السبت، 27 مايو 2023

قراءة نصية في قصيدة " أنت الهوى " للشاعرة التونسية منية محمود ملوحي - بقلم الناقد هاشم خليل عبدالغني

 قراءة نصية في قصيدة " أنت الهوى "

للشاعرة التونسية منية محمود ملوحي
- هاشم خليل عبدالغني
في هذا النص يبرز الجانب الوجداني الذاتي للشاعرة من خلال مشاعرها وأحساسيسها الخاصة ، ويتميز النص بالصدق الكبير، وجيشان الأحساسيس وشدة العواطف والتعبير عن المعاناة التي تقاسيها الشاعرة ، بعيدة عن الزيف والتصنع، والتكلف،ولا تلجأ الشاعرة إلى التستر أو إخفاء مشاعرها .
تبدأ الشاعرة قصيدتها بمخاطبة الحبيب بعاطفة جياشة مؤكدة على أنه" أي الحبيب "الحب( العشق )العفيف المثالي الصرف، وأنه الذكريات التي تستحضرها في ذهنها وتسترجعه وتعيده بإستمرار ،وهذا دليل على شدة شغفها بالحبيب .
تجد الشاعرة صعوبة في التعبير عن مشاعرها واحاسيسها التي تشعر بها نحو الحبيب ، مما يسبب بعض المشاكل والأزمات ، ومرد ذلك عدم قدرتها على التحكم بانفعالاتها ، إلى جانب عدم المبالاة من الطرف الآخر .
باللين والرفق والكلمة الطيبة تخاطب الشاعرة الحبيب : يا من أحببتك بلا مصالح بلا مقابل بلا خوف ولا تردد ، احببتك واحبك والحزن يحتل قلبي ، رغم يقيني بأن الظروف تعاندنا ،ورغم احتراقي ، عِنْدَ اللقَاءِ وَعِنْدَ الْغيابِ ، رغم ذلك لم أنل الأمان والسلام والحب والإحترام ، لم أنل إلا الهجر والنسيان .
بمزيج من الوجع الممزوج بالأمل ..تتساءل الشاعرة متى تعود المياة لمجاريها ؟ متى نطفئ عطش الهجران والبعاد ؟ ويصل الحبيب حبيبه ، كماتشير الشاعرة لبداية تعلقها به ، فتؤكد لحبيبها على أنها في بداية تفتحها على الحياة احبته..حباً شديدأ وتعلقت به تعلقاً يصعب الفكاك منه ، ولكنك بالمقابل تركتني أعاني الهجران والاهمال ،أرتشف الألم وأمتص لوعة الفراق .
حين كانت علاقتنا طيبة ، احببتك حباً شديداً ، وتعلقت بك تعلقاً لا يمكن التخلص منه ،لم أخف من فراقك ولم اتوقع انصرافك عني ،ولن انسى لغة عيونك عندما كانت تخاطبني بلغة ابلغ من أي كلام ، فالعيون نوافذ إلى الروح والجسـد كما يقال،خاصة عندما يطلبها حب روحي لا ينطفئ بريقه .
تضيف الشاعرة لقد كنت أراك بقلبي وعقلي، وفي كل الأماكن أراك مضيئاً مشرقا حسناً ،مسيطرا على أوجاعي حتى في احلك اللحظات ،أناشدك الحب الذي هو بيننا وما فيه من لذة وتألم بأرفع الأصوات، أناشدك أن تعود لعهد الهوى المنصرم، إلى عهد العلاقة الحميمة .
في النص دعوة للوفاء في الحب ، تعطي الحب رونقه وبريقه وتجعله في أسمي المنازل ،وهي الحب الصادق ،فما أجمل ان تجد قلبا يحبك بصدق !!! كما أن فيه دعوة خفية للإستمتاع بالحياة ، ويحضرنا في هذا المقام قول الكاتب "غيوم مسيو " استمتع بالحياة ما دمت تستطيع .
"أسرعوا للحياة، أسرعوا للحب، لأنكم لا تعرفون الوقت المتبقي في حساب أعماركم.. نظن أن لدينا ما يكفي من الوقت، لكن الحقيقة خلاف ذلك، سندرك بعد فوات الأوان أننا بلغنا نقطة اللارجوع، اللحظة التي يدرك فيها المرء أنه فوت فرصة الحياة"–غيوم ميسو
قصيدة "انت الهوى"

انت الهوى
والذكريات هيامي..
عجز الحديث عن الشعور
كلامي
يامن اليك العين اهدت دمعها
من دون ان تحظى باي سلام
فمتى اراك ونرتوي بوصالنا
هل يرتوي قلبي وكل عظامي
ورضعت حبك بالغرام مبكرا
وتركتني بالحب دون فطام
ماكنت اخشى في الغرام بعادنا
وحديث عينك اذ غزاه غرامي
فاراك في كل الأماكن مشرقا
قمرا مضيئا يحتويه ظلامي
واناشد الحب الذي ما بيننا
قلبي الذي قد هام فيك هيامي
كلمات: منية محمود ملوحي

مَنْ يرتدي بَبيونةً ويؤشّرُ بقلم الشاعرة عزيزة بشير

 مَنْ يرتدي بَبيونةً ويؤشّرُ

هُوَ فارسٌ يرنو لِتيتَا……...وينظُرُ !
يجري ويلعبُ والصّبايا حوْلَهُ
فرِحاً بهِنّ ولُعْبةٍ …..…….بِهَا يزأرُ
فنظرْتُ للمكتوبِ فوْقَهَا (واحِدٌ)
وَبِعُجمَةٍ ( one)وَنٌّ،حُروفاً ..تُنشَرُ
(وَالْوَنُّ )ألحَظُ كلَّ شيءٍ حوْلهُ
ويُشيرُ فيهَا بإصْبَعٍ ………… ويُكرِّرُ
ويُرينِي ظهرَهُ كيْ أراهَا بِثوْبِهِ
ويُرينِي رأسهُ كيْ أراهَا ……..تَصَدّرُ
ُغلِقَتْ مدارِكُ تيتَا حينَ رأَتْكُمُ
عن كلِّ ( وَنِّ) وكعكَةٍ ……….تتصدّرُ
فسألتُ: ما( بالوَنِّ) تغزو فارِساً؟
وإذا بِهِا إعلانُ عُمْرِكَ.، …..تُظْهِر!
عفواً حبيبَ القلبِ ألفُ مُبارَكٍ
عُذراً حبيبي ،فَفَرْحتي بِكَ …….أكبَرُ
يا فرْحَةً للكلِّ ، يا كُلَّ الهنَا
عُمرْ مديدٌ …بالهَناءِ ………..يُبشِّرُ
يا نسمةً للصبْحِ تعبَقُ في الفَضا
يا نبضةً للقلبِ عامكْ ……نيِّرُ
يا رَبِّ عامٌ بالسّعادةِ جامعٌ
(سَعْدو)و(عبدُو)وَ سلمَى معْكَ تُنَوِّرُ
للوالدَيْنِ أزُفُّ كُلَّ بشائري
(فارسْ) بإذنِ اللهِ فارِسُ …فابْشِروا !
تيتا / الشاعرة عزيزة بشير

Toutes les réactions

فلسطينُ والقدسُ والعدوُّ بقلم الشاعر محمود بشير

 فلسطينُ والقدسُ والعدوُّ


وسالَ الدمعُ أنهاراً غِزارَا
وجَنَّ اللّيْلُ قد ألْقَىٰ سِتارَا

فَأسْرُ (القدسِ)قد أضْنَى قُلوباً
غشاهَا الحُزْنُ تجْتَرُّ المَرارَا

قَضَتْ في الأَسْرِ آجالاً طِوالاً
ولمْ يأخُذْ(بنُو الأعرابِ) ثارَا

أراحُوا خيلَهُمْ وطَوَوْا سُرُوجاً
وألقَوْا كُلَّ ما يشْتاطُ نارَا

وصارَتْ تنْجَلِي في الأُفْقِ ريحٌ
بها في العصْفِ ما يُخْفِي دمارَا

أقامُوا في الحِمَىٰ دِيناً جديداً
فأمْسَىٰ الشيْخُ (حاخاماً) مُعارَا

وغابَ النفطُ محظُوراً وأضْحَىٰ
عَضِيدُ الأمسِ يَرْمِينَا جَهارَا

(فِلِسْطِينُ) الكريمةُ لم تُساوِمْ
ولم تُذْعِنْ وقد زادَتْ وَقَارَا

(عرينُ الأُسْدِ) أغْنَتْهَا سُؤالاً
(جنينٌ)و(المُخَيَّمُ) قد أجَارَا

وزَهْراتُ الحرائِرِ صِرْنَ دَوْماً
بِعالِي الشَّدْوِ يَجْلِبْنَ انْتِصارَا

ونحنُ اليومَ للأعداءِ نِدٌّ
وعنْدَ الرَّدِّ نصْفَعُهُ احْتِقارَا

ولنْ نرضَىٰ بهِ أبدًا شريكاً
ولنْ نرضاهُ بِ(فْلِسْطِينَ) جارَا

محمود بشير
2023/5/27



مؤسسة الوجدان الثقافية التونسية..تحتفي بصدور مولودها الإبداعي الثامن متابعة الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 مؤسسة الوجدان الثقافية التونسية..تحتفي بصدور مولودها الإبداعي الثامن

بعد أشهر عديدة انتظرها مبدعو الوجدان الثقافية بشغف شديد،أطل هذا المولود الإبداعي الثامن لهذه المؤسسة العريقة (مؤسسة الوجدان الثقافية) والمحتضنة لأقلام تونسية وعربية تساهم بشكل واعد وطموح في تفعيل المشهد الأدبي والإبداعي تونسيا وعربيا والتي يشرف عليها ببراعة واقتدار الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي،في حلة فاخرة.
هذا العدد الأنيق،وهو كما أشرت كتاب فاخر ضمّ بين دفتيه نخبة من الشعراء والمبدعين،فرقت بينهم الجغرافيا وقربهم الإبداع في تجلياته الخلاقة..صادر عن الدار الثقافية للنشر والتوزيع التي يشرف عليها الأستاذ محمد التومي.
هذا،وسيحتفى قريبا بهذا المولود في حفل بهيج-لم يتحدد زمانه ومكانه بعد-وسيستلم المشاركون من حملة الأقلام نسخهم.
تمنياتنا لهذه المؤسسة الراقية-الوجدان الثقافية-ولمديرها العام د-طاهر مشي بمزيد الإشعاع والإبداع،والتميز.
وحول دور المؤسسات الثقافية في النهوض بالفعل الثقافي،والدفع في اتجاه بلورة المشهد الثقافي بشكل عام يقول المدير العام لمؤسسة الوجدان الثقافية التونسية د-طاهر مشي:" «لئن قادنا الهوس بربوع بلادنا (تونس التحرير)فإن المصادقة على عراقة الفعل الثقافي وسمو قاطرة الثقافة بها وسبق تاريخها و ديمومة مخزونها،يجعلنا أمام تحديات عديدة مواصلة الفعل الثقافي وتأثيث المشهد بتظاهرات نوعية واعلاء مقومات روافدنا وأعلامنا الثقافية وسبل الحفاظ و التعريف و التجديد لمخزوننا الثقافي وتفعيل منابر المبادرات والشراكات والخوض في غمار تجارب جديدة مما يفرض علينا ضبط استراتيجيات ونظم عمل متناسقة و متطابقة لسياسات وزارة الشؤون الثقافية ومندمجة وناهلة من خصوصية بلادنا ومفعمة بريادة الحراك الثقافي بها وبمدى تأثيره على الوضع الثقافي العام لتكون دروب المؤسسات الثقافية فضاء متسعًا و رحبًا قادرا على احتضان جميع الأفكار والرؤى منفتحا على جميع الفئات و الشرائح، ملما بكل الكفاءات و المواهب جامعا لمختلف الفنون و محافظا على خصوصية الوطن وامتداده...وإننا نضع هذا الفعل سعيًا للتواصل والتشارك و التبادل الفكري من منطلق اعتبارنا أن الإبداع ولادة متجددة والاجتهاد دليل لتحقيق الأهداف».
سلة ورد مفعمة بعطر الإبداع أهديها إلى مؤسسة الوجدان الثقافية وإلى مديرها العام د-طاهر مشي.
متابعة محمد المحسن

الاستاذة فائزه بنمسعود تلقي مداخلة في رحاب قرطاج الثقافية بالمكتبة الجهوية بتونس تحت عنوان "النص والتجنيس"

 الاستاذة فائزه بنمسعود تلقي مداخلة في رحاب قرطاج الثقافية بالمكتبة الجهوية بتونس تحت عنوان "النص والتجنيس"

———————
النص والتجنيس النص واللا نص/ كيف يصير قول ما نصا؟ هل نعتبر المكالمة الهاتفية نصا؟ هل الحوار اليومي نص؟ هل الحكمة نص؟ هل المثل الشعبي نص؟ هل الإعلانات التي على واجهات المتاجر تعتبر نصا؟ أو اعلان ضياع؟ أو اعلان بيع؟ —————— للاجابة عن هذه الاشكاليات نزعم النظر الى تحديثات الناقدين: لوتمان وبياتيغورسكي اللذين يقران بانه توجد في كل مجموعة بشرية نسبة ضخمة من الأقوال هي بمثابة لا نصوص لعدم ارتباطها بمجالها الثقافي.. وهذا ما يفترض البحث في مفاهمية النص مقارنة باللانص.. وذلك يتأتى بالضرورة من انه اذا انضاف الى المدلول اللغوي مدلول آخر، كالمدلول الثقافي أو مدلول الثنائية الضدية (القديم والحديث) أو (المؤلّف الحُجّة) أو (التنظيم/ فـافتقار الأثر الى التنظيم يعني عدم استجابته للتفسير والتأويل) أو (القيمة الأخلاقية او التناصية) داخل الملفوظ دائرة النص.. عندها فقط يمكن اعتبار نص ما نصا.. لذلك سنذهب في تأويل كلمة نص، مع ما ذهب اليه بول ريكور (أن كل خطاب تم تثبيته بواسطة الكتابة هو نص بالضرورة). بمعنى أن الكتابة عنصر مؤسس للنص، حيث يسمح ذلك التثبيت بحفظه وتوثيقه ومراجعته وتقويمه ودراسته، مع مراعاة أن بعض الشفاهيات تمتلك مواصفات النص إذا احتفظت بشروطه. ا=========== ‏‎التجنيس هو التصنيف وتمييزٌ لكلّ نوعٍ عن غيره، والمعنى اللّغويّ قريبٌ ممّا نحن بصدده بشأن تجنيس الأعمال الأدبيّة أي تصنيفها؛ ثم تجنيس أنواعه بعضها من بعض ‏‎ويمكننا القول: إن التجنيس أو التصنيف عملية فكرية، الهدف منها تنظيم النُّصوص الأدبيّة بطريقة تيسر للمتلقين الإفادة منها بأقصى درجة ممكنة، ‏‎تجنيس النصِّ الأدبيِّ: معنى الجنس الأدبي الأجناس الأدبية مجموعة من الأعمال الأدبية التي تصب في قوالب حسب خصائص مشتركة تبعًا إما لشكل خارجي(بناء وطول العمل) أو لشكل داخلي (مضمون وأسلوب العمل).. وافلاطون اول من اشار الى فكرة التجنيس.. وكذلك أرسطو الذي وضع أسس نظرية الاجناس ووضع الأسس الأولى لنظرية الأجناس الخاصة بالشعر التمثيلي عند الاغريق حيث ميز المأساة عن الملحمة والملهاة الادبية ورفض قطعيا المزج بينها او خلط خصائصها.. وعند العرب اوجده الجاحظ من خلال اشارته للشعر بأنه (جنس من التصوير) تقوم نظرية الأجناس الأدبية في جوهرها على تقسيم الأدب إلى قسمين كبيرين مختلفين، النثر والشعر، ولكل قسم أنواعه. ——الشعر تصنيفاته كانت قائمة على الغرض الشعري مثل شعر الهجاء—شعر المديح-شعر الرثاء-شعر الغزل أما في النثر فقد اشتهرت أنواعً عديدة في الأدب منها المسرحية والرواية وغيرها، (وهذا يحتاج تناوله بالتفصيل ربما في مقام آخر ) ‏‎والنثر هو أي نص مكتوب بخلاف الشعر ومنه القصة بكافة أنواعها، الخطابات اليوميات، المقالات، القصص الواقعية تلخيصا لما سبق واقتضابا: أكد النقاد الـذين درسوا (نحو النص) من مثل (بوجراند ودرسلر) أن النص "حدث اتصالي تتحقق نصيته إذا اجتمعت له سبعة معايير هي: الـربط، والتماسـك، والقصـدية، والمقبوليـة، والإخباريـة، والموقفيـة والتناص".. ومنه النصية هي تلك الخصائص التي تميّز النص عمّا ليس نصا، فالنصية تحقق للنص وحدته الشاملة، ولكي تكون لأي نص نصية ينبغي أن يعتمد على مجموعة من الوسائل اللغوية التي تخلق النصية تلك، بحيث تسهم هذه الوسائل في وحدته الشاملة وهي سبع : :الربط— والتماسك —والقصدية —والمقبولية والاخبارية —والموقفية —والتناص . لذا نتناول هذه المعايير كالآتي [يكفي النظر الى اتجاهات لغوية معاصرة: ١٦٧ – ١٦٨، نقلا عن: نحو أجرومية للنص الشعري، دراسة في قصيدة جاهلية، سعد مصلوح، فصول، المجلد ١٠، العدد ٢٠، لسنة ١٩٩١: ١٥٤. وعلم لغة النص: ١٤٦، وعلم اللغة النصي: ٣٣.] 1-الربط :_الاتساق و هو يترتب على إجراءات تبدو بها العناصر السطحية على صورة وقائع يؤدي السابق منها إلى اللاحق، بحيث يتحقق لها الترابط الرصفي، أو الذي يمكننا من استعادة هذا الترابط » 2—- الانسجام. : و يتطلب هذا المعيار العديد من الإجراءات، الأمر الذي تتنشط بها عناصر المعرفة لإيجاد الترابط المفهومي و استرجاعه، و تشتمل الوسائل التي تحقق الالتحام في هذا المعيار على العناصر المنطقية كالسببية و العموم و الخصوص-و معلومات عن تنظيم الأحداث والأعمال والموضوعات، و المواقف، و السعي إلى التماسك فيما يتصل بالتجربة الإنسانية، و يدعم الالتحام بتفاعل المعلومات التي يعرضها النص، مع المعرفة السابقة بالعالم فبدون هذا الانسجام —لا ترابط يتحقق على مستوى المعاني و الأفكار الواردة في النص.و عندما يكون النص مترابطا من الناحية النحوية الشكلية، و لا يكون مترابطا من الناحية الفكرية. نقول أن نصيته لم تكتمل بعد لأن الاتساق و الانسجام و جهان لعملة واحدة هي النص؛ فالأول يعنى بكيفية ربط مكونات النص السطحي (الكلمات)، و الثاني يعنى بكيفية ربط تصوراته و مفاهيمه. إنهما تكامل تشكيل عالم النص وديناميته، إذ ينبغي على النص في مجمله أن يتسم بسمات التماسك و الترابط و الاتساق و النصية والانسجام مصطلحات من ضروري تحققها في النص طالما هو كذلك—-كما أنه يمكننا أن نقول على متتالية جملية —منسجمة —عندما تكون كل جملة فيها، تقبل التفسير و التأويل في خط داخلي، يعتبر امتدادا بالنسبة لتفسير غيرها من العبارات الماثلة في هذه المتتالية، أو من الجمل المحدودة المتضمنة فيها—-و من هنا، فإن مفهوم النص تتحدد خصائصه 3-القصدية : يقول «جون أوستين» (John. L. Austin): « إن اللغة نشاط و عمل ينجز..بنية و قصد يريد المتكلم تحقيقه، جراء تلفظه بقول من الأقوال ». و لقد جعل «قراند» من هذه البنية معيارا قائما بذاته موجود في كل نص.. فالقصد يتضمن موقف من اللغة قصد بها أن تكون نصا يتمتع بالسبك و الالتحام، و أن مثل هذا النص وسيلة من وسائل متابعة خطة معينة للوصول إلى غاية بعينها——لذا فإن القصد هو التعبير عن هدف النص. وحتى ولو أعرب «امبرتو ايكو »( Eco) عن عجزه في إعطاء تحديد تجريدي لمقولة «قصدية النص»؛ لأن قصدية النص ليست معطاة بشكل مباشر، و حتى إذا حدث و كانت كذلك فستكون شبيهة في هذا بـ «الرسالة المسروقة» فرؤيتها محكومة بإرادة الرائي، وهكذا إذا كان بالإمكان الحديث عن قصدية النص فإن ذلك مرتبط بتخمينات القارئ و أشار الباقلاني - قبل ذلك - إلى القصدية بقوله: « إنما يعد الشعر شعرا....اذا قصد به... هكذا يظل القصد قائما من الناحية العملية، حتى مع عدم وجود المعايير الكاملة للسبك والالتحام، و مع عدم تأدية التخطيط للغاية 4- المقبولية: و هناك من عرب هذا المصطلح بـ «الاستحسان»، و هو معيار يركز على المتلقي (السامع / القارئ)، حيث يتضمن موقف مستقبل النص إزاء كونه صورة ما من صور اللغة ينبغي لها أن تكون مقبولة من حيث هي نص ذو سبك و التحام و يعنى هذا أن يكون النص مقبولا لدى متلقيه، فلا يشعر أن فيه قصورا أونقصا، أوتشويه فدور القارئ يساوي في الحيوية دور المؤلف لكونه يتلقى النص من خلال خبرته الشخصية و الاجتماعية، أو يمارس عليه سلطته بعد أن استحسنه، و هذا ما يمنح القراءة فاعلية إبداعية متميزة. 5- —-الموفقية: و يتطابق هذا المعيار مع المقولة التراثية البلاغية «لكل مقام مقال»النص يجب ان يبدو طابقا لمقتضى الحال. النص يجب أن يكون مطابقا لمقتضى الحال، كما ذهب الى ذلك كل من «هاليداي» و «رقية حسن» (1976) في نظرية الريجستير ( Register ) المعروفة، و التي باختصار شديد «ضرورة أن يكون النص متساويا مع الموقف و نوعية المشتركين في الخطاب» ، فالموقفية مناسبة النص للموقف.. يندرج الموقف ضِمْن أنواع السياق الأربعة، وهي: ___السياق اللُّغوي: وهو "حصيلة استعمال الكلمة داخل نظام الجملة متجاورة وكلمة أخرى "فمثلًا كلمة "عين" لها دلالات متعددة حسب السياق: فعيني تُؤلمني (العضو)، وعين جارية (الماء)، وعين علينا (جاسوس). • _____السياق العاطفي: وهو الذي يُحدِّد طبيعة استعمال الكلمة بين الاستعمال الموضوعي والعاطفي الذي يرتبط بالعاطفة والإحساس؛ فكلمة "يهودي" مثلًا قد تُستعمل موضوعيًّا في سياق معين، لكن في سياق آخر ترتبط بنوع من الحقد والكراهية والاحتقار....(صهيوني) ____• السياق الثقافي: يقتضي هذا السياق "تحديد المحيط الثقافي والاجتماعي الذي يُمكن أن تستخدم فيه الكلمة "فالكلمة حين تُستعمل تدل على المستوى الثقافي والاجتماعي لمستعملها فمثلًا كلمة "عَقِيلته" تُعدُّ في العربية المعاصرة علامةً على الطبقة الاجتماعية المتميِّزة بالنسبة لكلمة "زوجته". __• السياق الموقفي: يعني هذا السياق "الموقف الخارجي الذي يُمكن أن تقع فيه الكلمة" أو الجملة أو النص عمومًا، فهو يدل على العلاقات الزمانية والمكانية التي يجري فيها الكلام. 6- —-الاخبارية : و هو العامل المؤثر بالنسبة لعدم الجزم في الحكم على الوقائع النصية أو الوقائع في عالم نصي في مقابلة البدائل الممكنة و الإخبارية تتعلق بتحديد جدة النص، أي توقع المعلومات الواردة فيه أو عدم توقعها » حيث يهدف كل نص من النصوص إلى أن يقدم بعض المعلومات لقارئيه و سامعيه في مختلف الأماكن عبر كل العصور، و تختلف طريقة وضع المعلومات في النص بحسب نوع النص، و الملاحظ أن الإخبارية تكون عالية الدرجة عند كثرة البدائل، و عند الاختيار الفعلي لبديل من خارج الاحتمال حيث أن كمية المعلومات التي يحتوي عليها النص تقل حين يتحول النص إلى التعبير الأدبي، و تصل المعلومات إلى أدنى مستوى لها حيث يكون النص قصيدة شعرية جيدة؛ لأن القصيدة الشعرية تقوم على فكرة تتضمنها كلمة واحدة أو عبارة واحدة، و يكون ما في القصيدة مجرد توسعه للفكرة الأساسية. و كذلك الأمر بالنسبة للكتابة الروائية، و لكن بدرجة أقل؛ إذ يستطيع أديب أن يكتب لنا قصة «مجنون ليلى» التي يمكن أن تجعلها في خمسة أسطر أو في خمسمائة صفحة، و لذلك وجب على الناص / المتحدث توزيع معلوماته دون قصوا أو زيادة تخل بالتماسك العام للنص... 7- التناص : هذا المعيار به محاذير كثيرة لا بد من التفطن اليها لأن الكثير من الذين تعرضوا لهذا المصطلح غابت عنهم أهدافه على اعتباره تكرارا لما أنتجه الآخرون، و أن الاختلاف بين النص الجديد و النصوص القديمة هو اختلاف في الشفرة فقط، و هذا خطأ؛ بل هو محاولة معرفة الكيفية التي ينتج بها المتحدثون نصوصا جديدة، و يستقبلون نصوصا حديثة . مما يدفعنا الى مفهوم القدرة عند « نعوم تشومسكي (Noem Chomsky كما أن «رولان بارث» ( R.Barths ) اذ يمكن اعتبار كل نص تناص ـ حسب تعبير بارث ـ إذ أن النص يظهر في عالم مليء بالنصوص (نصوص قبله، نصوص تطوقه، نصوص حاضرة فيه..)، و في ذلك يقول بارث: «التناص ليس دائما سرقة، و إنما قراءة جديدة،أو كتابة ثانية ليس لها نفس المعنى الأول، و من هنا كان التناص صورة تضمن للنص وضعا ليس للاستنساخ و إنما للانتاجية» التناص تجربة تسهم في التراكم النصي القابل للتحويل و الاستمرار بشكل دائم ، إذ أن التناص يعتبر معيارا أساسيا في نصية النص...... ————-هذا على الرغم من اعتبار التجنيس الأدبي مبدأ تنظيميا للنصوص الأدبية، وآلية مهمة لضبطها وتصنيفها، وبالتالي خضوعها للنقد، فإنه يعد من النظريات الأكثر جدلية في تاريخ الأدب كما أن عملية التجنيس مرت بمراحل مهمة حاول خلالها مجموعة من المنظرين والدارسين تطوير هذه النظرية لملاءمتها مع الحساسيات الإبداعية الجديدة العصية أحيانا كثيرة عن التصنيف، والمتمردة على الأنماط الكلاسيكية للأدب، وفي هذا الصدد نذكر: هوراس، هيجل، لوكاتش. وخلال النصف الثاني من القرن الماضي (العشرين، )جاءت الثورة على نظرية الأجناس الأدبية حيت عبر موريس بلانشو(Maurice Blanchot) في كتابه (Le livre à venir) عن موت الجنس الأدبي لصالح الأدب الواحد، وطالب أيضا رولان بارت (Roland Barthes) بإلغاء الحدود الفاصلة بين الأجناس الأدبية. ———————— وموضوع تداخل الأجناس الأدبية في الكتابة العربية المعاصرة طرح إشكالية جديدة وموضوع تداخل الأجناس الأدبية في الكتابة العربية المعاصرة طرح إشكالية جديدة من قبيل: 🌹وهل يوجد نص عابر للأجناس الادبية؟ اي هل توجد كتابة تقفز على التجنيس التقليدي للأعمال الأدبية، وذلك حين يكتب المبدع نصوصا لايمكن عزوها إلى أي جنس أدبي محدد لأنها نصوص متحررة من إسار القيود الأدبية، تتحرك في أفضية واسعة هي الكتابة وقد نكون بلغنا مرحلة ما بعد التجنيس او مرحلة (الكتابة المضادة للتجنيس) حسب الدكتور يوسف وغليسي ء(الجزائر) في كتابه (اشكالية المصطلح في الخطاب النقدي العربي الجديد) الذي يطرح بقوة هذا ويؤيده في ذلك عبد الوهاب الملوح شاعر وروائي تونسي -الذي يعد تجنيس الادب هو امضاء شهادة وفاته — كما يرى احمد العكيدي القاص المغربي أن (الإبداع الأدبي يتجاوز كل النظريات، وحصره في نظرية جامدة هو موت له) كــمـٰـٰا يجد أصحاب نظرية الأجناس أنفسهم أمام بعض الكتابات الحديثة عاجزين عن تصنيفها فيسارعون إلى إلغائها والرمي بها في سلال المهملات على اعتبار أنهم صاروا يهملون الكثير، وسيقوم الإبداع على القليل القليل، وهو ما يدعو جديا إلى التخلي عن نظرية الأجناس الأدبية والانكباب على دراسة الأعمال الأدبية دونما خلفية مسبقة... فليس للإبداع الأدبي نظرية ———-وحسب رايي المتواضع معايير التجنيس متحركة ويرى البعض كما أراها شخصيا —-انها تعد مقيدة للإبداع وحادة من حريتة والادب حرية او لا يكون ونجد أنفسنا أمام أجناس أدبية تمتزج فيما بينها وتخترق خصوصية بعضها إلا أن الاشتغال خارج التجنيس هو بمثابة تجنيس جديد وإعلان ميلاد جنس جديد، سرعان ما يتبلور ليضع حدوده الجديدة ويدافع عنها باستماتة ويحاكم كل من يخترقها في نظري هذا أمر طبيعي ومطلوب من أجل تطور الأدب لأنه يلائم حركة التاريخ وحتمية التغيير للافضل ولا يخالفها—- ولعل الأهم هو الكتابة وإيجاد نصوص مكتوبة إذ لا تجنيس من دون وفرة في الكتابة الإبداعية فيه، ولا نوع إبداعي وافر الإنتاج من دون تجنيس، كما لا تجنيس من دون نقد، به يصبح الأدب مكتملا. والأدب تُحررهُ المخيلة، بيد أن النقد يرتبط بالعلمية. وبهذا يستحيل على الأدب أنْ يستغني عن النقد، مثلما يتعذر على النقد أنْ يكون منطلِقًا من المخيلة. ا===== المراجع ا===== انظر: علم لغة النص: ١٤٦. اتجاهات لغوية معاصرة: ١٦٩ – ١٧٠. انظر: كتاب “الأدب والغرابة دراسات بنيوية في الأدب العربي” – عبد الفتاح كيليطو انظر : مخطوط مدخل الى علم النص الدكتور الاستاذ حمد حاجي.. انظر: ما معنى المؤلف ، مقال لميشيل فوكو ،ضمن :القصة –الرواية –المؤلف ،دراسات في نظرية الأنواع الأدبية، ترجمة د- خيري دومة/ انظر الدكتور يوسف وغليسي ء(الجزائر) وكتابه(دينامية النص الادبي واشكالية التجنيس) انظر مقالات الدكتور محمد صابر عبيداكاديمي وناقد عراقي انظر: اشكالية المصطلح في الخطاب النقدي العربي الجديد) انظر: أحمد العكيدي (مغرب الثقافة) انظر: مقال الاديب الشاعر التونسي عبد الوهاب لملوح الاستاذ فائزه بنمسعود


المتعجرف كيسنجر..”بارع في الكذب” بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 المتعجرف كيسنجر..”بارع في الكذب”

لقد قال ذات مرة، هنري كيسنجر المتعجرف : يستطيع القويّ أن يكذب دون أن يكذّبه أحد،معلنا أنّ القوّة هي الحقيقة الوحيدة. لهذا يكون الإرهاب ما اصطلحت السلطة الأمريكية علي أنّه إرهاب،تاركة المستضعفين يرثون ضعفا مضافا إلي ضعفهم، واستجداء متواترا لن يقيم قرابة أبدا بين الضعف والحقيقة، ولهذا يعاني العالم العربي سياسة أمريكية هي مزيج من غطرسة القوّة والنزعة الصليبية القديمة وروح اكتشافية مؤمنة تساوي ضمنا بين الفلسطينيين والهنود الحمر الراقدين في مقابر لا عدد لها..
لذا،لم يكن المفكر الراحل إدوارد سعيد مخطئا،حين فسّر الهوي الأمريكي لإسرائيل بذاكرة جماعية أمريكية قديمة تري في الصهيوني في فلسطين إمتدادا لـ رواد الغرب الأمريكي القديم..
أصوات الغضب
ومن هنا، قد لا أضيف جديدا إذا قلت انّ النّاس ليسوا من حجر،ولا هم أغبياء،إنّهم يرون استقلالهم مصادرا، وثرواتهم وأرضهم وحياة أبنائهم مستلبة،وأصابع الإتهام التي يرفعونها تتوجّه إلي الشمال:إلي المواطن الكبري للنهب والإمتياز.ولا مناص للترهيب من أن يستولد الترهيب.ولكن..كم صبر المقهورون !
إنّ أصوات غضبهم تُسمَع اليوم،والعذابات اليومية التي كانت تجري في أماكن قصيّة ذبيحة وصلت أخيرا إلي ـ ديار الطغاة.
وبالعودة إلى هنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركي الأسبق،نشير إلى أنّ هذا الأخير أكّد أن إيران هي ضربة البداية في الحرب العالمية الثالثة التي سيتوجب فيها على إسرائيل قتل أكبر عدد ممكن من العرب واحتلال نصف الشرق الأوسط.
احتلال 7 دول
وقال كيسنجر في حديث أجراه مع صحيفة “ديلي سكيب”الأميركية ونشرته وكالة الأنباء ‘أونا’ :” لقد أبلغنا الجيش الأميركي أننا مضطرون لإحتلال سبع دول في الشرق الأوسط نظرًا لأهميتها الإستراتيجية لنا خصوصا أنها تحتوي على البترول وموارد اقتصادية أخرى ولم يبق إلا خطوة واحدة، وهي ضرب إيران وعندما تتحرك الصين وروسيا من غفوتيهما سيكون “الانفجار الكبير” والحرب الكبرى التي لن تنتصر فيها سوى قوة واحدة هي إسرائيل وأميركا وسيكون على إسرائيل القتال بكل ما أوتيت من قوة وسلاح لقتل أكبر عدد ممكن من العرب واحتلال نصف الشرق الأوسط.
وأضاف أن طبول الحرب تدق الآن في الشرق الأوسط وبقوة ومن لا يسمعها فهو بكل تأكيد “أصم”.
وأشار كيسنجر إلى أنه إذا سارت الأمور كما ينبغي، فسيكون نصف الشرق الأوسط لإسرائيل وقال:”لقد تلقى شبابنا في أميركا والغرب تدريبا جيدا في القتال خلال العقد الماضي وعندما يتلقون الأوامر للخروج إلى الشوارع ومحاربة تلك “الذقون المجنونة”فسوف يطيعون الأوامر ويحولونهم إلى رماد.”
وأوضح كيسنجر أن إيران ستكون المسمار الأخير في النعش الذي تجهزه أميركا وإسرائيل لكل من إيران وروسيا بعد أن تم منحهما الفرصة للتعافي والإحساس الزائف بالقوة وبعدها سيسقطان وللأبد لنبني مجتمعا عالميا جديدا لن يكون إلا لقوة واحدة وحكومة واحدة هي الحكومة العالمية السوبر باور وقد حلمت كثيرا بهذه اللحظة التاريخية.”
انهيار الأنظمة العربية
ثم تساءل:” (هنري كيسنجر) في الآونة الأخيرة إذا ما كان من الصواب إقامة دولة عربية أخرى في ظل انهيار الأنظمة العربية القائمة،وفي ظل تصاعد قوة داعش وازدياد قوة وتأثير ايران على رأس المعسكر الإسلامي الشيعي.اهارون ميلر أيضا الذي كان على صلة وتحت الإدارات الأمريكية في مفاوضات الحل السياسي بين اسرائيل والفلسطينيين،تساءل في مقال له في صحيفة “وول ستريت جورنال”إذا كان العالم بحاجة الآن إلى دولة فلسطينية فاشلة.وهذا ما كتبه: “قبل عقد عندما أجريت مفاوضات في الشرق الاوسط، كان مجرد طرح السؤال بمثابة كفر في نظر مؤيدي السلام… ولكن على ضوء الفوضى المنتشرة في المنطقة لا توجد اليوم اسباب جيدة للتعامل مع هذا الخيار (أي اقامة دولة فلسطينية) بحذر وتشكك؟”.
ثم يقول كيسنجر وميلر أيضا إن الصراع الاسرائيلي الفلسطيني لا يوجد له تأثير كبير على باقي الأمور السيئة التي تحدث في الشرق الاوسط،هذا على عكس الرأي السائد في بعض الأوساط في واشنطن وعواصم أوروبا. وهذه ليست الأصوات الوحيدة في الولايات المتحدة التي بدأت تشكك بفرصة أو حكمة التوصل إلى”حل الدولتين” وبالسرعة الممكنة.في الوقت الذي ما زال هناك من يلقي فيه اللوم على الحكومة الإسرائيلية بسبب الجمود في المفاوضات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية وعلى المستوطنات وغيرها، فان هناك المزيد والمزيد من الجهات التي أصبحت على وعي أن العقبة الحقيقية في الرفض الفلسطيني بالتعهد،أو حتى نقاش أمور مثل “حق العودة”والحدود والقدس والإعتراف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي،بدأوا يفهموا أن الرفض الفلسطيني ليس تكتيكيا وإنما استراتيجيا.والأمر المفضل لديهم هو السعي إلى انجازات سياسية عن طريق الأمم المتحدة وأطر دولية اخرى-تحت غطاء العنف المنظم أو العفوي في الميدان.
خلاصة القول”يستطيع القويّ أن يكذب دون أن يكذّبه أحد،بإعتبار أنّ القوّة هي الحقيقة الوحيدة.”
ومن هنا فالمتعجرف كيسنجر..”بارع في الكذب”

محمد المحسن

 


جماليات الروائي والقاص التونسي الكبير المحسن بن هنية..في الإبداع الروائي بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

جماليات الروائي والقاص التونسي الكبير المحسن بن هنية..في الإبداع الروائي

المحسن بن هنية صوت متميّز في الرواية التونسية،وأكاد أقول العربية الحديثة.يجبرك على الإصغاء إليه،على الرغم من تشابك شخصياته وموضوعاته..فرواياته تتوفّر على قدر من التجانس ووحدة الهويّة من النادر تحققه في سواه من المدوّنات السردية التونسية المعاصرة.
في هذه الدراسة سأحاول مقاربة روايتين ومجموعة قصصية لهذ-المبدع الشامخ- ولكن قبل ذلك أفضل أن أمهد-لهذه المحاولة المتواضعة-بالتوضيحات التالية:
أ-يتركز كل وكدنا على تقديم دراسة موضوعاتية تتغيأ ملامسة محتوى الوعي،وحتى اللاوعي،لتحليل الدلالة الضمنية تحليلا يهدف إلى تأويل العمل الأدبي بإظهار موقف الأديب من العالم،دون إغفال دور المحيط الخارجي في إنتاج هذا الموقف،وهو يقوم على المعالجة المحايثة،فينبني بذلك على التحليل النصي،دون أن يحول هذا بينه وبين استثمار منظورات بحثية أخرى،وفي مقدمتها المنظور النفسي.على أنّ القاعدة الأساس هي الكشف عن الرؤية انطلاقا من ملفوظات النص ومكوناته الفنية،لا بإسقاطها عليه.
ب-الحديث عن" التجربة الذاتية"يقتضي منا التأكيد على أنّ الكلام سيظلّ مرتبطا دائما،وعبر مسار هذه الدراسة،بذات الكاتب الضمني،أي بذلك الوجود الذي يبدأ وينتهي مع النّص،وليس عند المؤلف الملموس.L'auteur concret أو لنقل بأنّ التحليل سينصب حول "ذات"تبلورها متون هذه النصوص الإبداعية،ذات متجذرة في الواقع دون أن تكون تجسيدا مباشرا لشخص المؤلف،وأكثر ما تستطيع أن تكونه،هو أن تعبّر عن وجوده خلال لحظة الإبداع التي هي مجرّد جزء من وجوده المتعدّد..
*رواية "على تخوم البرزخ":
تموقعات السارد في المتن الحكائي :
إن حالة التشظي التي تعيشها الذات الساردة منحها القدرة على توظيف نظام الضمائر توظيفا ابداعيا راوح بالاساس بين ضميري المتكلم المفرد (أنا) وضمير المخاطب المفرد (أنت) في سياق من التداعي الحر والمنولوج الذاتي، وهذا يعني اعتماد الكاتب وببراعة فائقة طريقة في القص ونمطا من السرد بما قد أدى وظيفة سماها جيرار جينات " المطابقة بين المروي له والبطل".
ولا عجب في ذلك طالما ان للسارد في فن القص شأنا اي شأن فهو -ليس مجرد صوت ينهض بالسرد فحسب بقدر ما هو شكل وراءه مداليل-والسارد في هذه الرواية يحيلنا الى الصراع الاعمق وهو صراع - البطل مع نفسه-وسعيه الحثيث الى ايجاد نوع من التصالح والسلام الداخلي،وهذا مؤشر على رؤية الكاتب التي تنطلق من ادراك أنّ الانسان رغم صراعاته وتركيبه يظل باحثا عن الوحدة وقادرا على الوصول اليها في النهاية، وهو ما يعطي أملا في الانسان وفي مستقبله .
نحن هنا إذن إزاء شخصية مركبة متصارعة،تعيش صراعها مع نفسها ومع الأخرين بصدق وبقوة،تستطيع من خلالها -في النهاية-ان تصل الى نوع من الوفاق الباطني عبر فعل الكتابة وتنوع دلالتها : ارتعشت الجثة،قد تدب عوامل الحس فيها للجهود ثمرة حان حصادها . مزيد من الحرث ..يأتي الزرع ثماره كل حين(ص 91)
وهذا يعني أنّ الراوي يؤسس لوعي التجاوز،وينجح في تجاوز الذات والمحيط عبر انخراطه في صراع عنيف مع الذات وطرقه لأبواب الخلاص أملا في في الانفلات من كل قيد يشد الى أوتاد الوراء، ولئن توسل بالحلم سبيلا لمساءلة الكينونة والصيرورة فذلك بسبب لحظة الشتات التي يعيشها،شتات الذات الموزع بين الوعي واللاوعي، وشتات الراهن بكل تداعياته المفجعة،الأمرالذي أتاح له القدرة على توظيف"تقنيات" إبداعية راقية تبدأ بالتكثيف والانزياح والإنابة وتصل الى كل ما يتعين فيه الإستيهام في تضاعيف النص،ومن ثمة يجوز القول إن قراءة هذا-العمل الروائي-قد تكون من خلال اللغة التي شكلته أي وراء مقاصد المؤلف،أو وراء الوعي الذي يعتقد أنه يختار اللغة ويسيطر عليها،ذلك أن السارد هنا -أب للنص- الذي أبدعه وليس سيدا عليه،طالما أن اللغة تأتي من اللاوعي،لا من الوعي الذي يعتقد أنه يرسلها، كما لو كان المبدع "الحقيقي" للنص مبدعا اخر،يقتفي اثاره المبدع المفترض و لا يلتقي به أبدا .. لكن يبدو من غير الوجيه ومن خلال هذه -القراءة المتعجلة- مقاربة نص روائي باعتماد المجال اللغوي فحسب،سيما وأنّه قابل للعديد من المقاربات بتوظيف علم السرد والمناهج الشكلانية والإنشائية والسيميائية..لتحليله ونقده .إلا أنّ تركيزنا على الجانب اللغوي في هذه الاسطر،يحيل إلى أهمية اللغة باعتبارها من المداخل المباشرة في النص الأدبي وما ينفتح عليه من آفاق دلالية ورؤياوية شاسعة.
على سبيل الخلاصة :
لم يكن الكاتب حريصا على أن يكتب في آخر روايته تلك العبارة التقليدية التي تشير إلى أن الشخصيات الواردة في النص محض خيال نظرا لما تضمنته من شخصيات واقعية أو بالاحرى مقدمة بمنهج واقعي (ميشال –كلارا– هاماتا ...رفيقة..اسمهان) مثلما هناك شخوص خارجة من ضباب الاسطورة (رحمائيل...عقبائيل) وهاتان الشخصيتان تحيلان إلى المرجع العجائبي الذي يمتح من الخرافة والأسطورة وهو بذلك -ونعني الكاتب- يتماس مع تخوم العالم السحري لأبراهيم الكوني الروائي الليبي الذي إستفاد كثيرا من أصوله التي تعود الى الطوارق (قبائل تعيش في الصحراء الجنوبية) لينتج تخيلات ثرية لا تنسى عن عالم الصحراء، زاخرة بالإشارات إلى عالم الاسطورة والحكايات الفولكلورية والمعتقدات الأرواحية (الإعتقاد بان لكل ما في الكون وحتى للكون ذاته روحا أو نفسا، وبأنّ هذه الروح المبدأ المنظم للكون). الأمر الذي أثرى الرواية العربية وأضاف مستوى لغويا آخر إلى عملية القراءة.
وهذه الإشراقات الإبداعية تتجلى بوضوح في هذا - العمل الروائي- للكاتب المحسن بن هنية الذي إشتغل في "تشكيل عوالم روايته على الميثاقين الروائي والسيرذاتي دون أن يترك المجال لأحدهما كي يهيمن على الآخر" إلإ أنني لا أعرف هل من حقي أن أتساءل ما مدى الترجمة الذاتية في هذا النص ؟ ..
وما مدى المستحيل السردي فيه ؟..
سأترك هذا السؤال جانبا تماهيا مع ما قاله فلوبير-عندما أكّد أنه يكتب عن حياته الخاصة بحرية عندما تكون هذه الكتابة من خلال الآخرين،و أنه لا يحصل على هذه الحرية عندما يكتب عن نفسه مباشرة- ..
ومع ذلك في هذه الرواية لغة طازجة يشعر الإنسان أثناء القراءة بدفئها وحضورها وتوهجها، وقد نجح -الراوي-في الهروب من فخ الخطابة و تمكن من اللعب في المنطقة بين الواقعية وبين الخيالية،ذلك أن في النص بعض مناهج كلاسيكية تبرز من خلال تصوير الأحداث ووصف الشخصيات عبر راو مستقل يستخدم لغة تقريرية هادئة،بينما تتكفل مقاطع من السرد بالإيهام بالجو الفانتاستيكي والحلمي بإعتماد شعرية اللغة،وهذه اللغة هى إحدى ميزات الرواية وأهم مآزقها، فهي رفعت من قيمة السرد وكانت في الوقت نفسه كابحا ومعوقا لتفاعل القارئ مع الحدث وبخاصة في المفتتح الشعري الموحي بالغموض في البداية والذي ما أن يتجاوزه القارئ حتى ينفتح له عالم الرواية وتتجلى له آفاقه.
ملاحظات أخيرة
قد قدّم لنا محسن بن هنية في هذه الرواية تجربة تتسم بالخصوبة والعمق وأفلح عبر لغته الدقيقة والمتماوجة وعبر المواقف المتنوعة بين الحلم والشعر والوصف والحوار وعبر البناء الدقيق والمتتابع مع الإسترجاعات الزمنية التي تغني اللحظة الراهنة،في أن يقدّم لنا إبداعا روائيا صادقا وعميقا يعكس بأسلوب بارع صراع الإنسان وبحثه الدؤوب عن معنى الحياة الضائع ويترجم في ذات الآن مساءلة الذات في تطوافها المضني عبر تجاويف الكينونة وتصادمها المحموم بين رغبة البقاء وحتمية العدم ..
وهو بذلك ضمن لنا متعة الإبحار في عالم إبداعي لا ضفاف له رغم ماتضمنته بعض مقاطع الرواية من أبعاد رمزية يتتطلب فهمها من القارئ مجهودا تأويليا كبيرا ..
*رواية"المستنقع"أو"التحليق بجناح واحد":
المستنقع:رواية هموم المجموعة :
كانت غاية الكاتب من رواية-المستنقع-هي ملامسة الراهن بكل تداعياته المتشعبة،أو بالأحرى تحليل عديد الأطروحات السياسية والثقافية والإقتصادية والإجتماعية من منظور نقدي محايد ونزيه،وقد نحا-المحسن بن هنية-"بمكره الأدبي المعهود "المنحى القائم على حسن استشراف المسالك المحايثة للعملية الإبداعيّة،حتّى يضمن للأثر المنشأ حسن التلقي وجودة التأتّي..
وهذه السياسة الأدبيّة تجعل القارئ عاديا أو غير عادي يسلس القياد ويذعن للنصّ وشروطه القرائية.ولكنّ أمر النصّ آخر..إنّه نصّ الكشف والإنكشاف في ذات الآن.فهو يخترق سجوف الصّمت وبعرّي المستور ويلج بجسارة المسكوت عنه،فتشيع نبرة تجريبية واقعيّة مميّزة في المتن السردي للرواية،تصف الواقع وتشخّص الرّاهن بأسلوب جسور لم يألفه الخطاب السائد، حيث تنبجس من- ضلوع-رئيس التحرير-كلمات رمادية موغلة في الألم ،وكأنّ الوجودية السارترية أو الكاموية قد بُعثت من مرقدها في شكل محليّ ضيّق ولكنه ذو أبعاد إنسانية شاملة:
هناك رهط كالطاحونة التي تطحن رؤوس البشر حتى أبناء عمومتهم أو تطحن حبّات القمح..الأمر عندهم سواء،المهم أرصدتهم في البنوك،النقود مغمّسة في الدّم،في الخل،في البترول،في الحرام،بالنشل،بالسرقة مقابل العرض،مقابل الشرف..القيم،المبادئ،الوطن،الشهامة..الذل..التمسّح..القوادة..المدح الرخيص..في الأخير هي نقود تشتري بها الذمم والضمائر.. ص:128
ولكن..
التستر خلف حجاب الكلمات لم يعد ينفع ،و الخطاب السياسي المتوهّج لم يعد يلهب حماس النّاس -في مثل ليل عربي كهذا-.فماذا يفعل الإنسان-العربي-الباحث عن وتد مستقرّ في زمن لم نعد نعرف فيه الطريق إلى الحكمة،وقد ارتجّت من تحته كلّ نقاط الإرتكاز.كيف يمكنه أن يتجاوز الألم والتشظي في عالم سريع الإنزياح والتغيّر..؟
..إنّ حضور الأسئلة الحارقة ،الأحلام المشتهاة،الإستيهامات والواقع بكل تشعباته يبرز قدرة الكاتب على الجمع بين كل هذا ضمن تشكيل لا يلاحظ فيه أي نوع من أنواع النشاز أو النتوء الفني،بل إنّ كل هذا يوضح،بقوّة،كيف نجح الكاتب في التوفيق الجيد بين الإتتقاء والتركيب في سبيل تقديم نص ذي حس إبداعي يشدّ القارئ من غير سقوط في حذلقات أوتنطعات فاقدة الماء والرواء..
وهذا ما جعل الرواية تتميّز بلحظات مكثفة وذات عمق تصويري آت من مناجاة أو حوار تتبدّى فيهما حالة الشخوص في بحث دائم عن الحرية التي هي أعز ما يطلب في فضاء وفي زمن كل ما فيهما لا يحيل إلاّ على الألم والحسرة،كما يبين ذلك التعبير التالي : "وتيرة الأيّام أصبحت باهتة تتوالى في رتابة مضجرة كحشرجة المريض الذي أزمن مرضه ودبّ اليأس في برئه،...وتحت وطأة اشتداد الجفاف وذهاب الربيع دون زهور أو فراشات ودخول الصيف بوجه كالح ينفث من خياشيمه الهجير..(ص192)
على أنّ أهم ما نجحت فيه الرواية هو قدرتها،في الآن نفسه،على ملامسة الجرح الجماعي والألم العام حتى وهي تقوم على تفريد الأوعاء والحالات.فالرواية تملك عمقها وتميزها من كون الفردي لا يغيب حجم الكارثة الجماعية،وبذلك فهي لا تغرق في بكائية ذاتية مقطوعة الأواصر بالهم العام.
فرغم تقديمها حالات-شخوص،فهي تثير،في ثنايا ذلك،ودون السقوط في مستنقع الأطروحة الفجة،وضع أزمة جماعية ليست الحالات الفردية،مع أهميتها سوى التعبير الأفصح والفجائعي عنها.
ومن ثم،نجد،في الرواية،ذلك البحث أيضا عن البطولة في زمن العيش في مجتمعات صاخبة وزاخرة بالحركة والعلاقات التي أصبحت تقوم-في غالبها-على الزيف والقناع.
وكل هذا يبيّن أنّ الرواية قادرة على تقديم الصورة ضمن بعدها الإشكالي حيث لا مجال للحكم الواحد-الوحيد.فالكل قابل للمساءلة وإعادة النظر حتى ولو أوهم بالوضوح والسكينة.إذ لا مجال هنا للوثوقيّة والإنغلاق من منطلق أنّ"النصّ الأدبي ملتبس ومتعدّد المستويات ومتعدّد الدلالات وإرجاعه إلى دلالة واضحة وشفافة يقود إلى إلغائه كنصّ"
النصّ الجمع :
استدعت الرواية نصوصا تراثية وأشكالا فنية متنوعة وتمكنت من صهرها بطريقة محكمة جعلتها تكوّن وحدة لانشاز فيها من غير أن تفقد هذه الأشكال تميزها فكأنّها"تتجاور وتتلامس وكأنّ بعضها يذوب في بعض.." فإذا بالنصّ القرآني يتلاحم مع السرد:فالمقرئ يقرأ القرآن،والآيات تنساب انسيابا"إذا الشمس كورت.وإذا النجوم انكدرت.وإذا الجبال سيرت..."والنص التاريخي ينصهر في الوصف فإذا بالمسجد الأقصى ينتصب شامخا يوحي للقارئ بالآفّاقين أو جنود الإحتلال الإسرائيلي الذين يطوّقون هذا المكان المقدّس،ولهؤلاء المحتلين أخبار وحْده النّص التاريخي كفيل بضبطها فيقع استحضاره.وتنفتح الرواية على فن العمارة فتشاهد مساجد ومآذن وأزقة عتيقة،وتوظف فنون المسرح فيما يُعرف بخيال الظل،وتستدعي الفنون الشعبية فإذا بك في جو" الحضرة"والأعراس والأغاني الشعبية.
إنّ تمازج هذه النصوص والأشكال الفنية في النصّ الروائي الواحد يعطي التجارب الروائية الجديدة تميّزها وطرافتها ويبعد عنها شبح الرتابة ويخرجها من سلطة النص الواحد إلى رحابة النص الجمع مكمن النصّوص المتنوعة حدّ التناقض المتآلفة فيه حدّ الإنصهار.ولمَ لا تكون نموذجا للتعايش والتكامل في إطار التنوع والإختلاف في عالم قوامه الصراع والتنافر.
وإذن؟
تبدو لنا،إذا رواية"المستنقع" غير مكتفية بالإنفتاح على روائيتّها،تحاول الإغتناء بذاتها.ورغم أنّ الروائي قد طغى على الميتاروائي فإنّ هذه الرواية يمكن أن تدرج ضمن اتجاه من الروايات الحديثة يؤمن بإزدواجية الكتابة بإعتبارها موضوعا وتأمّلا في الموضوع،وهو اتجاه ينطلق من ادراك حاد بصعوبة الكتابة ومسؤوليتها،فثمة أسئلة عديدة تتعلّق بالإبداع وبماهية الكتابة ووظائفها ما زالت مطروحة في عصر تتهاوى فيه الأنساق وتطرح كل الثوابت..
في الختام قد لا أبالغ إذا قلت أنّ الرواية قد أبانت عن قدرة متميزة لدى كاتبها تكشف عن حذقه الكبير في بناء العوالم السردية رؤية وكتابة والإمساك بمختلف منعرجات الفن الروائي وتنوعاته مع صبر طويل في التعامل مع هذا الفن بما يستلزم من دراية وخبرة.
ومن ثمّ،نستطيع أن نلمح أنّ القراءة المستعادة لهذا-المنجز الإبداعي-لا يمكن إلاّ أن تحمل معها إضافات متجدّدة تكشف عن زخم النص وقدرته على إسثثارة الإعجاب المتلذّذ وإثارة الأسئلة المؤرقة والعذبة في ذات الآن.إنّ حرارة الكتابة وتقلبات الحكايات بين تفصيلات الواقع الدقيقة وشطحات الخيال والإستيهام التي تتلبس صورة هذا الواقع تلبسا ممعنا،تنتقل عدواه إلى القارئ دون مطبات فنية أو تشويش تقنوي مفروض.
وبذلك،تكشف الرواية عن غنى الإختيار السردي وعمق المسار الكتابي لدى بن هنية،لا في منجزه النصّي فحسب،بل كذلك،في محتمله الإبداعي الواعد،الشيء الذي يوضح أنّ الأمر لا يتعلّق بنزوة عابرة ولا بعشق للتقاليع،بل بإمتلاك الصوت تفرّدا وصدى..
*"الزهرة والخريف"(مجموعة قصصية)
اللعبة السردية عند المحسن بن هنية :
الراوي الذي يتحدّث إلينا في هذه القصص شخصية متخيلة، لا تكاد تختلف عن أي شخصية من الشخصيات المتخيلة التي تعرضها علينا القصة، الإختلاف الجوهري الوحيد أنّ حضور شخصية الراوي في قصة-المحسن بن هنية-حضور محوري،يتغلغل في دقائق النسيج الذي تتألّف منه القصة، ونستمع إلى صوته وملاحظاته عند كل منحى، إلى الحد الذي تصبح معه القصة وراويها المحدث أمرين متلازمين، لا وجود لأحدهما ولا معنى دون وجود الآخر .
ليس لكلمة "القارئ " أو "القراء" التي رأيناها كثيرا في كتابات -بعض الكبار -أمثال طه حسين أي ذكر على الإطلاق في قصص المحسن بن هنية،ومع ذلك فحضورنا - نحن القراء-حضور فادح في عالمه القصصي .
هناك خطاب ضمني موجه إلينا على الدوام، نستشعره في كل كلمة وكلّ جملة، ولا ندرك كنهه أو سرّه في القراءة العجلى، ولكننا سرعان ما نكتشف أنّه ليس مجرّد خطاب ضمني غامض، بل خطاب صريح له شواهده اللغوية التّي لا تخطئها العين، وأبرز هذه الشواهد ضمائر الخطاب التي تتخلّل بعض الجمل وضمائر جماعة المتكلمين التّي تضمّنا مع الرّاوي في صحبة واحدة وإزاء متعة ومسؤولية مشتركة..صحيح أنّ الراوي في هذه القصص نادرا ما يكون شخصية رسمية من شخصيات القصة، يروي قصتها هي بضمير المتكلّم، أي أنه نادرا ما يكون راويا مشاركا في الحدث، لكنه أيضا لم يكن صورة من المؤلف المحسن بن هنية، إنه راو مراقب في الغالب، يشترك في بعض الأحداث بشكل طفيف، لكن دوره يتجاوز كثيرا دور المراقب التقليدي، لأنه أولا - يوجّه خطابه إلينا، ويهتم اهتماما بالغا، بإقناعنا وتشويقنا، ولأنه ثانيا - يشركنا بعمق وحرارة الرؤية والإكتشاف، فنصبح وكأنّنا نحن الذين رأينا واكتشفنا .
نحن والراوي شركاء في الرؤية والإكتشاف والراوي في قصته يبدو على نفس درجة الدهشة والتشوق التّي تعترينا. هذا التراوح بين وجود الراوي داخل القصة، الذي يقترب أحيانا من حضور المؤلف بشخصه على مسرح القصة، وبين وجوده خارج القصة يلعب دور المراقب .
وذلك التردد الذي ينتاب القارئ في إدراكه لحضور الراوي : بين المرور النائم الغافل عن صوت الراوي المحدث، والمستغرق في حرارة القصة المشوقة من ناحية، وبين الإدراك الفادح للشواهد اللغوية الدالة على حضوره من ناحية أخرى - هذا التراوح و ذلك التردد هما سرّ اللعبة السردية عند المحسن بن هنية..
لعبة "الحديث" المركبة هذه،هي جوهر السرد عند هذا القاص،والعنصر التكويني المطرد في كل ابداعاته تقريبا،خاصة قصصه القصيرة،على اختلاف تنويعاتها،لكن ما ميّز قصص هذه المجموعة، ليس الحبكة الكلاسيكية المعروفة،ولا نوعية الحوادث والشخوص التّي يختارها،ولا نوعية اللغة التّي يستخدمها فحسب، بل إنّ ما ميّز هذه القصص قبل هذا وكله وفوق هذا وكله،هو صوت الرّاوي المحدث، قد تختلف أبنية هذه القصص : من الأحداث المختزلة،إلى الحكايات الإستطرادية المطولة،إلى نموذج القصص التحليلي،إلى نموذج القصص الشيكوفية ذات النهاية المفاجئة والمريرة في سخريتها.. إلخ.ليس لهذه القصص شكل واحد،أو حبكة وحيدة تخضع لنموذج مسبق، فالنموذج الوحيد الذي تخضع له كلّ هذه القصص تقريبا هو طريقة الحكي المخصوصة هذه،وما قد ينتج عنها من بنية واختيار خاص لنوعية الحوادث والشخوص واللغة .
لقد تناول المحسن بن هنية في هذه المجموعة موضوعات متباينة، وبيئات متتعددة وشخوصا من مستويات طبقية ومراحل عمرية متنوّعة (المعدم -السائحة الأجنبية - الكهل -التاجر- الجندي المقاتل.. إلخ) لكنك حين تقرأ هذه القصص المتنوعة تشعر أنك إزاء رواية كبيرة متعددة الفصول، أو ملحمة متعددة الحلقات، يقف على رأسها هذا الرّاوي المتحدّث بطريقته المخصوصة في الحكي.
من المؤكد أنّ الرّاوي عموما، أوالوسيط الذي ينقل الحكاية إلى القارئ،أمر بالغ الأهمية في كل سرد، بل إنه سمة نوعية تميّز السرد عن غيره من أنواع الأدب،هذا ما يؤكده شتانزيل،الذي يؤكد ايضا أنّ كلّ ابتكار في فن السرد عبر التاريخ،وأنّ كلّ الروايات الكبرى- من ترسترام شاندي إلى يوليسيز .. إلخ، قد أولت عناية خاصة لهذا الوسيط الناقل للحكاية . وركزت كل ابتكارها فيه .
غير أن لكل كاتب طريقته في العناية بالراوي أو الناقل أو الوسيط. وليست مسألة الراوي مجرّد مسألة من مسائل الشكل يعنى بها النقاد الشكليون أو علماء السرد،بل هي عنصر من أهم عناصر السرد الحاملة للمعنى بذاتها،إنّها العنصر المرن المراوغ الذي يقف على الحدود بين العالم الأدبي المتخيل داخل القصة، والعالم السياسي الإجتماعي الثقافي خارج القصة.
على سبيل الخاتمة:
وقفت بنا النصوص أمام تحليل لأعماق الأشخاص وكشف لرقيق مشاعرهم وتوغل في ثنايا واقع ملتبس برؤية منهجية واعية.في النصوص كذلك تركيز على الزمن النفسي وتوظيف لتيار الوعي بتداخل الإسترجاع بالإستحضار مع توهج مثير لأسئلة عبر حوارات ذاتية وشخصيات مركبة تؤدي-في بعض الأحيان-أدورا غير عادية،ساعدت على إدهاش المتلقي،للوصول به إلى نهايات النصوص المفتوحة التي تطل على تأويلات غير محددة.ومن هنا حمل-المحسن بن هنية-على الذائقة الفنيّة التقليديّة دون هوادة وأرسى دعائم مشروع تحديثيّ في الكتابة بكلّ أبعاده ومستوياته.
يمكننا القول أخيرا: إنّ الأدب ليس قول ما يرد على شاشة الذاكرة وتنبض به دقّات القلب،ليس مجرّد تلاعب بمفردات وشخصيات يحركّها الكاتب،إنّها كل ذلك معجونا برؤية خاصة ثاقبة،وذوق سام،وبأسلوب لا يشير إلا إلى صاحبه،في تلاحم خلاّق بين الإحساس والإدراك لمجمل مفاصل العملية الإبداعية التي تجسّد نبض الحياة وهذا ما تمكّن منه المبدع"المحسن بن هنية"بتميّز واضح..
ولنا عودة إلى منجزاته الروائية المتعددة في مقاربات أخرى..

محمد المحسن



 

 ......الى عدويه الشريف..... بقلم الكاتب هاشم ..عباس

 ......الى عدويه الشريف.....

وانا استمع
لصوت مجنون بحب
الشعر ...ونزعته النزاريه
انت نغم موسيقى
...شرقيه ..تعبث بالاوتار...
فيأتي الصوت ...بجماله
كحلة ...شعر غجريه
يداعب ...الريح ..
وحركة الجسد ..الوثنيه
انت يا عدويه ..اخذت
السمع بعيدا ...ليستقر
عند.قراءة صوفيه ....
......هاشم ..عباس ....١٩ ...٥...٢٠٢٣ الخميس

 


الأيام التكوينية لمكافحة الادمان في الوسط المدرسي بحاجب العيون جمعية الاجتهاد تصنع الحدث بقلم الكاتب محمد علي حسين العباسي

 الأيام التكوينية لمكافحة الادمان في الوسط المدرسي بحاجب العيون
جمعية الاجتهاد تصنع الحدث
عاشت مدينة حاجب العيون علي مدار يومي20 و21 ماي الجاري علي وقع الايام التكوينية لمكافحة الادمان في الوسط المدرسي وذلك بتنظيم من جمعية الاجتهاد ودار الشباب بحاجب العيون خاصة بعدي تفشي هذه الظاهرة كثيرا بمختلف المؤسسات التربوية الوطنية والجهوية والمحلية...هذا ولقد شهد اليوم الافتتاحي استقبال المشاركين من مختلف الولايات وبحضور مديري للمؤسسات التربوية بحاجب العيون وثلة من المسؤولين المحليين وثلة من التلاميذ حيث كلمة الافتتاح من وريدة بوعلاقي رئيسة جمعية الاجتهاد ثم كلمة المندوب الجهوي للتربية بالقيروان محمد المسعدي...هذا وتم وضع الخطوط العريضة لبرنامج التكوين الي جانب مداخلة علمية حول عالم اامخدرات والادمان وفي اليوم الثاني والختامي تم تقديم ورشة عمل من طرف خلية الانصات وفتح باب للنقاش ووضع الخطوط العريضة والمستقبلة لعمل الخلية من أجل انجاح هذه المبادرة لأهميتها عالميا ووطنيا لمقاومة المخدرات  مع دعوة المؤسسات التربوية والمجتمع المدني وكل الأطراف المتداخلة ولم لا التفكير في بعث خلايا انصات بمختلف المؤسسات التربوية والثقافية والشباب واستقطاب الشاب ليكون فاعلا..
* محمد علي حسين العباسي

 

صباحُ الشَّوْقِ بقلم الشاعر محمود بشير

 صباحُ الشَّوْقِ

صباحُ الشوقِ للوطنِ السليبِ
        وحُبٌّ مِنْ مُحِبٍّ مِنْ حبيبِ

وشوْقٌ ظَلَّ في الوجدانِ يغْلِي
  يثيرُ الوجدَ في الظرفِ العصيبِ

ونارُ الشوقِ يحييها نُزوعٌ
        لِدَرْءِ الغدرِ والشّرِّ الغضيبِ

نعيدُ القدسَ والأقصَىٰ ونُقْصِي
  (ضِباعَ الغَربِ) بالسيفِ اللهيبِ

محمود بشير
2023/5/27

الجمعة، 26 مايو 2023

همسات ــــــــــ الشاعره فاتن الانصارى


 همسات

كلمات الشاعره/ فاتن الانصارى
اشتقت اليك وسأظل اشتاق
لا للوحده وسأنهى الفراق
فبرحيلك ترحل سعادتى
فلما تعلمني حبيبى الفراق
يانبض روحى أحببتك
يا من علمنى الهوى
واضأت قلبى وكياني
ايا حبيبى اتقتلنى حبا
ام بخمر العشق اسقانى
ففاح عطرك بداخلى
فلهيب الشوق اشقانى
يا همسات تزلزل مشاعرى
يامن فى الحياه ابقانى
ايا من أثرت زوابعى
فجعلت عشقك بركاني

حنين ــــــــــ سعاد محمودي


 حنين

يسيل من العين...
لعاب اشتياقي..
إلى نور صبح..
يثير اشتهائي..
إلى سوسنة من حنين..
تنادي الضّياء ..
تعلّمتُ منها ..
اغاني النًدى..
وهمس الاماني ...
لابواب المدى.
و ماجت أمامي..
عذوبة الصّبا..
تدغدغ ذكرى الورى..
حساسين تسبق الشّوق..
تطير إلى السّماء.
فتطرب سمعي
بأصوات ماض..
لعبنا اذا ما الصًبح جاء..
لهونا كبسمة تعرّت..
تغازل أشرعة الصّفاء..
اذا ما غزاها ..
على نبع الهوى..
بعض لحن نردّده سوى..
لقد كان للشمس بريق..
يقبّل وجنات الرّضا..
سعاد محمودي