأساسيين لمؤسسة كتاب رأس المال العالمية. مستوحى من رؤية رئيسنا الفخري، المؤسس والرئيس التنفيذي للمؤسسة ورئيس مهرجانات بانوراما، البروفيسور باريث بادم نابهان نامبيار، فإن بانوراما هو أكثر من مجرد حدث؛ إنه في الحقيقة حوار حي بين الثقافات. رؤيته هي الاحتفاء بالتنوع مع تأكيد إنسانيتنا المشتركة، ونسج أصوات المواهب الصاعدة مع أصوات المبدعين الراسخين، ليقفوا جميعاً جنباً إلى جنب على مسرح التعبير ذاته. وهكذا يعزز بانوراما الوحدة من خلال الفن مذكّراً إيانا أن اللغات قد تختلف، لكن قلب الإنسان يتحدث لغة كونية واحدة.

هنا لا بد لي أن أبرز رؤية والتزام الرئيس نامبيار، الذي يضخ عمله الدؤوب الحياة في بانوراما، ويغذي رسالته العالمية. قيادته هي النور الهادي الذي يحوّل كل موسم من مهرجاناتنا العزيزة إلى حركة حقيقية من أجل الحوار والتبادل الثقافي وكذلك التغيير الاجتماعي—حركة توحّد الأصوات عبر القارات وتجعل الثقافة ليست ترفاً، بل ضرورة لوجود الإنسان.

على الصعيد الدولي، كانت أهدافنا دائماً تسعى لوضع الثقافة، والأدب والقيم الإنسانية في صدارة الحوار العالمي. يطمح بانوراما لخلق بيئة يصبح فيها الفن لغة كونية للسلام والأمل والتضامن—حيث يغذي احترام الطبيعة، ويقوّي المبادئ الإنسانية ويُلهم الكتّاب والفنانين ليكونوا مشاعل للرحمة والوئام.

نحن لا نرى الثقافة كزينة تُعجب من بعيد. بل نؤمن أن الثقافة يجب أن تتدفق، يجب أن تُعاش، فهي ضرورة لوجود الإنسان. بانوراما يحتضن هذا التدفق، مذكّراً العالم بأنه في أوقات الانقسام، فإن الفن والأدب هما اللذان يملكان القوة لإعادة جمعنا، لشفائنا ولإرشادنا نحو الأمام.

---

6- ما الرسالة التي تودين إيصالها إلى قرائك من خلال أعمالك الأدبية والثقافية ومشاركاتك في الأنشطة الدولية؟

"أمشي على الشاطئ أجمع أصداف الحقيقة، كل واحدة كلمة، نغمة، درس وكل واحدة صلاة."

إذا كان هناك رسالة واحدة أود أن أقدمها للقراء، فهي: إن الفن، والأدب والتعليم ليست هروباً—إنها لقاءات جسور بين العقول والقلوب والعوالم. من خلال أعمالي، ومبادراتي الثقافية وتعليمي، أسعى إلى إيقاظ الأحلام وزرع التعاطف، وإضاءة الجمال والحكمة التي تحيط بنا.

أنا شغوفة بالمعرفة، حساسة وعطوفة بعمق، حالمة تسعد بالطبيعة، وصمت البحر، وفرحة التواصل الإنساني. أنا باحثة لا تكل عن الحقيقة، والنور والجمال، ومحامية مخلصة للقيم الخالدة للإنسانية—المساواة والتضامن، والأخوة، والعدالة، والسلام.

من خلال الكلمات، والألوان، والأفكار أسعى—في حدود قدرتي ومن خلال دوري كجسر بين الثقافات والتخصصات والشعوب—لنسج مسارات وروابط غير مرئية للعين لكنها أقوى من الحجر أو الفولاذ.
آمل أن يحمل كل أديب، وقارئ، وطالب وعاشق للفن معهم ذلك الإحساس العميق بالارتباط، والبصيرة، والإلهام الذي لا توقظه سوى المعرفة، والإبداع والتأمل.

---

7- كيف تنظرين إلى تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على تطور الثقافة الأدبية والفنية في العصر الحالي؟

"دع التكنولوجيا تنير الطريق، ولكن دع القلب البشري يقود المسير."

إن التكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي بشكل خاص، أشبه بالنار: يمكن أن يضيء، ويُلهم، ويُحوّل، أو يمكن أن يطغى ويفتك إذا استُخدم بلا رعاية في العالم المعاصر، هو بالفعل يعيد تشكيل ملامح الأدب والفن، مانحاً المبدعين أدوات لم تكن لتُتخيّل سابقاً يمكن للكتّاب أن يجربوا هياكل سرد جديدة، ويمكن للفنانين أن يستكشفوا أبعاداً بصرية مبتكرة، ويمكن للأفكار أن تعبر الحدود فوراً، لتصل إلى جماهير حول العالم.

ومع ذلك، مهما بلغت الآلات من تقدم فهي تبقى عاجزة عن إتقان الإيقاعات الدقيقة للمشاعر الإنسانية—الضحكة، الحزن، الأمل، والحنين التي تنبض في كل عمل فني أصيل. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد، أن يقترح، أن يكرر أنماطاً، لكنه لا يستطيع أن يشعر بالنبض الذي يمنح الشعر صداه، ولا بالتجربة المعيشة التي تملأ لوحة بالعمق.

إن التحدي والفرصة في عصرنا يكمنان في تحقيق التكامل: احتضان الإمكانيات الاستثنائية التي تقدمها التكنولوجيا، مع ضمان بقاء الروح الإنسانية في مركز الخَلق.

---

8- كيف ترين مستقبل الثقافة والفنون في اليونان والعالم اليوم، وما الاتجاهات التي تتوقعين أن تشكّلها في السنوات المقبلة؟

أعتقد أن مستقبل الثقافة سيتشكل من خلال العولمة والرقمنة معاً، لكنه سيقوم على عطش عميق للأصالة. في اليونان، أرض غارقة في آلاف السنين من الإرث الفني والفكري، أرى نهضة جديدة تتشكل—نهضة تلتقي فيها الحكمة القديمة مع الابتكار الحديث فتبعث الحياة من جديد في الأدب والفنون البصرية، والأداء المسرحي وهذا ليس حلماً بعيداً؛ لقد شهدته بوضوح من خلال برامجنا، حيث تزدهر الإبداعات، ويكتشف الفنانون والجماهير معاً طرقاً جديدة للتفاعل والتأمل والإبداع المشترك.

وعلى الصعيد العالمي، أتوقع أن تصبح الفنون بشكل متزايد هجينة، عابرة للثقافات، ومتاحة للجميع. ستستمر الحدود بين التخصصات، والتقاليد والجغرافيات في التلاشي، مما يعزز حوارات تتجاوز الحدود واللغات. في مؤسسة كتاب رأس المال العالمية، من خلال برامجنا الفريدة، نحن ملتزمون بتحويل هذه الرؤية إلى واقع—بجمع الناس تحت مظلة واحدة، ورعاية الإبداع، وتقوية الروابط التي توحدنا جميعاً، مع كوننا مدافعين عن الطبيعة والحفاظ على كوكبنا.

لكن، فوق كل ذلك، ستبقى الفنون ضمير الإنسانية، مرآة تعكس أفراحنا وأحزاننا، وتطلعاتنا المشتركة. لقد اختبرنا هذا بعمق خلال فترة جائحة كوفيد، حين هدد العزلة التواصل. كان الأدباء والفنانون، الأكثر عرضة للوحدة، ممتنين بشكل خاص للدعم والترويج الذي قدمته لهم مهرجانات بانوراما، حيث ضمنت تواصلهم مع بعضهم البعض عبر القارات. ومن خلال المنصات الرقمية لمؤسسة كتاب رأس المال العالمية، تمكنوا من الوصول إلى جماهير عالمية، والمشاركة في حوارات مباشرة، والشعور بأنهم جزء من مجتمع إبداعي أوسع—مجتمع كان أكثر حيوية من أي وقت مضى، حتى عندما كان القرب الجسدي مستحيلاً بفضل رؤية وبعد نظر الرئيس البروفيسور باريث نامبيار. لقد دعم ذلك وألهم المبدعين من كل الأنواع حتى خلال تلك الأوقات الصعبة حقاً للبشرية جمعاء. وهذا هو جوهر فائدة التكنولوجيا، التي تستفيد منها مؤسستنا بشكل واسع لتمكين كل هذه التبادلات الثقافية على نطاق عالمي.

وكما كتب يورغوس سيفيريس—أحد الحاصلين على جائزة نوبل في الأدب من اليونان: "أينما سافرت، تجرحني اليونان." آخذة الخيط من اقتباسه أضيف: "أينما تزدهر الثقافة، تشفى الإنسانية." إنها المُلهِمة ما تزال هنا لنا دائماً، تثبت أنها لم تترك جانبنا قط، ما زالت تقدم لنا عطاياها وتقود الطريق لنا لنسير في عالم الفن والثقافة. إنها هذه الرؤية وهذه الرسالة—الأصالة والحوار، والقوة الدائمة للتعبير الإبداعي—التي يجب أن نحملها معنا في السنوات القادمة، راعين الفنون ليس فقط كمرآة لما نحن عليه، بل كمنارة للضوء ترشدنا إلى ما نصبو ونستحق أن نكون.



في رثاء مغترب لمحمد مطر

 في رثاء مغترب

 

    لمحمدمطر 


هجرت الديار لغربتي قسرا املا لي برغيف خبز


 كريم فعدت الديار وانا صندوق وممزق  أشلاءا


ولا ذنب لي إلا اني كفرت بوطني سوءمعيشتي


 فهجرت.  لغربتي لكن بقلبي أحمل للديار ولاءا


واما الحياةفما تركتني من لعناتهافقد افطمتني


 ثديهاوكأنني طفل للبغاء أو كنت بالحياة. وباءا


فلقد افردتني الحياة.  بظلمها وتركتني بغربتي


 ألاقي المظالم وفي كسب الرغيف تعنتاو غباءا 


فلكم صوبت لصدري فوهات بنادق وكم شهقت


 روحي قرب المراكب ولكم لقيت بالبحار. عناءا


والانترنت.   شجيرة.  غضة. احلم   ان  يقطف


وطني ثمار زهورها اعودصندوقا ممرقا أحشاءا


و. مكتوب.  على.  الصندوق الكسير هذا مجرم 


لفظته بلاده خلف الرغيف فكان الرصاص جزاءا


ألما. ما. تعاطف   معي حين عدوتي  إلا عروسا


بالبلاد كنت قد أوعدتها فكان اللقاء الكسيربكاءا


وأم ثكلى تعالج دمعها فيخونها الدمع ويهزمها


 حتى يكون دمعها لوطني الجحود رية وسقاءا


وكأن الوطن كان مجدوبا ينتظر دمعها  ليسقي


 نهم  المظالم  قهرالها فاتخد  دمعها رية ورواءا


وهرب الوطن  من العزاء إلا من بعض الصحاب 


حملوني  لحفرة.  لي.  فيها  كان التراب غطاءا


فكم  أخفى  التراب  جريمة  الأوطان وكم كان 


التراب  للبسطاء  منا  بالحياة  وسادة.  وكساءا


وجيران مصواالشفاه وكانوا من قبل اغمطوني


 بغربتي فكان الصندوق لحسدالحاسدين شفاءا


ووطن نساني حين غادرته فالوطن جاحد  إلا


بالاغنياء وهاهو ما أجزأني بتوفير المؤون ثناءا


فما أملكه بوطني بعد العناء مقبرة طولها أشبار


وعرضها. كخزانة. وضع.  بها المتنطعون حذاءا


فغربتي كانت   من اجلك ياوطن لأوفر  للنشء


 الصغيرمكاني وحياةكريمةوطعمةلهم وغذاءا


فياوطن لم لفظتني ألست أبنك كأبناء اللصوص


 أم  أجزيتني  بالحب  غربة و رصاصة وشقاءا


وحتى اكفاني ضتنت علي ياوطن بها  فكفنني 


من حمل لي حين  وطئت دياره ضغينة وغباءا


ولو  خيروني يا وطن قبل الممات لدفنت بدار


 الشقاء.  فلا   اجد لي  فيك بعد الممات  عزاءا


وستنساني  ياوطن  الجحود كما نسيت الآلاف


 طوتهم غربة ولاقوا فيها منك بالجحود.  بلاءا


فوفر دموع التماسيح  ياوطن لووضعواتابوتي


 فارضك اقسى من غربتي فلسنا. فيك سواءا


محمد مطر

حتى تصان كرامة المثقف في وطنه..وتحترم كلمته..! بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 حتى تصان كرامة المثقف في وطنه..وتحترم كلمته..!

 

تصدير:

” المثقفون يأتون لحل المشاكل بعد وقوعها، والعباقرة يسعون لمنعها قبل أن تبدأ” (البرت أينشتاين)


“المثقفون لديهم مشكلة:عليهم تبرير وجودهم.”(نعوم تشومسكي)


لا تغيب تجليات الأزمة العربية الراهنة ثقافيا عن رجل الشارع العربي البسيط،في ظل عصر الفضاءات المفتوحة والمباشرة،فكيف بالمراقب الخبير والمطلع على تفاصيل المشهد الراهن وتعقيداته ببلادنا،التي على وشك أن إن تمادت في نهج المزايدات السياسية والمناكفات الفجة إلى المربع الأول،مربع الظلم والقهر والاستبداد بعد أن كناعلى وشك تجاوزه نهائيا،وإلى غير رجعة.

فقد مثلت-ما يسمى-ب”ثورات الربيع العربي”المفاجأة واحدة من اللحظات التاريخية العربية الفارقة،التي بنجاحها قد تعيد تعريف كل مفردات هذه اللحظة العربية والإنسانية من جديد،بعد أن فقدت الكثير من هذه المفردات دلالاتها الاصطلاحية كاملةً،ولهذا كُثر المتآمرون داخليا وخارجيا على هذه الثورات التي تونس ليست إستثناء من تداعياتها..

والثقافة هي التي تعطى للحياة البعد الجميل وهي التي تشعرنا بجمالية الإنسان في كل أبعادة وبجمالية الكون أيضا.والعلاقة بين الإنسان والثقافة علاقة قديمة للغاية بل هي ملازمة له منذ ميلاد الإنسان الأوّل،ومنذ اللحظة الأولى للإنسان تأسسّت معادلة مفادها أنّه لا إنسانية بدون ثقافة،ولا ثقافة بدون إنسان،ولا إزدهار ثقافي بدون الحوار بين كل الرؤى و الأفكار المتعددة .

ولأجل ذلك كانت الثقافة هي السلاح الذي إعتمده الإنسان في تأكيد ذاته وحريته،وتأكيد أنّه خلق ليعيش حرّا.

وعلى إمتداد التاريخ البشري أستخدمت الثقافة لمواجهة الظلم وإحقاق العدل،لمواجهة الديكتاتورية وإحقاقالديموقراطية والحريّة،ويؤكّد التاريخ تاريخ الإنسان مهما كان لونه وشكله ودينه وقوميته أنّ المبدعين والمثقفين هم الذين قادوا التغيير وهم الذين مهدّوا للتطورات الكبرى التي عرفها التاريخ،والفلاسفة والأنبياء والشعراء والكتّاب والروائيون ما هم إلاّ بشرا من نوع خاص.هم بشر يحملون همّا ثقافيا ويهدفون إلى تغيير حياة الإنسان نحو الأفضل.

إن مصير البشرية سيكون مظلما بدون ثقافة تعددية،و القصائد والأشعار والروايات والأفكار التي تحدّت العسكريتاريا في العالم الثالث ستتحوّل إلى منارات لأجيال الغد.

وأكبر دليل على ذلك أنّ الأفكار والثقافات كانت وراء كل التغييرات الكبرى الإيجابية التي عرفها التاريخ..

و هنا نقول جازمين أن الثقافة الوطنية هي إرث يجب أن نعتز به نضيف إلى سياقها ومساراتها و لا يمكن أن يتأسس الحوار على إستئصال هذه الثقافة لتحل محلها ثقافة أخرى فرضتها الكوكبية و العولمة وأفكار أخرى موغلة في الدياجير ..

وإذن؟

المثقف إذا،الذي يشكل عاملا إضافيا و رقما صعبا في معادلة التكامل الثقافي هو ذلك المثقف العضوي (مع الإعتذار لغرامشي) الذي يضحي من أجل أن تسود أفكاره و أفكار الآخرين،وينطلق عقله من قاعدة التحاور مع عقول الآخرين لصناعة دولة ومجتمع الرفاهية للإنسان العربي الذي تخبط في تجارب فردية ساهمت في تراجع مشروع التنمية و النهضة..

و الثقافة في مطلقها الحضاري هي التعددية وتشريك المثقف في بناء حضارة بلاده..

والمثقف لا يمكن أن يكون أسير فكرته ومنطلقاته فذاك سيؤدي إلى تحجيم العقل و تطويقه، والمثقف الحضاري هنا..أو هناك هو ذلك الذي يتشاور و يتحاور و يتجادل ويتبادل الأفكار،لكن في نهاية المطاف ينصاع للفكرة البناءة العملاقة التي تردف الدولة والمجتمع بأسباب القوة والمناعة و الحصانة من عوامل التعري و التآكل .

كما أن المثقف-أولا وأخيرا-هو ذاك الذي يكرس ثقافة الحوار كمبدأ و يجيد السماع والنقاش وإستخلاص المعادلات من الأفكار البناءة.

و الحوار هنا : هو الحوار بين أبناء الشعب الواحد حول آليات تسيير الدولة أو النهج السياسي المتبع أو الثوابت و المتغيرات التي يجب إتباعها في مسرح دولي متعدد تهب رياحه العاتية من الجهات الأربع،كما أن الحوار قد يكون بين الشعوب والحضارات و التشاور والتفاعل الثقافي بين الشعوب من سمات الراهن البشري و مجالات الحوار الحضاري تشمل الحوار المتفتّح في المجال الديني و المجال السياسي و الاقتصادي وغير ذلك من مجالات الحوار ..

وتونس اليوم تتهودج في ثوب الديموقراطية الذي خاطته أنامل ضحّت بحياتها في سبيل أن ننعم بكلمة”لا”حين يقتضيها المقام-..في زمن كانوا يريدونها بالأمس-دوما-“نعم”.

وبالأمس القريب-ما قبل إنبلاج فجر الثورة البهيج-قلت:لا..بملء الفم والعقل والقلب والدم و”أدنت” تبعا لهذا-الموقف الرافض-بجسارة من لا يهاب لسعة الجلاد بكل عقوبات جهنم من”إقصاء..تهميش..تجاهل،نسيان..ومراقبة أمنية لا تخطئ العين توحشها الضاري..إلخ

وهنا أختم بكلمة أخيرة منبجسة من خلف شغاف القلب: التكريم الحقيقي للمثقف..هو أن تصان كرامته في وطنه..وأن تحترم كلمته..ومن هنا تجدر الاشارة إلى أن الكرامة التي أقصد إلى إثارة الانتباه إليها ها هنا، ليست تلك الكرامة التي يربطها البعض برغد العيش وهناء البال،والتي يحققها التمتع بأزاهير الحياة من مطالب طينية،حيوانية،رخيصة،إنما الكرامة التي أقصدها هي مُعْطًى فطريٌّ جاء مع الإنسان إلى هذه الحياة، وليس لأحد أن يَمُنَّ به على أحد. فالتكريم ثابت في حق الإنسان “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ” (الإسراء،70)،وهو “ملكية فردية” له،لا يحق له أن يتنازل عنها.ومن فرَّط فيها ضلَّ الطريق،وسار إلى إهانة نفسه،لذلك لا أعتبر الكرامة “مطلبا” بالمفهوم النقابي للكلمة،لأنه لا أحد قادر أن يمنحها لك،ولكنها "مِلْكٌ" من فرَّط فيه،أهان نفسه،وأوردها مهالك الاستغلال،والإهانة،والعبودية.

إن ثورة الكرامة إذاً،هي ثورة الحكم العادل الذي يحترم حقوق الإنسان وقدرة الأفراد على تقرير مصيرهم واختيار نمط الحياة الذي يريدون.

وأرجو أن تستساغ رسالتي جيدا..وأن لايقع إخراجها عن سياقها الموضوعي..


محمد المحسن



ذكرى سجناء جلبوع وقهرهم للسجان بقلم الشاعر محمد علقم

 ذكرى سجناء جلبوع وقهرهم للسجان

.....................................................

انتــزعنــا الحـريــة

وذلينـا الصه/يونيـة

مــن جلبوع خـرجنا

والستـــة فـــدائيـــة

انتظـرنـا الضمـائـر

مــا فـي لنـا أهميــة

عـالـم ظالـم وكـافـر

مـا فـي قلبـه حنيـّـة

بـالقضيــة يتــاجــر

اكـرهنــا العبـوديــة

والحــاكــم يتفـاخــر

بالمطـالـب الشرعية

هيئــة اللمـم تعـادينـا

وتنـاصرالصه/يونية

نحن شعب الجبارين

مــا نخشـى المنيـــة

لعيـونك يـا فلسطيـن

نطــوع بـالجهـاديــة

والاقصى مـا انسينا

ويـافا وحيفـا عربية

ثورة شعب مستمرة

ضد الدولـة العبـرية

قسمـا قسما لن نحيد

عـن مبـادئنا الثورية

عـودتنـا لا بـد منهـا

لأرضنـا الفلسطينية

محمد علقم/٩/٧/٢٠٢١


الحبُّ مسألةٌ ومساءلة بقلم محي الدين الحريري

 الحبُّ مسألةٌ ومساءلة


سألونـي هـل تُـكلّم الّـليـل؟ قلت 

     بلىٰ سلوا ذياك الـحب واسألوا القمـر

حينَ يأتي سابحاً فـي حلك الظـ

     ـلام متلفعاً في سـواده يُعانق السحر 

سألوني عن الربيعِ والأزهار تفوح و

    العصافير تشدوا بألحان تراقص الشجـر                                                    وكيف سافَرَت مع الغيومِ أحلامي 

   وكـيف عـادَت مـضمخـة تصطحبُ المطر                                                   

كيف كانت تنشرُ  للحبِّ ..اشرعـة

   كـأن الـشّـوقُ بِـهــا لـبحـار الـعـشقِ عـبــر 

تـاركـاً علـىٰ مـرِّ الأيـام بـصـمـاتـه 

   بعد أن ولّـى .. الــشبـاب والـعمـر انحسر

ومات الحبُّ القديم مسربلا بقيمٍ

   مسحتهـا الـسنيـنُ الـعجاف آحـاداً وزمــر                                             

سألوني هل يـعودُ الحبّ بعـدَ موت

   قـلتُ بـلـىٰ حتـىٰ لـو .. قـضىٰ وانـدثًــر                                                  

تـجلت قدرة الله في حِفـظـهِ فأعـ

    ـطـاه إسمـاً مـن أسمائـه ودعـاهُ الـقـدر 

وزَّعه  وأحسنَ  توزيعهُ  فالطـفــلُ

    والـشبـابُ والكـهـلُ ، كـلّ فـيــه استـتـر

خلده في الحياة والـممـات فمـا من

    أحـدٍ إلا ولــه مــن آيـاتِ الـحب ســور    


                 محي الدين الحريري



في حمام سوسة اختتام الدورة الثانية من تظاهرة :" تراث أجدادنا كنز لأحفادنا " ▪︎ تثمين الموروث التقليدي في المحفل الحمامي وتعزيز السياحة التونسية متابعة الكاتب :جلال باباي

 في حمام سوسة

اختتام الدورة الثانية من تظاهرة :" تراث أجدادنا كنز لأحفادنا " 

▪︎ تثمين الموروث التقليدي في المحفل الحمامي وتعزيز السياحة التونسية 

متابعة الكاتب :جلال باباي 

 

    

عاشت مؤخرا مدينة حمام سوسة  تحت شعار:" تراث أجدادنا كنز لأحفادنا " على إيقاع اختتام الدورة الثانية من تظاهرة: “ المحفل الحماٌمي " التي نظمتها بامتياز الجمعية التونسية الإنجليزية للتربية والسياحة و الثقافة الإجتماعية "So Cute " برئاسة السيدة: روضة بن هنية ، متضمنة لعديد الفقرات التي تحتفي بالتراث المحلي و الذاكرة الشعبية وكل ما تعلق بخصوصيات العادات الغذائية والأزياء التقليدية الحمامية إضافة إلى المحفل الحمامي الذي شهدته زنقة قاسم القلي، بحضور ضيوف من تونس وخارجها من بلدان صديقة و شقيقة من أوروبا  والمغرب العربي على غرار: ( البرتغال ، الجزائر ، رومانيا ، مصر ، تركيا ، ألمانيا ، ليبيا ، فرنسا  و الأردن.ثم المغرب و تونس بالطبع.).   هذا وتخللت المحفل التقليدي بحمام سوسة أجواء فولكلورية رائقة و انتصاب ورشات تثمٌن الحرف التقليدية و تحيي بالتالي ذاكرة السابقي وتعزٌز الموروث القديم في حمام سوسة ، كما  اقام على هامش هذا العرس التراثي بامتياز الفنان التشكيلي : الهادي زاوية أصيل الجهة معرضا للرسوم نال إعجاب الزوٌار و استمتعوا بلمسة فرشاة وقلم الرصاص و فحم ال:fusain  الذي طوٌعه باقتدار لافت لرسم شخصيات تاريخية بارزة ( الحبيب بورقيبة ) و المراة في أبهى ومختلف تجلياتها دون التغافل على وهج المكان و أحقية أن تكون لقبٌة الأقصى موقعا في مخيٌلة الفنان فتمثلها كابهى ما يكون لتفتك زاوية مضيئة في المعرض

      كما كانت لحصة المذاقات الغذائية للكسكسي والخبز المغمٌس بزيت الزيتون حظوة كبيرة للزوٌار وضيوف تونس حتى يستزيدوا من التعرٌف على تقاليد وعادات الجهة .

    بذلك يمكن ان نصنٌف بادرة الجمعية وحرصها على تنظيم مثل هاته التظاهرات التراثية خطوة إيجابية لدعم السياحة الثقافية والإسهام من موقعها في التعريف بمميزات جهة حمام سوسة في المجال التراثي .

    لا نملك إلاٌ ان نحيٌي  رئيسة الجمعية التونسية الانجليزية للتربية والسياحة والثقافة الاجتماعية (So CuTE) ، صاحبة الفكرة والمدير التنفيذي للتظاهرة التي وفٌقت إلى ابعد الحدود هي والفريق العامل معها في تأثيث المشهد الثقافي بحمام سوسة  واستمرارية التظاهرة لتثمين تراث الجهة والمحافظة على مكتسبات الأجداد وتعزيز السياحة الوطنية .








ذكرى عابرة بقلم الشاعر محمود خليل رزق

 ( ذكرى عابرة )   بقلمي 6/9/2025


1_بياني دعاني لروضِ الأماني .....توشَتْ حروفي بأندى المعاني .

2_سقاني التّذكرُ كأسَ التصابي ......فأحيا فؤادي بذاكَ المكانِ .

3_مراراً قطفتُ زهورَ التّلاقي ......وعشتُ ربيعي بتلكَ الجنانِ .

4_حضنتُ خيالاً نديّاً نقيّاً ........ فأزهى شعوري شذا البيلسانِ .

5_توردَ خدٌّ بهيٌّ شهيٌّ ...................فألقى فؤادي بشطِّ الأمانِ.

6_فملتُ إليه فماست قدودٌ ........ وغنتْ ضلوعٌ جميلَ الأغاني.

7_ولمّا هممتُ بلثمِ الثغورِ.... .....بكى كلُّ حرفٍ وحظّي رثاني .

8_خيالُ الحبيبةِ فرَّ بعيداً .............. ......كماءٍتسربَ بينَ البنانِ

9_هوَ الحُبُّ يحيي فؤاداً جريحاً ........  ...مُعنَّىً كليماً بأيِّ زمانِ

10_ولكنَّ حظّي قليلٌ بخيلٌ ...........لأجلهِ دوماً حروفي تعاني .


محمود خليل رزق  / سورية


صَمْتُ الجُدرَان بقلم الشاعر سليمان بن تملّيست

 صَمْتُ الجُدرَان


تُطلُّ الكَلِماتْ

مِن نافِذَةِ المَعْنَى...

مَحْفوفَةً بِغُرْبَتِها!!!

في واقِعٍ...

يَحْتَفِي باغْتِيالِها!!!


تَتَعثَّرُ في أفواهِنا...

متَوارية في صَدى القَولِ،

مبتلّة بالحِبْرِ،

لكنْ لا تُفَسِّرُها العُيونُ،

وتكتمُ بوحها الجُدْرانْ!!!


تَصِيحُ،

ولا صَدى...

تَنزِفُ،

ولا شَفَقٌ يُضَمِّدُ نُطقَها!!!


فَمَنْ يُعيدُ لِحُرُوفِها المعنَى؟

ومَنْ يَفُكُّ قُيودَها...

ويُهديها الزَّمانَ... كما تَشاءْ؟!


بقلم  سليمان بن تملّيست 

جربة - الجمهورية التونسية



سيد الثقلين بقلم الشاعر غازي ممدوح الرقوقي

 .......... سيد الثقلين ...........

بحب رسول الله محمد تخشع القلوب والأرواح 

وتنجلي الهموم والأحزان ويعم السرور والأفراح 

جاء ليمحو الجهل عن أعيننا ونذيرًا هاديًا 

ومختارًا تضوع عطره وفاح مسكا وعنبرا 

صلى الله عليك يا سيد الأكوان ونور للعالمين 

يا رسول الله وخاتم الأنبياء وخير المرسلين 

يا بدر الدجى وقمر منير ذي القدر الرفيع 

كللت وجه الأرض بنورك وحسنك يا أحد بديع 

زرعت مكارم الأخلاق فينا ونشرت دين الإسلام 

وأديت الرسالة وعرجت للسماء وصليت بالأنبياء 

يا سيد الثقلين والصادق الأمين وحبيب الرحمن 

نهيت عن الشرك والبغي والآثام وعبدة الأوثان 

ورفعت راية الحق شامخة بين كل الأنام 

وأتيت بدين عزيز القوى وكتاب اسمه القرآن 

مسحت دموع اليتيم وصنت حرمة الناس 

وكنت رؤوف رحيم وشمس حق ومنبع الأخلاق 

وسراج أمتنا وشفيعنا مكسو بالجمال والكمال 

وعظيم الهيبة والوقار تكحلت المدينة من سناك 

ذكراك تروي القلوب عجزت بوصفك الكلمات 

دعوتك التوحيد ومنهجك الرحمة جئت بالبينات 

تفوح عبقا اتصفت بالجود والكرم والإحسان 

وجعلتنا أمة كرام نسأل الله الشرب من يمناك 

نقتدي بك يا نبي الرحمة وإمام الأنبياء الأتقياء 

ما خاب من سار على نهجك واتبع هواك 

غازي ممدوح الرقوقي 

سورية


" ايلول وأنا" بقلم الكاتبة فاطمة حرفوش - سوريا

 " ايلول وأنا"

              

             بقلم فاطمة حرفوش - سوريا 


ايلول يتهادى بمشيته، 

ويمشي الهوينا متأبطاً ذراع غيومه، ومسرجاً صهوة الرياح.

يرمى أوراقه الميتة، على رصيف الأيام،

وينقش الحزن بقلبي على وقع الخطوات،

عابثاً بمرح الأوقات.

يرافقني متكأً على جنوده، 

ويرمي ثقله في أفقي، فيغمر ذاتي،

غير مبالٍ بحالي. 

فأتعثر بوقع خطواته، 

وتكتحل عيوني بغبار أوقاته.


يمر بقربي متباهياً، 

فأحتسي مرارة الخيبات.

أُلملم ما تيسّر من أحزانٍ معتقةٍ،

لمست وجهي بقدومه، 

وسكنت عمق أحداقي.

لكني لا ألبث بعد برهةٍ،

أن أعيد تدويرها لصالح وخير الأعمال، 

وأرمي بعضها بحكمة الأيام، 

وأعلق ما تبقى منها على مشجب النسيان.

 

أنا .. ياأيلول ابنة الربيع،

لن يقرب خريفك من جميل أثوابي.

اهدر بموجك، واعصف كما يحلو لك

ماعادت تُرهبني صوت رياح أحزانك،

حتى لو أيقظت من سباتها العميق أشجاني.

سأعانق ما يأتي منها بصمت ناسك،

يتقن فن تأويل الأحداث.

وأعتقها في محراب صبري،

وأحرقها في آخر المطاف في موقد الشتاء. 

فمن رماد نارها ينهض، 

وينطلق محلقاً في عالي سمائي، 

فينيق فرح أيامي.

وتزهر مجدداً في رياض روحي 

حدائق الضوء، 

ويعود الهناء سريعاً رفيقاً دائماً لحياتي.



أكتب حبٌك بحبر الدم يا وطني ☆ شعر : جلآل باباي ( تونس)

 ☆ أكتب حبٌك بحبر الدم يا وطني ☆


         • شعر : جلآل باباي ( تونس)


أعطٌر  جبهة الوجه من رَحِم ترابه

أرمٌمها عثرتي

لا اكترث بالريح والحصى الشديد 

انفض غبار الطريق

ملتصقا بشبابيك الشمس

انتفض على الشيطان 

أوجٌه بوصلة عتقي للزوايا 

بِوَافِر كُهولتي وطفولة الشريد 

اخشى هشاشتها 

أصابعي النائمة يسار الجسد

ذا وجهتي لا غير

ترشدني إلى مطاف الحلول

عند تلٌته العالية و فجر المواعيد

يجتاحني ماء الورد احمر 

مثل دمي اكتب به ملحمة الطاعة 

لي وطن...يزدان بنجمة   

وهلاله يتطاول على الغيم العنيد

أزرعني سنبلة في اقاصيه

ازرعني صهيل سيف صلاح الدين 

في المعركة  

أعتصر من ملح صبابتي

إعصارا يقهر  الطغاة

أنحني للراية ، اغترف من سندسها

غضب الشهيد

ثم أعتزل الصمت

واعلن تهيامي للبلد

الذي طالني بالجموح 

من الوريد إلى الوريد

على أرض هذا الوطن

فوق كل شبر من واحاتها 

ما يستحق الفخر والتمجيد.


                      ▪︎ خريف 2025



إلى إمراةً تسكنني تكسرُ ضعفي وتعلن العصيان بقلم الكاتبة نجوى_بن_عرفة

 إلى إمراةً تسكنني  تكسرُ ضعفي وتعلن العصيان

تهرول مني هرولةَ طائفٍ وسط الزّحَام

 تصيح في  مقبرةَ صمتي 

تبحث عن أثرِ الفراشةِ العالق بي 

تقول لي  فلتنهضي  من رمادِكِ 

إن ما تكتّمتْ عنه الأسطورة أن إمراةٓ من نارٍ أعادت الروحَ لطائرِ العلقاء

  أبحثي  عن نورَك في الوجهِ الآخر للمرآهْ

ِفأمتثلُ إمتثالَ جوادٍ يكبحُهُ اللّجام ْ


تجوب في لحظاتِ خلوتيِ مدنا وبحارْ

أقول لها قد لا يكفيكِي مجموع َما بمتجرِ احذيةٍ لليلةٍ واحدة َ

لو سرت بأقدامِكِ ما تسيرينَهُ بالافكارْ 

إمراةٌ  تضعُ مساحيقَ زينةٍ والوانٍ فوق جرحٍ نازفٍ ما نفعَ معهُ قطبٌ ولا ضمّادْ


تحملُ أكاليلَ صبرٍ من ضوء النجمات ْ


خبأت   اوجاعها بين  وسادة مضجعِها ومناديلُ الدمعِ وبعضُ قصائدِ النيسانْ


 لقد كابدتْ لتظلٌَ الرّوحَ عالقةً بالحياةِ

فإتهموها بالمكر شهرزادْ


ِوما ركنتْ يوما قصتَها الي دفاترِ النسانْ

وصارت روايةٌ ترويها  أجيالا وأجيالْ

إمراةً بعثرت تاريخَ رجلٍ شرقيٍ بحكمة وإتقانْ

ووقفت بثبات فكانت أشدّ ذراوةً من سيفه المسلولْ 

وجعلته يرى الألوان زاهيةً رغم إصابتِهِ بعماءِ الالوانْ


فلتتحلى بمكرِ شهرزادَ جميعُ النساءِ

فالتاريخ لا يمجّدُ غير الابطالَ العظماءْ

نجوى_بن_عرفة



((حسنك خطف الأضواء )) بقلم الشاعر/شاكر الياس

 ((حسنك خطف الأضواء ))


بقلم/شاكر الياس 

شاكر محمود الياس 


العراق/بغداد 


بتاريخ/٧/٩/٢٠٢٥

أحب قسمات وجهك 

حسنك يخطف الأضواء 

كأن النور يسكن 

هذا الوجه الجميل 

براءة تطغى  

حاضرة في أروع 

الخصال وحلو الصفات 

يرفرف خافقي 

حين يراك ولو طيفا 

يكتب في الفؤاد 

أحبك من الياء للألف 

فلا يتغير المزاج مغرم 

بك دون قلق 

أنا من وضع الأساس 

وجل كلمات الوداد 

غيرك لن يغريني 

حملتك جرحا وأه 

أنت الثمين العزيز 

نقي مثل بلورات الزجاج 

شفاف القلب والروح 

تجاوزت معك جل الصعاب 

وهيأت لك الفرص 

حبك كان لي أرث 

أيها السموح اللذيذ 

أريد أن أصرخ 

الله ساق العوض 

ذهب ذاك الفراغ 

تجملت الصورة 

وأبرقت اللحاظ 

مجنون بك لو 

هجرت غفوتي والفراش 

وتواريت عن البرية 

أعتزلت قبل نهاية الشوط 

نقي مثل اللؤلؤ 

يا وجه القمر 

مغرم دون شك 

أتنفس لست مومياء 

ولا كساني الكفن 

حي قلبي الأصيل 

والفرح بان وطغى 

سحر غزى تلك الربوع 

يرسم أجمل اللوحات 

هنا تجلت سعادتي 

حضرت الأن جسدا وروحا 

أقترب ذاك الموعد 

المؤجل للأسف 

عطر وشوق وهيام 

وزهوا عانق الأفق 

الأن تعلمت فهم الدرس 

فحوى الحديث الممهد 

عيناك أراها تغازلني 

والروح تحتضن ألف أه 

جوارحي لها أهتزاز 

برهة يحل بي أحراج 

احضنك أبكي وانوح 

حضر القمر فلا غياب 

قد نلت أحلى الفرص 

أنا لك لا نصف ولا ثلث 

جلب النسيم عطرك رذاذ 

تجاوز القصور والأكواخ 

سكن أجمل أرض 

جلب الربيع حبك مستساغ 

غالية مثل البلورة 

والله خير حافظ 

سأبقى أهواك لو 

 أصبحت طريح الفراش 

يا زهرة القلب الندية 

وضعت على الحروف النقاط 

نامي بين الجفن والبؤبؤ 

تجمل المساء ولاح البدر 

نزعت الوهم والشك 

أنت أجمل الأشياء 

حقيقة تمحوا الظنون 

تجلت شمسك لا محال 

أخترتك دون الورى 

وأبصرتك وسط الجموع 

حقآ كأن لك أجمل الصفات 

حبك أراه سرمديا 

نور يضاهي بريق الأنجم 

يكتب شهادة الميلاد 

يخطها بأجمل الحروف 

أحبك دون خوف أنا مغرم 

وأفكاري تسرح بين شفق وغسق 

يمر الليل شبه أفاق متغطرس 

يسلبني الطمأنينه 

يخلط أوراق الوهم 

المعتق في الذاكره 

صور وأطياف تحركها أصابع 

الخداع المقيت 

وأنا أبحث عنك في 

أدق التفاصيل 

أنت الحضور الألق 

وفي الفؤاد لك ألف رمز



أُحاوِلُ أَنْ أُغادِرَكَ بقلم الشاعرة سمية المشتت

 أُحاوِلُ أَنْ أُغادِرَكَ انْعِزالا

فأَغْرَقُ فِيكَ، لا أَلْقى مَجَالا


تُلاحِقُني خُطَاكَ بِكُلِّ دَرْبٍ

كَأَنَّكَ في دَمي صَوتٌ تَعالَى


نَسِيتُ جَمِيعَ مَنْ أَحْبَبْتُ يَومًا 

وصِرْتَ بذِكْرِكَ العَذْبِ اخْتِزالا


فإِنْ غابَ الهَوَى عَنِّي قَلِيلًا

وَجَدتُ نَدَاكَ يَنْسَابُ انْثِيالا 


كأَنَّكَ في فُؤادي لَحْنُ حُزْنٍ

يُعانِقُ لَوعَةَ الرُّوحِ اشْتِعالا    


ومُنْذُ الهَجْرِ صَارَ جَمِيعُ دَرْبي

ظَلامًا يُوْقِدُ التِّيهَ احْتِفالا 


أُطِيلُ الصَّمتَ في لَيلِ اغْتِرابي

كأَنَّكَ كُنْتَ لي حُضْنًا  وَزَالا


أَمُرُّ على الحَنينِ كأَنَّ وَجْدي

يُرَدِّدُ مُقْسِمًا : أنْ لا أَنالا 


تَغِيبُ فَتَسْتَبيحُ الدَّرْبَ رِيْحٌ

وتُطْفِئُ في دَمي الصُّبْحَ اغْتِيالا 


كأَنَّكَ حِينَ تَرْحَلُ لا تُبَالي

بِمَا يَطْوي الغِيابُ إِذا تَوَالى    


فَعُدْ، فالكَونُ بَعدَكَ مَوجُ وَهْمٍ

يُفَتِّشُ في المَدَى عَنِّي احْتِيالا

سمية المشتت


المطر بقلم الكاتب رشدي الخميري/ جندوبة/ تونس

 المطر

المطر في ظاهره، ظاهرة طبيعيّة تتكرّر في فصول محدّدة من السّنة، لكنّه لدى العديد من النّاس، يكتسي حالة نفسيّة مفعمة بالأحاسيس والمشاعر الدّفينة.

 وهو موعدٍ سرّيّ بين الأرض والسّماء في صورة قطرات ناعمة تطرد الغبار عن الوجوه وتتطهّر بها الأرواح. 

ينزل المطر ، فتتبدّل ملامح الوجود: الأرصفة تغتسل فتكتسب بريقًا يجعلها تلمع، الأشجار تلبس حلّة خضراء بديعة كأنّها تستعدّ لحضور حفل مهيبب، والهواء يكتسب أكثر نقاء فيبعث في الكون والنّاس روحا جديدة لبدايات مختلفة لكلّ حسب غاياته وأحلامه .

أن تستمتع بالمطر، ليس فقط في مشاهدة قطراته وهي تنساب على الأرض وعلى زجاج النّوافذ، بل أيضا بتأثيره العميق في النّفوس. إذ هو مزيج من الطمأنينة والبهجة، يذكّر الإنسان بأنّ الحياة بكلّ صعوباتها تحتفظ دوما بلمسات يختلف أثرها من شخص لآخر، وتمنح القلوب فسحة من الصّفاء والأمل. 

أثناء هطوله، تختلج في داخل المرء مشاعر قد يخالها غريبة أو جديدة عليه؛ فالأصوات المألوفة للمدينة تغيب، لتحلّ محلّها موسيقى السّماء، وإيقاعات متناغمة لا تحدثها آلات موسيقيّة، ولا أصوات فنّانين بل قطرات المطر الّتي ترتطم بالأرصفة أو الأشجار أو النّوافذ، وأسطح المنازل وهو مايجلب للعديد من النّاس الانشراح الدّاخلي، والرّاحة النّفسيّة، كأنّ كل قطرة تسقط تحمل رسالة تطمينيّة: لا شيء يدوم على حاله، ولا يأس مادامت الحياة متواصلة وما دامت هناك غيوم فسوف يصعّد النّاس لينفّسوا عمّا في دواخلهم. فالخصب والحياة مرتبطان بالمطر ، إذ لا ينبت الزّرع ولا تزهر الحقول إلّا بعد أن تتشبّع بهذا التّساقط العذب والعجيب.

في بعض الأحيان ترى من يتركون أنفسهم تحت المطر دون مظلّة، فتلك لذة أخرى: شعور بالتحرّر من الأعراف اليوميّة، وخروج عن المألوف وتحرّر من القيود. أي نعم قد يتبلّل هؤلاء النّاس، لكنّ أرواحهم تتخلّص من أعباء كثيرة وضغوطات جثمت على صدورهم، ويتصالحون مع ذواتهم في لحظة صدق.

 فتنطّ إلى أذهانهم أفكار جديدة ويصبح المطر بوّابة للفرح إذ هو قد يأتي من  الأشياء البسيطة: كوب شاي ساخن بجوار نافذة تقرع بأنغام المطر، أو في السّير البطيء في شارع هادئ تغمره رائحة التّراب المبتلّ، أو في محادثة قصيرة مع النّفس وهي تصغي إلى دقّات المطر وكأنّها رسائل علويّة.

المطر يغيّر المشهد الخارجيّ نعم، ولكنّه أيضا يوقظ فينا الطّفل الّذي طالما أحبّ الرّكض فوق البرك الصّغيرة، وصناعة القوارب الورقيّة، والإيمان بأنّ العالم مكان أجمل كلّما غسله الماء وابتسمت له السّماء بتساقطاتها.

رشدي الخميري/ جندوبة/ تونس


قصيدة رسالة إلى امرأة ما .... بقلم الشاعر على السيد محمد حزين

 قصيدة 

رسالة إلى امرأة ما ....

      بقلم/على حزين 

أشعر بفراغ عطفي 

فراغ داخلي, 

لا نهائي ، 

*

أشعر بفراغ هولامي 

فراغ يتمدد 

بداخلي ، 

*

يملأنِي, من رأسي

حتى أخمص 

قدمي , 

*

يقتلني بعدكِ يا امرأة

يقتلني جبنكِ, 

صمتكِ,  

وهذا التجاهل الغبي

*

بداخلي فراغ لا نهائي 

فراغ كبير جداً 

أسطوري 

*

فراغ عاطفي,

فراغ يتمدد بداخلي, 

يشبه صحراء قاحلة 

غول غير مرئي  

ومدى مظلم 

لا نهائي 

*

فلِمَ لا ترجعين إليّ

لتستقر الروح, 

وتهدأ النفس, 

ويسعد القلب 

الشقي

*

أيتها الفراشة الجميلة , 

هلَّا رحمتِ قلبي, ورحمتينِ 

وعدتِ إليّ

***********************

على السيد محمد حزين – طهطا  - سوهاج – مصر 

تمت مساء الأحد/٧ / ٩ /٢٠٢٥



'من هنا أكون' بقلم الأديب المختار المختاري

 'من هنا أكون'

بين السّماء وبيني فراغ

وكتل بأحجام تناسب ظلّها على الأرصفة

تمشي بضجيجها متطاوسة

... وخائفة

ونار تلبس حمرتها

تكبّ اللّهب في صدور نازفة

يا هذي الأرض كوني سطرا

... جملة 

في كتاب الأخبار الجائفة

فكم لقيت من غضبي

وما في الرّوح من تعبي وصخبي

و ما في قلبي من آيات حبّ قاصفة

هذا البحر شاسع 

يصل ولا يصل 

ويصل إلى غاية مرتبكة.. ناسفة

هذي غزّة أرض القيامة

وهذي عروقنا تنبض موت

والموت في شرعتنا 

كلمة سافلة 

من قاموس لغة عارفة

وليست بعارفة

فكلّ أرض لها ربّ 

ولنا ربوبا غائطهم قرآن أمة ميتة القلب

دمها نبيذ أعدائها

وروحها قصّة منفوخة فيها 

من وحي سيوف لرقاب ناسها قاطفه

وهذي جامعة الإوزّ الذليل 

ترقص على جثث أهلها

لتندّد 

وتشجب

وتبول في سراويلها قيادات راجفة

ومناكفة

ذي صورة من واقع أبله أعيش تفاصيله

وأخطّ على الدّمع ملح جرح

كم أهملته في أيّام القحط 

ما وهبتني سمائي من عاطفة

وأقرّ بهزيمتي

لكن من هزمني هو منّي

يلبس إسمي

وفي جوهره أباليس على فعلتها عاكفة

هموا الرموز التي يشكيها التاريخ

لحقيقته

فلا هو يذكرهم بغير جريمة

ولا هو يعيرهم فكرته

ليكونوا سوى قحاب تتراقص في محفل ليل أحمر

في صحراء تراها على همومنا متحالفة

أي قرود 

وأي أصنام 

يعبدها أزلام المناصب والمكاسب

وأي ضباع على شعوبها عاكفة

وها أقيد سيجارتي من نار القلب

وألهب كأسي بأوتار حزني العازفة

رحابة روحي

وأفكاري التي تسري في هشيمها وارفة

وأرى عمري يمرّ قدّامي

في بلاد ليست منّي

ولا أنا منها

مادام تقودها عقول ناشفة

أما كان لي حلم وطن

أما كان لي حلم شعب

أما كان لي حلم أمّة

تقود الكون قاطبة لمقامة العاصفة؟

ها أنا اليوم أراها على هزيمتها متراصة متكاتفة

فيا سيّدا بيانات التنديد

إعلم علم اليقين أنّ وجودك كلّه

بين السّماء وبيني فراغ

وبين كتل بأحجام تناسب ظلّها على الأرصفة

تمشي بضجيجها متطاوسة

... وخائفة...

08/09/2025

المختار المختاري



الأحد، 7 سبتمبر 2025

حراك يوليو وصحوة الحناجر الصامتة بقلم الكاتب جلال باباي (تونس )

 🚩 حراك يوليو وصحوة الحناجر الصامتة 


               🚩جلال باباي (تونس )


🔹إلى كل الجياع والفقراء والمستضعفين في الأرض◾

 


كل الحناجر على اهبة الوقوف في وجه الطغاة والأثرياء 

 هم العمٌال تحت الشمس

يقتفون رائحة الغضب 

يتأجٌج القلق فوق الإسفلت 

تنتشر الصيحات في المفترقات:

" أيها الفاشلون أنتم مَن جوّعوا البشر..!!"

تلك الساحاتُ حاميةُ

والصهيل يغمغم في اجساد المساكين 

لمَ التلكؤ يا ابطال حراكنا!!

انتم تموتونَ جوعاََ في غرف القشٌ 

وَهُم يتحصٌنون بابراجهم شقيقة السماء 

نريدها هبٌة واحدة

نريدها ثورةِِ حمراءَ صاخبةِِ

ديدنها غضب سحيق للمظلومين واغتراب تغلغل أفئدة  الأشقياء

تنتفض الايادي

يحتضر الشعب زمن الوباء 

قد جوّعه من يدٌعي مخافة الله

بلا ذنب يُجرٌَمِِ في وطني كل النزهاء 

 قد تفشى،

 في صفوف الناس الموت الرحيم... فاين الشرفاء؟

انهضوا ايها الناس من سُباتكمُ

حلٌت ساعة رحيلهم هؤلاء الغرباء

 لا نريدها هبّة أخيرة 

 الى الساحات المفتوحة

 لا نخشى وعيد السفهاء 

واقتحموا صرح الطغاة ومن والاهم 

من الظالمين الأشقياء 

لا نخشى المنايا ولا نستصعب الخطر

نسحقهم بأيدينا وأرجُلِنا

نحن الشرفاء 

لن نبقي لهم اثرا

فالشعب يريد....إسقاط خفافيش الشتاء

إنها ثورة الشوارع الساخنة

 سيولد من رحم الحراك

 نصر قريب لمعشر النبلاء .


           تونس/🔹٢٥ يوليو ٢٠٢١



جديلة الريح بقلم: الكاتبة هدى حجاجي أحمد

 جديلة الريح


رأت نفسها تمشي في ممرّ طويل بلا أبواب.

الجدران من زجاج، خلفها وجوه كثيرة تحدّق بها، لكنها لا تسمع سوى الصمت.

كانت تحمل بين يديها جديلة شعر، طويلة، تتماوج كأنها حيّة.

شدّت عليها بقوة، تخاف أن تنفلت منها… فهي آخر ما تبقّى لها من حياةٍ مضت.


فجأة، انفتح سقف الممر، وهبّت ريح عاتية.

انتزعت الجديلة من يدها، رفعتها عاليًا، ثم بعثرتها في الهواء كغبارٍ ذهبي.

صرخت بكل ما أوتيت من وجع: “انتظريني… لا تتركيني!”


لكن الريح ابتلعت الصوت، ولم يبقَ سوى صدى متكسّر.

سقطت على الأرض، احتضنت الفراغ، ثم ابتسمت بمرارة:

حتى الريح تعلّمت كيف تسرقني.


وقّعت أسفل الصفحة:

بقلم: هدى حجاجي أحمد



من الذاكرة المثقلة بالرحيل بقلم الكاتب حسين عبدالله جمعه

 من الذاكرة المثقلة بالرحيل

بقلم حسين عبدالله جمعه 


ألو... ألو...

خانته العبرات، وانفجر بالبكاء. انبرى خلف آهة مكبوتة، وخلف خوفٍ مما ينتظره.


في بلادنا، علّمونا أن الرجال لا يبكون، وصوّروا الرجل غريندايزر أو طرزان. لكن... أليس الرجل إنسانًا؟ أليس للإنسان أن يبكي؟ عجبًا لمجتمعٍ يعيب على رجلٍ دموعه في فاجعة!


راح يختبئ وراء صمته الحديدي، بينما أحاول أن أواسيه، أن أخفف عنه معاناته مع المرض العضال، ومع الحرب التي هجّرته من بيته.

قال لي: "كم أنا مشتاق إليك يا أبا علي، إلى جلسةٍ معك، ولو لساعتين فقط. لقد طالت الحرب، والمرض أنهكني... الحمد لله على كل حال."


بكيت لبكائه. أبكاني الحنين وأشياء أخرى: رائحة النارنج والياسمين، المشي ليلًا في شوارع دمشق، دمشق التي سلبت روحي ونثرتها على قمة جبل قاسيون.


لا أدري على ماذا نبكي أنا وصديقي ابو عمر... ربما على الحنين، على الأحلام، على العجز والمرض. وربما على ابتلاءاتٍ لا تشبه ابتلاءات الآخرين.

حتى أن مصادفة مولدينا في اليوم نفسه كانت تشبه القدر، مثل زهرة قرنفل وردية في دمشق القديمة، مثل تناول الفته في الشيخ محيي الدين والمشي في باب توما.


أتذكر زيارته لي يوم مولدي في بعلبك، قبل أن يسقط الأمان في لبنان، وقبل أن تنهار سوريا. قلت له: "كن قويًا، وانتصر... فالحب والأمل سلاح المؤمنين."

لكن صوته انكسر بين شهقاتٍ ودموع.


لم تمضِ أيام كثيرة على تلك المكالمة، حتى جاءني صباح بارد يشبه الرحيل، والقهوة الباردة على الطاولة. فتحت هاتفي... فإذا بخبر وفاته يملأ الشاشات. رحل صديقي، كما رحل الأمان من مدننا.

تناثرت القرنفلات أرضًا، وانهمرت دمعة أخرى.


لماذا كل الذين نحبهم... يرحلون سريعًا؟


حسين عبدالله جمعة

سعدنايل - لبنان

نـداء الأمـة بقلم الـــشــاعــرة نـــســريــن بــدر(مــصــر)

 نـداء الأمـة

********* الـكـامـل

يـــاأُمَّــةَ الإِسْـــلامِ هُــبُّــوا واسْــمَـعـوا

جــيْـشُ الأعـــادِي فـــي بِـــلادي يـرتـعُ


قَــــدْ دنَّــسُــوا أرْضَ الـعُـروبَـةِ جَــهْـرَةً

فَـتَـكـوا بِــنـا فــعـلَ الـطُّـغاة وأوجَـعُـوا


فــإلــى الــجِـهـادِ تَـجـمَّـعوا وتَــوحَّـدوا

بـالـسَّـيْفِ نُــرْغِـمُ مـــنْ أسَـــاء ونَـدفَـعُ


إنَّ الــنَـجـاحَ لِــمَــنْ يُــجَـاهِـدُ صــادِقًــا

فـامْـضُوا عَـلـى نَـهْـجِ الـكِـفاحِ لـتُبْدِعوا


إنْ لــــمْ نُــفـجِّـر بــالـرُصـاصِ عِـصـابـةً

سَــتَــظَـلُّ أوطَـــانــي تَــئِــنُّ وتَــجْــزَعُ


هـــــذَا نِـــــداءٌ صَـــــارِحٌ فِـــــي أُمَّــــةٍ

إِذْ لَــــــمْ تَـــعُـــد لــكِـتـابـهـا سَــتُـقـطَّـعُ


أبْـــنــاءُ غـــــزَّةَ سَـــطَّــرُوا أمــجـادَهُـمْ

دَمُــهُــم عَــزيــزٌ فـــي الـمَـعـارِكِ يَـنْـبُـعُ


فـانْـظُرْ إِلــى الأطْـفـالِ كـيـفَ تـجـمَّعوا

وحِـــجـــارةُ الأرضِ الـسَـلـيـبَـةِ تَــلــمَـعُ


فــالــنَّــصْـرُ آتٍ لا مَــحــالــةَ ســـاطِـــعٌ

والــوَعْـدُ أقــربُ مــا يـكـونُ فَـأَسْـرِعُوا


سَــيُـزَلْـزَلُ الـطُّـغْـيَـانُ حَــتْـمـاً ســاعَــةً

ويُــــــرَدُّ مــنْــهـا غـــاصِــبٌ يــتَــصَـدَّعُ


هـــــذَا الــكِــفـاحُ سَـبِـيـلُـنَـا وعَـــزَاؤنــا

فــيـهِ الـقُـلـوبُ عَــلـى الــهُـدَى تَـتَـجَمَّعُ


إنَّ الـــحَــيَــاةَ بِــغَــيْــرِ دِيــــــنٍ ذَلَّــــــةٌ

فـاعْـلُـوا جِـبـاهَ الـعـزِّ دومــاً واخْـشَـعوا


قَسَـماً بأنَّ ال. مَ. وْ. تَ في سَـاحِ الوغَى

شَـــــرَفٌ عَــظِــيـمٌ لِــلْـفَـتَـى وتَــطــوُّعُ


فاللهُّ نــــاصِــــرُ ديــــنِــــهِ وجُــــنُـــودِهِ

وبِــصَــبْـرِنـا لــجُــنُــودِ بَـــغْــيٍ نَــقْــلَـعُ


فــاصْـمُـدْ وثِـــقْ بِـالـلّـهِ فـــي مَـيْـدانِـهِ

إِنَّ الــطُــبـولَ لـــوَعْــدِ رَبِّـــــي تُــقْــرَعُ


الـــشــاعــرة نـــســريــن بــدر(مــصــر)



نصان تانكا بقلم الكاتبة ألفة كشك بوحديدة

 نصان تانكا 


1


ملامح الصباح 

أول شعاع يضيء 

وجه مولود جديد 


من النافذة نور يعانق 

وجه الملائكة 


2


ملامح الصباح 

تغريدة العصفور ترافق 

بكاء رضيع 


بعد لحظات من الإنسجام 

هدوء تام 


ألفة كشك بوحديدة 


ألفة كشك بوحديدة


عتبة الحياة بقلم الكاتب الإعلامي محمد بن سنوسي

عتبة الحياة 

الواحد بعد الآخر و بلون العبرات وندى جبين متصبب وجهد مضني وقت السحر وقبل الشروق في عز سبات النيام تلوح في الأفق مصابيح الخلاص وتنكشف الظلمات على صباح أبدي يجني الساعي فيه ميراث أهل الفلاح بعد التسلح بالإستجابة لنداء الحصانة الالاهية.

هي خطوات متتابعة تمليها تعاليم مسيرة طلب القمة والتميز بعيدا عن سرداب الفشل وسهام اليأس القاتلة وهي تبث سمومها على مواقع الشرفاء فمن خضع لوهمها تكبد حياة الحفر طول البقاء ومن توشح لواء النصر سطعت بجوارحه لوحة الخلود بأقصى مكامن التاريخ بذاكرة ساكنة البسيطة ولو بعد حين متلذذا بالمناسبة بعطر الذمة الإلاهية تماما كالذي التزم بعطر السيرة وشذى الآيات نال التخليد من أهل السماء عند مليك مقتدر.

فترى النداء بجوارحك شاقا ظلام الليل بكلمات ذهبية داعية للفلاح قبل توغل أولى خيوط الضياء معلنه ميلاد يوم جديد و بين السطور قراءات متأنية لأولي الألباب بعظم أكوام النعم و ما يقابلها من حمد و شكر  وطلب لاستدامة المشهد الجميل.

فالحروف هنا معدودة تتفنن في خط الرسالة لطرق قلوب غافلة و مقفلة و لترسم بسمة الصباح مع الغسق دون تكلف

 و دون جهد فقط بحب عميق و منارة مرشدة لجنان الخلود

 و رضا العزيز ....ونفض غبار الكسل 

و الخمول و إعدام الذات في حضرة رحيم السماوات

 و الأرض.    

محمد بن سنوسي 

من سيدي بلعباس 

الجزائر



اللّيل بين الرّيف والمدينة بقلم الكاتب رشدي الخميري/ جندوبة / تونس

 اللّيل بين الرّيف والمدينة

يأتي اللّيل على الرّيف متأنّيا في مشيته، كأنّه يتحضّر للقيام بألعاب سحريّة تستدعي التّركيز. يمدّ خطواته متباعدة متناسقة، كي يتجهّز النّاس لمروره، فيغدو كلّ شيء هادئا، كأنّ الطّبيعة وسكّانها دخلوا في صلاة طويلة، أو لعلّ طلاسم السّاحر قد أدخلتهم في سبات عميق.

ثمّ تبرز النّجوم متلألئة في السّماء الصّافية، ويغمر القمر المكان بضوئه كأنّه خيمة نصبت لتحتضن سهرة من نوع خاصّ جدّا. وأثناء ذلك، تنطلق أصوات الحيوانات لتملأ الأجواء: نقيق الضّفادع من البرك، صوت البوم من أعالي الأشجار، وعواء الذّئاب وهي تتنادى لتجتمع حول فريسة ما، أو شأن يخصّها... فكأنّك أمام سمفونيّة تؤلّفها عناصر الغابة، وقائد أوركستراها هو الرّيف نفسه.

ما يزيد من حلاوة اللّيل في الرّيف نقاء الهواء، والنّسائم الّتي تمرّ بين سنابل القمح وأغصان الزّيتون والأشجار المثمرة، فتحمل روائحها عبر الأثير وتوزّعها في الفضاء.

أمّا في المدينة، فاللّيل لا يعرف السّكون. والأضواء الكهربائيّة لا تترك تقريبا مكانا للعتمة، بل تنتشر في الفضاء لتعلن عن حياة من نوع آخر لها طقوسها المختلفة عن طقوس الرّيف. ضجيج السّيّارات لا ينقطع، ويظلّ صوت النّاس حاضرا حتّى ساعات متأخّرة من اللّيل، فمنهم من هو في طريقه إلى سهرة، أو إلى عمل، أو ربّما في طريقه لامتطاء سيّارة أجرة نحو شأن معيّن. 

المقاهي تمتلئ بروّادها، وأصوات الموسيقى تختلط بالضّحكات وأحاديث المارّة الّذين يلتقون بمن استفاقوا  من نوم خفيف ليحلّوا محلّهم، وهكذا تتواصل الحياة، ويتّصل اللّيل بالنّهار، فلا تكاد تفرّق بينهما.

في المدينة لا مجال لسكون تامّ، ولا توقّف عن الحركة. إنّها عالم من الأضواء والدّوام المستمرّ، وكأنّ الزّمن لا يعرف التوقّف. 

ومع ذلك، يظلّ الرّيف في تناسق مع المدينة، ليعطي كلّ واحد منهما للآخر ما يحتاجه منه حتّى لا يتباعدا. وتبقى الطّبيعة والإنسان عنصرين متكاملين، يكتمل بهما المشهد هنا أو هناك.

رشدي الخميري/ جندوبة / تونس

أسطولُ الصّمودِ بقلم الشاعرة عزيزة بشير

 أسطولُ الصّمودِ والتّضامُنِ العالمي من برشلونةِ إلى غزّةَ لكسر الحصار ومنع الإبادة مكوّنٌ من ثلاثين سفينةًُ وثلاثمائةِ شخصيّةٍِ مرموقةٍ من أربَعٍ وأربعين دولةً مشكورين وفّقهُمُ الله!


قُلْ للعُروبةِ ،إسْمعي وَلْتنظُري

فالنّتنُ يُعلِنُ ماأرادَ…………بِخِسّةِ


كلُّ   البِلادِ  أضمُّها بِكَمالِها

لِتَكونَ كُبْرى العالمينَ،…..دُوَيْلَتي


ِلأُبيدَ كلَّ شعوبِها وأُريهِمو

قطْعَ الرّؤوس ؛ لِكَيْ …نعيشَ بعِزّةِ


ونكونَ شعبَ اللهِ ، حيْثُ اختارَنا

ونكونَ فَوْقَ العالمينَ،…أتَسْكُتِ؟؟


يا عُرْبُ  يا كلَّ الشُّعوبِ تأهّبوا

وَتَحرّكوا ؛كيْ تمنَعوهُ…………بِقوّةِ!


(غزّا)  أُبيدَتْ لَوْ لأَْمْتُمْ جُرحَها

ما كان يَطمعُ بالمَزيدِ ..…، عُروبَتي!


خرجَتْ قَوافِلُ من شعوبٍ (غَيْرِنا )

كُلٌّ يُطالبُ وَقْفَ كلِّ…….. .. ...إبادةِ


كلٌّ على   بُعْدِ المَسافَةِ  قد أتى 

مُتَضامِناً مِنْ كلِّ قُطرٍ  ……….أُمّتي


كلُّ يُطالبُ وقفَ حرْبٍ مَزّقتْ

أجسادَ شَعْبٍ للجَميعِ ……(بِغَزّةِ)


مَنْ لَمْ يَمُت ْبالقنْصِ ماتَ بِغيرهِ

عَطَشٌ وَجوعٌ في العَراءِ ..… بِخَيْمَةِ


هذي الشّعوبُ بذي القوافِلِ أقسَمَتْ

لِتفُكَّ عن (غزّا)الحِصارَ....لِإخوَتي


أوَلا نُشارِكُ ؛ كيْ نُعَزِّزَ  قُوّةً

وَنَردَّ ضيْماً عَنْ بِلادِنَا، ……. عِزْوَتي؟


لا (النِّتنُ) يقدرُ  أن يصُدَّ جموعَنا

لا تْرَمبُ يَقوَى على التّصدِّي لِوَحدَةِ!


حَيُّوا القوافِلَ والشُّعوبَ وردِّدوا

أللهُ ينصُرُ  مَنْ يُعينُ ……….لِنُصْرَةِ !


عزيزة بشير



تحولات العاشق ٠٠ !! الشاعر والناقد والأكاديمي و المفكر المعمر [ أدونيس / ١٩٣٠ م - ] بقلم الكاتب السعيد عبدالعاطي مبارك الفايد - مصر ٠

 تحولات العاشق ٠٠ !! 

الشاعر والناقد والأكاديمي و المفكر المعمر [ أدونيس / ١٩٣٠ م - ]

بقلم / السعيد عبدالعاطي مبارك الفايد - مصر ٠

" هربت مدينتنا

 فركضت استجلي مسالكها

فنظرت لم المح سوى الأفقي

ورأيت أنا الغائبين غداً 

والعائدين غداً

جسداً أُمزقه على ورقي ٠٠" ٠

-----

" رافقتكِ إلى المدرسة

سرقتْ خطواتنا أجراس العتبة

جلستُ إلى يساركِ في الصف

نمتُ بين أهدابكِ وما رأيتك

ثيابكِ الأقاليم والفصول دربكِ إلي ٠٠ "

٠٠٠٠٠

و أدونيس شاعر معمر مهاجر ،  فقد ناهز من العمر قرابة ٩٥ عاما ، و مازال يعيش الشاعر السوري اللبناني أدونيس حاليًا في باريس، فرنسا، حيث استقر فيها منذ عام 1975.  

و قد كتبت عنه من قبل عدة دراسات و مدى تأثر الحداثة بمنهجه لغة و تعبيرا في توظيف أدواته داخل عملية الإبداع الفني هكذا ٠٠

و ها هو الشاعر العاشق أدونيس يغرق بين أهداب الصوفية حيث يوظف المفردات في دائر الحب و يترنم بين الجسد و الروح في ثنائية تكشف مسار هالات الجمال بمثابة ومضات و مقاطع تختصر المشهد في تجليات تجربته في إطار الحكمة و الفلسفة و استدعاء الرمز في تداخل طبيعي ، و الذي يخلد عبقرية النص و رغبة وجودية نلمحها في خطابه الصوفي الشعري مع حالة إشراقية و إسرافية معا ٠

و يظل يعزف صوب المجهول لعل صدى المطلق يتصدع لحنا شهيا ٠

و مغامرات الحب و مقامات العشق في فواصل و مقاطع تعكس ملامح رؤيته في ملحمة تدور حول التأملات بين مسافات القهر و الغربة و الشعور بالانفلات و بالانفصال يبحث كفيلسوف متعب من البحث حول الحقيقة من جديد شاعر متيم يغازل المرأة كحلم فارس قديم ، و كغواص ليل يجهل الشاطىء فينتظر الصباح عند ظلال متوالياته في دهشة و كبرياء ٠٠


أليس هو القائل :

كتبتكِ على شفتيَّ وأصابعي

حفرتكِ على جبيني ونوَّعتُ الحرف والتهجيةَ

وأكثرتُ القراءات

أيتها المرأة المكتوبة بقلم العاشق

سيري حيث تشائين بين أطرافي ٠٠

= نبذة عنه :

وُلد الشاعر والناقد والأكاديمي 

علي أحمد سعيد إسبر المعروف باسمه المستعار ( أدونيس)   قي عام  1930م ٠ و هو مفكر سوري - لبناني - فرنسي، ولد في قرية قصابين التابعة لمدينة جبلة في سوريا. تبنّى اسم أدونيس (تيمناً بأسطورة أدونيس الفينيقية) الذي خرج به على تقاليد التسمية العربية منذ العام 1948. 

نال الجنسية اللبنانية مع أسرته في العام 1963. 


= مع ثورة أدونيس الشاعرية :

نعم لقد قاد أدونيس ثورة حداثية في النصف الثاني من القرن العشرين، «حيث كان له تأثير زلزالي» على الشعر العربي يمكن مقارنته بشعر تي إس إليوت في العالم الناطق بالإنجليزية.

 ويعتبر البعض أن أدونيس من أكثر الشعراء العرب إثارة للجدل. فمنذ أغاني مهيار الدمشقي، استطاع أدونيس بلورة منهج جديد في الشعر العربي يقوم على توظيف اللغة على نحو فيه قدر كبير من الإبداع والتجريب تسمو على الاستخدامات التقليدية دون أن يخرج قط عن اللغة العربية الفصحى ومقاييسها النحوية. 


* من مؤلفاته :

تشمل منشورات أدونيس عشرين مجلداً شعرياً وثلاثة عشر مجلداً في النقد. له عشرات الكتب المترجمة إلى العربية تشمل شعر سان جون بيرس وإيف بونفوا، وأول ترجمة عربية كاملة لكتاب أوفيد «التحولات» (2002). 

تم طبع مختاراته متعددة المجلدات من الشعر العربي (ديوان الشعر العربي)، والتي تغطي ما يقرب من ألفي عام من الشعر، أكثر من مرة منذ نشرها في العام 1964.

يعد أدونيس منافسا دائما لجائزة نوبل في الأدب، ووُصف أدونيس من قبل البعض بأنه أعظم شاعر حي في العالم العربي. 


* مختارات من شعره :

مع قصيدة  بعنوان ( أول الشعر ) كتبها أدونيس عام ١٩٧٩ م ، و من ثم يطوف بنا منذ التهجي و الصمت بحروف العشق في صومعة العاشق المتبتل بين شاطىء المجهول المهجور يرسم لنا لوحاته الفنية ببراءة الطفولة و يمضي يحصد من رحلة العمر قصيدته صدى للحياة حيث يقول فيها :

أجمل ما تكونُ أن تُخلخلَ المدى

والآخرون بعضهم يظنّك النّداءَ

بعضهم يظنّك الصّدى.

أجمل ما تكونُ أن تكون حجّةً

للنور والظّلامِ

يكون فيك آخرُ الكلامِ أوّلَ الكلامِ

والآخرون بعضهم يرى إليك زبدًا

وبعضهم يرى إليك خالقًا.

أجمل ما تكون أن تكون هدفًا

مفترقًا

للصّمتِ والكلامِ .

أول التهجية

 

نقدرُ، الآنَ، أن نتساءلَ كيف التقينا

نقدرُ، الآنَ، أن نَتَهجّى طريقَ الرّجوعْ

ونقولَ: الشواطىءُ مهجورةٌ،

والقلوعْ

خَبَرٌ عن حُطامٍ.

نقدر، الآن، أن ننحني، ونقولَ: انْتَهَيْنا .

قيس

 

كان قيسٌ يقول: اكتسيتُ بليلى

وكسوتُ البَشَرْ

ورأيتُ إليه يُغطّي

وجنتيهِ بنارٍ

ويسامرُ غاباتها ويُطيل السّمَرْ.

ورأيتُ إليه يلمُّ القمَرْ

حُفنةً حفنةً من ضِفافِ السّهَرْ .

أول الكلام

 

ذلك الطّفل الذي كنتُ، أتاني

مرّةً

وجهًا غريبًا.

لم يقل شيئًا. مشينا

وكِلانا يرمقُ الآخرَ في صمتٍ. خُطانا

نَهَرٌ يجري غريبًا.

جمعتْن، باسْمِ هذا الورقِ الضّارب في الرّيح، الأصولُ

وافترقْنا

غابةً تكتبها الأرضُ وترْويها الفصولُ.

أيها الطّفل الذي كنتُ، تَقَدَّمْ

ما الذي يجمعن، الآنَ، وماذا سنقولُ؟!٠


و أخيرا هذه كانت إعادة قراءة لعالم الشاعر أدونيس ، بمثابة أمواج في معالم الشعر  الذي ولج من خلاله دائرة الحداثة بعمق فلسفي صوفي عشقي يغرق في محيط كلمات تختصر لنا ثنائية الروح والحياة دائما ٠



نَصِيحَةُ قَارِئٍ بقلم الشاعر محمد جعيجع

 نَصِيحَةُ قَارِئٍ : 

................................. 

جَمِيلٌ نَشرُكُم.. شُكرًا عَلَيهِ ... وَلَكِن صُورَةٌ سَاءَت إِلَيهِ 

أَقُولُ لِنَاشِرٍ شِعرًا وَنَثرًا ... أَتَنشُرُهُ وَعُريٌ يَمتَطِيهِ ؟! 

أَتُكرِمُنَا طَعَامًا أَو شَرَابًا ... شَهِيًّا وَالذُّبَابُ وَلَغنَ فِيهِ ؟ 

وَكَيفَ يُحَطُّ شُربٌ أَو طَعَامٌ ... عَلَی عَینِي وَنَفسِي تَشتَهِيهِ 

وَدُونَ القُربِ مِنهُ سَأَلتُ نَفسِي ... أَأَقرَبُهُ وَعَينِي تَزدَرِيهِ ؟ 

جَوَابٌ قَد أَتَى دُونَ انتِظَارِي ... يُجَسِّدُ لابتِعَادٍ يَبتَغِيهِ 

وَلَو حَمَلَ الدَّوَاءَ وَفِيهِ بُرئِي ... وَلَو کَتَبَ الشِّفَاءَ لِأَرتَضِيهِ 

فَلَا تَنشُر قَبِيحًا فِي جَمِيلٍ ... وَلَا تَترُك إِسَاءَتَهَا عَلَيهِ 

وَقَدَّمتُ القَصِيدَةَ مِن فُؤَادِي ... بِنُصحٍ وَاعتِذَارٍ يَعتَلِيهِ 

................................. 

محمد جعيجع من الجزائر  - 25 جوان 2025م



تطريز عبارة "سِراجٌ مُنيرٌ" بقلم الشاعرة منية محمد عفلي

 تطريز عبارة "سِراجٌ مُنيرٌ"

                 

سبحان ما خلـق الإلـه ومــا بــرا

للكـونِ نــورًا طــاهرًا ومُبشـّــــرا


رجــلاً خَــلوقًا ،راجحًا ،متسامحًا

سيفًا على عُنقِ الضــلالةِ مُشـهَرا


أدبًـا يفيـــضُ إذا قـرأتَ خصـالَـهُ

فهـو النبــيُ الهاشمـيُ مــن الورى


جمع الأصــالةَ والأمـانَةُ ، والهـدى

وبما أتــــى زان الوجــودَ وأبهــرا


ما كانت الصحـراءُ تنفـضُ زيفـها

لـــولاهُ ،إذ زرعَ الوفاءَ فَـــأزهــرا


نــورُ علــى نـورٍ يُعــــانـقُ بَعضـه

أرساهُ في الكون الكفـيف فأبصرا


يا أيها المصــباحُ في حلل الدّجى

يا من جعلتَ الكون سهلاً أخـضرا


رفعتكَ أشــرعةُ السـماء مطـــهرا

وبقيتَ في روح الأنـــام مطـــهرا

الشاعرة منية محمد عفلي



دموعي غزيرة..ومواجعي بحجم هذا الوطن..! بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 دموعي غزيرة..ومواجعي بحجم هذا الوطن..!


(دموع غزيرة بحجم الوجع..تنسكب على خد نحاسي)


إلى روح إبني ذاك الفتى الغض..الذي رحل دون وداع..بعد أن استرددت برحيله حقي في البكاء..


أنا متعَب كزيتونة أحرقها الصقيع..كزهرة لوز تناستها الفصول..كيتيم يسير حافيا على ثلج الدروب..

متعَب.."والزمان ابتلاني..مجوسية قصتي..معبد النار فيها..وقلبي على عجل للرحيل.."

أسافر أحيانا عبر الغيوم الماطرة..وأرحل إلى مدن لا رفيق لي فيها ولا صديق..

وأحطّ رحالي بتلك البقاع القصيّة كطير غريب حطّ على غير سربه..

أحتاج أبي الآن كي ألعن في حضرة عينيه المفعمتين بالأســى غلمانا أكلوا من جرابي وشربوا من كأسي واستظلوا بظلي في زمن القحط والجدب..لم أبخل عليهم بشيء وعلّمتهم الرماية والغواية والشدو البهي..

واليوم تحلّقوا في كل بؤرة وحضيض لينهشوا لحمي..وحروفَ إسمي..

آه أمّي..كيف سمحت لنفسي بتسليمك إلى التراب..؟!

أمّي التي خاضت تجربة الحياة بمهارة..مازالت ظلالها ممتدة من الجغرافيا إلى ارتعاشات القلب..

مازالت هنا رابضة على عتبات الرّوح مثل رفّ جناح..

وما زالت أسمع تراتيلها وصلواتها كلّما مرّت رياح الجنوب بحذوي..مازلت أرى طيفها في الأيّام الشتائية الماطرة حين السحب تترجّل على الأرض ضبابا..أستجدي عطفها أحيانا..فتتسربل بالغيم وتتوارى خلف الهضاب..أبكي قليلا ثم أقتات من مهجة الليل..وأنام..

أما أنت يا-غسان-يا مهجة الروح:

اقتادتك-الموت-من يد روحك إلى فردوس الطمأنينة،بل ربما إلى النقيض..ولكن الأبناء البررة يولدون مصادفة في الزّمن الخطإ،ويرحلون كومضة في الفجر،كنقطة دم،ثم يومضون في الليل كشهاب على عتبات البحر..

إبني ومهجة روحي:

منذ رحيلك وأنا أحاول مجاهدا تطويع اللغة،ووضعها في سياقها الموازي للصدمة..للحدث الجلل..إننّي مواجه بهذا الإستعصاء،بهذا الشلل الداخلي لقول الكلمات الموازية،أو المقاربة لرحيل القمر والدخول في المحاق..

ولكن الدّمع ينهمر نزيفا كلّما لاح لي وجهك من شقوق المرايا..

ماذا تعني كلمات أو مفردات:منكوب أو مفجوع أو مدمّى أو منكسر؟

لا شيء..سوى الفراغ الذي كنت تملأه فيما مضى.يتسع بك ويضاء بالبهاء الإنساني والغنى الروحي الحزين جراء فساد العالم وخرابه..

الآن بعد رحيلك-القَدَري-أعيد النظر في مفاهيم كثيرة،ربما كانت بالأمس قناعات راسخة،الآن تبدو لي الحياة بكل مباهجها كأنّها مهزلة وجودية مفرغة من أي معنى سوى الألم والدموع..

وأسأل نفسي :

هل كان الحمام الجنوبي يعبّر بهديله عن رغبته في اختطافك إلى الفضاءات النقية لتكون واحدا من-قبيلته-بعيدا عن الأرض الموبوءة بالإنسان الذي تحوّل إلى وحش ينتشي بنهش الجثث،قاتل للحمام والبشر،معيدا سيرة أجداده القدامى منذ قابيل وهابيل حتى الآن..؟ !

غسان:

الزّمان الغض،المضاء بشموس النصر والتحدي.الزمان المفعم بإشراقات القصيد،ما قبل إدراك الخديعة،بغتة الصدمة ولسعة القدر..

-تطاوين-الجاثمة على التخوم الفاصلة بين البسمة والدمعة ترثيك.فرحة هي النوارس بمغادرتك عالم البشر إلى الماوراء حيث نهر الأبدية ودموع بني البشر أجمعين..

أنت الآن في رحاب الله بمنأى عن عالم الغبار والقتلة وشذّاذ الآفاق،والتردّي إلى مسوخية ما قبل الحيوان.

نائم هناك على التخوم الأبدية،وروحك تعلو في الضياء الأثيري،طائرا أو سمكة أو سحابة أو لحنا في موسيقى.لقد غادرت المهزلة الكونية للعبور البشري فوق سطح الأرض.

في الزمان الحُلمي،كما في رؤيا سريالية،سأحملك على محفة من الريحان،بعد تطهيرك بمياه الوديان،من مصبات الأنهار والمنحدرات الصخرية بإتجاه البحر..سيسألني العابرون :إلى أين؟

في السماء نجمة أهتدي بها.أعرفها.تشير دوما إلى الجنوب.أنت أشرت إليها ذات غسق وهي الآن فوق-مقبرة تطاوين المدينة-تضيئ القبور بلمعانها المميز عن بقية الكواكب.وهي تشير كذلك إلى المرقد والمغيب فوق أفق البحر في أواخر المساءات.أحملك نحوها لتغطيك وتحميك بنورها الأسطوري لتدخل في ذرّاتها وخلودها الضوئي..

قبل هذا الإحتفال الأخير سأطوف بك حول-شارع طارق بن زياد-الذي أحببته،حيث يرثيك أبناء حيك ومجاييلك من الفتيان أمثالك..بدمع حارق يحزّ شغاف القلب..

يسألني العابرون أو أسأل نفسي:هل محاولة إستعادة نبض الحياة الماضية يخفّف من وطأة صدمة الموت؟..لا أعرف شيئا..!

حين يأتي المساء الرّباني سنلتئم تحت خيمة عربية مفعمة بعطر الجنوب.نشعل النيران في فجوات الصخور اتقاء للرّيح،ونبدأ الإحتفال في لحظة بزوغ القمر فوق تطاوين..

أما أنتم-يا شباب الحي الذي عاش فيه رفيق دربكم-:إذا رأيتم-غسان-مسجى فوق سرير الغمام فلا توقظوه،إسألوا الصاعقة التي شقّت الصخرة إلى نصفين لا يلتحمان.

إذا رأيتم-غصنا-متبرعما في الصمت الأبدي،فلا تعكرّوا لمعانه بالكلمات.

اسكبوا دمعة سخيّة على جبينه الوضّاء،دمعة في لون اللؤلؤ،واكتموا الصرخة المدوية كالرعد في كهوف الرّوح..

وأخيرا إذا رأيتم والده المغنّي الجوّال حاملا قيثارته،افسحوا له مجالا في الدروب لينشد أغنية الوداع للنجم الآفل..

عندما تبهت الأيّام،وتنطفئ في عين النّهار إبتسامة حاولت كثيرا أن أغذيها بدمي،يتعالى صراخ من هنا،أو نحيب من هناك،وتتوالد حول الأحداق أحزان كثيرة وعابثة الشعور،تذكّر أنّ الإنتهاء قد اقترن بكل شيء.

في عمق اللجة-مات إبني-بكل حتمية..مات وهو يتوسّد أحلامه وآمانيه..

لقد تجرّأ الموت وسأل -إبني-لماذا يعيش.. ؟! ولا بدّ أن يكون المرء سخيفا ليسأل الموت عن علاقته بإبني.غير أنّي صرت سخيفا لحظة من زمن..

وفي تلك اللحظة عندما نظرت إليه يستلقي في استقرارة أبدية بلا عيون،سألت لماذا تنكسر البراعم قبل أن تزهر..ولماذا تولَد مصادفة في الزّمن الخطأ،وترحل دون وداع..يترك القلب أعمى.. ؟!

وأدركت أنّ السؤال قدريّ..وأدركت أيضا أنّ الدموع لا تمسح تراب الأسى..إلا أنّ الألحان العذبة التي عزفها لي إبني عبر رحلة شبابية لم تكتمل،ستظل تحلّق في الأقاصي ويتغنى بها القادمون في موكب الآتي الجليل..

.. وهذا عزائي في المصاب الجلل..


محمد المحسن



السبت، 6 سبتمبر 2025

حتّام بالڨيتار تنأى؟؟؟ بقلم الكاتبة هادية السالمي دجبي، تونس

 حتّام بالڨيتار تنأى؟؟؟

لا نبض في التّلّ
و ما في التّلّ غير الرّيح و الصبّار و الصدى .
شجرة البلّوط تستوقفني
تبحث في وجهي عن أبي...
تسألني شجرة البلّوط
عن أختي الّتي
ما خضّبت يدي...
تبحث في أحداقي
عن أمّي الّتي
سقاها الغسق اللّظى ...
أمّي، إلى نخلة مريم تفرّ
و تلوذ بمدادها
وحيدة، أمّي، هناك
تقتري جُذَيْعَ نخلة و تحلم...
حتّى إذا ما طيف داوود لها بدا
سمت بين الأنجم
و أقمحت في معصميْها
أقداح الرّيح و الخواء و النوى...
تبحث أمّي عن رغيف الضوء
في مقلة لقمان و ما تني
تئنّ دوما، و الخريف في مآقيها
مرايا تتهدّم...
كأنّها الجبال ترسو
و الطّيور فوقها ألسنة المدى
تَؤُوبُ فيها و تُؤَوِّبُ
كموج لا ينجزر مطلقا ...
*********************
تسألني شجرة البلّوط
عن قصص شهرزاد و النّدى
و شهرزاد لا تزال
بدمي تروي حروف الأبجدية
كي لا يصوم ذلك النُّهَيْرُ
عن لبن أمّي
حيثما جرى...
فَلِمَ يهمي ڨيتارك نشيجا " أورفيوس " !
و يتشنّج؟!
و أنت، بين زنبق و نرجس
تظلّ بالأنين مُتْرَعا .
أسْكَرَ ڨيتارك بحرا ثمِلا،
في موجه ، تاه و ما اهتدى
و ما فككتَ بصدى الڨيتار قيدا
شدّ "يوريديس" في الرّدى.
ها أنتَ " أورفيوس" بڨيتارك تنأى
عن " يوريديس" و السّرى .
تظلّ بالڨيتار تعزف مواويل العشق
دونما هدى،
اللّيلُ في التّلّ ، يُغَشِّيهِ ،
و بالأنواء يسقيه العلقم...
حتّام " أورفيوس" ! بالڨيتار تنأى
و النَّوى فيك تعلّق ؟!؟!؟
بقلمي : هادية السالمي دجبي، تونس
Peut être une image de 1 personne et écharpe