تيه
حرر لي النقيب سهيل برقية رد على البرقية التي ناولته إياها، فاستلمتها منه و انطلقت مسرعا كي لا يستمر في تخوفه مني [ أنا رجل مسالم في كل أحواله، و كان من طبعي في حياتي المدنية أنه إذا كنت أسير في شارع خاو من مارة و صادفت أمامي من بعيد فتاة أو امرأة تسير بمفردها في ذات الشارع فإنني أبتعد إلى أقصى الطريق مبتعدا عنها كي لا ينتابها شيئا من خوف مني لأنها إن إرتاعت مني أكون مسؤولا عن ذلك أمام ربي ]
صحيح أنني استلمت الورقة من يد النقيب و انطلقت مسرعا، و لكن !!!! أين هو طريق العودة إلى المحطة و هذا الظلام الذي يكتنف المكان ؟!
مسألة العودة إلى سيارة النقيب غير واردة على الإطلاق لما في ذلك من شك و خوف متبادل بيني و بين النقيب
و مسألة السير قدما نحو الأمام أو نحو المجهول أيضا غير واردة لما في ذلك مخاطر التيه في صحراء موحشة مرعبة
بت أتقدم خطوة و أتراجع أخرى، أراوح في مكاني خوفا و قلقا و رهبة و انكماشا
و يستجيب الله دعواتي، و يأتي الفرج من بعيد، حيث أن عنصرا من عناصر إحدى المحطات اللاسلكية أراد تحضير إبريق من الشاي، فأشعل "بابور الكاز" الذي ما لبث لسان النار أن تعالى منه، فأبرق وجهي على إثر ذلك و انطلقت مسرعا نحوه و قد أن أخذت نفسا طويلا و عميقا كناية عن شكري لله
كان لا بد لي من الوصول إلى مصدر تلك النار التي هي الآن لي بمثابة النور الذي يجب الوصول إليه قبل أن يخبو ثم أتيه في تلك الصحراء مرة أخرى
وصلت إلى حيث مصدر النور و وقفت و أنا ألهث، و كان ذاك العنصر الذي أشعل النار شابا تبدو عليه ملامح العنفوان و لهجته تقول أنه من مدينتنا، و سألني، مرددا كلمة خير خير خير إن شاء الله [ سألني ذلك وقد لمح امتقاع وجهي و اصفراره رغم اللون الذي تضفيه النار على الأشياء ]
- وكتب: يحيى محمد سمونة - حلب.سوريا
إشراقة شمس 98
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق