"دُوله تلوّجْ على راجل"
بقلم نصر العماري
الغريب أنها لم تكن تعاني من آلام الظهر ولا من آلام الركبتين .ونادرا ما كانت تشعر بآلام المعدة ،حتى آلام الحيض كانت تتأقلم معها تُكثر من مشروب الخزامى وتلوك علك اللوبان المرّ فتتيسر حالتها. وماهي الا سويعات معدودات لكن، هذه المرّة الأمر مختلف معها، فلم تعد عادتها كالعادة . حتي لما كانت تحت مسيو فرنسوا ، لم يكن يعتريها ما يعتريها الآن فبصرها قَصُرَ و اعتراها حول فضيع و هاهي تشتكي أوجاعا في الحدقة وفي الشبكية و تحس وكأن عصبها البصري فقد احساسه واصبحت ترى المشاهد مقلوبة مشدودة الى الخلف فمنذ مدة وأعصابها لم تعد تتحمل
كما كانت تتحمل وقد اعترت أطرافها رعشة وتيبست أصابعها اليسرى ولم يبق منها إلا الابهام ...
عرضت نفسها على الكثيرين ... لكن لا أحد استطاع ان يشفي غليلها ... فكل الذين كشفوا وفحصوا ومحّصوا أكّدوا أن علّتها لم يتعرّض لها أهل الاختصاص من قبل... فهذا الذي يجثو على صدرها و يوشك كتم أنفاسها ويكاد يدكّ عظامها ويعطّل تدفّق الدّم في عروقها ويحصر خروج البول منها ويجعل انفها يرشح وجسمها ينتفض سعالا ويستعر حمّى ، مرض ليس كالمرض ....
واختلفت تقارير التشخيص فهناك من يعتقد انها تعاني من شلل النّوم وثمّة من يُجزم أنه جني الليل وآخر يقسم ويؤكّد أنه الجاثوم أو أبوغطغاط ، وهو من فتك بها وخفّض مستوى سكّرها وكسر صفائح دمها وفعل ما فعل ... ووصفو ا الدواء وأحضروا العقاقير وحقنوا وشرّبوا ودلّكوا لكن دون جدوى...
وبعد كل الذي منه، تبيّن أن بُوتليسْ جاثم على صدرها ...وما من أحد يحسّ ماكانت تُحسّ وأشاعوا الخبر "دُوله تلوج على راجل "...
دُوله ، كغيرها من النّساء ،من حقّها أن تبحث عن رجل. وهي لا تستحي من ذلك، بالرغم من أنهم قالوا عنها الكثير صدقا وكذبا...
يقولون أنها ما عاد يحلو في عينيها أحد ، بعد الأول . ويقولون أنها تزوّجت الثّاني غصبا والثالث صدفة والرابعة والخامس وغيره ... ويتندّرون .
لكن ذلك لم يكن يُحرجها . بل كانت تبتسم و هي تقول : سنّة الله في خلقه مازلتُ صغيرة و"نقد ّ حتى عشرة "...
لكن العارفين بها والمقرّبين منها يعرفون أنها تخفي غصّة فقدانها للأول،
هذا الذي تكنّ له عشقا وهياما ، فقد دلّلها واعتنى بها حتى اأصبحت مضرب الأمثال في الأناقة والحذاقة والرقيّ بين بقية النّسوة رغم أن قوامها لم يكن فارعا ولا كانت بنتُ حسب أونسب، فهي قصيرة الطّول ، نحيلة الجسم، قمحية البشرة لكنّها حلوة الملامح عذبة الابتسامة . ولعل ذلك من دواعي شغفه بها ... ومازالت كلّما حدثوها عن الرجال تتنهد وهي تردد "الله يرحمو الأول ... ماكيفو حد " ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق