رمضان في زمن كورونا: “قسوة” الواقع وبوارق”الأمل”
قد لا أجانب الصواب إذا قلت أنّ شهر رمضان هذا العام هو الأشد قسوة على الأسرة العربية..قسوة من حيث قفزات أسعار السلع،خاصة الغذائية،التي باتت لا ترحم أحدا بمن فيهم الطبقة الوسطى..والجمعيات الخيرية التي كانت تلعب دورا مهما في التخفيف عن مئات الأسر الفقيرة تراجعت تبرعاتها بشدة في زمن كورونا..كما أنّ رجال الأعمال الذين كانوا يتبرعون لصالح العائلات الفقيرة والمعدمة في شهر رمضان من كل عام، باتت تبرعاتهم توجَّه لغرض آخر في زمن كورونا مثل مساندة القطاع الصحي ومستشفيات العزل الصحي وتطوير المستشفيات الحكومية، وتمويل شراء مستلزمات طبية وأجهزة تنفس صناعي وأجهزة فحص فيروس كورونا..
وإذن؟
إن رمضان إذا هذا العام يهل علينا وقد حاصرنا الوباء،وجعلنا في حيرة من أمرنا تسكننا المخاوف والهواجس،لا حول لنا ولا قوة ..
يأتي رمضان هذا العام حزينا،كئيبا،حيث منازلنا خالية من “اللمة”والتجمعات،وموائد سحورنا لا تعرف الزحام،لنبكي على أيام مرت،كنا ننتظر فيها رمضان حتى يجمع القريب والبعيد،ونرى وجوها لم نرها من زمن بعيد..لنحتفل بشهر رمضان،مع ظروف احترازية،نحاول من خلالها قدر المستطاع،الحفاظ على النفس،والبُعد عن الزحام والاختلاط،وانحسار الاحتفالات في المنازل،بتعليق الزينة.
ما أريد أن أقول؟
أردت القول أنّ أن التوقيت الذي يأتي فيه الشهر الفضيل يُعدّ مفصليا في الحرب على الوباء،إذ أعتبر أن العالم الإسلامي يقف أمام تحدٍّ حقيقي واستثنائي خلال شهر رمضان الكريم،ففي الوقت الذي تكافح فيه أغلب الدول الإسلامية لكسر ذروة تفشي وباء كورونا المستجد ‘كوفيد-19’يطل الشهر الفضيل بكل ما فيه من العبادات والعادات الاجتماعية..
في المقابل، تشكّل هذه الظروف المؤقتة،فرصة عظيمة لإستقبال رمضان بشكل مُغاير،والفوز به،وجعله أفضل رمضان في حياتنا.
كثيرا ما تمنينا في الأعوام الماضية تعطيل العمل والدراسة خلال شهر الصيام بحجة التفرّغ للعبادة،وكثيرا ما دعونا أن يلزم أولادنا البيت بدلاً من البقاء خارجه.ولقد شاءت الظروف أن تتحقق تلك الأماني في رمضاننا هذا،مما يوفّر لنا وقت فراغ أتمنى أن نستغله في العبادة..
على سبيل الخاتمة:
ترقّب المسلمون حول العالم بزوغ هلال شهر رمضان المبارك،في ظلّ ظروف استثنائيّة ترزح تحتها شعوب الأرض،فباتت معظم الدول أسيرة سجن كبير فرضه فيروس ‘كورونا’.
إلّا أنّ المؤمنين اليوم،يرون في نسائم الشهر الفضيل،بوادر رحمة وأمل تشفع لهم في وجه الوباء القاتل..
ومن هنا-أدعو-إلى التعامل مع الظرف الحالي -بوعي كبير-،وأن نجعل من هذه الجائحة وما فرضته علينا من تدابير احترازبة كالتباعد الجسدي ووضع الكمامة..إلخ فرصة للاهتمام بالجوانب العبادية،وتعميق الصلة بالأمور التي تهذّب النفس وتربي الذات وفق المبادئ الإسلامية السليمة،وأن نسعى جاهدين إلى زرع التفاؤل في النفوس والتأثير على الأشخاص المُحبَطين،لطرد الأفكار غير المرغوب بها من مخيلتهم والعيش بسلام في ظل أزمة كورونا..
ختاما أقول : للمرة الثانية،نصوم شهر رمضان على إيقاع الحياة الذي فرضته كورونا،ونحيي كل أجواء وطقوس رمضان في البيت.وفي مقدمة هذه الطقوس،فاكهة رمضان الروحية: صلاة التراويح.ونُقيم إفطارات جماعية عن بعد،كل في بيته،لكن بفضل التكنولوجيا كنّا معا.
أما في الفضاء العام،فبدلا من اقتسام فرحة ودفء أجواء رمضان،تباعدنا مراعاة لمسافة الأمان.
ومع تفشي فيروس كورونا،باتت الوقاية منه جلّ ما يبحث عنه المرء،فإذا بالصائمين من كل حدب وصوب يدعون ربهم طوال رمضان بأن يحصنهم من هذا الوباء اللعين.
ويبقى شهر رمضان شهر مغفرة الذنوب والعتق من النيران وهو شهر البركة والرحمة والتوبة والخيرات،..
في ذات السياق،أصدرت منظمة الصحة العالمية عبر حسابها الرسمي على موقع "تويتر" إرشادات محدّثة بشأن الممارسات الرمضانية المأمونة في ظل جائحة "كوفيد-19".
وشملت الإرشادات على توصيات بشأن تدابير التباعد الجسدي الواجب اتباعها أثناء الصلاة والإفطار الجماعي،وغيرها من الفعاليات الاجتماعية أو الدينية.
ونصت الإرشادات على أنه من المفترض أن يستطيع الأصحاء صيام شهر رمضان هذا العام كما فعلوا في الأعوام السابقة، إذ لا يوجد أي دليل على أن الصيام يزيد من خطر الإصابة بعدوى فيروس كورونا.
وشجعت المنظمة أيضاً على تفضيل الأماكن المفتوحة، في حال كانت إقامة التجمُّعات ضرورية، مثل استضافة السحور أو الإفطار وغيرها من المناسبات الاجتماعية في شهر رمضان.
وشددت المنظمة على أن ضمان تدفق الهواء والتهوية الكافيين أمر بالغ الأهمية، إذ أن الأماكن المغلقة والمزدحمة التي لا تتوافر فيها تهوية كافية، تعد بيئة تتيح للأشخاص المصابين نقل الفيروس بسهولة إلى غيرهم،إذا مكثوا معهم لفترة طويلة من الوقت..إلخ
وردا على سؤال حول بشأن أدعية التحصين من فيروس كورونا، قالت الإفتاء المصرية إنه من المستحب للمسلم أن يقول الدعاء التالي:
تحصنت بذي العزة،واعتصمت برب الملكوت،وتوكلت على الحي الذي لا يموت،اللهم اصرف عنا الوباء،بلطفك يا لطيف،إنك على كل شيء قدير.
وأوضحت الإفتاء المصرية أن شأن المسلم في أوقات البلاء والمحن أن يكون دائم الذكر والدعاء.
اللهم تقبل منّا الصلاة والصيام والقيام.
محمد المحسن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق