ذكرى النكبة وحلقات مسلسل غزة
خالد السلامي
تمر علينا الذكرى الخامسة والسبعين لنكبة العرب الكبرى حيث اغتصاب فلسطين العربية في ١٩٤٨/٥/١٥ ذلك اليوم الذي لم يكن خسارة لفلسطين وقدسها ومسجدها الأقصى فقط وإنما كان بداية التلاعب بمشاعر العرب واعصابهم بل وحياتهم وامنهم وامانهم وحتى ارزاقهم حيث اتخذها الحكام العرب وعبر سبعة عقود ونصف كسلعة اساسية في تجارتهم السياسية مع الشعب العربي ومع العالم فجعلوها كذباً قضيتهم المركزية ويجب أن تكون لها الاولوية على كل قضايا الأمة الاخرى ومما جعلهم يكدسون الأسلحة ويدربون الجيوش وأنواع عديدة أخرى من القوات المسلحة بحجة تحرير فلسطين ومسجدها الأقصى المبارك وعلى مدى القرون الماضية لم تستخدم تلك الجيوش باسلحتها المتنوعة لصالح قضية فلسطين المركزية سوى ثلاثة مرات اثنان منها كانت عبارة عن خسارة مخزية حيث تم تسليم فلسطين للغزاة في الاولى سنة ١٩٤٨ وفي ١٩٦٧ كانت الهزيمة الشنيعة الاخرى التي سميت بنكسة حزيران حيث تم تسليم ماتبقى من ارض فلسطين واجزاء أخرى من اراضي الاردن وسوريا ولبنان ومصر فيما كانت المعركة الثالثة التي جرت في تشرين الاول ١٩٧٣ قد حققت نجاحا معنويا دفع كل حلفاء الاحتلال الى الضغط من اجل إيقاف تلك المعركة وفعلا توقفت في أقل من اسبوعين وبقيت الأراضي المحتلة بيد المحتلين دون تحرير شبر واحد من ارض العرب في الاقطار الخمسة آنفة الذكر .
وعلى هذا الأساس بدأت مقاومة فلسطينية داخلية عن طريق بعض الفصائل هنا وهناك الى تمكنت تلك الفصائل من توحيد صفها في بداية عقد الستينيات من القرن الماضي تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية لتكون الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني واستمرت هذه الحال حوالي ثلاثين عاما دون تحقيق شيئا واقعيا على الأرض وطبعا تخللت هذه الفترة تدخلات خارجية عربية واجنبية أدت الى تشكيل فصائل ، دينية وقومية ، ولائية لمن يدعمها اكثر من ولائها لقضيتها التي كان من المفروض انها تشكلت لأجلها مما أدى إلى تشتيت المقاومة الفلسطينية واضعافها حيث صار كل فصيل يضرب هنا وهناك دون ان يؤدي الى اية نتيجة مؤثرة على الاحتلال بل زادته شراسة ووحشية في الانتقام من الشعب الفلسطيني في الداخل وفي مخيمات لاجئيه بالدول المجاورة. مما اضطر منظمة التحرير وبضغوط عربية ودولية ، وخصوصا بعد توقيع بعض الدول العربية لمعاهدات سلام علنية وسرية مع المحتل الغاصب ، الى اجراء مفاوضات عسيرة من المحتلين أدت الى تشكيل سلطة محلية هزيلة تحت سلطة الاحتلال فتحول المقاومون بالأمس الى عشاق سلطة واهية اليوم فراحت كل الفصائل التي تدعي الثورية والوطنية تعمل كحركات سياسية تتنافس على تلك السلطة من خلال الانتخابات متناسية سلاحها وقضيتها وادى ذلك التنافس الى شق تلك السلطة التي لا تحل ولا تربط وتشتيت الأرض التي منحت لها من قبل الاحتلال تحت مسمى الإدارة الذاتية تلك الإدارة لم تستطع إيقاف قطار الاستيطان الذي لايزال مستمرا في قضم اراضي تلك السلطة ومنذ انشقاق تلك السلطة واقتسام اراضيها بين سلطة تحت الاحتلال ومعارضين يغازلون الاحتلال رغم ادعائهم المقاومة حيث صار أعداء الاحتلال يصولون ويجولون تحت أنظار حكام الاحتلال وقواته دون ان يمسهم احد بسوء وكانما هناك اتفاق بينهم وبين محتليهم فيقوم اصحاب الفصائل المنشقة بضرب صواريخ لم تؤثر على المحتلين سوى خدوش بسيطة فيكون الرد ساحقا من قبل قوات الاحتلال فيقتل المدنيين ويدمر المباني والبنى التحتية ومايدور الان خير شاهد حيث الدمار يعم ارجاء غزة ولم نر اية أثار للدمار على الطرف الآخر والغريب ان قادة تلك الفصائل الكبار لم يمر عليهم احد رغم أنهم تحت أنظار وعيون المحتل انما كان هناك اصطياد لبعض ما يسمونهم قادة فرعيين من تلك الفصائل. فتتكرر سنويا تلك المهازل وتكثر الخسائر البشرية ويزداد الدمار في كل مجالات الحياة علما ان قادة الاحتلال بامكانهم قتل او اعتقال أولئك القادة بما يملكونه من تكنولوجيا وقوة وكذلك سيطرة تامة على الحدود والموانئ والمطارات فإلى متى تستمر هذه المسرحيات المتسلسلة التي تحدث عند حدوث اية مشكلة في اقطار الوطن العربي الاخرى لتحويل الانظار عنها وتمرير غاياتها في تشتيت ماتبقى من اقطار عربية قد تمتلك شعبا يعتز بعروبته و
ويهتم بقضاياها المصيرية الكبرى.
ونحن نعيش ذكرى مرور خمسة وسبعون سنة على ابتلاع فلسطين من المحتلين الصهاينة نقول في وضع كوضع فلسطين لا يجوز ان تجتمع الثورية والمقاومة مع عشق الكراسي المحكومة بقوة الاحتلال فأما مقاومة موحدة حتى التحرير الكامل او القبول بكراسي الذل التي لا تسمن ولا تغني من جوع بالنسبة للشعب الفلسطيني وقضيته الازلية فالجمع بين الثورية وعشق الكراسي ما هو الا كذبة كبرى تزيد من معاناة الشعب وتزيد من سطوة المحتل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق