السبت، 8 نوفمبر 2025

اسرقيني يا فرحة العمر بقلم الكاتب سَعيد إِبْرَاهِيم زَعْلُوك

 اسرقيني يا فرحة العمر

✍ سَعيد إِبْرَاهِيم زَعْلُوك


اسرقيني،

ولو لحظةً من غياب السنين،

فأنا صرتُ أكتب وجهي

على صفحة الريح،

كأنني غريب الحنين الكبير.


خذيني إلى حيث كانت خطانا،

حيث الطير يغنّي على الأغصان،

وحيث المواسم تأتي نديّة،

تغمرنا مثل عرسٍ صغير،

ولا يعرف الجرح كيف يدور،

ولا يعرف الحزن كيف يصير.


أنا الآن طفلٌ

يحمل صدرًا تكسّر فيه صدى الأمير،

فلا تاج حلمٍ يبقى على الرأس،

ولا ظلّ مجدٍ، ولا من يجير.


دعيني أفرّ من الليل وحدي،

وأعطيك قلبي الأسير،

فما عاد لي غير نبضي دليلًا،

ولا صوتي طيورًا تطير.


سأغنّي، سأغنّي،

لعلّي أنسى دموعي،

وأجمع من شمسك الفجر لأضيء.

فمن قال إن الحزين يموت؟

ومن قال إن الصدى لا يثور؟


إذا مرّ يوم عليّ بفرح،

عرفتُ بأني على خير خير،

فربي كريم يهبني ابتسامًا،

لعلّي أعود، ولعلّي أنير.


فيا فرحتي،

تسلّلي مثل همس الوسادة،

كأنك دقات أمي القديمة،

كأنك طيرٌ يعود إلى عشه…

ليوقظ في القلب فجر الأمير.



دموع على شاطئ الصمت بقلم الأديبة غزلان حمدي من تونس

 دموع على شاطئ الصمت


كانت أول ليلةٍ لي في هذا المسكن الجديد، مدينةٌ بحريةٌ يهمس فيها الموج بهدوءٍ غريب، والنسيم يمرّ على النوافذ كأنّه يحمل تحيّة البداية.

كلّ شيء كان ساكنًا… جميلًا في ظاهره، فارغًا في معناه.


جلستُ أمام النافذة أحدّق في البحر، لكن قلبي لم يرَ سوى الغياب.

شيء ما انكسر في داخلي، كأنّ الحياة فقدت دفئها فجأة.

كُسر خاطري كما تُكسر المرايا، فتتناثر في وجهي صور الوجع، وتعيد إليّ كل ذكرى كنت أظنّها انتهت.

بتّ ليلتي أعدّ الدقائق، أستمع إلى خفق قلبي الجريح وهو يتهامس بالحسرة، كأنه يسألني: لِمَ كل هذا الألم؟

انهمرت دموعي بصمتٍ طويل، تساقطت كأنها اعتذار متأخر لروحي المنهكة، وغرقت الوسادة بملحٍ يشبه البحر القريب من نافذتي.


لطالما ترك الزمن بصماته على قلبي، بصمة من عذابٍ أليمٍ لم يمحُه شيء. كنت أظنّ أن الحاضر سيُنسي كل جراح الماضي، لكنه جاء مزيجًا من الحنين والقسوة، يحمل في طياته فرحةً خافتةً وجرحًا عميقًا لا يندمل.

الليلة علّمتني أن التعب لا يسكن القلب وحده، بل يمتد إلى الجسد، وأن الملامح قد تذبل ليس لطول العمر، بل لأن الروح حملت أكثر مما يمكنها تحمّله…

وهكذا، علّمتني الحياة حكمة صامتة: أحيانًا يتعب القلب قبل الجسد، وتذبل الملامح قبل السن، لأن المعاناة تُكتب على الروح قبل أن تُكتب على الزمن.


بقلمي الأديبة غزلان حمدي من تونس



لقلبي رب يحميه بقلم دآمال بوحرب

 لقلبي رب يحميه 

وإلّا فكيفَ لوعةُ قلبي تبيتُ؟

تقطّعت مني حبالُ الصبر

حتى نزفَ الكلم وانهار سكوتي


وأنت ماكرٌ في الحسنِ

وكأنّ سحرك يختبئ في وجه القمر

كلما رفعتُ عيني إليك

ازداد نورك عبثًا

وازداد قلبي ألمًا

دآمال بوحرب



المعذبون أنبياء الحكمه بقلم الكاتب:حسين عبدالله جمعة

 المعذبون أنبياء الحكمه

بقلم:حسين عبدالله جمعة 


ما وجودنا في هذه الحياة، إلا لنأخذ نصيبنا

 من خيباتها وعثراتها وإذلالها لنا...

نرحل في النهاية ونحن نحمل شهادة صامتة: أن الحياة لم تكن سوى شيء عابر، مسرحية فكاهية أُعدّت أصلاً للسخرية منّا.


الممالك التي بنيناها على مبدأ: "أنا أعز منك مالاً وولداً"، لم تكن سوى أوهام مشيّدة على رمال متحركة.

لحظة واحدة تكفي كي تتهدّم، فتسقط فوق رؤوسنا ونكتشف أننا لم نملك شيئًا أصلًا، سوى سراب كنا نحرسه.


المعذبون هم المسكونون بالحكمة،

وعذاباتهم، على قسوتها، نعمة من الخالق…

فهم الأقرب إلى نور الله، والأكثر معرفة بسرّه.

ومع الوقت، تتحول تلك الجراح إلى بصيرة،

وتصير المرارة لذّة لا يذوقها إلا الكرماء.


نمشي في العمر مثل قوارب تائهة،

تحملنا الأمواج بين مدّ وجزر،

باحثين عن ميناء للخلاص،

لنفرغ فيه ما تحمله قلوبنا من تعب.

لكن حتى في الميناء،

ثمة من ينتظرك على قارعة الطريق،

ليسرق آخر ما تبضّعت من فرح.


وكلما اعتقدنا أننا وصلنا،

اكتشفنا أن الطريق أطول،

وأن المسرحية لم تنتهِ بعد.


ورغم كل هذا…

يبقى لنا شيء صغير لا يُسرق،

إيماننا بأن النور أقوى من العتم،

وأن الكرامة، حتى في الانكسار،

أبقى من كل الممالك الزائفة.

ورغم ذلك، يظل المعذبون الأجمل أثرًا… لأنهم يتركون وراءهم حكمة تشبه الضوء، لا يبهت، ولا يُسرق.


المعذَّبون؟ هم وحدهم الذين عرفوا أن الخيبة مدرسة، وأن الألم شهادة عُليا في الحكمة.

هم الذين شربوا المرّ حتى صار في أفواههم عذبًا.

عرفوا أنّ القسوة قد تكون رسالة، وأن الصبر الطويل ليس ضعفًا، بل قربًا من نور لا يراه الطامعون.


وتمضي بنا سفن الأمل، تائهة في عرض البحر…

وحين نلمح الميناء،لا نجد من ينتظرنا على الشاطئ… 


ومع ذلك، نضحك.

نضحك لأننا تعلمنا: لا شيء يدوم… لا المال ولا القلاع ولا الأقنعة ولا حتى الأصدقاء والعلاقات المزيفه.

وحدها الحكمة تبقى، ومعها وجوه المعذَّبين… أبناء الحكمة الحقيقيون.


حسين عبدالله جمعة 

سعدنايل لبنان


** سَفَرُ الذِكرَيَاتْ ** بقلم الكاتب منجي الغربي

 ** سَفَرُ الذِكرَيَاتْ **

مُغْمَضَ العَيْنَيْنِ ...

شَارِدً الذِهْنِ و لَا زِلْتُ ... 

لَا زِلْتْ أَنْشُدُ أَفْكَارًا 

تَاهَتْ مِنِّي يَوْمًا ...

تَاهَتْ ... كَعُصْفُورٍ بَعْدَ السِّجْنِ

رَفْرَفَ مِنْ جِدِيدٍ و ارْتَحَلَ ... 

حَلَّقَ عَالِيًا نَحْوَ غَيْمَةٍ تَرْقُصُ

قَبْلَ السَّفَرْ ...


مُغْمَضَ العَيْنَيْنِ ...

أَسْكُبُ أَحْلَامًا فِي

كَأْسِ الشَّوْقِ  أَتَذَوَّقُهَا  ...

تَوَاتَرَتْ الصُّوَرُ و الذِّكْرَيَاتُ ...

أَتَجَرَّعُ بَعْضَهَا مُسْكِرَةً كَخَمْرَةٍ

مُرَّةٍ لَا تُطَاقْ 


تَسَارَعَتِ الصُّوَرُ وَاحِدَةً وَاحِدَةْ

تًدَافَعَتْ ... تَطَايَرَتْ ...  ارْتَحَلَتْ . 

تَعَدَّدَتِ الأَلْوَانُ و الصَّفَحَاتُ .


أَصْفَرُ فَاقَعٌ كَصَحْرَاءَ

تُمُدُّ كُثْبَانَهَا فِي كُلِّ إِتِّجَاهٍ

فَأَخْضَرُ كًوَاحَةِ نًخِيلٍ 

تَلُوحُ مَنْ بَعَيدٍ حُلْوَةً لِلنَّاظِرِينْ

و أًحْمَرُ قَانً كَشِفَاهَ فَتَيَاتٍ

لَمْ يَتَزَيَّنْ بَالمَسَاحِيقِ بَعْدُ 

فَرَمَادِيٌ فِي عِنًاقِ الأًسْوًدِ و الأًبْيَضِ 

 كَهَبَاءٍ بَمَوقِدِ دِفْءِ مًعَ خَلِيلٍ مُنْتَظَرْ

 أَوْ كَجَمْرٍ هًادِئٍ فِي قَلْبٍ عَلِيلٍ مُنْكَسِرْ .


جَالَ نًظًرَي فَي الأُفُقِ الرُُحْبَ

قًالَتْ العًيْنٌ أَرْجٌوكَ أًيُّهَا الشًّفًقُ

لَا تَرْحًلْ ... 

لَا تَرْحَلْ و انْتَظِرْنَي اليًوْمَ

و لا تأْخُذنِي بِنَاصِيَتِي 

فترحلَ بي قبل نِهايةِ المَواعيدِ.

و انتظِرْني 


بَقِيَتْ لي صَفحةٌ بِدفْتَري  

كَيْ أرسُمَ فيها وَردةً قبلَ السَّفرِ  

و أخُطَّ بيتَ شِعرٍ أخيرٍ للِعِبرِ

أجمَعُ فيهِ أحلامِي الضائعةَ

و أوْجَاعَ جِراحٍ لم تَندَمِلْ 

فانتَظِرني

لأُرسلَ مَكَاتيبِي المُتَخلفةَ

قبلَ السفَرِ 

ومِن الجَميع أعْتَذرُ ...

( منجي الغربي ) 

... جربة ... 07 / 11 / 2025 ...



قِطَارُ العُمْرِ.. بقلم الكاتب عماد الخذرى

 قِطَارُ العُمْرِ..


دَعْ عَنْكَ الهُمُومَ وَاتْرُكْ كُلَّ المَآسِي

وَلَا تَأْسَ عَلَى مَاضِي الزَّمَانِ القَاسِي


فَقِطَارُ العُمْرِ يَمْضِي لَا يُوَاسِي

وَمَا الحَيَاةُ إِلَّا فُسْحَةٌ لِلنَّاسِ


وَالشَّمْسُ تَشْرُقُ دَائِمًا كُلَّ صَبَاحٍ

لِيَعُمَّ نُورُهَا كُلَّ الأَنْفَاسِ


فَلَا تَرْقُبْ مِنْ أَحَدٍ وَعْدَ الأَمَاسِي

فَكَثِيرُ الوُعُودِ عَسِيرُ المِرَاسِ


وَلَا تَقُلْ مَا جَادَ الزَّمَانُ وَلَا آتِ

فَالكَوْنُ رَحْبٌ جَدِيرٌ بِكُلِّ كَأْسِ


وَانْحَتْ لِنَفْسِكَ طَرِيقَ الفَلَاحِ

فَلَا ذَهَبٌ يُمْطِرُ وَلَا مَاسِ


وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْعُمْرِ جُرْحًا يُدَاوَى

بِالصَّبْرِ يُشْفَى مَعَ كُلِّ نَاسٍ


وَإِنَّ لِكُلِّ جَوَادٍ كَبْوَةً

فَطُوبَى لِمَنْ نَهَضَ بِدُونِ يَأْسِ


وَمَا المَرْءُ إِلَّا عَابِرُ طَرِيقٍ

زَبَدًا يُبْقِي أَوْ مَا يَنْفَعُ كُلَّ النَّاسِ


بقلمى عماد الخذرى 

تونس فى 07/11/2025



الشعر،الشاعر والثورة: صراع الوجود..وسؤال المعنى.. بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 الشعر،الشاعر والثورة: صراع الوجود..وسؤال المعنى..

تصدير :

تحية للنص المدهش الذي يعكس وجه الحياة المتجدّد،تحية للقصيدة المتشبثة بهويتها كقصيدة،فمكانها ومكانتها بقامة أبجديتها،وليس بمهارتها في استرضاء السلطة وتملقها،وإن كانت سلطة شعبية..( الكاتب)


على مدار التاريخ،لم يكن الشعر مجرد تعبير جمالي منعزل،بل كان صوتاً حياً يعكس نبض المجتمعات وتطلعاتها.والثورة بوصفها حدثاً استثنائياً تهزّ البنى الراكدة،وتُعيد تشكيل دور الشاعر ووظيفة الشعر،لتتحول القصيدة من مجرد انفعال عابر إلى وثيقة وجودية توثق زمن التحوّلات الكبرى.هذه العلاقة الجدلية بين الشعر والشاعر والثورة تطرح أسئلة عميقة عن دور الفن في زمن الثورة،وعن قدرة اللغة على تمثيل اللحظات التاريخية الفاصلة.

لقد شهد الشعر الحديث تحولات جذرية في الشكل والمضمون،متأثراً بالثورات الصناعية والاجتماعية والفكرية التي عصفت بأوروبا منذ القرن الثامن عشر.لم يكن الشعر منعزلاً عن هذه التحولات،بل كان جزءاً من حركة تاريخية كبرى أعادت تعريف الإنسان والعالم.

كما عرف الشعر العربي علاقة عضوية مع الثورة، بدءاً من ثورات التحرر الوطني،مروراً بالثورات الاجتماعية،ووصولاً إلى ثورات "الربيع العربي". كان الشعر دوماً صوت المقموعين وسجل أحلامهم وآلامهم.

في هذا السياق،تمثل العلاقة بين الشعر والثورة واحدة من أكثر العلاقات تعقيداً وإثارة في التاريخ الأدبي والفكري،فهي علاقة تتجاوز الانزياح السطحي نحو الأعماق الوجودية للكينونة الإنسانية.وليست الثورة مجرد حدث سياسي أو اجتماعي عابر،بل هي انزياح وجودي يمس جوهر الإنسان ووجوده في العالم.وبالمثل،فإن الشعر ليس مجرد كلمات موزونة،بل هو استجواب دائم للوجود،وتفكيك للواقع،وبناء لعوالم بديلة.

وإذن ؟

 يجتمع الشعر والثورة إذا في مساحة اللامألوف، حيث يتم اختراق المألوف والسائد لإعادة تشكيل العالم والمعنى..

وهنا أقول : ليست الثورة مجرد تغيير سياسي أو اجتماعي،بل هي انزياح وجودي يمس أسس الوجود الإنساني في العالم،إذ تتجلى الثورة كفعل شعري يتجاوز الواقع القائم ويبني واقعاً جديداً قائماً على قيم الحرية والكرامة والعدالة.لكن العلاقة بين الشعر والثورة علاقة ملتبسة،فهناك فرق بين "شعر الثورة" و"ثورة الشعر".الأول قد يتحول إلى مجرد شعارات موزونة تردد انفعالات الثورة،بينما الثاني هو ثورة داخلية على مستوى الشكل والمضمون،تهدف إلى تحرير القصيدة من كل القيود..

في السياق العربي،برزت هذه الإشكالية بشكل حاد خلال ثورات ما يسمى ب" الربيع العربي"،حيث حاول العديد من الشعراء الاستجابة للأحداث الجسام،لكن النتائج الفنية كانت في كثير من الأحيان دون مستوى التحدي.كما يشير الشاعر المصري حسن طلب،فإن "الشعر يضعف عندما يكون تابعاً للأحداث السياسية".

ما أريد أن أقول ؟

أردت القول،الشاعر يقف على الخط الفاصل بين الوجود والثورة،بين الانزياح الداخلي والانخراط في العالم.فمن ناحية،يسعى الشاعر إلى تأويل العالم باعتباره انكشافاً للتجربة الحدية التي تتجاوز المألوف والممكن.من ناحية أخرى،يجد الشاعر نفسه ملتزماً بالاستجابة لتحديات واقعه وأزمات مجتمعه.هذه الازدواجية تخلق توتراً إبداعياً قد يثمر قصيدة وجودية ثورية،أو قد يتحول إلى مجرد انفعال عاطفي يفتقر إلى العمق الجمالي..!

لكن التحدي الأكبر يبقى هو الانزياح عن الشعري الزائف والوصول إلى قصيدة حقيقية مستقلة، قادرة على استغلال الفرصة التاريخية لاسترداد وضعها الطبيعي.هذا يتطلب من الشاعر الذكاء والموهبة معاً،وقدرة على توظيف الإمكانيات الجديدة لتجسيد رؤية وجودية ثورية حقيقية .

ختاما أقول : بعد أن تخف حدة الثورات وتستقر الأوضاع،يبقى السؤال: ما مصير الشعر بعد العاصفة؟!

 يرى النقاد أن الشعر الحقيقي هو القادر على تجاوز اللحظة الآنية ليتحول إلى وثيقة إنسانية خالدة.فالثورة ليست مجرد حدث سياسي عابر،بل هي حالة وجودية عميقة تمس جوهر الإنسان وتدفعه إلى إعادة النظر في ذاته وعالمه. والشعر،في النهاية،هو أحد أعظم أشكال هذه المراجعة الوجودية.

ويظل الشعر ثورة دائمة على المستوى الوجودي والجمالي،كاشفاً عن التوتر الحيوي بين الوجود والعدم،بين المعنى واللامعنى.ففي اللحظة الشعرية الخاطفة،يتحقق الانزياح الأقصى،حيث يصبح الشاعر هو الشعر نفسه،ويتحول الشعور إلى فعل كلّي جماعي يعبر عن وحدة الإنسانية في الجوهر .

أما الثورة،فهي التجسيد العملي لهذا الانزياح الوجودي على مستوى التاريخ والمجتمع. 

وحين تلتقي الثورة بالشعر،تتولد طاقة خلاقة قادرة على اختراق الواقع وإعادة تشكيله وفق رؤية جمالية أخلاقية.لكن هذا اللقاء يحتاج إلى وعي عميق باستقلالية الشعر وشعريته،وإلا تحول إلى مجرد استغلال سياسي يفتقر إلى العمق والاستمرارية.

في النهاية،يبقى الشعر والشاعر والثورة أطرافاً في حوار وجودي دائم،حوار يمس أسئلة المعنى والوجود،ويبحث عن الخلاص الفردي والجماعي في عالم يزداد تعقيداً وإشكالية..


محمد المحسن



الجمعة، 7 نوفمبر 2025

تـــعالي حبيبتي بقلم الأديب سعيد الشابي

 تـــعالي حبيبتي

أنت وأنا ، والحـب ثــالثنا

كم غنيــنا للوجود من نشيد

كم بنيـــنا من قـــصور

عشنا فيها للهـوى ، قــوتا

والعشق لــنا فيها شـراب

حين تحالف الزمان مع الهوى

ليقـتاتا من أعمارنا السنـين

ويسقــياننا العشــق خمرا

ونسينا قدوم يــوم فـــيه 

يسطو الزمان على أعمارنا

وقد أخذ مـنا الهوى ، ماعندنا

وما أبقـينا للأجـــسام شيئا

تعالي ، ولا تمنحي الزمان 

فرصـة الغباء القـــاتل

فنحن من يقـتات الهوى الآن

ونشـرب العشق مـاء زلالا

فليس الحب على الشباب حكرا

بل الحب للكبار نقاهة وعلاج

وثـقي ، يا خليلــتي أن...

ما بقي فيّ من دم يجــري

أنت فيه كريّـاته الحمــراء

وأن قلــبك ، في قلبي نبض

وقلــبي ، في قلبك التـيار

والنـور في عــيوننا اليوم

من ذاك الهوى المعتق المحفوظ

دعي الحب يحضننا كأمس

فالحياة بلا حب نهاية وفناء

سعيد الشابي


جّعلت بهذا الهوى عبقريا بقلم الشاعر حامد الشاعر

 جّعلت 

بهذا الهوى عبقريا 

 بحبك  حزت    مقاما  عليا ـــــــ ونلت   العلا    وارتقيت وليا 

فماذا  بدنيا الهوى لو رجعت ــــــ صبيا  وعدت    إليك      نبيا 

نظمت ملاحم شعري فصرت ــــــ  منادٍ   وصار    الكلام   نديا 

وماذا  أقول  وقد قيل  عني ــــــ جعلت  بهذا    الهوى  عبقريّا 

ودون الغموض الهوى يحتويني ـويبدو الهوى بي اتضاحا جليا

******

فلست  أبالي  إذا  ما  غويت ــــــ فكيف  اهتديت   إليّ   غويا

بدنياي دين الهوى لست أقلي ـــــ سابقى  بدين  الهوى أحمديا

إلى سؤدد   في هواي  أعود ــــــ  ومن بعد  ضعف أعود قويا

تسنى  الهوى  وسيبقى  غنيا ــــــ وفي   خافقي  مشرقا وسنيا

 أذود       فعن  حبنا   عربيّا ــــــ وبالحب أحمي الحمى مغربيّا 

*******

يدور الزمان ويهوى  التراخي ـــــ أمام  الهوى  مسرعا    لولبيّا 

كمثل السلاف ومن بعد عصر ـــــ يسيل  على  كأسنا   عنقوديّا 

هناك  كبدر      تُرى     عبقريّا ـــــ وليلا   تناجي   هنا  سرمديّا 

وبالحب  أثريت  قلبي  هواك ـــــ فما  خنت  ما عشت إلا وفيا 

وزدت   ثراء  فيا   ليتني من ــــــ  صباي  اتجهت  إليك    ثريا 

******

وتقرئني   من   بعيد   سلاما ــــــ وغصن  السلام  حملت طريا 

تعال    فليس يفيد   التعالي ــــــ انادي   ولست    أطيق  دويا

بدا ما      أقول  جليا  وأعلن ـــــ ت حبي  وما كان  أمرا خفيا 

وما  كنت  إلا  محبا       مليا ــــــ وهذا    المحب  تراءى صبيا 

يصير  المعادي  مسيخا  وكل ــــــ محب   يصير  مسيحا  تقيا

******

وغير  المحبة   لست  أحابي ــــــ هجرت  العدى والأعادي مليا

يجافي  المحب غبيا يصافي ــــــ  ومن  صانع  الحب قلبا ذكيا 

تلامس نار الهوى في الجنان ـــــ   ورغم  التلظى   فؤادا  زكيا

تسامى الهوى ويسمى المحب ـــ سموا  بنفس  المسمى   سميا 

بلغنا  تآخي   محبين     حين ـــــ جعلنا  الهوى    منهجا أخويّا 

******

جعلت الهوى   مغربيا فصرت ـــــ  وليا  وصار  الهوى   تونسيّا

ويهمني   أن تظل       حبييا ــــــ ولي  أن  تكون صديقا صفيا

ومن  دونه  كم أراني   فقيرا ــــــ وفيه  احوز     المعالي  غنيا 

بدوت  جليا      غدوت  وليا ــــــ كجدي اصطفاني العليّ  عليا 

يطيعك قلبي  المُعنى  فلست ــــــ تراود     قلبا  أتاك     عصيا

*******

ذكرت  الذي  شاقه ما تناسى ـــــ وما  كان  قلب  المحب نسيا 

أفوق الشيوخ بعملي  فلست ــــــ أشيخ  وما  زال   قلبي  فتيا 

وعشت التصابي صبيا  وحرا ــــــ يموت  صريع  الهوى   وأبيا 

وذقت الهوى  كأسه  مستهاما ـــــ يلذ  وحتى  التراقي    شهيا

يطيب  الهوى سكرة  وانتشاءً ـــــ وحتى  الثمالة  يبقى    بهيا

******

حملت  براءة    طفل   فكيف ـــــ أشيخ  وما   زال   قلبي نقيا

وحظ  سعيد       وسعد له  وــــــ سعاد   وليس   يلاقى  شقيا 

نطيق  الذكي   الذي يستهام ــــــ وفي الناس  لسنا نطيق غبيا 

يميل  الهوى  للقصيد    غويا ــــــ  فحين  توافي القوافي رويا 

 عملت بكل الوصايا ومن أش ـــــ تهي  غيره  ما  قبلت  وصيا

******

أوالي  الهوى    وأُولى  فعني ــــــ  إذا  ما   تولى  الهوى بربريّا

أصوغ الهوى أمنيات فألقى ــ وفي الجود فيض الأيادي سخيا 

وأبقي الهوى أغنيات وأشدو ـــــ فيغدو   بيَ الشعر لحنا شجيا 

جعلت الهوى  ساريا   عبقريا ـــــ وعشت     ثريا     به   وسريا 

وفي الحب  عيش هنيّ غنيّ ـــــ بكأس       المحب  تملَّ  هنيّا

******

العرائش في 7نوفمبر 2025

قصيدة عمودية موزونة على البحر المتقارب 

بقلم الشاعر حامد الشاعر



قراءة بقلم الكاتبة حبيبة المحرزي في قصيدة "أجراس الحدود" للشاعر السوري محمد مجيد حسين.

 قراءة في قصيدة "أجراس الحدود" للشاعر السوري محمد مجيد حسين.

الشاعر ومنذ العنوان" أجراس الحدود" جعل ذهن المتلقي يقفز الى الحدود والمنفى واللجوء وأجراس تلغو هناك في حدة البعد والشوق الى الوطن في زمن التوق إلى الحرية والعودة إلى الأرض والعرض والحياة الطبيعية .

الشاعر وببراعة مذهلة جعل الهمّ الجمعي يتقاطع مع الوجد الإنساني في رمزية تربط بين الحب والمقاومة.

-البنية الدلالية للنص:

تقوم القصيدة على ثنائية الحدود والعبور، لأنّ الحدود في القصيدة لا تظهر كفعل جغرافي هندسه المستعمر الطاغي ذات ظلم وتجبر ، وانما كرمز كوني للمنع والرهبة والخوف من اقتحام فضاء الآخر ، والشاعر يتحدى هذا المفهوم ويجعل للحدود أجراسا ، لا أسوارا وأسلاكا شائكة.لان الجرس يعلن عن الحياة والانفتاح لا الانغلاق والخوف لكن بنهج تحفيزي تحذيري. 

يقول الشاعر :

" كانك تزودين إجراس الحدود بالذخيرة "

في هذا المشهد المفترض تلتقي الانثى بالوطن ويتحول الحب إلى طاقة مقاومة لإثبات الذات المغلقة في سياق  حربي يستوجب "الذخيرة"

-الرمزية وبنية الصورة :

القصيدة مشبعة بالرموز التفاعلية. فالعبق هو الذاكرة والهوية العاطفية التي تتجاوز المسافات لربط الصلة بين الماضي المنقضي والحاضر المستمر.

تحضر الصحراء كرمز للفراغ والبعد يقابلها البستان رمز الخصب والحياة. 

الياسمين : يحيل إلى النقاء والأنوثة وياسمين "دارنا الدمشقية" لنزار قباني.

دانكو :رمز الإثارة والبطولة الروحية المستعار من أدب مكسيم غوركس ليسقطه الشاعر على ذاته المرهقة في لحظة اختراق الوعي والحب .

-البنية الاسلوبية:

تقوم القصيدة على إيقاع داخلي متواتر نابع من تكرار عبارة "أجراس الحدود" والتي تؤدي دور اللازمة الموسيقية والمعنوية في ٱن واحد فهي تجمع بين صوت الانذار وصوت الامل والانفراج.

 -الانزياح اللغوي:

"صحراء المسافة"

"ولادة الشجاعة في غابات الياسمين" استطاع الشاعر أن يفكك الواقع عبر المجاز ، فيجعل اللغة نفسها معادلا للشجاعة المرجوة في هذا الخضم المتوتر .

والقصيدة تمتاز بنبرة تأملية وجدانية تعبق بالسمو الروحي والهدوء الفلسفي حتى في أكثر لحظاتها توترا.

وقد استطاع الشاعر ان يقنع المتلقي أن الحب الحقيقي فعل تحرر وانعتاق وان الحدود الحقيقية داخل الإنسان ذاته لا خارجه.حين يقول:

"وفي أوج ساعات وقاري

 انتظر ولادة الشجاعة"

فالقلق الوجودي أشبه بالانتظار او هو المخاض الذي يسبق الولادة .في تقابل بين الهدوء الظاهر والعاصفة المتاججة في الداخل وآلام الوضع..

ليختم :

"وانا دانكو عصري.."

بهذا يتحول الشاعر من عاشق مهزوم إلى منقذ رمزي شبيه بدانكو  رمز التضحية في قصة "الشيخ العجوز دانكو" لمكسيم غوركي الذي استخرج قلبه لينير به دروب أهله المظلمة ليموت ويترك هناك دون حتى التفات ممن هلك من أجلهم .

 يصبح الشاعر محمد مجيد حسين  رمزا للنور الذي يضيء عصره المظلم رغم أن  تنكر المجموعة له وارد شأنه شأن "دانكو" 

بهذا استطاع الشاعر أن يعبر عن وضعية الإنسان العربي الممزق بين الحب والقيود وبين الرغبة في العبور والخوف من الاجراس التي قد تفضح خطاه.

-ختاما:

"أجراس الحدود" تتجاوز الأنا لتعبر عن تجربة إنسانية تأملية يتداخل فيها الحب والوطن والمقاومة في نسيج من العطر والنور والصوت اضافة إلى القلق والخوف من الآتي .

هي قصيدة حديثة تقاوم الفراغ والظلمة بالصورة والمجاز وتمنح الحب معنى وجوديا لا يختزل في العاطفة بل يتسع ليشمل الكرامة والحرية والإنسان في أعمق حالاته في تماه مع "دانكو" الذي ختم القصيدة كقرار بات وكرمز للايثار وتضحية الفرد في سبيل المجموعة.

حبيبة المحرزي 

القصيدة

أجراس الحدود

يتطايرُ العبقُ مخترقاً  

صحراء المسافةِ 

يقودني الصمودُ 

أتشبثُ بدفءِ عينيِّكِ ...

كأنكِ تزودين 

أجراس الحدود 

بالذخيرة ...

وأنا المهزومُ الباقي 

في ساحةِ الشوق .. 

يا مَنْ تخشينَ 

أجراس الحدود 

المعادلةُ تنادينا ..

وفي أوج  ساعاتَ وقاري

أنتظرُ ولادةَ الشجاعة 

في غابات الياسمين ..

وأجزمُ بأنَّ عبقَ روحي 

ينمو في بستانكِ ..

أجراس الحدود 

مثل الغيب ..

وأنا دانكو عصري ..

                   محمّد مجيد حسين .. سوريا



إلى روح خالتي ربيعة بقلم الكاتبة سلوى بن حدو /الرباط

 إلى روح خالتي ربيعة


ويح قلمي إن لم يكتب إسمك بماء الذهب

ليفخر به بين الغصن والقضب

ويغمد روحك برحمة الحب 

الذي ما كان  عن زيف أو كذب

فدعيني خالتي على قبرك أنتحب

حتى تبعثرت القوافي... و بفراقك تاهت....

تلاشت....و اكتأبت..

كفيض دم انسكب من المقل

كحبات عنب تناثرت من عناقيد الأصل

سأرمم  الشضايا من التناهيد..

وألملم حرقتي بالرحمة لك و لقاء جديد...


بقلمي سلوى بن حدو    /الرباط



نهار العيون الأول بقلم الكاتب عامر حامد المطيري

 نهار العيون الأول

في البدءِ —

كانتِ العيونُ نجومًا لم تُطفأ،

تُديرُ مجرّاتِ المعنى،

وتعلِّمُ الضوءَ كيفَ يولدُ من الصمت.


كلُّ عينٍ تهمسُ بما لا يُقال،

كأنها تُترجمُ لغاتِ الغياب،

وتكتبُ للهواءِ وصيّته الأخيرة.


وحين تلتقي العيونُ —

تسقطُ المسافاتُ،

وتتبادلُ الأرواحُ أماكنَها،

ويعرفُ الجسدُ أنه ضيفٌ عابرٌ في الولَه.


عيناكِ —

سفرٌ من ندى،

يبدأُ من طرفِ اللمسة،

ولا ينتهي إلاّ في رعشةِ الاسم.


فيهما —

تتدلّى الذاكرةُ كنجمةٍ تتذكّرُ نورها،

ويتعطّلُ الزمنُ عن العمل،

كأنّ النظرَ إليكِ

يوقظُ نهارًا كان نائمًا في الحلم.


حين تنظرين،

تنبضُ الجبالُ في صدري،

ويمشي الضوءُ على مهلٍ في وريدي،

كما تمشي الأغاني في غيمةٍ تنتظرُ المطر.


يا امرأةً

بوحُ عينيها بابٌ إلى الغيب،

وصمتُها — طريقٌ إلى يقينٍ لا يُقال.


كم مرّةً

خلقَ الحبُّ في عينيكِ نهارَه الأوّل،

وكم مرّةً

أعادَ اللهيبُ ترتيبَ رمادِه —

حين رمشتِ فقط.


عامر حامد المطيري



تماثيل الضعفاء. بقلم الكاتب.. ادريس الجميلي .

 تماثيل الضعفاء.


لسان العرب ديوان حقنه رجل متهور بكلمات البغي الفاحشة .هو يرتدي لباسا قيل انه من كفن الموتى .لقد تابط آخر الوثائق الملفوفة التي كتب عليها بعض الأحاديث النبوية...تراه يلهف الدقيق الابيض الناصع دون دعاء فلا يرضى بنعمة أنزلها الله من السماء .يتهادى وحده في كل مدرج .يحدق أعمدة الديار فلا يرسو في مكان الانتظار.انه لبس قوانين الدراسة كي يكتب شفويا ألفاظا كانت في بيت العرب .رايت تمثال النبوة على كتف الطغاة ....نعم هذه تربتي أشم منها ندى رائحتها بكل أمان ...سألت نفسي .أين الشيطان؟ مكثت قليلا أمام الطائر الأسود متلعثما تاركا ريح السموم تلفح جسدي .انها الحياة تودعني وهي تهمس في أذني لتعلمني ...متى الرحيل؟

سئمت كل الأغاني فردمت الفأس تحت غطاء أبيض كان قد رماه الطائر الاسود خوفا من الظلام ثم تربعت على عرش فضيلة ملغاة ...آه يا وطني لم ألمس كسرة أمي و لم أشرب ماء العين الصافي .ها أنا أقفز  مرتلا  أحاديث و دعوات أبي .كان ممددا على لحاف  مكسوا ببقايا الحشائش البرية .

هي حقائق هاجمت عنفوان شبابي ذات يوم فاستحضرتها عساني أعدم صيحة المديرفي عرش قبيلة الموتى الأحياء.


الامضاء.. ادريس الجميلي .



هو القدر بقلم الكاتب حكيم التومي

 هو القدر 


هو القدر عن الذات 

الفرح نزع

والقلب للأحزان خضع 

قبرت السعادة في 

أعماقي 

وغربان الحيرة في 

بوتقة الفكر طيفها  

لمع

فكان الشعر ارهاصات 

وجع


حكيم التومي 

تونس

إِرْتِقَاب بقلم الكاتب علي المحمداوي

 إِرْتِقَاب 

طال إنتظاري 

وملَّ التختُ من جلوسي واصطباري 

ذبلتْ جفوني 

وجفَّ الدمعُ بأحداقي

وتفجَّرتْ من أسايا عروق قلبي 

وجفَّ ماءُ روافدي والسواقي

فلا شمس أطلَّتْ في صباحي 

ولا فرح يدور بليلي أو نهاري

وكم يا حبيبي وكم

من بعد الفراقِ

آهٍ وآهٍ كم أعاني 

من نار أشواقي والفراق

وزماني آهٍ من زماني 

بعكَّازِ هجرِكَ قد رماني

وبثالثة الأثافي أصابني فأدماني 

وغادرتْ جنائنُ قلبي

طيور الحب

وعشعشَ غرابُ البينِ بأشجاري

ألقيت حرفي 

في أماكن أعرفها

كنّا نرومها عند اللقاء

فلمَّا احتضنَ الحرف تلك الأماكن

 أَنَّ وناحَ وانحنى 

فأبكاني

أيُّها الحافرُ بنصف الروح بئرا

تعال اسمع أنين قلبي وأشجاني

أقسمتُ عليك بربِّ الكون 

أَن إرجعْ إلَيَّ

فإنَّ اشتياقي لعينيك لا حدود لهُ

وأشواقي إليك

باتتْ بأضلعي

كصريرِ النارِ

وغدا ما كنتُ أحملُ من جمالٍ 

كالرَّمادِ

فهل يا ترى ؟ 

بعد الغيابِ من معادِ


بقلمي علي المحمداوي


** ((تلّ مكسور)).. قصة: مصطفى الحاج حسين

 ** ((تلّ مكسور))..

قصة: مصطفى الحاج حسين


مضى على تعيين الأستاذ (حمدان العُمَر)، أكثر من ثلاث سنوات، معلّمًا وحيدًا في قرية (تلّ مكسور)، دون أن يطلب نقله إلى قريته القريبة، بالرّغم من حاجة أبويه العجوزين إلى خدماته في الأرض التي يَتملّكانها؛ فهو يرى نفسه كلَّ شيء في (تلّ مكسور)، فإذا انتقل إلى قريته، ذهبت مكانته وهيبته، ولسوف يُضطرّ أن ينزل من عليائه، ليعمل في الأرض، بدافع الحياء والواجب أمام إلحاح والديه.


لقد أوهم الجميع ـ بمن فيهم المختار ـ (أبو قاسم)، بأنّه رجلٌ مسنودٌ في المحافظة، بأن أبرز لهم بطاقة غريبة، على أنها بطاقة أمنية، فانتشر صيته حتى شمل القرى المجاورة، كما اشتهر بقسوته وبطشه، وكثيرًا ما كان يبتسم في سرّه، حين يتذكّر خوف الكبار منه قبل الصغار.


وما كان يُغريه في البقاء في (تلّ مكسور)، ما يلقاه من خدمة واهتمام وتبجيل، فقد سكن في أحسن البيوت، وأكل أشهى الطعام، بفضل دعمه المزعوم.


ومن دواعي استمراريته في هذه القرية، مغامراته الجنسيّة فيها، فهو يستغلّ وضعه معلّمًا وحيدًا، يستشيره الجميع في كلّ الأمور: قانون، سياسة، زراعة، وحتى أمور الدين. وكثيرًا ما كان يتبجّح بمقولة: (من علّمني حرفًا، كنتُ له عبدًا)، مشدِّدًا بتلذّذ عظيم على كلمة (عبد). كلّ هذا استخدمه طُعمًا في اصطياد النساء الساذجات، بالإضافة إلى كونه أعزبًا لم يتجاوز الثلاثين، يعدّ نفسه متميّزًا بثقافته، وعاداته، وملبسه، ومشربه، ومن هذا المنطلق، يُصرّ على ارتداء طقمه البُنّي، وقميصه البرتقالي، وربطة عنقه الحمراء، في كلّ الأوقات.

  

وكان يُطيلُ الوقت حين يُنظّفُ أسنانه، ليراه أكبر عدد ممكن من الأهالي، وإلى أن ينبثقَ الدمُ من لثّتهِ الملتهبة.


إنّه يرى في شخصه ملكًا، في هذه القرية الغافلة. لكن ما يُنغّص عيشه هي (خديجة)، والدةُ تلميذه (جمعة الخلف)، أجمل نساءِ القرية، الأرملة، والوحيدة، والتي تستطيع لو شاءت أن تتسلّل إليه، أو يتسلّل إليها، فالبيت قريب، ولكنّها نَفرت من كلّ المحاولات.


ذاتَ يومٍ، طرق بابها بعد منتصفِ الليل، فرجع مغسولًا ببصقةٍ، ما زالَ يحسُّ وقعها على وجهه، ممّا جعله يتنازل، وبدافع شهوته المتقدّمة نحوها، يعرضُ عليها الزواج، فتعلّلت له بولدها، وبأنّها نذرت حياتها من أجله، فأضحت جرحه الكبير، وتحوّلت شهوته إلى جرحٍ عميق، انصبَّ على ولدها (جمعة)، فصار يضرب بعد الدلال، رغم تفوّقه،فتنتقل شكواه ودموعه إلى أُمّه، التي تشكو أمرها وأمر ابنها إلى الله.


كان الأستاذ (حمدان) يقفُ على الكرسي، يتلصّص من خلال النافذة، مُراقبًا حركة التلاميذ في استراحتهم.


فما إن تبدر أية حركة من اللعب البريء من الصبي، حتى يُباغَت بصوت الأستاذ المتجسّس، ويبدأ التحقيق معه، وفي النهاية تكون العقوبة القاسية هي الجزاء المنتظر لهذا اليتيم المسكين.


واليوم... حدث ما يُبرّر كلّ حقد (حمدان) على تلميذه (جمعة)، وشاهد من خلال النافذة التلاميذ يلعبون بكرةٍ مصنوعة من الخِرَق البِطّالية، لأنّه حرّم عليهم اللعب بالكرة الحقيقية، التي جمع ثمنها منهم، ولمّا كان (جمعة) بينهم، اندفع (حمدان) إلى الباحة الترابية، وأطلق صفارة الإنذار.. تجمّد الدمُ في عروقِ الصغار، اقترب من الكرة، تفحّصها جيّدًا، ثم صرخ:


ـ من دسَّ علمَ المدرسة، مع هذه الخِرَق؟!


خَيَّم على رؤوسهم صمتٌ رهيب، وتوجّه (حمدان) بنظره الحاقد صوب (جمعة):


ـ أنتَ.. أليس كذلك؟! قَسَمًا باللهِ، سأَسحقك.


وانبعث صوتُ الطفل، مبهوتًا لهذا الاتّهام:


ـ لستُ أنا.. يا أستاذ!!


ـ اخرس يا كلب! هذا عملٌ لا يقوم به سواك.


ـ وحقّ المصحفِ يا أستاذ، أنا لا علاقة لي بصنع الكرة.


وعلى الفور، أمر الأستاذ بعضَ التلاميذ، فرفعوا قدمي (جمعة) إلى الأعلى، وانهال عليه بعصاه الغليظة، فانطلق صراخُ الطفل بريئًا، لينتشر في أرجاءِ القريةِ المتناثرةِ البيوت، فالتَمَّ الناسُ على صوتِ العويل، وأسرع بعضُ الصبية فأخبروا الأرملة.


تحلّق الأهالي رجالًا ونساءً وأطفالًا، وكانوا جميعهم يسألون:


ـ ماذا فعل (جمعة)؟!


وكان الصغار يتولّون الجواب:


ـ لقد صنع من علم البلاد كرة!


والأستاذ (حمدان) منهمكٌ بضرب الصغير، غير عابئٍ بصراخه وتوسّلاته:


ـ أستاذ... دخيلك... أبوس رجلك... اتركني!


وقبل أن تجد توسّلات الصغير مكانًا في قلب الأستاذ، الذي كان يزهو داخليًا، لأنه مركزٌ لهذه الأحداث، جاءه صوت (خديجة) الذي يُميّزه عن أصوات نساء الأرض:


ـ لماذا تضرب ولدي هكذا، يا حضرة الأستاذ؟!


فزعق (حمدان) بوجهها:


ـ لأنه مجرم... مخرب... خائن! هل فهمتِ؟!


اقترب الحاضرون أكثر من المعلم، المتقطّع الأنفاس:


- سأبعثه إلى السجن، قسماً سأبلغ السلطات عنه، هذه جريمة لا يُسكت عنها.


صرخت الأم بانفعال شديد:


ـ يعني ما حصل شيء، ولد لا يفرق بين العلم وأيّة خرقة أخرى…


زمجر المعلم متلذّذًا بهذه المشاجرة الكلامية:


ـ ولد؟!! لا يعرف قيمة العلم؟!.. هذا غير صحيح، من منكم ـ وتوجه بكلامه للحاضرين ـ من منكم لا يعرف بأن العلم رمز للدولة؟!!


اقترب المختار (أبو قاسم)، يرجوه:


ـ يا أستاذ (حمدان)، هذا ولد.. يجب ألا تؤاخذه على هذه الغلطة.


صاح (حمدان):


- حتى أنت يا مختار؟! والله سأكتب تقريرًا إلى مختلف الجهات الأمنية…


… سأذكر وجهة نظرك هذه يا أبا قاسم.


ـ أنا يجب أن لا أتناقش معكم في هذا الموضوع..

أصلاً ليس من قِيَمتِي أن أتناقش مع أحدكم، هذا موضوع خطير، وأنتم لا تفهمون بالسياسة، سأكتب… ومن لا يعجبه سأذكر اسمه في التقرير، فأنا لا يجوز لي التسامح في هذا الشأن، وأنا لعلمكم كاتب تقارير ممتاز، ومن لا يصدق فليذهب إلى قائد قطعتي في الجيش، ويسأله عن تقاريري، كان يضرب المثل بها أمام رفاقي، ومن هذه الناحية… أنا لن أخسر شيئاً، سوى كتابة التقرير، ووضع توقيعي وخاتم المدرسة عليه، ثم تأتي الدوريات.


ولما أراد المختار أن يتدخل مرة أخرى، حدجه الأستاذ بنظرة ذات معنى، وكتم بهجته.. بإرباكه.. وصرخ:


ـ أرجوك يا جناب المختار، لا تتفوه بكلمة ستندم عليها، ومسؤوليتك أن تبلغ عنه بنفسك.


نشر الخوف ظلاله على الجميع، وتعثرت الكلمات على شفاههم، مرت لحظات منحوته من دمع وظلام، حار الواقفون، وطال صمتهم، فكر  

(أبو عيشة) أن يساند (حمدان)، حتى لا يظل متعاليًا عليه، لكنه خجل من (خديجة)، أرملة  

(نايف) ابن عمه، التي رآها واقفة بانكسار.


تردد أصحاب النخوة في مواقفهم، وتقدم (أبو نواف)، وطبع قبلة على شارب المعلم، وتشجع (أبو ممدوح)، فعزم على الجميع أن يتفضلوا إلى داره، ليذبح خروفًا إكرامًا للأستاذ… هكذا راح يقسم.


وانكبت خالة الأرملة العجوز، على يد (حمدان) تقبلها، وتبللها بدموعها.


كثرت التوسلات، وتعالت الأصوات… مسترحمة، مستعطفة، حتى(خديجة)

… تهدجت كلماتها من الفزع، وهي تتمتم:


ـ هذا طفل يا أستاذ… لو كان رجلاً… ولم تكمل كلامها، حتى انتفش كالطاووس، وهو يزعق بتلذذ:


ـ السلطات العليا وحدها ستقرر مصير ابن الخائن هذا.


انصعقت (خديجة)، توقعت كل شيء، إلّا أن يتهم زوجها بالخيانة، وحاولت أن تتمالك، فلتصمت… عن هذه الإهانة، فالجميع يعرفون من هو زوجها، المهم الآن أن تستعطف هذا الحاقد، لأن مصير ولدها (جمعة) في خطر، فابتلعت الإهانة، وضغطت على جرحها، وقالت:


ـ سامحك الله يا أستاذ (حمدان)، لو كنت تعرف أي الرجال، كان (أبو جمعة)، لما اتهمته بالخيانة.


أدرك (حمدان) نقطة الضعف عند غريمته، فعزم على تمريغ اسم المرحوم:


ـ لو لم يكن جبانًا، لما أنجب هذا الولد الخائن.


وهنا فقدت (خديجة) رشدها، لم تعد تحتمل أكثر مما سمعت، فصرخت كمجنونة، اندفعت تجاه (حمدان):


ـ اخرس… اخرس يا كلب، من أنت، حتى تقول عن (أبي جمعة) جبان؟!!.. متى أصبح الشهيد خائنًا؟!.. اذهب فاسأل تربة الجولان لتعرف من هو (أبو جمعة)، أنت مجرد نذل… حقير، حاولت النيل من عرض هذا الشهيد، الذي لا تساوي أنت وتقاريرك فردة حذائه.


واندفعت نحوه أكثر، رافعة يدها بقوة، تريد أن تصفعه، في تلك اللحظة، عندما كان يتراجع (حمدان) مذعورًا كالفأر، شاهد جميع من كان حاضرًا من أهالي (تل مكسور) يد (خديجة) الطاهرة، تخفق في سماء القرية المكتنزة بالغيوم، بشموخ وكبرياء، ترتفع تمامًا مثل علم البلاد.*

 

مصطفى الحاج حسين.  

حلب، عام 1990م



مَزارُكَ بقلم د. محفوظ فرج المدلل

 مَزارُكَ

مَزارُك   مهما   عاقَني  ظاهرُ  البعدِ

أحنُّ إليه  ما   حييتُ   على   عهدي


بطيبةَ       ألقاني    أسيرُ    ووِجهتي

لمسجدكَ الزاهي  يسابقُني  وجدي


أحبَّكَ      ما دارتْ     علىَّ      دوائرٌ 

وما  أغرتِ   الدنيا  بمالٍ   وفي  وِلْدِ


حبيبي    رسولُ  الله  روحي  مقيمةٌ

جواركَ  تهنا   بالصلاةِ     وتستهدي


يناشدُها      قلبي     هناكَ   تَوسَّلي

فأنّي   بسامراء   قد هدَّني  سُهدي


أتوقُ  إلى     دارِ     الحبيبِ   وإنَّني 

أرى  في   مغانيهِ  حياةً بها  سَعدي


فيا     ربِّ    بلِّغْني    وصالاً    لمكةٍ 

وبيتِ   رسولِ الله في روضهِ رُشدي   


منايَ    بأنْ    تبقى    هناكَ   إقامتي

ليومِ   قضاءِ الله في   ساعةِ   الوِرْدِ


وأدعو  :    أيا ربّاه    سؤلي   وغايتي 

تصلّي      عليه   ماتَفتَّحَ     من وَردِ


وبثَّ         عبيراً     للصلاةِ     مُردّدا

بذكرِ    رسول  الله    أنفاسُه تسدي


يحيطُ    بآل البيتِ    منها    نسيمُها

شِفاءٌ    لعانٍ  من سقامِ  ومن  جهدِ


عليهم   سلامُ  الله      نورٌ     مباركٌ

يضيءُ دروبَ الحقِّ في الحلِّ والعَقدِ


سلامٌ على الصحبِ الحماةِ  لديِنهم

بايمانِهم   قد أحرزوا    ذروةَ المجدِ


د. محفوظ فرج المدلل



عباد الرحمن بقلم الكاتب أحمد محمد حشالفية

 عباد الرحمن


سموا على اسمك الرحمان وكل لك عبد

اجتمعوا بلا ميعاد كخرزات جمعهم عقد


عند ضريح الشيخ الموسوم كان لهم ورد

لإحياء تراث مدينة كان لساكنيها مجد


اللهم احفظهم واجعل مسعاهم المجد 

وارحم أوسطهم مات ولم يخن لهم عهد


عباد للرحمان وصفا ولا يختلف عنه أحد

طيبون شرفاء وأعمالهم زكية كأنها الورد


من اليمين سليل فضل مورثا أبا عن جد

يليه أستاذنا المبجل ولفضله علينا لناسرد


ثالثهم الفقيد الخلوق ويشهد له المسجد

رابعهم شريف موسوم وأجداده لهم سؤدد


خامسهم الرائع البشوس وبالبسمات يوحد

أبناء قصر البخاري وفي مقر الأصالة يوجد


سلام المحبين عبركم يرسله أخوكم أحمد 

لقارئ أبياته يترحم على والديه كي يسعد


بقلمي

أحمد محمد حشالفية 

الجزائر



بين الأمواج بقلم الكاتبة رفيقة بن زينب *** تونس الخضراء

 بين الأمواج


بين الأمواج العاتية

و على شاطئ غزة العزة الباقية

ما بقي الزيتون منذ القرون الخالية

رغم الشطحات الخارقة

لهدنة الحرب الآتية

على الأخضر و اليابس و اللاهثة

وراء إبادة كاملة


بين الغيوم الرمادية

و على أجنحة النوارس الفضية 

و النسور المحلقة أعلى القمم الجبلية

سنسافر مع الآمال الوردية

و نهمس لروح كل شهيد و شهيدة غزاوية

و لكل فراشة قزحية 

ترقص بحركات بهلوانية

على ألحان كل أغنية وطنية

طبتم و طابت لكم الجنة سرمديا

و شفعكم الله في أهاليكم و حقق كل أمنية

و ألبسهم حلل جنته السندسية 


سأقرأ  ذكرياتنا  الخارقة

ليلة زفافنا الشاهدة 

على نكبتنا الفاصلة

في قضيتنا  الرابحة

رغم التحالفات الخاسرة

و التطبيعات  الخائنة


سأظل أبحث عن طيفك

بين الغيوم و أناجي شخصك

و أمارس طقوس بوح كبوحك

و أكرر لمن يصادفني إسمك

و أحدث نفسي عن حلمك

لعلي أحقق البعض من أملك

في لم شتات قومك

أيها الشهيد الحالم بقربك

من نبي الرحمة في جنتك

جزاء مقاومتك  لعدوك


سأرتدي فستان عرسنا

كل صائفة  عربون وفائنا

لبعض كما تواعدنا بيننا 

و أتلو آخر مناجاتنا

راجية من الله تلبية دعائنا

آمين يامحقق رجائنا

ببركة حبيبنا نبينا

عليه وعلى الآل والصحب سلامنا 

كلما ارتفع أذاننا

إلى يوم قيامنا


رفيقة بن زينب   ***   تونس الخضراء

لحن الخلود بقلم الكاتب وليد سترالرحمان

 لحن الخلود 

.............................


البحر يعزف لحنه 

بجميل ما في عمقه 

من لؤلؤ 

و ثمار رمل نادر 

رمل الجميلة قرتي 

ليلى الأنا غنوتي 


فقصيدتي حملت مشاعر شاعر 

عشق الجزائر بلدتي 


يا من يرتل حرفها 

إني غرقت بعشقها 

فسواحل تمتد حتى الأطلس 

خطفت عزيمتي و انتهى 

عشق النساء كلها 


يا مهد مجد العاشقين و سحرهم 

يا نغمة سكبت دمي بأصالتي 


إني كتبت لأجلك 

بترابك 


و رسمت وجهك في سطور رسالتي 

قد علمتني موجة أن الهوى 

يمضي و يبقى الحب في أوطانه 


فإذا نسيت حكاية رملك

رد الفؤاد بأنك 

 لحن الخلود غايتي 


فالعمر ماض و الموانئ تشهد

أني سكنت بحضنها و كغنوتي

كم ضمني

موج حنون خافق

عبق كأن نسيمه من نسمتي


يا موجة حدت رمال شواطئ

إن الهوى في سحرها

فرح ترى

يلقى الصباح عبيره

و يذيب ليل المآسي و انتهي

حزن يراود مضغتي


يا ليت لي عمرا يعاد فأكتب

ألف الحروف النادرة  و بدفتري


و أظل أزرع في المدى أنغامه

حتى أرى

وطني يضيء بمطلعي

................................

بقلم وليد سترالرحمان


غَيْثُ الرَّحْمَةِ بقلم الكاتب سليمان بن تملّيست

 🌿 غَيْثُ الرَّحْمَةِ 🌿

🌧️⛈️🌧️


أَهْدَى الغَمَامُ رُبُوعَنَا أَنْسَامَهُ 

 وَرَنَا إِلَى وَجْهِ البِلَادِ سَحَابَا

🌧️⛈️🌧️

فَبَدَتْ مَوَاسِمُنَا تُبَشِّرُ بِالعَطَا 

 وَتُعِيدُ لِلأَرْضِ اليَبَابَ شَبَابَا

🌧️⛈️🌧️

أَرْضٌ غَدَتْ بَعْدَ الجُدُوبِ مُحِبَّةً 

 لِلْبَرْقِ يَنْسُجُ فِي الفَضَاءِ قِبَابَا

🌧️⛈️🌧️

هَزَّ الهُطُولُ قُلُوبَنَا فَتَرَاقَصَتْ 

 وَأَعَادَ فِي أَعْمَاقِنَا إِعْجَابَا

🌧️⛈️🌧️

كَمْ قَدْ صَبَرْنَا وَالعُيُونُ تَشُدُّنَا 

نَحْوَ السَّمَا تَرْجُو الإِلَهَ قِرَابَا

🌧️⛈️🌧️

وَبِرَحْمَةٍ مِنْهُ اسْتَجَابَ لِتوبةٍ 

 جَعَلَ الغُيُوثَ تُقَبِّلُ الأَتْرَابَا

🌧️⛈️🌧️

فَتَفَتَّحَتْ أَزْهَارُنَا، فَتَهَامَسَتْ 

 نَفَحَاتُهَا، مُذْ عَطَّرَتْ أحْبَابَا

🌧️⛈️🌧️

وَتَرَنَّمَتْ أَطْيَافُنَا نَشْوَانَةً،

وَتَغَنَّتِ الأََرْضُ بِهِ تَرْحَابَا

🌧️⛈️🌧️

يَا مَطَرًا نَزَلَ، السَّمَاءُ رَحِيمَةٌ 

 أَحْيَيْتَ فِي أَرْوَاحِنَا الآرَابَا

🌧️⛈️🌧️

تَرْتَاحُ أَنْفُسُنَا إِذَا هَطَلَ النَدَى 

 وَتَغِيبُ أَحْزَانُ الحَيَاةِ غِيَابَا

🌧️⛈️🌧️

فَالحَمْدُ لِلرَّحْمٰنِ جَادَ بِفَضْلِهِ 

 وَأَسَالَ مِنْ سُحُبِ السَّمَاءِ رِحَابَا

🌧️⛈️🌧️

جَلَّ الإلٰهُ فَكُلُّ قَطْرٍ نَاطِقٌ  

بِالرُّوحِ يُنشِدُ فِي المَدَى إِعْجَابَا

🌧️⛈️🌧️

يَا رَبَّ نَسْأَلُكَ السَّقَاءَ دَوَامَهُ 

وَرِضَاكَ يَغْرِسُ فِي القُلُوبِ صَوَابَا


🌧️⛈️🌧️


بقلم  سليمان بن تملّيست 

جربة في 2025/11/04

الجمهورية التونسية



تـــعالي حبيبتي بقلم الأديب سعيد الشابي

 تـــعالي حبيبتي

أنت وأنا ، والحـب ثــالثنا

كم غنيــنا للوجود من نشيد

كم بنيـــنا من قـــصور

عشنا فيها للهـوى ، قــوتا

والعشق لــنا فيها شـراب

حين تحالف الزمان مع الهوى

ليقـتاتا من أعمارنا السنـين

ويسقــياننا العشــق خمرا

ونسينا قدوم يــوم فـــيه 

يسطو الزمان على أعمارنا

وقد أخذ مـنا الهوى ، ماعندنا

وما أبقـينا للأجـــسام شيئا

تعالي ، ولا تمنحي الزمان 

فرصـة الغباء القـــاتل

فنحن من يقـتات الهوى الآن

ونشـرب العشق مـاء زلالا

فليس الحب على الشباب حكرا

بل الحب للكبار نقاهة وعلاج

وثـقي ، يا خليلــتي أن...

ما بقي فيّ من دم يجــري

أنت فيه كريّـاته الحمــراء

وأن قلــبك ، في قلبي نبض

وقلــبي ، في قلبك التـيار

والنـور في عــيوننا اليوم

من ذاك الهوى المعتق المحفوظ

دعي الحب يحضننا كأمس

فالحياة بلا حب نهاية وفناء

سعيد الشابي


• احتياج .. ▪︎ شعر : جلال باباي( تونس)

 • احتياج ..

▪︎ شعر : جلال باباي( تونس)


أحتاج البحر ،

كي أستعيد ماء طفولتي

أحتاج المطر ،

كي أغتسل من أدران سذاجتي

أحتاج السفر.

إلى الضيعة القديمة 

كي التقي أبي 

أحادثه ليكمل ملحمته

وهو يقتلع الصخر من صدر الأرض

أحتاج مؤرٌخا ،

لاستعارة بطولة السابقين

أحتاج يدا ،

تسرٌب حريرها على جسدي الشوكيٌ

أحتاج ماردا،

يخلخل ثلج يسراي

أحتاج شمسا ،

تعيد لي وسامتي

أحتاجها...و أرتقبها كل شتاء

كي تعيدني إلى صِباي المفقود

تصالحني مع الفصول الدافئة

أوصٌفها بلسما لعلتي المتقادمة

...هي أمٌي ربٌة البيت

المقيمة في التفاصيل الأولى

و حكاية عشقي الأزليٌة

طال الإنتظار 

وتأخرت مواعيد حلولها

 بفناء الدار

أحتاج بوصلة 

كي اعثر على مقامها

أحتاج أنثى

تضبٌط ساعة منفاي

كي أعتزل سرير شقاوتي

و أجهٌز حقيبة السفر

أحتاج غفلة 

كي أشفى من العشق قليلا

أحتاج يقظة ساخنة ،

كي تنهض حواسي المتيبسة

أحتاج ...أحتاج

موتا متواضعا يليق  بالفقراء.


               • نوفمبر  2025



الخميس، 6 نوفمبر 2025

* قِطافُ الياسَمين * بقلم الكاتبة ياسمين عبد السلام هرموش

 * قِطافُ الياسَمين *

بقلمي ياسمين عبد السلام هرموش 


إنّها ابنةُ الطِّينِ والعَرَق،

صَباحةُ الوجهِ

نَضِيرةُ الخَدِّ،

وعَينُها كَحلاءُ

 في سَناها بَريقُ اللَّيلِ إذا انْبلَج،

وخُصلُ شَعرِها 

كالسَّرابِ يَلوحُ على مَتْنِ الرِّيح.

في خُطاها تَهتزُّ الأرضُ هيبةً

ويَخْشَعُ المدى لجَمالِها

ولها من المهابة 

ما تَخْضَعُ لهُ الملوك،

ومن الدَّهاءِ ما يَجعلُ الحَبَّ

 في الحقلِ يَسجُدُ طَوْعًا لِسِحرِها.

هيَ الحُسْنُ إن تَبَسَّمَ

والعزمُ إن جَدَّ،

في نَبرِها وَقارُ الحِكمة

وفي نَظْرِها صَرامةُ القَدَر،

يَميلُ خَصرُها كغُصنِ بانٍ 

وساعِدُها أصلبُ 

من صَخرٍ عافَهُ الزَّمان،

تَلتَفُّ الأثوابُ على جَسدِها 

كما يَلتَفُّ الضَّياءُ على السَّيف.

"فَرِفقًا بالقواريرِ"،

فَهُنَّ رَقيقاتٌ في اللَّمس

 قَويّاتٌ في المِحَن،

إذا انكَسَرَ الزَّمانُ أَصلَحنَهُ،

وإذا ذَبُلَتِ الأرضُ أزهَرْنَها بالحبِّ

هُنَّ وُجوهُ الأرضِ إذا اغتَسَلَت،

وسُرُجُ القُرى إذا جَنَّ اللَّيل،

قَوامُهُنَّ سِحرُ الفَصاحةِ 

في جَسدٍ من صَبر،

ورُوحُهُنَّ تفيضُ قَداستًا لا تُدَنَّس.

فَهُنَّ خِلافةُ الخَصب،

وحُرّاسُ العِطر،

ونِساءُ القَدَرِ اللواتي 

لا يَغفُو الياسمينُ

إلّا في حِضنِهِنّ.



أراني في هدأة اللّيل..ألهث خلف الرغيف..أعانق الصّوتَ والصّمتَ..والعمر يمضي..! بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 أراني في هدأة اللّيل..ألهث خلف الرغيف..أعانق الصّوتَ والصّمتَ..والعمر يمضي..!

Z

تصدير :هذه الثورات ليست غضب جياع،بل ثورة ضدّ جشع و تخمة الأصنام التي سقطت مذ سقطت جمهوريات الخوف،على أيدي الأبناء الشرعيين للغضب العربيّ..

.. عتمات الغروب لها صمتها

يفيض به الصّبر

حين يحطّ على ليل أوجاعنا

فنبلّل المدى بالصلاة..

نعلن عشقنا للرّيح..

والإنتماء

ونردّد لغة لم تبح بسرّها كل المرايا..

هاهنا،يمتشق الوجد غيمة للهدى

    ويرسي على ضفاف المدامع..

فتمضي بنا على غير عادتها

الأغنيات..

آه من الرّيح تنوء

        بأوجاعها المبكيات..

وتسأل الغيم عسى يغسل رغبتها

بالندى..

عسى ينتشي البدر،ويعزف أغنية

يبتغيها الصدى..

فيضيء الصّمت البيوتَ..

كي ننامَ

على ليل أشجاننا

نبكي الحصارَ..

       وما أفرزته الخطايا

وما لم تقله المساءات للرّيح

وما وعدته الرؤى برغيف

          لم ينله الحصار..

كم لبثنا..؟

لست أدري.. !

وكم أهملتنا الدروب وتهنا

   في أقاصي التشرد..؟!

وكم مضى من العمر..

وجع يتلألأ

                في تسابيح العيون..؟

وكم ألقت علينا المواجع

من كفن

كي نعودَ إلى اللّه وفي يدينا

                 حبّة من تراب..

وطين يشتعل في ضلوعنا..

ولا يعترينا العويل..؟

آه من زهرة لوز

 أهملتها الحقول..

وضاع عطرها يتضوّع

             بين الثنايا..

كما لو ترى العنادلَ تمضي لغير أوكارها..

                                     في المساء

تهدهد البحرَ كي ينامَ على سرّه

كي تنامَ النوارس

على كفّه

قبل أن يجمع أفلاكه

للرحيل..

هاهنا في هدأة اللّيل..

نلهث خلف الرغيف

نعانق الصّوتَ

والصّمتَ..

ويمضي بنا الشوق

         والأمنيات تمضي..

إلى لجّة الرّوح..

كي لا يتوهّج الجوع فينا..

لماذا أهملتنا البيادر

                ووهبت قمحها للرّيح..؟

لمَ لم تجيء الفصول

بما وعدتنا به

وظللنا كما الطفل نبكي

حصار المرارة

حصار الرغيف..؟!

وألغتنا المسافات من وجدها..

حتى احترقنا..

وضاع اخضرار العشق من دمنا..

فأفترقنا

تركنا زرعنا في اليباب

تركنا الرفاقَ

ربما يستمرّ الفراق طويلا..

وربما يعصرنا الحزن

والجوع..

والمبكيات..

ألا أيتها الأرض..

اطمئني..سينبجس من ضلعك

النور..

والنّار

الحبّ

والحَبّ..

ونعمّق عشقنا

                  في التراب..

فيا أيّها الطير..

تمهَّل قليلا

ولا تسقط الرّيش

من سماء الأماني

سنبقى هنا..نسكن الحرفَ..

                نقتل الخوفَ

ونبحث فينا عن الشّعر

ونبلّل قمحنا

بالعناق

ونرى اللّه في اخضرار الدروب

فكم رعشة أجّجتها المواجع

في الضلوع..

وهجعت على غير عادتها..

                الأمسيات..؟

محمد المحسن



**شـراع التّـحـدّي** بقلم : الشاعر الجزائري نوار شحلاط

 **شـراع التّـحـدّي**

ــــــــــــــــــــــــ


**** هدية إلى إبنتي أروى وأمها الغالية ****


أُحبُّ أنْ أُفـاجِئُـكِ بِـقراري ؟!


فأنا يا حبيبتي قَدِ اضْطرَبَ اسْتـقراري


وَعَصـفتْ ريـاحٌ هَـوْجاء


هَـدَّتْ أوكـاري ،


فَـأجِدُني مُطـرَقًا.. مُـشتَّـتَ الأفـكارِ


خائـفًا أنْ تَضيـعينَ من بـين أنْـظاري


َويَضيعُ مَعاكِ فُـؤادي وَأشْـعاري ،


قَـد قَـرّرتُ أنْ أُبـايـِعَ حُبَّـكِ


بِـاللـيـلِ والنّـهارِ


أمـيرًا على ضَيْـعتي وَدِيـاري


وَأنْ أبْـقى عـاشِـقُـكِ


رَغْـمَ الإعْـصارِ !


أُحبُّ أنْ أُفـاجئُـكِ بِـقَراري ؟!


أنِّي سأبْـقى أُحبُّـكِ


ما شاءَتْ أقْـداري ،


حُـبّـًا لـمْ تَـرَهُ الأُمـمُ


في جـميـعِ الأمـصارِ


وَلاَ كَـنَّـهُ ذَكَـرٌ لِـعَـذراءٍ


مِـنْ عَـهْـدِ عِـشْـتـارِ ، 1


أطْـمحُ أنْ تَـجودَ السّماءُ بِالأمْـطارِ


وَأنْ تُـكْسَى بِالإخْـضِرارِ


في بُـسـتانِـنا أشْـجاركِ وَأشْـجاري


وَتَخْـصبُ ضَيْـعةُ الأمـيرِ بِالأثْـمارِ


وَيَـلْبِـسُ الرَّوْضُ حُـلَلاً مِـنَ الأزهـارِ


وَنَـمرَحُ فـيهِ بَـيْنَ غِـيدٍ أبْـكار


بقلم : الشاعر الجزائري نوار شحلاط 

.... يُتبع ؟؟



للمنام غي بقلم الكاتب منصور العيش

 للمنام غي

ها هو ذا له عقل يدير

رحى الرؤى و التفكير


بعنفوان الشاب القدير

و خيال طليق  لا أسير


ينشد سعدا  إليه يطير

لغزو الصعب و ما يدير


ظهرا لكمد صده عسير

نابذا اليأس  و ما يثير


اكتآب عواصفه زمهرير

قد مر به و الليل سمير 


ينشر في الأجواء عبير 

شبح  خاله جاءه مغير 


فالتقمه  و السعد بشير 

فغنم الوهم و ما يحير 


في وصفه أحذق خبير 

حسناء لها الطلع المنير


و الحسن بالغرام جدير 

عنت لاهية جنب غدير 


فلاغاها  و الشوق يعير 

من التمني الجم الكثير 


ابتسمت و لحظها يشير 

لرشف فاه رحيقه غزير 


فصحا و الصحو تبذير 

لغفوة أتت بحلم نضير 


       منصور العيش 

       إستبونا 

             28 - 10 - 25



تنهيدة ٠٠ !! بقلم الكاتب السعيد عبدالعاطي مبارك الفايد - مصر

 تنهيدة ٠٠ !!

يا شاعري لم تعد ربابتك تشجيني

و قافيتك معطلة و برغم ذلك تبكيني 

تالله لو تعلم ما بي من شوق لكنت تواسيني 

يا عمراً انصرم مثل القمر الذي كان يناجيني 

و ها أنا وحدي بين طيف المنى مع ذكرياتي و سنيني

و تبقى أحلامي شاردة تراودني فيزداد حنيني 

و الصحاب قد بعدوا عن مجالسنا و هذا يقيني 

كم من صديق ود كان عند اللقاء يرضيني

آهٍ من لوعة الصمت فمن يا قلبي يرثيني ٠

( السعيد عبدالعاطي مبارك الفايد - مصر )


ذات لقاء بقلم الكاتب فلاح مرعي

 ذات لقاء

كم أشتهي أن يجمعني بك لقاء 

كلقاء بيني وبين فنجان قهوتي 

نتبادل حديثنا في صمت 

ابوح له عما يدور في خلدي 

ابداله أطراف حديث كلقا ئي بك

في هدوء وسكون الليل 

صمت يحاكي صمت وحدتي 

كم اللقاء بك لنتبادل أطراف 

حديث عشق 

النظرة تحاكي النظرة في صمت 

 واطراف الأنامل كل تحادث الأخرى 

 نتبادل القبلات على طرف الفنجان 

 رشفة منك  تستبدل مرارتة حلاوة 

بطبع قبلة على طرفه مخضبة 

بشهد من رضابك ولمسة

من أطراف اناملك تترك بصمة عطر

من عطرك الأنثوي 

وصمت من صمتك يزيد سكون الليل سكون 

فلا يبقى سوى حديث واحد نتبادله

حديث رسول لرسول 

حديث تبادله بصدق العيون

ذات لقائي بك 

فلاح مرعي 

فلسطين


في هدأة الليل..أرى طيفكِ يتداعى بقربي.. بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 في هدأة الليل..أرى طيفكِ يتداعى بقربي..

..إلى تلك التي مازالت تتجوّل في خراب يسكنني..ووحدها تراه..


كنتِ مرايا الغياب..وكنتِ

والكلمات التي أورثتني عشق الرؤى

عشب الرّوح في 

                رئتيًّ..

   غير أنّي حزين

كأنّي  عظيم بحزني..

وقد كنت أنأى وأرنو إلى..

                                 ومضة في المدى

وكنتِ تلامسين نرجسَ القلب

فيلج الشّوق ثوبي..

           ويستقرّ على شفَتيَّ..

وكنتُ..في غفوتي ألامس أعناق المساء

عسى أن أستعيدَ حروفي

وصوتي 

                   وذاك الزمان البعيد..

وأن أستضيء بما خلّفته الطفولة

كأن تزهر كل النجوم

       فيستريح البدر 

                                 على ركبتيَّ..

لكنني كنتُ وحدي.. 

 ووحده الوجْد يرنو

                      إلى مستحيل التلاقي

وكدتُ أخون..

وما خنتُ وعدي

                وما وعدته الرؤى

  وما إستدلّ به الغرباء..

عليَّ..

لا شيء لي الآن..سوى أحرف العشب

غير أنّي كثير بعشقي

ولا أمّ لي تحتفي بمرايا القصيد

وتدرك سرَّ حزني

كأن يضيع العمرُ

                    سدى في الدروب

..لكنّ طيفُكِ ظلّ يتداعى بقربي

ويهفو إلى نشوة الحلم..

فيَّ

ويبرق وجهُكِ..

في عتمات الدجى

فتهرع نحوي النجوم..وتحطُّ 

 متعبةً..على راحتيَّ..                                                                                 


محمد المحسن



** ((دُستور من خاطره)) قصة: مصطفى الحاج حسين.

 ** ((دُستور من خاطره))

قصة: مصطفى الحاج حسين.


             *-1-* 


استدعى الشَّيخ "عَوَض" حفيده "لطّوف"، وطلب أن يجتمع بهِ على انفرادٍ، وقف "لطّوف" أمام جدّه منقبضاً، فلجدّه هيبةٌ عالية. 


تمعّن الجدُّ بحفيده بدقّة، فأحسَّ "لطّوف" بالعُري أمام نظرات الكهل الثاقبة، واعتقد أنّ الجدّ سوف يحاسبه على أفعاله  

السّيئة، الّتي ذاع صيتها في كلّ مكان، لكنّه قرّر أن يُكذّب كلّ التّهم الّتي سيواجهه بها جدّه.  


قال الجدّ:

 

- أما آنَ لك أن تعقِلَ يا "لطّوف"؟  


أطرق الحفيد برهة، ثمّ همس بصوتٍ مرتعش:

 

- جدّي... كلّ ما سمعته عنّي كذبٌ وافتراء.  


رمقه المسنّ بنظرةصارمة، وصاح: 


- أنا أعرف كلّ شيء عنك يا مقصوف العُمر... فلا داعي للكذب.


تقدّم "لطّوف" خطوةً من جدّه، دمدم: 


- صدّقني يا جدّي... أنا تبتُ منذ زمنٍ عن ارتكاب المعاصي.


غابت الحدّة عن كلام المسنّ، وتحوّل صوته إلى ما يشبه الهمس:

  

- أنا أريد مصلحتك يا "لطّوف"... إنّ ساعتي اقتربت، ويجب أن تأخذ عنّي الوكالة، عليك أن لا تُضيّع هذا الجاه. كلّ الناس سيكونون تحت إمرتك، فقط تعقّل، وأطِل لحيتك، وابدأ بالتردّد على الجامع.


قال "لطّوف"، الذي أدهشه هذا القول:

 

- ولكن يا جدّي... أنا لا أصلح لها، كلّ الناس فقدوا ثقتهم بي.


قذف المسنّ سبحته من يده، وصفع "لطّوف" بنظرةٍ غاضبة:

 

- أنت لماذا لا تريد أن تفهمني؟! قلتُ لك: أطِل لحيتك، وتردّد على الجامع، وسرعان ما تعود إليك ثقة أهل البلدة، فأنتَ ابن أسياد، من اليوم عليكَ أن تجالسني كلّ يوم، حتّى تتعلّم منّي كلّ شيء.


جلس قبالة جدّه الهرِم، وهتف:

 

- جدّي... أنا أفكّر أن أعمل في التّجارة.


حَمْلَق الجدّ بحفيده، ثمّ أشاح وجهه المتجعّد، ذا اللّحية البيضاء: 


- أنت غبيّ... عملُنا يدرّ علينا ذهباً، والتّجارة قابلة للخسارة.


            *-2-*


عندما مات الشّيخ"عوض"

، كان جميع أهل بلدة "الباب"، يعرفون أن حفيده "لطّوف" هو خليفته، فقد منحه جدّه الوكالة، أمام كلّ الناس، في الجامع "الكبير"، بعد صلاة الجمعة.


          *-3-*


تماثل وجه "حليمة" للشفاء، من الحروق التي سبّبها إبريق الشاي الساخن يوم سقط فوقها، لكنّ الصّداع الهائل لم يُفارِقها، بل كان يتضاعف ويزداد كلّ يوم، و"حليمة" تشكو من الألم الفظيع، تبكي، وحين حازت على إشفاق الجميع، قالت جدّتها "الحاجّة ربّوع":

 

- علينا أن نعرضها على سيدي "لطّوف"، فهو من أولياء الله الصّالحين.


فوافق الأهل على كلام "الحاجّة"، وهكذا أمر الأب ابنه "مصطو" أن يذهب إليه، ويرجوه الحضور.


منذ اللحظة الأولى لدخول صاحب الكرامة "لطّوف"، وبعد أن رمق "حليمة" بنظرةٍ مستعجلة، أمر الجميع بالخروج من الغرفة، فتركوه مع "حليمة".


طلب منها الاقتراب منه، فامتثلت لأمره. وضع يده على جبينها، حدّق في عينيها الجزعتين، ثم حوّل يده إلى خدّها، وراح يتمتم بتراتيل مبهمة. 


عادت يده لتمسح رأسها، ثم طلب أن تخلع عنها غطاء الرأس، ففعلت.


راحت يده تمسِّد شعرها الفاحم، أخذت عيناه تشعّان، زحفت كفّه إلى عنقها، تأوّهت "حليمة" إذ ما زالت آثار الحروق تؤلمها، أخذت أصابعه تجسّ كتفيها، تصاعدت دمدماته:

 

- هل يؤلمكِ رأسكِ؟

 

هزّت "حليمة" رأسها. عاد يسأل: 


- هل ما زالت الحروق توجعكِ؟ 


كرّرت هزّ رأسها، لكنّ دموعاً حبيسة من عينيها بدأت تنسكب. 


- إذاً مرّغي خدَّيكِ بلحيتي. 


دهشت "حليمة"، تراجعت، فصاح: 


- مرّغي خدَّيكِ بلحيتي، فلحيتي مباركة. 


اقتربت الصبيّة، لصقت خدَّها بلحيته الضخمة،  

ألصق لحيته بخدّها أكثر، امتدّت يداه تحتضنانها بعنف، اشتعلت النّار داخل عينيه، دمدم: 


- هل يؤلمكِ نهداكِ؟

 

بهزّةٍ من رأسها نفت هذه المرّة.


 - هل أنتِ متأكّدة؟ 


- نعم. 


ارتفع صوته المبحوح أكثر:

 

- هل أنتِ متأكدة، أم أنّكِ لا تعرفين؟

 

همست "حليمة" والخوف قد سيطر على كامل وعيها:

 

- لا أعرف. 


امتدّت يده إلى نهدها، تكوّرت كفّه فوق النّهد،  

راحت أصابعه تهرس الحلمة، كان النّهد ليّناً، دمدم لاهثًا:

 

- افتحي أزرارك. 


تطلّعت إلى عينيه الجّمريتين. 


- قلتُ لكِ افتحي الأزرار.

 

برز الصّدر الأسمر، هرعت أصابعه المتوقّدة لترفع الحمّالتين، تأرجح النّهدان، قبضت يداه الحارتانِ الرّاعشتانِ عليهما، اندلع اللهب من عينيه، وسرت رجفة في أوصال "حليمة"، حين أبصرت وجهه يستطيل، همهم وقد اتّسعَت بُحّة صوته:


 - هل توجعكِ بطنكِ؟

 

- لا. 


رفعَ يديهِ عن النّهدين، وقال بحزم: 


- تمدّدي أمامي. 


تجرّأت "حليمة" لتهتف: 


- قلتُ لكَ بطني لا توجعني.

 

تراجعَ قليلاً، تجهّمَ وجههُ، تقلّصت لحيته وهو يصيح: 


- قلتُ لكِ تمدّدي.

 

تمدّدت كالميّتة، أسرعت يداه لتكشفا الثّوب عن بطنها: 


- لماذا ترتدينَ هذا البنطال ونحنُ في عزّ الصّيف؟! 


لم تردّ عليه، ولم ينتظر جوابًا، تابع رفع الثّوب،  

ظهرت البطّن، تسابقت أصابعه لترفع القميص الدّاخلي، يدُه تتمرّغ على البطن وتعصرها، عَلَت دمدماته:

 

- اللهمّ أرح هذه البطن من الألم، اللهمّ أرفق بهذه  

النّعومة، بهذهِ الفتنةِ والسّرّةِ، اللهمَّ مكّني من  

مساعدتها فهي عزيزة على قلبي، اطرد عنها الجّنّ والعفاريتَ والشّياطينَ والأبالسةِ أولادُ الكلبِ، اللهمّ  

أرحني، فأنتَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ.


             -4-


عندما سمحَ صاحبُ الكرامةِ لأهلِ "حليمة"  

بالدّخولِ، كان قد تربّعَ فوقَ اللبّادِ وأمسكَ بسبحتهِ.

 

سارعت "زهيدة" أمّ "حليمة" لتسأله: 


- خيرٌ يا سيدي الشّيخُ.. طمّني؟

 

ابتسم صاحبُ الكرامةِ، نظر صوب "حليمة"  

المصفرّةِ الوجهِ، دمدمَ بعد أن مسّدَ بأصابعهِ على  

لحيتهِ المشوبةِ وبالاحمرار:

 

- إن شاءَ الله خيرٌ، لا تقلقي، أريد فقط أن أبيّت لها حتى أتأكّد، لهذا أريد شيئًا من أثرها، كي أضعه تحت مخدّتي عند نومي.

  

قالت "الحاجّة ربّوع": 


- أعطهِ غطاءَ رأسِكِ يا "حليمة". 


هتفَ صاحبُ الكرامةِ بسرعةٍ:


- غطاءُ الرّأسِ لا يصلحُ يا حاجّة.

 

سألَ الأبُ باستغرابٍ: 


- لماذا لا يصلحُ يا سيدي؟! 


- لأنني أريدُ قطعةً من ثيابها تكونُ ملتصقةً بجسدها أكثر، ويجبُ أن تكونَ هذه القطعةُ نجسةً، لأنّ الجنّ والعفاريتَ والشّياطينَ والأبالسةَ، أعوذُ باللهِ من ذكرهم، لا يوجدون إلّا في الأماكنِ النّجسةِ والحقيرةِ.

  

صاحت "زهيدة" الأمُّ: 


- دستورٌ من خاطرهم، دستورٌ يا ربّ. 


تابعَ صاحبُ الكرامةِ طلاسمه: 


- أريدُ سروالَ "حليمة"، فهو أفضلُ شيءٍ  

(للاستخارة).


             -5-


قبلَ وصولِ صاحبِ الكرامةِ، طلبت "حليمة"  

من أمّها وجدّتها أن لا يتركاها معه بمفردها.

 

قالت الأمُّ: 


- صاحبُ الكرامةِ لا يقبلُ أن يتركنا معكِ.  


وأجابت الجّدة "ربوع":

 

- الجنُّ والعفاريتُ والشيّاطينَ والأبالسةُ، لا يظهرونَ لسيّدنا "لطّوف" إن بقينا معكِ. 


أرادت "حليمة" أن توضّح لهما عن أسباب مخاوفها:

 

- سيّدنا "لطّوف" له حركاتٌ مخيفةٌ.

 

صاحت الحاجّة "ربّوع":

 

- طبعاً.. هكذا هم أولياءُ اللهِ الصّالحين. 


أدركت "حليمة" أنَّ أمّها وجدّتها لا تستوعبانِ ما تقصد، لذلك عزمت على المكاشفة أكثر: 


- سيّدنا "لطّوف" ليس من أولياءِ اللهِ الصّالحين.

 

ذعرت الأمّ من هذا القول، وصاحت الجّدةُ بغضبٍ شديدٍ:

 

- اللعنة عليكِ يا قصوفة العمر، أنتِ تكفرين، قولي دستوراً من خاطره، قبل أن يفلجكِ، سيّدنا "لطّوف" ابنُ أسياد. 


اقتربت الأمّ من ابنتها وهمست:


- قولي يا ابنتي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،  

ولا تعودي لمثل هذا الكلام، سيّدنا "لطّوف" قادر على مسخنا جميعاً.


             -6-


وصل صاحب الكرامة "لطّوف"، كان عابساً، استقبلته العائلة بقلقٍ وخوفٍ، قال الأب "الحاج كرمو":

  

- خيرٌ يا سيدي.. لقد شغلتَ بالنا؟!

 

تضاعف تجهّم وجهه، تسارعت أصابعه بتلقّف حبّات سبحته ذات المئة حبّة، نظر صوب "حليمة" المنكمشة على نفسها عند الزّاوية، وقال:

 

- "حليمة" أحرقت ابن ملك الجّنّ الأحمر يوم أسقطت براد الشّاي، وهذا ما جعل ملك الجّنّ الأحمر يقسم على الانتقام من ابنتكم "حليمة".

  

ندّت عن "حليمة" صرخة ذعر رهيبة، توجّهت إليها الأبصار بفزعٍ عظيم، كانت ترتعش، فكأنَّ خوفها قد تحوّل إلى موجة بردٍ قارسة. 


صاح صاحب الكرامة وهو يحاول النهوض:

 

- اخرجوا من الغرفة، ودعوني أعالجها.*


مصطفى الحاج حسين.

    حلب عام 1992م



إلى زهرانَ مَمْداني بقلم الكاتب عبد الله محمد سكرية ..

 إلى زهرانَ مَمْداني


ومن لبناَنَ أرفعُه سلامًا 


لزهرانٍ وأجملُه سلاما


بنورٍ جئت معتليًا سراجًا


تطالُ بما امتشقناه النّجوما


لأحلامٍ تراودُ كلَّ حيٍّ


لراعٍ كان ديدنُه الوئاما


له الراياتُ تأتيه بحبٍّ


ولا يخشى مِن الجاني المَلاما


مدينتُه تُناديه، تعالَ


ألا إرفعْ عن الأهلِ الغماما


ألا داوِ بنادينا جروحًا


فدينُ اللهِ يغبطُنا كِراما


بإسلامٍ وهديٍ فيه نورٌ


ونور هداك نبقيه المُراما


كفانا نعلِكُ الأيامَ قهرًا


ونحملُها أباطيلًا عظاما


فدونالدٌ يهدّدُنا بحربٍ


وأنتَ لحربِه صرتَ الحُساما


نيويوركٌّ ستلقى روحَ حرٍّ


فبالأحرارنطردُه الظّلاما.. 


     عبد الله محمد سكرية ..


ومضة شعرية بقلم الكاتب محمد شداد

 ومضة شعرية

***********

رضيعٌ في زمن المجاعة

****************

 ضاقت به و ما درتْ

أني حزنتُ لبكائه

فتواثب إليّ لما مددتُ يدي

 هدهدته حين حملته فسكتْ.

و ما درى بأني...

رحمةً ألقمته اصبعي.

*************

محمد شداد


يا سايل بقلم الكاتب جلول قيايدة

 يا سايل

يا سايلني لا تسأل...نحكي لك بلاجحودي

انا صيلي من لبطال...عربي انا من جدودي

مكسوبي عود فالطوال...و سرج و اللازمة حديدي

ومعنق ام الدلال...كحلة بارودها بليدي

برانيس نساجة الخلال...وبر ومظلها جريدي

نصيد في جدي الغزال...ناكل من جابها زنادي

ماني تباع للمحال...ماني سراح فالبوادي

راجل بن سيد الرجال...لعدايا نا ما نودي 

نسهر مهما اليل طال...ونصبح في خيوطها نسدي 

طاعن برورها وجال...عارف كر الرجال عندي

دنيا وايامها هوال...حاكم لجامها بيدي 

يا ذري سير ضو حال...شوار اميمة روح عدي

عجل لا تكثر السوال....لمغيلة ثما بلادي

كريشي من طينة الرجال...فرسان مدون والبوادي

جيش الامير بيه صال...من مقطع تافنة لوادي 

هذا تاريخ للجيال...كونو فرسان يا اولادي

واذا عني ما تسأل...شور مغيلة ارواح عندي

حدد من طرفها قدال...وامشي حتى ولاد هدي

ومن شنقار عال الجبال...فوت القطار ذلك حدي.

صلى على سيد الرسال...وادعي ليا ابا وحدي.

جلول قيايدة


إلى فائق الدّهشة والاغتراب بقلم الكاتب محمد الناصر شيخاوي

 إلى فائق الدّهشة والاغتراب 

                   الشّاعر العراقي الكبير صلاح فائق 

نظاّرتك الطبيّة التي لم تغيّرها مُذ عرفتكْ 

تُقرّبكَ منّي كثيرا   

فأراك بكلّ تفاصيل الوجع

أراك

- حيث أنت الآن - في منفاك البعيد

تقرأ في كتاب مُغلق 

وتُمسِك - بأصابع من ريح - آثار دمعة شاردة  

أرى حزنك الأبديَّ 

يجلس - في هدوء مستفزّ - إلى جانبكْ

وأرى مُدَنا نازفةً 

تحطّ - كما العصافير - على كتِفكْ

كم هي شاسعة شهقاتكَ 

وكم أنت وحيد وكثير

في - برواز - 

ابتساماتِكَ السّاخره

                              محمد الناصر شيخاوي

                                         تونس



أجالدُ وحدتي بقوافٍ شُبُبِ بقلم الكاتب عبدالعزيز دغيش

 أجالدُ وحدتي بقوافٍ شُبُبِ

تَخفِقُ وتُشتَقْ من عُبابِ 

جُنُبِي

يا سائلي في الهوى

ولواعجُ الهوى 

عجبُ

قد ذُقتُ من مُرِّ الهوى

ما لم تصفْهُ كتبُ

أمواجٌ أناتٍ

تزبدُ في صدري وتنتحبُ

تعلو وتبخرُ وتتكثفُ سُحبُ

لا أباتُ ليلي

فيما اقضيهِ من زمنٍ

ولا يرمشْ لي 

هدَبُ

لا سوادُ ليلٍ لي ولا بياضُ نهارٍ

ولا تقاسيمُ شعبانٍ 

ولا رجبُ

قد أكون حاضراً بين الورى

غير أني في غيبةٍ، 

حاضرٌ في غيهب

داعي الشوق في قلبي 

يغيبني

يَغتلي أوارَهُ 

ويضطرم في الجُنبِ 

فكيف .. كيف يباتُ 

من بالنوى أحداقَه تتكهربُ 

كيف والقلبُ

دون حُبِّهِ فيما ينبضُ مُستَلَبُ

كيف والعقلُ ينتظمْهُ صخبُ

كيف والعشقُ يُؤجِجُ ناراً

في الجوى تلتهبُ

ضاق بي حالي في غيهبِ الحبِّ

واشتدَّ بي التعبُ

يا ظالم الحبّ لا كانت لك غلبة

لا عشت دنياكَ، ولا انتضّ لك سهمٌ

ولا استقام لك سببُ .

عبدالعزيز دغيش  في نوفمبر 019 م


حين يُغادِرُ من لا يُغادِر بقلم الكاتب سعيد إبراهيم زعلوك

 حين يُغادِرُ من لا يُغادِر


كأنكَ لم تكنْ شخصًا... بل الوطنُ

كأنكَ الوقتُ في عيني، إذا سَكَنُوا، سَكَنْ


غادرتَ... لكنَّ الدروبَ التي مَشَيتَ بها

ما زالت تحفظُ وقعَكَ في الشَّجنْ


أنا لا أحنُّ إليك... بل أحنُّ بي

كما كُنتُ حين ينامُ صوتُك في الأذَنْْ


تُراني نجوتُ منك؟ أم كنتَ النّجاةَ، فحينَ

مضيتَ، تكسّرت الأيامُ في زَمَنْ؟


كأنكَ الماءُ... ما إن جَفَّ نبعُكَ عن يدي

حتى تفتّتَ داخلي نبضٌ ولم يُعلَنْ


لا أحدٌ يُخبرُ الغيابَ أن يُؤجّل

ولا الزمانُ يعيدُ مَن لا يُستَعادُ ولا يُدَنْ


لكنني أراكَ في الأشياءِ كلّها

في كوبِ شايٍ، في النوافذِ، في الدُّمى، في الوَهنْ


وتُبكيني الأغاني القديمةُ دون أن

أعرف لِمَ الدمعُ يسبقُني... ويَسكنُ في العَينْ


هل أنتَ راضٍ الآن عن وحدتي؟

أم أنَّ صمتَكَ أيضًا... يشتاقُ لو يُؤتمن؟


إن عدتَ، لا تَعتذرْ عن الوقتِ الذي فَاتَ

فالحنينُ لا يُحاسبُ مَن سَكَنْ


عدْ كالغريبِ الذي نَسِيَ اسمهُ في الدُّجى

وعادَ يبحثُ عن ضلوعٍ لا تَخونُ ولا تُهَنْ


سعيد إبراهيم زعلوك



شبل يغـرد لفلسطيـن بقلم الشاعر محمد علقم

 شبل يغـرد لفلسطيـن

...............................

حبيتـك فلسطيـن يا أرض العـرب

كل حبة رمـل منك توزن بالذهـب

لم ازرك يـوم وبيّ إليك مـا ذهـب

صه يون مـانعـه بعـد مـا اغتـرب

يحلـــم أن يعــود ويقبـل التُــرَب

الفاتحة يقـرأ وأدعيـة مـن الكتـب

للجـد والجدة ومن للأهل انتسـب

فيك القـدس الله أجمـل ما وهـب

اسم بعد المعراج في السما انكتب

عـاصمـة للسمــاء. ربنـا قــد كَتـب

مـوسى كليم الله من مـائك شرب

عيسى رسـول المحبـة إليك نُسب

شرّفك أحمـد حينمـا للبـراق رَكب

واليـوم سمــاك مغطـى بـالسحـب

بعـد التآمـر.. مـن الشـرق والغـرب

جــاؤا بـالص هـا ينـة أولاد الكلب

أنشـــأوا كيــان صــدقــا لا كــذب

شــرّدوا وشتتـــوا أبنــاء الشعــب

حتى يُسـروا وتستمر آلـة الحـرب

أصــرخ وأنــده وينكــم يـا عــرب

أين الرجـولة والشهامة والغضـب

تبـاع فلسطيـن وتُعطى لمـن سلب

ميـراث أمّـة محفـوظ فـي الكتـب

يا حيـف الحـق ضـاع مـاله طلـب

ما عـاد ينفـع سـلام مـع مغتصـب

يـا رب جـازي.. مــن كـان السبـب

تهجير شعـب في الشتات مغترب

أيــن القـــوافـــي وفنـــون الأدب

تنصف المظلـوم... وتصورالرعـب

أين الجيوش. والكتـاب والنخــب

مليـار مسلم  صه يون لهـم غلـب

حبيتك فلسطين. يـاأرض العـرب

كل حبة رمل منك توزن بالذهب

محمد علقم/5/11/2017