الأحد، 26 نوفمبر 2023

العقل العربي والنظرة المعيارية بقلم: د بوخالفة كريم _الجزائر

 



ان العقل العربي تحكمه النظرة المعيارية إلى الأشياء. ونحن نقصد بالنظرة المعيارية ذلك الإتجاه في التفكير الذي يبحث للأشياء عن مكانها وموقعها في منظومة القيم التي يتخذها ذلك التفكير مرجعاً لها ومرتكزاً. وهذا في مقابل النظرة الموضوعية التي تبحث في الأشياء عن مكوناتها الذاتية وتحاول الكشف عما هو جوهري فيها. إن النظرة المعيارية نظرة اختزالية، تختصر الشيء في قيمته، وبالتالي في المعنى الذي يضيفه عليه الشخص (والمجتمع والثقافة) صاحب تلك النظرة. أما النظرة الموضوعية فهي نظرة تحليلية تركيبية: تحلل الشيء إلى عناصره الأساسية لتعيد بناءه بشكل يبرز ما هو جوهري فيه.
-الثقافة العربية، بوصفها الإطار المرجعي للعقل العربي، نعتبرها ذات زمن واحد منذ أن تشكلت إلى اليوم. زمن راكد يعيشه الإنسان العربي اليوم مثلما عاشه أجداده في القرون الماضية. يعيشه دون أن يشعر بأي اغتراب أو نفي في الماضي، عندما يتعامل فكريا مع شخصيات هذا الماضي، أدبائه ومفكريه، بل بالعكس هو لا يجد ذاته تمام ذاته، لا يشعر بالاستقرار، ولا بحسن الجوار إلا باستغراقه فيه وانقطاعه له.
-نحن لا نمارس النقد من أجل النقد ، بل من أجل التحرر مما هو ميت أو متخشب في كياننا العقلي وإرثنا الثقافي... وهل يمكن بناء نهضة بعقل غير ناهض؟ عقل لم يقم بمراجعة شاملة لآلياته ومفاهيمه وتصوراته ورؤاه؟.
-في الواقع ، واقع تداخل الأزمنة الثقافية في فكر المثقف العربي ، هو ما يفسر ظاهرة مزعجة في الفكر العربي المعاصر ، ظاهرة " المثقفين الرحل" ، المثقفين الذين يرحلون عبر "الزمن الثقافي" العربي من المعقول إلى اللامعقول ، من اليسار إلى اليمين بسهوله لاتصدق . على صعيد المواقف "المبدئية " حول قضايا : الوحدة والأشتراكية والإسلام والعروبة والديمقراطية والعلمانية وهي القضايا الرئيسية في الفكر العربي المعاصر.
-ذلك أن الحقيقة لدى كثير من ( المثقفين - القراء ) العرب، بل ولدى كثير من الكتاب والباحثين في الوطن العربي، فضلاً عن المثقف العادي، هي ما يقوله آخر كتاب قرأوه ولربما آخر حديث استمعوا له، الشيء الذي يدل على رسوخ الاستعداد للتلقي وغياب الروح النقدية في نشاط العقل العربي المعاصر.
بقلم د:بوخالفة كريم _الجزائر



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق