عُوْدَه والدكتورة جِيهان .. رواية / رضا الحسيني (20)الفصل الخامس {العريس }
أن تناول عُوْدَه معنا إفطارا خفيفا دخل فراشه للنوم ، و بقيت مع أُمي التي لم تستطع الصبر أكثر من ذلك ، فمنذ دخولي البيت في الصباح
و هي تصبر قليلا وتلاحقني قليلا لتعرف مابي ، وعبثا ضاعت كل محاولاتي لتأجيل الحكي معها
_ يلا احكيلي مش هصبر أكتر من كده
_ أحكيلك إيه بس يا أُمي ، موضوع تافه خالص _ صح فعلا مِصدقاكي ، تافه خالص خلاكي ترجعي مِتعصَّبة كده
_ ما انتِ عارفة الزمالة في الشغل بينتج عنها حاجات كده بعض الأوقات
_ مين هو و عمل إيه ؟
_ دكتور زميلي من المجموعة اللي بتستلم مِننا الصبح ، اتعود يكون قبلهم كل يوم بنُص ساعة أو اكتر
_ و بعدين ، حصل منه إيه ؟
_ مش حصل منه هو ، هو بس بيحضر بدري و يتابعني من بعيد ، و أنا بعمل نفسي مش واخدة بالي
_ و النهارده حصل إيه ؟
_ النهاردة لقيت الممرضات بيعملوا حاجات كده تلميح عني و عنه
و يضحكوا ، و لما انتبهت لهم سِكتوا فورا وانصرفوا بسرعة
_ زِعلتي من اللي عملته الممرضات يعني ، مش من زميلك
_ و هزعل منه ليه هو يا أُمي ، هو أكيد بقى عارف أخلاقي ، و مستحيل يفكر يتصرف بشكل يضايقني
_ و انتِ ؟
_ أنا إيه يا أُمي ؟!
_ عاوزة إيه ؟ ناوية على إيه ؟
_ و لا حاجة ، أنا حبيبي نايم قُصادي أهو هههههه
_ جِيهان !
_ يا أُمي يعني عاوزاني أروح لحد عَنْده أطلب منه يتجرَّأ و يكلِّمني !
_ أيوه أيوه ، كده فهمت كل حاجة ، يعني عاوزاه يتجرأ هههههه
_ بُصِّي حبيبتي ، مش هيتجرَّأ إلا إذا حَسْ مِنك إنك عاوزاه يتجرأ ، تمام ؟
_ تمام يا أُمي ، كفاية كلام بقى في الموضوع ده ، مش عاوزة حبيبي يقلق
و يصحى
و كما هي العادة أيقظتنا أُمي في العصر لنتناول معا الغداءَ الشهي الذي يُحبه عُوْدَه كثيرا و كما طلبه منها بالأمس ، المسقَّعة باللحمة المفرومة و الأرز الأبيض و الجرجير ، منذ مجيء عُوْدَه لحياتنا و بيتنا لم تعد أُمي تسألني ماذا نأكل في الغد ، صارت فقط تسأل عُوْدَه
بعد الغداء كان كوب الشاي الجميل كالعادة من اختصاصي أنا ، فأُمي دائما تضحك وتقول :
_أنا بحب أوي أشرب الشاي بعد الغدا من إيد حد غيري ههههه
_ قولي بقى عاوزة تشربي الشاي من إيدي
_ من إيد بنتي حبيبتي الدكتورة
دَقَّ جرس الباب حين كنت أضع صِينية الشاي أمام أُمي
، ارتبكنا ، فنحن لا ننتظر أحدا ، ولا يأتينا أحد في مثل هذا الوقت الذي يقترب من السادسة مساءا ، و كاد عُوْدَه أن يُسرع نحو الباب يفتحه و لكني أمسكت به بهدوء ، فأدركَ أن هُناك أمور يجب أن نفعلها أولا قبل أن نفتح الباب ، و كان هذا درسا جديدا يتعلمه مِنا هُنا ، دخلتُ أنا و عُوْدَه بسرعة لغُرفتي و معنا صِينية الشاي ، و فتحتْ بعدها أُمي الباب ، و أنا
و هو نقف بمُنتهى الصمت خلف بابي لنعرف مَن الذي يدقُ باب شقتنا
_ السلام عليكم يا أُمي
_ و عليكم السلام يا ابني .. مين حضرتك ؟
_ مش دي برضو شقة دكتورة جِيهان ؟
_ أيوة يا ابني و مين حضرتك
_ دكتور ماجد ، زميلها في القصر العيني
_ أهلا بيك يا دكتور ، اتفضل حضرتك
دخل ودخلت معه في قلبي وعقلي كل الأشياء ، دكتور ماجد عندنا !
يا ترى جاي ليه ! هل هُناك أمر ما في المستشفى حدث و يحتاجونني قبل موعدي ؟!
_ جِيهان .. جِيهان
_ نعم يا عُوْدَه مالك
_ هو دكتور ماجد ده بتاعنا ؟
_ أيوه هو
_ بس ده مش بيحبني ، أنا مش هخرج من غرفتك خالص لحد مايمشي
_ و لا أنا هخرج يا حبيبي ، و ما تخاف ، مفيش حد هيقدر يضايقك تاني
_ أنا بحبك أوي يا جِيهان
_ يا حبيب قلب جِيهان
_ هو جاي عشان ياخدني تاني المستشفى ؟!
_ لالا محدش بيعرف إنك هنا معانا ، اطمن
جاءت أُمي بمنتهى السعادة تُخبرني أنه جاء يطلب يَدِي مِنها ، نزل الخبر على رأسي و روحي كالصاعقة ، و بقيت مذهولة أتساءل مع نفسي
{ كيف يأتي لبيتي دون أن يخبرني ؟، كيف بهذه السرعة يُقرر أن يتزوجني دون أن يسألني ، ألم أكن معه في الصباح ؟} و حاولت أُمي معي كثيرا أن أخرج لأقابله و أسمع ما يقوله
انتظروا غدا عُوْدَه والدكتورة جِيهان