الإبداع إحدى الصفات الأساسيّة التي خصّ بها الله سبحانه وتعالى الإنسان عن باقي مخلوقات الأرض..
النقد ثروة للشِّعر والشعراء..ووقود التطوّر والتقدّم،وهو ضرورة مهمة لإبراز جماليات الإبداع، ومعالجة الأخطاء،ودائماً يشغل الشاعروربما يتألم،ويصاب بالإحباط،ويشعر بالحسرة نتيجة إخفاقه في كتابة بعض النصوص..
لكن النقد الهادف يفتح مدارك الشاعر،ويستطيع من خلاله المضي قدماً في الاتجاه الصحيح، والمحافظة على موهبته.
ووجود الناقد الحقيقي للشِّعر من أهم العوامل التي تساهم في الشعور بقيمة النص الجمالية، وإزالة الضعف،وظهوره بالشكل المطلوب..
ونجد أن البعض من النقاد يكون قاسياً في نقده مما يتسبب في تحطيم بعض المواهب،والآخر منهم لا يملك مقومات الناقد الحقيقي،مجرد تطاولات تطلق في الاتجاه الخاطئ ولا تخدم الإبداع.
حينما نتحدث عن النقد الأدبي فنحن نتحدث عن تاريخ بدأ من العصر اليوناني واستمر إلى يومنا هذا..
فالنقد الصحيح هو أساس النجاح لأي عمل،ويوسع من أفكار الشاعر،والشِّعر والنقد هما خصمان يساعدان بعضهما للصعود إلى قمة النجاح،ويجب أن نفرق بين النقد والانتقاد فالنقد هو مشرط ناعم يحمله أديب له خبرة وأمانة أدبية،من جانب يشّرح القصيدة ويُظِهر جمالياتها ويبرزها بطريقة جذّابة لتكون مفصلة وواضحة المعاني للمتلقي،ومن جانب آخر يظهر العيوب والهفوات والضعف المصاحب لأي مقطوعة أدبية يتم نقدها.
ومن هنا،فإن كلمة (النقد) تعني في مفهومها الدقيق (الحكم) وهو مفهوم نلحظه في كل استعمالات الكلمة حتى في أشدها عمومًا، فالناقد الأدبي إذن يعتبر مبدئيًا كخبير يستعمل قدرة خاصة ومرانة خاصة في قطعة من الفن الأدبي هي عمل لمؤلف ما فيفحص مزاياها وعيوبها ويصدر عليها حكمًا، ولكننا حين نتكلم عن أدب النقد أو الأدب النقدي، أي الأدب الذي يتكون من النقد،فإننا نضمن تحت العبارة معنى أكثر من الأدب الذي يصدر الحكم.بل إننا نفهم منها كل الكتلة من الأدب الذي كتب عن الأدب، سواء أكان الموضوع تحليلًا أم تفسيرًا أم تقديرًا أم كل هذه مجتمعة.فالشعر والدراما والرواية تتناول الحياة مباشرة، وأما النقد فيتناول الشعر والدراما والرواية بل يتناول النقد نفسه. فإذا عرف الأدب الإنشائي بأنه تفسير للحياة في صور مختلفة من الفن الأدبي، فإن الأدب النقدي يعرف بأنه تفسير لهذا التفسير ولصور الفن التي يوضع فيها.
والناقد في تأدية واجبه سوف يتبع اتجاهه الخاص في العرض،فقد يحبس نفسه تمامًا على الكتاب الذي في يده، ويحصر انتباهه كله فيما يجده فيه، وقد يوضحه بالرجوع المنظم إلى أعمال أخرى لنفس المؤلف، وقد يلقي عليه ضوءًا من الخارج باتباع طريقة المقارنة، وقد يتقدم عن ذلك في ميدان النقد فيبحث عن سره في مبادئ التفسير التاريخي، ولكن مهما يكن منهجه فإن غرضه الوحيد هو أن يعرف الكتاب في حد ذاته، وأن يعاوننا على أن نعرفه في حد ذاته، فلن يصدر حكمًا قاطعًا عليه من وجهة نظر ذوقه الخاص أو من وجهة نظر أي مجموعة منظمة من الآراء النقدية.
ختاما أقول:
إن الذات التي تدرك عبقرية اللغة وتشكيلها الفني والجمالي،وأنساقها التي تعكس طرائق العقل الجمعي في التفكير والتعبير والمحتوى المعجمي ودلالاتهالمشحونة بالمعاني..
هذه التي تدرك ذلك،هي مير الجماعة وصوت الإنسانية،وبالتالي فإن إبداعها اللغوي الفني هو إكتشاف معرفي يأتي بعد مغامرة فيها المعاناة والمتعة مثل مثل الرحالة الذي يخوض المحيط المتلاطم للبحث عن عوالمه الجديدة..
ويبقى الإبداع إحدى الصفات الأساسيّة التي خصّ بها الله سبحانه وتعالى الإنسان عن باقي مخلوقات الأرض،وهو السر وراء تطوّر الإنسان ونجاحِهِ في الحياة وهو وراء تقدّم المجتمعات على مر السنوات والعصور..
وعليه نطلب من المبدعين التقيّد بشروط الإبداع وعدم السقوط في الإسفاف اللغوي..فالمؤسسة (مؤسسة الوجدان الثقافية ) لا تتناول كتابات المبدعين بأنامل الرحمة وتحشرها-تعسفا على الذكاء الإنساني-في خانة الإبداع..
محمد المحسن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق