الأربعاء، 29 مارس 2023

حين يمارس  الشاعر التونسي القدير جلال باباي إكراهاته على القصيدة   بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 حين يمارس  الشاعر التونسي القدير جلال باباي إكراهاته على القصيدة  

"ليس الشعر أن تقولَ كل شيء،بل أن تحلمَ النفس بكل شيء.." (سانت بوف)

لطالما آمنت باختلاف قلمه وتميز حرفه..
وبالرغم من أنني قدمت قراءاتٍ سابقة متواضعة جداً لبعض نصوصه ..إلا أنني اليوم أقف أمام نص مختلف نوعاً ما ربما من حيث الإحساس والصورة بشكل خاص ...
وكما في كل نصوص الشاعر التونسي القدير جلال باباي نلمح الوحدة العضوية في القصيدة فنتلقاها عملاً فكرياً وشعورياً متكاملاً،وليست محض أفكار مبعثرة ...
وللشاعر طقوسه المتميزة في انتقاء المفردة ليرسمَ من خلالها أعذب المعاني وأجملها وأعمقها..
ولعل ما يميز القصيدة السردية لدى جلال باباي -في تقديري-هي تلك الروح التي تنهض بالشعر عاليا ليعانق بروحه الكون بكل جهاته,ليكتبَ السرد لوحات حية متحركة،تُرسم فوق السطور بريشة رهفة الألوان طرية الخطوط ماتعة السرد قريبة للقلب .
دون أن يقصد يخط المجاز قويا بما يرسم دواخله فوق البياض أغنية مُثلى وموال،من مواويل الحياة,تنهض عاليا لترفرف بأجنحتها في سماء الأدب وفي فضاء الشعر الفسيح وهي تتلألأ بفرادة المجاز و فرادة العتبة الأولى وجمالية اللوحات التعبيرية فيها،ورهيف المعنى الموجه بقوة للقارىء،وبحب شديد لعالم الشعر وجمال الإنسياب الشعري وصولا للخاتمة الدهش..

تكتبني القصيدة
أتمنَّى لدثارها َ أنْ ينزلقَ
 بين كفٌِ اليد وخِصْري النائم
هي قصيدتي تلازمنيِ موسما خامسا
 تكتبني كل يوم الف مرٌة
قبل أن يتصلٌب فمي
سانصب ِللْخَوَنة شراكا
بيني وبين دمعتي المحترقة  
سأعيدُ سلالات النوٌار الدمشقي
قبل أن تدنٌسها أقدام الجهلوت  
ادلو بفرحي المنتظر
صوب المدينة التائهة
وليغدُ وجهي
 وشما أبدياً في النوافذ
سوف تكتبني لا محاله
قصيدتي الوديعة
ذكرى ميلاد جديدة.
(جلال باباي)

إن  الشاعر هو أكثر الناس إحساسا وأرقهم مشاعر واكثرهم استشفافا ( للصمت) وأكثرهم عمقا إن أجرى قلمه ليسطر هكذا جمال يسلب اللب ويحبس الأنفاس ويجعل القارىء يتماهى طربا مع النص.
أختم قراءتي البسيطة هذه الملقاة على شاطئ يم القصيدة وهي قاصرة بكل تأكيد إلا أنها جاءت من وحي ماقرأته روحي في هذا النص الباذخ بالجمال والمتبل بالنقاء والأسلوب السلس والالفاظ الفخمة واضفاء الجو الدرامي الرومانتيكي الأنيق..
أختمها بالتحية لشاعر من نوع نادر وصاحب قلم عذب يبدأ الكتابة فتنهمر عليه المعاني تتسابق ليعطيها مكانها ومكانتها بتمكن فريد ورقيق ..
تحية محبة وإجلال ..إلى جلال..

محمد المحسن



 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق