الجمعة، 12 مايو 2023

أدب النقد ــــــــــ عبد الكريم احمد الزيدي


 أدب النقد

..................
تتعدى الفنون والآداب مفهومها الإنساني لتصبح حاجة روحية لابد منها في عجلة الحياة اليومية ولغة للترويح عن النفس واداة للتعبير والاجتهاد ورسالة إنسانية شفافة ترتقي للقصد والغاية.
ولتكون هذه الفنون والآداب في مسارها الصحيح ، فانه لابد من التقويم والتصحيح كما هي الحال وباقي الرسالات الإنسانية ولتتوجه إلى هدفها المكفول بالدراية والتمكن وروح الشفافية وسمو المكاشفة وحسن أدبها.
فالنقد هنا بمعناه فن التصحيح والتقويم لكل ما هو مقروء او مسموع او مرئي له ضوابطه وشروطه وآلياته وأدبه في التعامل مع العمل واستقبال متلقيه .
ولابد للناقد اياً كانت صفته او عنوانه ان يفهم دوره بإتقان وان يلم بكل أدوات النقد ومفرداته، ولعلنا نلحظ في الكثير من نقادنا بمختلف مستوياتهم وتأهيلهم سواء الأكاديمي كان او العملي والخبرة المتراكمة لديه لا يذهب إلى محتوى العمل والأسس المكملة لإخراجه وفلسفة انتقاءه ومحاور سلالم ارتقائه ولربما حتى خصوصية اختياره ، اقول لا يذهب إلى كل هذه المناحي ولكنه يأخذ ببنية العمل ونظام وضعه وبذلك يطمس حق العمل ومحتواه.
وهذا لا نعيب فيه فالبناء والنظم والمحاكاة جانب هام في العمل ولابد من تقويمه لانه الأساس والقاعدة، ولكني هنا أشير إلى المحتوى والحس وإخراج العمل وروحية مبتغاه وغاية مقصوده.
فالناقد هنا لابد ان يبتدي بالميزة والتحديث والانتقاء وجوانب الحدث وتصويره وترتيب انتقالاته وصور الوصف وجديد الإشارة والتشبيه وبيان معاني القصد والإثارة وكل اشادات التحديث واللغة ومهارة التوصيف وحنكة الرؤيا والاداء.
ليميز بكل هذا عن الهفوات في النظم والبناء وركيزة الإسناد وجفوة الرص في المفهوم والقدرة والتقدير، لان مفهوم النقد كما نفهمه دراسة فنية متكاملة وتحليل شفاف لكل تفاصيل العمل وحيثياته، وليس واجهة لإيجاد مثالب وجنوح العمل عن نصابه او حالات الرتم وترقيم هفواته
او خروجه عن مألوف السياق والأصل ، وان كان هذا ضروريا ولكن على الناقد الأديب ان ينأى ما استطاع عن لغة الهجوم والعرض واحتقار العمل وتصغير أهميته وعنوانه والمبالغة في تغليب قواعد الأصل وقوالب البناء والنظم.
وليكون الناقد روح العمل وكاتبه وحسه وتوقيع عنوانه ومحتواه وإمضاء لخاتمة إخراجه .
..................................................
عبد الكريم احمد الزيدي
العراق/ بغداد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق