الأربعاء، 17 ديسمبر 2025

في دار الثقافة مساكن ▪︎ افتتاح معرض:" اللاٌَجسد" للفنانة التشكيلية سلوى مباركة العلوي. بقلم الكاتب: جلال باباي

 في دار الثقافة مساكن


▪︎ افتتاح معرض:" اللاٌَجسد" للفنانة التشكيلية سلوى مباركة العلوي


■ طرح إبداعي مغاير للتقنيات الرقمية وإسقاط المابينغ " لاستنباط  الجدارية الخزفية وتحويلها إلى عمل رقمي ولوحة بصرية معاصرة ■


● 1~ على سبيل التمهيد: 


عاشت دار الثقافة مساكن يوم السبت 13 ديسمبر 2025 على ايقاع افتتاح ساحر ولافت للمعرض:الشخصي للفنانة التشكيلية سلوى مباركة العلوي الذي ورد تحت عنوان مخاتل و مغاير للمالوف " اللاٌجسد " عاكسا وجهة إبداعية تتوافق وإيقاع العصر الجديد 

و مدعاة للبحث عن اعماقها وتداعياتها قبالة المتأمل في محامل هذا المعرض الإستثنائي.


●2~ مبحث مهم وتصور جديد للجسد الأنثوي :


عن وعي بنواميس لعبتها التشكيلية حرصت المبدعة سلوى مباركة العلوي في معرضها الشخصي :" اللاجسد" على طرح فلسفتها الفنية الجالبة للأنتباه عبر الحرص في اقتناص نواميس حديثة من أجل التحرر من القيود التقليدية للجسد الأنثوي الذي يتنقل بين الأبعاد البيولوجية والفنية، لمٌَا يُسلٌط الضوء على الأعمال المعروضة لالتماس جدواه في التفرقة التقليدية بين الذكر والأنثى والنظرة المقولبة للجسد الأنثوي. من خلال الأفعال التشكيلية والحركات الجسدية في عروضها الأدائية بالفيديو، سعيا منها لإزالة الحواجز الموروثة التي طالما قيدت الجسد الأنثوي ضمن حدود ثقافية ضيقة.  

وتلحظ هذا التصور حين نتفحص في العمل الأول "إختراق قابع داخل صندوق وجسد المرأة مغطى بالطين",  لنلحظ بوضوح صراعا حسيا بين التحرر والإخفاء، حيث يبدأ العمل بضربات مؤلمة تخلق وجهًا أنثويًا ثم تختفي تدريجيًا ليحل محله الصراع الجسدي. و مثل هذه الحركات تهدف إلى الكشف عن الغطاء الاجتماعي والجسدي الذي يفرضه المجتمع الأبوي على الأنثى، وكذلك تتحدث عن محاولة جادة لاختراق هذه الحواجز والتجلٌي بعيدًا عن القوالب النمطية.

  أما  العمل الثاني "خارج من الجدار" فقد عكس التفاعل مع المادة الطينية كرمز للتحرٌر من القيود المادية والرمزية، من خلال تفاعل اليد مع المادة ثم تطوٌر شكل الجسد، الذي يبدأ بالخروج من الجدار ومن الطين الذي يحيط به، ليشمل ألوانًا معبرة تبرز قوة التطور والتحول، من الأزرق والتركيوازي إلى الأحمر، مما يعكس مراحل التحرر والشعور بالوجود

 في حين تراوح لوحة "الوجوه الخزفية", ألقها بين تفاصيل صور معبرة للعوالم الداخلية للجسد الأنثوي، حيث يظهر الجسد أو جزء منه في إطار خزفي يٌُحاَكي عملية التدمير والتجديد المستمر.

    هذه الأعمال التشكيلية تتعرض للتشقق والتكسير، مما يعكس القسرية التي يواجهها الجسد الأنثوي في سياقات ثقافية وصراعات نفسية. لذا توجد هذه الأعمال،  علامات و إشارات إلى تصورات تقليدية للجسد الأنثوي، ولكن مع تقديم تصورات جديدة وأكثر تحرٌُرًا في شكل التجريد والتكسير.  

    أما الفيديوهات، مثل "فتح العين والنظرة إلى اللانهاية", فهي تعرض التفكيك البصري للجسد والوجه، محققة تفاعلًا بين العين البشرية والآثار التي يتركها الجسد على مادة الطين. كما أن استخدام الشاشات المزدوجة والجدارية يكشف عن رغبة في إبراز مفهوم التعددية الذي ينعكس على الهويات المتعددة للجسد الأنثوي، ومن ثمٌة دفعه نحو التفكيك والحرية المطلقة. حتى التوصل إلى تبيان حجم التأرجح بين التقليدي والحديث، وبين الصراع والحرية، وبين التقنيات الفنية التقليدية (الخزف والطين) والتكنولوجيا المعاصرة (الفيديو والرقمية)، وفي ذلك تكمن رغبة الفنانة سلوى مباركة العلوي إلى إعادة تشكيل التصورات النمطية عن الجسد الأنثوي وكشف عن تفاصيله التي طالما أخفاها المجتمع التقليدي. بتلك السمات تسعى الأعمال المعروضة في فضاء الرواق  لفهم الجسد الأنثوي كموضوع إشكالي في معركة مستمرة بين القيد والتحرر.

حيث ندرك هناك تفاعلا مستمرٌا بين الجسد والمادة والطين، الذي يمثل القيود الاجتماعية والبيولوجية المفروضة على الأنثى.

    باختصار لقد انطوت الأعمال الفنية المبتكرة على تقنيات متعددة تجمع بين الفنون التقليدية والرقمية. إلى جانب استخدام الألوان والمواد الرمزية (مثل الأحمر والبرتقالي والطين) لتجسيد مراحل التحرر والهويات المتعددة.

وفي هذا السياق تفيدنا المبدعة: سلوى مباركة العلوي قائلة:" معرضي هو محاولة لتجاوز التصورات السطحية للجسد الأنثوي التي لطالما حُبِست في قالب بيولوجي وتقليدي، وأنا أسعى من خلال تقنياتي المختلفة لتوسيع حدود هذا الجسد وتحريكه خارج النمطية، ليعبر عن قوٌته، ثم تحوله، و وصولا إلى معاناته.".

    مع العلم ان معرض " اللاٌجسد " يتواصل إلى غاية 22 ديسمبر برواق دار الثقافة مساكن.■


                 - ¤ الكاتب:  جلال باباي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق