الأحد، 27 نوفمبر 2022

ذو حظّ عظيم بقلم الأستاذ: شكري بن محمّد السلطاني

 ذو حظّ عظيم

تتفاوت وتتمايز الذاوت البشريّة معنويا وروحيا بمقدار تجلّي الأنوار الإلهية في مراياها، إذ هي معطى إلاهي من الوهّاب.
إنّ الواقع المادّي الدنيوي بظروفه وشروطه الموضوعية قد يُحفّز ويدفع أشخاص دون غيرهم لإبراز مواهبهم وإستخدام إمكانياتهم المعنوية الروحيّة أو تُثبّطُ آخرين وتُعيقهم وتُقعدهم عن العمل الجاد المُجدي فيُحرمون موضوعيا من الإرتقاء والترقّي ذاتيّا والتحقّق موضوعيا.
ولكن ذو الحظّ العظيم تتوفر له شروط موضوعيّة تخدم كسبه المعنوي الغيبي فيجتاز كل المعوقات والعراقيل لتحقّقه بقيمة الصّبر والمغالبة فهو شبيه بأولو العزم من الرّسل مقارنة بغيرهم من إخوانهم المرسلين.
إن الإمتحان الدنيوي ببلواه وبلائه وعقباته عسير على التّجاوز والنجاح لكلّ البشر ، ولكن قلّة قليلة من تتفوّق في مدرسة الحياة وهم الذين فهموا ووعوا التجربة الإنسانية بشمولية أبعادها الماديّة والروحيّة َ، فقد علموا علم يقين لماذائية الوجود فاستقاموا على الطريقة.
إن الفشل نتيجة لثمرة عمل منقوص غير مكتمل نقيض النجاح والفلاح الناتج عن وعي ذاتي وإدراك لفقه الواقع وأحوال المنازلات وإتمام واجب العمل بالمثابرة وتحقيق الأمل.
فهل خَبِر من لم تواتيه ظروفه ليحقق ما يصبو ويطمح إليه عن مكامن الخلل والعلل ؟أو أنه تجاهل شروط وأسباب النجاح مغلِّبا هواه ووهمه على حكمته ورشده وعزمه لمقارعة الصعوبات!!
إن الموازنة بين الكفايات والإمكانيات والإستعدادات المعنوية الذاتية والشروط الموضوعية المادية توفيق من الله عز وجل للإبحار في دنيا تتلاطمها أمواج ماديّة من محسوسات وملموسات ومرويات ومرئيات تفقد الشْاخص بصيرته والطامع زهده والرّاغب ورعه والحريص مروئته فلا ينجو منها إلا السّابح المحمود الشجاع المقارع ذو الحظّ العظيم.
(وما يُلقّاه إلا الذين صبروا وما يُلقّاها إلا ذو حظٍ عظيم).
إن التحقق والنجاح والإنجاز يكون في دنيا البلاء ببعديها الظاهر والباطن الحسيّ المادي والمعنوي .
فمن فقد بوصلة الإتجاه تاه في غشاوة ظاهر غرّتها وضاع عن باطن عبرتها فلم ينتهز فرصة دنياه لتحقيق الهدف من وجوده الظرفي الآني لكي يتّصل بأبديّة وجوده السرمدي الأبدي لأنه ( ما كان للّه دام واتّصل وما كان لغير اللّه إنقطع وأنفصل).
فمن صهر ماديّته في معنويته وإستثمر واستغل ماديّة وجوده لصالح معانيها وقِّيمها السّليمة فَقَدْ عبر جسر دنياه بمحامل روحية معنوية متعاليّة وضَمِنَ البُشْرى والسّعادة.
الأستاذ: شكري بن محمّد السلطاني
Peut être une image de 1 personne et intérieur

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق