الخميس، 30 نوفمبر 2023

هذيان إعلامي بقلم: د بوخالفة كريم _الجزائر

 

إن السلاح الأساسي و القوي الذي يوظفه الإعلام اليوم من أجل السيطرة على عقول الشعوب هو الصورة ؛ تلك الصورة التي يجعلنا الإعلام ننظر إليها كلنا في نفس الوقت بلا إرادة منا ؛ ثم إن هذه الصورة هي في نهاية المطاف معرفة جزئية و نسبية بالواقع ؛ بحيث إنها لا تنقل الواقع بل جزءا منه و عملية النقل هذه تمر عبر مصفاة أيديولوجية معينة ؛ لدرجة أن الواقع الذي ينقله الإعلام عبر الصورة ليس هو الواقع بل هو واقع آخر يعبر عنه جان بودريار في كتابه ( الفكر الجذري ؛ أطروحة موت الواقع ) بمصطلح الواقع الفائق أو الواقع المصطنع ؛ فهذا الواقع المختلق حسب تصور بودريار هو سلب للواقع و افراغ جذري لمحتوياته لأن الواقع عندما ينتقل كمادة خام إلى مجال الافتراضي إنما يوضع تحت رحمة عمليات الترميم و التجميل و الإخراج،أن "الاصطناع" هو القاتل وهو الوريث، إذ يكفي أن تختلق أي شيء، وتكرره كثيرا على الناس، حتى يحتل الشاشات والساحات والأدمغة، حينها سيتوارى الواقع، سيموت وتحل محله "الصورة"التي صنعتها، ستصبح هي "الحقيقة" التي يمكنك أن تقيم على أساسها العرض الجديد الذي تريد أن تحشو به أدمغة الناس، وتبرر به ما تريد أن تفعله.
هكذا أضح الإعلام عن طريق الصورة يمارس فن صنع واقع آخر غير الواقع الفعلي بحيث بإمكانه أن يبرز نظاما قمعيا في صورة نظام ديمقراطي و بفضل الصورة يمكن أن يبرز التناقض الطبقي على أنه تعددية أو ليبرالية .. و في هذا السياق يقول ريجيس دويريه : إذا كان أساس السلطة هو الإقناع فإن الصورة توفر اليوم قدرة اقناعية لم يسبق لها مثيل ؛ فمن يتحكم بإنتاج و تسويق الصورة يتحكم بالمجتمع كله.
لذلك ان متابعتك للاعلام فقط لن يعطيك التحليل الموضوعي للاحداث الحالية.
فالاعلام سواء الغربي او المحلي موجه يخدم التوجه العام للدول من الاحداث، لذلك الاعتماد عليه يجعلك فقط رقم في البروباغندا الاعلامية والاكثر من هذا لن يطور في مستواك المعرفي شيء، مجرد نقل للاحداث بطريقة موجهة فهو يغير الواقع بالصورة التي يريدها لك ان تراها وهذا مايسمى بآلية التلاعب بالعقول او عنفا رمزيا غير محسوس يمارس على المشاهد.











كل التفاعلات:
أنت وشخصان آخران

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق