الثلاثاء، 21 سبتمبر 2021

قراءة بعنوان بين الرمز والتاريخ تتموقع التيمة وتأريخ الخيبة للقصة القصيرة (صفقة) للقاص السوري (بشير حمد) بقلم الناقدة سهيلة حماد

 قراءة بعنوان بين الرمز والتاريخ تتموقع التيمة وتأريخ الخيبة للقصة القصيرة (صفقة) للقاص السوري (بشير حمد)

Azad Basheer Hamd
* العتبات:
العنوان: الصفقة: مفردة لملفوظ ورد في نص أدبي محير مثير، فالصّفقة في الأذهان ترتبط عادة بعالم المادة والمال والأعمال، أو السياسية، المعروف عن الصفقات أن بعضها ا يبرم في العلن والبعض الآخر يتم في الكواليس تحت الطاولات، أهي صفقة حقيقية؟ أم هي أيقونة دلالية حاملة لتيمة القصة ورافد من روافد الفكرة؟.
فأي معنى إذاً سييتداوله النص يا ترى؟ خاصة أنّ العنوان يعتبر نصّا موازيا وبوابة عبور...
دعونا نمر إلى الاستهلال علّنا نجد بصيص أمل يشفي غليلنا ويبدّد حيرتنا: "زحف نحو النّافذة واستند بكلتا يديه على حافّتها وبعد جهدٍ رفع جذعه الأعلى ليستقرّ على كرسيّه أطلّ برأسه على السّاحة الّتي تتحلّق حولها البيوت كما تحيط إسوارةٌ بمعصم" كما هو واضح فإن المقدّمة لا تنير العنوان بقدر ما تسلّط الضّوء:
- على الحركة البطيئة للشخصيّة التي يظهر عليها الوهن من خلال الجهد الذي بذلته لترفع جذعها نحو الأعلى لتستقر على الكرسي لتتأمل في :
- المكان المركّب من ساحة وبيوت محيطة به شبّهها بإسوارة تحيط بمعصم وبالتالي من خلال الصّورة الشّعرية الاستعارية تتبدى لنا قيمة المكان وخصوصيته وأبعاده النفسية من خلال رمزيته سواء كان ذلك عن قصد أو غير قصد بالنسبة للسارد أو القاص أو بالنسبة للشخصية، ويتبدى لنا ذلك من خلال استدعاء السارد للفظي (إسوارة ومعصم) ليستقر بذهن القارئ إسوارة ثمينة تزين معصم حسناء جميلة...
مقدّمة كفاتحة شهيّة تضمر أكثر ممّا تظهر تزيد في توتّر المتلقّي، وتزيد في فضوله لمعرفة هذا شبه العاجز المعوّق يزحف بمفرده يؤنسه كرسيه كجندي يتخفّى من العدوّ يطلّ من نافذة، ليتأمل في فضاء يسكنه الخواء. يوحي المشهد أن السّارد يهيء الشّخصية لاستنطاقها لتستعرض موقفا ما أو حدثا لتشريكنا معه. أمّا عن الخاتمة فقد كشفت لنا أنّ الرّجل مسنّ، سجين واقع مرير، واقع بين غربة المكان والزّمان ووهن الجسد، مغلول بأساور من حديد، تمنعه من الطيران، فاتته فرصة الهجرة إلى الضّفّة الأخرى ضفة الغرب، بدا كأنّه تعرّض لخيانة من المكان والزّمان والأرض التي عشقها، كان يتوق إلى نور الشمس ودفئها، إلى أن صدئت عظامه وأصيبت بالخشونة، كما تصدِئ الرّطوبة الحديد فتصلّبت وتيبّست.
بعد استنطاقنا للاستهلال وللخاتمة، لاحظنا شدّة ارتباطهما، ذلك أنّ الاستهلال ما هو في الحقيقة إلا نتيجة ونقطة النهاية لكينونة ذات تجرّم المكان والزمان، كان يمكن أن تكون خاتمة، تذكّرنا بالقصص والرّوايات البوليسية حيث تستهل الرواية فصلها الأول بحدوث جريمة، في حين أنهما أي المقدمة والخاتمة لم يتمكّنا من التقرّب من العنوان لذلك عدنا نجر أذيال الخيبة عازمين على مواصلة السير ومواصلة رحلة الكشف عن لغز الصّفقة.
ج١
الملاحظ أن المصطلحات والمعاني التي تم استدعاؤها لتعبئة الفراغات، تشي بحواجز نفسيّة ومادّية، تفصل الشّخصية الرّئيسيّة سهيل عن المكان، كأنّ المكان يرفض احتضانه من جديد بعد مضي الزمان يضارع الفضاء ويأبى الصّلح والتّصالح أيضا، كأنّه ينبئنا بخصومة ما، وبصراع ما زال قائم الذّات، كأنّ السّنين لم تنجح في محوها "شعر بانقباض" "فتح فمه بحثا عن نسمة هواء"، "لايفصله عن السّاحة سوى هذا الشّريط الصّدئ وماسورتين من الحديد تنتصبان أمامه"، كما احتشد الزّمان في زمن الأفعال الماضية، والحاضرة، بين ماض وحاضر ، وفي ظروف الزمان مثل (هذه الّليلة القائظة، والآن، وذاك زمان)، وفي النّواسخ شبه (كانت)، وفي اندثر وانقضى، ك(ولّى ولن يعود،)، لكن الصّفقة تطفو وتعود، بدون استئذان، لا يفلح معها، تعمّد النّسيان، متجاوزا كلّ الصّور البلاغيّة الببسيطة، معانقا المفهوم البصري والسّمعي عبر توظيف الحواس كالبصر والسّمع والإحساس الدّاخلي، مطلقا العنان للحفر في أغوار ذات مهزومة، مقهورة، تقديما للحديث عن أوّل صفقة.. "وحدها ذكرى الصّفقة الأولى تعود كلّما حاول نسيانها". ويلوح من السّياق أنّ الأزمة كان سببها صفقة بوزن الصّفعة، ومع التوغّل في النّص تكرّرت وتكرّرت... معها الخيبة وراء الخيبة... بمكر طلب منه نزار الولد الخبيث صاحب "الجزمة الجديدة" بأن يحمله من ساحة المدرسة إلى باب بيته على ظهره مقابل قرش.
٢
بوليفونية الأصوات
بعد صمت رهيب كصمت القبور في العتبات، تدب الحياة خارجها، داخل النص من جديد عبر ثقوب ذاكرة مترهّلة، تلملم شتاتها تشوبها الخيبة في كل محطة. يعلو الصّخب،يأتي الكلّ من كلّ حدب وصوب تعجّ السّاحة تارة بالأطفال، وتارة أخرى في مكان ثان بالأحزاب اللاهثة وراء المناصب، يكثر النّفاق وعدْو الرّفاق والارتقاء على ظهور أشباه البغال ترفع شعارات على أعناق ضعاف الحال، مستنزفين طاقاتهم وقدرتهم. وبعد تحقيق مآربهم يديرون ظهورهم لمن كان سببا في صعودهم ويلقون لهم عظما ينشغلون به...
يتعالى ضجيج سمفونيّة من الأصوات، تختلط فيها اصوت العامّة بأصوات الخاصّة، تلك الأخيرة التي يمثّلها الطّفل الذي يبدو ينتمي لطبقة أرستقراطيّة أو للبرجوازية الجديدة المسمّى (نزار الولد الخبيث) تلك البرجوازية من الوصوليين والانتهازيين الذين يغرزون أظافرهم في رقاب أبناء الشّعب، يمتصّون دماءهم وسط تصفيق أبناء الكادحين من القطيع، ببلاهة الجهالة حينا ونتيجة الخوف حينا آخر، حتى وإن كان غير مبرر، أولئك المساهمون في تكبّر وتجبّر الفرعون ينظم لتلك الأصوات صوت الطّاحونة لما في الطّاحونة من رمزيّة- لقوة دفع الرّيح ولصيرورة الزمن ولتكرار الفعل الدّائري وللثورة وللتغيير - قبل تعويضها بالطّاحونة الكهربائيّة، يكثر الهرج والمرج وغوغاء القطيع يغلي الدّم ويفور، يمتزج الكره لفعل الشّيء، والرّغبة في فعل ضدّه، في لحظة صراع داخلي للحصول على قرش من أجل الظّفر بالحلوى اللّذيذة وبالفستق الحلبي الذي أغراه بها نزار،
والقرش المتلألإ، جسّده منلوج يبرز هشاشة ذات تعيش صراعا داخليا بين الرّغبة في الحصول على الحلوى والفستق الحلبي وبين الرّفض والانتقام لكرامتها. يبدو أنّ بعض البغال أصدق في قيادة الثّورة من الإنسان الذي سرعان ما ينساق وراء رفاهيّة ولذّة لاتدوم موهومة تضاهي السّراب في عدمها...
فإن كان نجيب محفوظ قال عن طفل لاقاه بأنّ "أحلام الأطفال قطعة حلوى وهذا الطّفل يبيع حلمه " فإنّ الطّفل سهيل من أجل حلمه باع كرامته، وسقط في حظيظ الذلّ، وشبه رق من صنف جديد، أضاع حرّيته سامحا بإرادة الرّغبة في تحقيق حلم الوهم...
بين رفض وقبول وفعل سالب، وتفكير موجب في الانعتاق والتّحرّر ينمو شعور الكراهيّة والرّغبة في فعل الرّفس، كرفس بغل لصاحبه، ثار عليه بعد طول امتهان. تشبيه يضارع الوعي والإدراك لدى الحيوان البغل هذا الوعي للبغل يذكرنا بوعي حيوانات رواية (حديقة الحيوانات) لجورج أورويل. تصوّره كاميرا تتعثّر لتنقل حراك شيخ يزحف نحو حتفه كفراشة اختارت الاحتراق بفانوس كهربائي منذ لحظة الخنوع الأولى....
٣
السّخرية:
السّخريّة وبداية تاريخ الخيبة والنّكسة تلو النّكسة للعرب، إلى أن صار الفرد يسير "كمن يبحث عن شيء أضاعه في الأرض ولا يجده"
السّخرية تظهر في تاريخ الميلاد 1963 تأريخ بداية خيبات وعود الأحزاب...
تبرز السّخرية أيضا في احتشاد جمع من الحيونات من فصيلة الفأر والحمير والبغال والبغال أشباه الرجال... كذلك في القطار والمحطّة وأشولة الحبوب القمح الصلب الذي يلين بمجرد المرور بالطّاحونة...
السّخرية تظهر من خلال إراحة ذقنه على أصابعه المتشابكة ...بعد أن حمل الجميع وأركبهم على ظهره ورفعهم على اعناقه مطيلا رقابهم مقصرا رقبته إلى أن صار ظهره غير قادر أن يحمله ويوصله إلى آخر محطّة من العمر، والمؤسف من المبكيات المضحكات أن أباه من دفعه وألقى به للعمل في الطاحونة كحمال مستثمرا نقطة قوّته الجسمانية لتصبح فيما بعد نقطة ضعفه ووهنه.
كذلك السّخريّة تتبدّى في كرسي الخيزران الذي صنع جوانبها من بقايا اللافتات الخشبيّة وألبسها من قماش كانت تحمل شعارات وطنية الشعارات، وفي المسيرات التّضامنيّة.
في الخوف غير المبرّر الذي جعله ينحني وينحني إلى أن تقوس ظهره، ولم يعد يستطيع أن يرفع راسه...
تبرز السّخرية في تقهقر الدراسة والانسحاب المبكّر رغم مجانية التّعليم...
تظهر أيضا في السلاسل والإسوارة بمعصم.
٤
الخاتمة:
بين صفقة وصفعة يمضي العمر وينحني الظهر ويتقوس متماهيا سهيل البطل مع البغال، في حمل الأثقال والشوال والصبر على قدر خط خطوط النحس بالطول والعرض.
تدور الدّوائر ويكيل الدّهر على قليل البخت شتى ألوان العذاب والإهانات، وعلى قدر استسلامه تستلمه المحن والصّفعات...
وتتقاذفه الأيادي ككرة الطّائرة تطير في الهواء..
لولا ذكر السّارد لتاريخ سنة 1963 لصدّقنا بأن المسرود حكاية ذات من الذّوات التي لم بكتب عنها هوغو في البؤساء أو بودلار في ازهار الشر ، لكن ملفوظ الرّفيق، وتغيير، واللّافتات جعلتنا نستشعر خيبات الاتفاقيات والصّفقة وراء الصّفقة، وتلقي الصّفعات للمدعو سهيل الذي سهلت عمليّة استعباده من الجميع، في كلّ عصر وفي كلّ حين على امتداد السّنين كأنّ خلق ليتلقّى الصّفعات جرّاء الخيبة، تلو الخيبة، من دون أن يعي الدّرس. كان حلمه حلوى نالها
بعد أن قبل صفقة بمحض إرادته قبل أن يعي معنى أن ينحني لغير الله...
الأسلوب: جاء بسيطا بليغا اعتمد على الصور الاستعارية...
يحسب للسارد ديموقراطيته إذ لم يستأثر بالسرد بمفرده بل سمح للشّخصية البطل الأنا من حين لآخر بأن تعبر بذاتها عن ذاتها وتتقاسم معه وظيفة السّرد والوصف مع أنه كان بإمكانه ان يمسك الدفة بمفرده باعتبار صفة العليم التي يتمتع بها، أحسن توظيف الحوار والمونولوج واستغلال الأحداث الثانوية لخدمة تيمة الخيبة الناجمة عن الصفقة الجالبة للصفعات المتوالية...
بالرغم من امتداد الزمن الذي تدور فيه الأحداث منذ سنة 1963 إلى اليوم إلا أنه لم يحد عن زمن القصة المتعارف عليه...باستعماله لتقنية الاسترجاع...مختزلا الزمن في زمن عرض الحكي...
جاعلا من قصته القصيرة مرجعا لإعادة الانتباه والمراجعة والنظر في بعض الأسئلة التي مازالت عالقة بالأذهان وغامضة للتّأمل في بعض المواقف والسّلوكات التي كانت سببا في تدحرجنا الذي أحرجنا أمام أبنائنا وسوف يحاسبنا عليه أحفادنا...
قصة ذات بعد إنساني كوني، يمكن إسقاطها على أوضاعنا العربية، إذ من أجل حلوى وفستق حلبي -كماليات لم تنتجها ضيعاتنا- أغرقنا أنفسنا في الديون ورهنا رقابنا إلى الأبد. ومن أجل الحصول على قرش ودخل قليل غادر البعض المدارس...
Peut être une image de Souheyla Hammed et foulard

الاثنين، 20 سبتمبر 2021

اسباب شقايه والفؤاد بقلم الشاعرة فكريه بن عيسى

 اسباب شقايه والفؤاد

امتى يعود عهد الوداد
طالت ليالى السهد
والقلب خالى الوفاض
اسرح بكلمة قلتها
بلحظة صفاء
تحن الروح
وانسى الجفا
املا كاس المنى
يرفرف قلبى
وطيف خيالك
ينزل من السماء
اهمس بعيونى المشتاقه
والبسمه لشفايفى سباقه
اصحى من تجمد السكون
على ايدى بتمسح دمعه فى العيون
دى دنيا طبعها
تخلف الظنون
فكريه بن عيسى
Peut être une image en noir et blanc de texte

( صلوات على مياه دافئة ) شعر / حمودة سعيد محمود الشهير بحمودة المطيري

 ( صلوات على مياه دافئة )

كانت تطـوف مع السحابْ
وتمـرُّ من بين النجوم
تألقــا .... كي تنشي
وردا يفـوح بعطـره
ويسدُّ أبــواب الضبـابْ
كانت تطوف بمهجتي
منهارة ...
وتحـوِّلُ الحلم الحزين
سعادةً
فكأنَّ غبطتها الصحابْ
هي لم تكن مسجـونةً
كعريكتي ...
بـل فاقت القـول البليـغ
وأتقنت .. فن الخطابْ
كانت تمرُّ على الرجال
تحفُّظـا
وتغض من أبصارهم
بجمالها ودلالها
وترش في أوكارهم
حبَّـا شبيهـا للتـرابْ
كانت تجر ذيولها
في حنكة
وكأنَّ ظبيا قد بدا
متخفيا خلف الحجابْ
كانت تحيك مشانقا
للمارقين من الشبابْ
وتدسُّ كل نعالهم
في حفرة
خوفا على أفكارهم
من صوت
قارعة الحسابْ
كانت تصلي مثلهم
في ديرها
لكن ماء وضوئها
قد عتقته
من الكواكب والشهابْ
كانت ترتب عمرها
وتصوغ في غسق
الدجى ... أنشودةً
مثقوبة من بعض
ألوان العتابْ
ماتت وظلت وحدها
تتلو كتاب الله
بعد فاتحة الكتابْ
******
شعر / حمودة سعيد محمود
الشهير بحمودة المطيري
Peut être une image de 1 personne

( أقدار ) " قصة حقيقية " للأديب الشاعر ايمن عزالدين سكورى

 •••••••••••••••••• ( أقدار ) ••••••••••••••

" قصة حقيقية "
قصة / ايمن عزالدين سكورى .
فى اربعينات القرن الماضى بإحدى قرى الصعيد النائية ينشأ جيل من الأطفال يحمل سمات تلك البيئة الجميلة وقد أكسبتهم الطبيعة بسحرها الأخاذ جمالا فى الطباع والسلوك ؛ وكان من بين تلك الأطفال مجموعة ارتبطت ببعضها البعض ؛ فجمع بينهم -- كأى أقران -- اللعب واللهو بين الحقول وعند السواقى ؛ والجلوس ليلا على ضفاف النيل ؛ وكذلك جمعت بينهم المذاكرة الدراسية سواء فى ديارهم أو على المصاطب خارج المنازل بين الهواء الطلق والأنوار الخافتة ؛ ورويدا رويدا يشتد عود تلك الأطفال ؛ فيأتى مطلع الستينات لتصير أطفال الأمس شبابا وتباعد بينهم الأيام ليذهب كل منهم فى طريقه ؛ فمنهم من يتزوج وينشغل بحاله ؛ ومنهم من يسافر للخارج ؛ ومنهم من يصرفه العمل عن الحياة الإجتماعية ويجعله يتنائي عن أصدقاءه ؛ هكذا فرقت السبل الأقران والخلان إلا " صابر " و " فتحى " فهما فقط استمرت صداقتهما بل توطدت بينهما الصداقة أكثر فأكثر ؛ حيث كانا يعملان سويا فى فلاحة الأرض ؛ وفى فترة الراحة كانا ينتهزان الفرصة ويجلسان سويا يأكلان تحت ظلال الشجر ؛ وبعد العمل يستبدلان ملابسهما ويذهبان للتنزه ؛ وفى الليل يجلسان على ضفاف النيل فيتسامران ويتضاحكان ويفيضان فى سرد الذكريات والحكايات الطريفة ؛ وذات مساء ذهب " صابر " إلى مقهى بسيط ؛ وما إن جلس حتى سمع صوتا من صندوق موضوع على الرف بالحائط ؛ وما كان هذا الصندوق إلا ( المذياع أو الراديو ) ؛ فأنصت له مبهورا مفتونا بالصوت الوافد من ذاك الأثير الذى بهر الناس حينها ؛ حيث كانت الإذاعة مفتتحة حديثا وشيئا جديدا لم يعهدها الناس ؛ فانتاب " صابر " احساسا عجيبا وداعب خياله حلم أعجب ؛ وهو أن يكون " مذيعا " وينطلق صوته عبر الأثير الذى فتن به ؛ وهذا ماجعله ساهما فى جلساته مع صديقه " فتحى " وفى إحدى اللقاءات سأله " فتحى " عن تلك الحالة التى جعلته سارحا ساهما باستمرار وليس حاضر الذهن ومنطلقا فى حديثه كما هى عادته ؛ ظنا منه بأنه ربما وقع فى حب فتاة أرقت مضاجعه ؛ ولكن " صابر " بادر صديقه " فتحى " بأنه يريد أن يصبح " مذيعا " وأن تلك الأمنية لاتبرح ذهنه ؛ فنظر له " فتحى " باندهاش وضحك عاليا ثم قال له : " ماذا !؟ تريد أن تكون مذيعا مثل الذين نسمعهم فى المذياع ؟ كيف ؟ وأين تذهب ؟ وما المفروض أن تفعله ؟ " وكل تلك الأسئلة لم يكن عند " صابر " إجابة عليها ؛ فاسترسل صديقه " فتحى " : " احلم ياصديقى حلما على قدر المستطاع ؛ وهيا نعود للمنزل لننام حتى نذهب باكرا إلى العمل بكامل نشاطنا " واستمرت حياة " صابر " على هذا المنوال ؛ مشغول بأمل يريد تحقيقه ؛ أما صديقه " فتحى " فيريد انتزاع تلك الفكرة عن ذهنه ؛ وذات صباح ذهب " فتحى " إلى عمله بالأرض ولم يجد صديقه " صابر " فقلق عليه ؛ وذهب بعد العمل إلى منزله ليسأل عنه ويطمئن عليه ؛ فأبلغته والدته بأن صابر سافر إلى القاهرة لإجراء اختبار " بالإذاعة " فانصرف " فتحى " حزينا على فراق صديقه الذى لم يفارقه يوما والذى لم يعلم متى سيلتقى به لو صار مذيعا وسكن القاهرة ؛ وبعدما مر أسبوع اشتاق " فتحى " لرؤية صديقه فأخذ أول قطار وسافر إلى القاهرة وسأل عن مكان الإذاعة فوصفوها له ؛ وذهب إليها ودخلها بكل سهولة حيث كانت أجراءات الدخول إليها غير مشددة ؛ وصعد " فتحى " أحد الأدوار وأخذ يتنقل بين حجراتها باحثا عن صديقه وكأنه سيجده فى إحداها ؛ ولكنه لم يجد أحدا ؛ فصعد الدور الأعلى وفتح غرفة فوجد رجلا أنيقا فى واجهته يجلس على مكتب فاخر وعلى جنبات الحجرة أجهزة وسماعات فنظر إليها مبهورا ؛ فسأله الرجل مستعجبا : " من أنت ؟ وماذا تفعل هنا ؟ " فأجابه : " أنا فتحى " فقال الرجل : " فتحى من وماذا تريد ؟ " فرد عليه : " أنا من الصعيد وجئت أرى صديقى صابر فإنه أتى هنا لإجراء اختبار بالإذاعة ؛ فأين هو !؟ " فنفخ الرجل وقال له : " صابر من ؟ وفتحى من ؟ وصعيد إيه ؟ واختبارات ماذا !؟ ؛ اذهب يا ابنى وابحث عن صديقك فى الشارع هنا الإذاعة " فجز " فتحى " على أسنانه وهم منصرفا ؛ وما إن وصل إلى باب الغرفة حتى نداه الرجل بأن يأتى ؛ فعاد " فتحى " إليه خائفا من أن يطلب له الأمن ؛ فقال له " ماذا تريد ؟ " فقال له الرجل : " اذهب إلى هذا الميكروفون الموجود هناك " فذهب " فتحى " إلى الميكروفون قلوقا ومندهشا من طلبه هذا وسأله لماذا ؟ فقال له الرجل : " ستعرف حالا " وبعدما وقف قليلا طلب منه الرجل أن يتحدث ؛ فسأله " فتحى " ماذا يقول ؟ فقال له الرجل : " قل أى شئ يحلو لك " فتحدث " فتحى " بصوته الرخيم الذى أكسبته البيئة الريفية عمق وفخامة ؛ وأنصت الرجل إليه جيدا إعجابا بتناعم صوته وفصاحة لسانه وسلاسة حديثه ؛ علاوة على سلامة مخارج الحروف لديه وصحة نطقه للكلمات ؛ وما إن انتهى " فتحى " من حديثه إلا وأخذه هذا الرجل -- الذى كان مسئولا بالإذاعة -- من يديه لينهى اجراءات تعيينه كمذيع ؛ فصار " فتحى " الباحث عن صديقه مذيعا لامعا ؛ بينما صديقه " صابر " الذى وضع آمالا عراضا فى أن يصبح مذيعا كان قد أخفق فى اختبارات الإذاعة فلملم متعلقاته وعاد حزينا إلى موطنه بالصعيد !!!
ملحوظة : تلك القصة الواقعية قد ذكرتها الإذاعة المصرية منذ عدة سنوات ولكن ليست نصا ؛ وأننى تلقفتها بمعناها وقمت بسردها وتحويرها باسلوبى وقد راعيت فى السرد عملية البناء والحبكة حتى تتناسب للقراءة ؛ وذلك دون المساس بالمضمون والخط العام للقصة الحقيقية ؛ وإن كان هناك تغيير فالتغيير فقط فى المعالجة وعنوان القصة وأسماء " شخوص " الحدث •••
الأديب الشاعر
ايمن عزالدين سكورى
الإسكندرية
Peut être une image de une personne ou plus et ciel

ذاكَ النّورُ مِنْ عِنْدِ الإِلَه بقلم د.ريتا عيسى الأيوب

 ذاكَ النّورُ مِنْ عِنْدِ الإِلَه

بقلم /د.ريتا عيسى الأيوب
ذاكَ النّورُ... مِنْ عِنْدِ الإِلَه
كانَ قَدْ انْحَدَرَ إِلَيَّ حينَها... وَمِنْ ثُمَّ انطَفَأ...
كُنْتُ قَدْ صَلَّيْتُ مِنْ أَجْلِهِ مِراراً... حَتّى كِدْتُ أَنْ أَمَلَّ الصَّلاةَ... وَإِذْ بِهِ أَخيراً قَدْ جاء...
جاءَ كَيْ يُنيرَ قَلْبي... وَيُضيءَ الطَّريقَ أَمامَ عَيْنَيَّ... في الوَقْتِ الذي كانَ كَياني كُلُّهُ بِالحُزْنِ قَدْ امْتَلأ...
وَصَلَني... في وَقْتٍ... كُنْتُ قَدْ فَقَدْتُ الأَمَلَ في كُلِّ عَزيزٍ... وَبِتُّ أَرى العالَمَ مَليئاً بِالغُرَباء...
أَتاني... مُؤَكِّداً إِلَيَّ... بِأَنَّ هُناكَ مَنْ يَرْأَفُ بِنا بِرَحْمَتِهِ... فَيُرْسِلُ لَنا مَنْ يُلازِمُنا... في السَّرّاءِ وَالضَّراء...
وَهُناكَ مَنْ بِاسْمِهِ... يُبارِكُ حَياتَنا... بِكُلِّ جَميلٍ نَتَمَنَّاهُ... وَلا يُريدُ إِلاَّ أَنْ يَرانا مِنَ السُّعَداء...
كَما أَنَّ هُناكَ... مَنْ لَنْ يَتَغَيَّرَ في طَبْعِهِ... وَمَهْما حاوَلْتَ مَعَهُ... فَتَراكَ في بُعْدِهِ عَنْكَ... تَتَنَفَّسُ الصُّعَداء...
فَلا تَحْزَنْ يا قَلْبُ... إِذا ما بَقِيَ هُوَ بَعيداً عَنْكَ... فَفي البُعْدِ أَحْياناً نَجْدَةٌ مِنَ السَّماء...
وَلا تُحاوِلْ بِدَوْرِكَ إِرْجاعَهُ... فَرَبُّ الخَيْرِ... لَوْ رَأَى فيهِ لَكَ خَيْراً... لَأَوْعَزَ لَهُ بِالبَقاء...
فيسبوك: ريتا عيسى الأيوب

Peut être une image de 1 personne et plein air

عبثا احاول بقلم الشاعرة مسعودة القاسمي

 عبثا احاول

الشارع الطويل
بيتنا العتيق الجميل
اوراق الخريف الصفراء
المتساقطة على الشرفات
بقايا النقوش الحائطية
تحكي ذكريات الكادحين
يمتد البصر
يبسط بريقه المتبقي
على كفي الاثير
تجاويف الصمت المدوية
غربة الماضي الدفين
ها انا اقتل ذكريات الصبى
كلما جالت بخاطري
على رأس الوصال
الشوارع نائمة
رائحة القرابين الليلية تشق السكون
يزداد ارتجاف خطاي
اضع صوتي بين اظافري
امسك بدقات قلبي
اتسلل كعصفور يشتم حريته
على باب قفصه الصغير
احتظن الهلع خلف عروقي
المس وخز الثواني
اقرر
اتابع المسير
عند اخر نقطة
يقطن الفرح
يرقص الحب الكبير
يجمع الشتات
مسعودة القاسمي
تونس
Peut être une image de 1 personne, position debout, foulard et lunettes_soleil

أَنْتَ وَهُوَ ...* شعر : مصطفى الحاج حسين .

 */// أَنْتَ وَهُوَ ...*

شعر : مصطفى الحاج حسين .
إِنْ كُنتُ مَعَكَ سَيَقتلُني هُوَ
وإِنْ كُنتُ مَعَهُ سَتَقْتُلُني أنتَ
وَمَا بَيْن َ الأَنْتَ وَالهُو َ أنَا مَقتُولٌ
مُشَرَّدٌ .. مُطَارَدٌ
مَحرُومٌ مِنْ أنْ أحيَا
وَأعِيشَ في وَطَنٍ
أنا مُجَردُ شَيءٍ أنتَمِي لَكَ أَوْ لَهُ
الحَيَاةُ بالنِسبةِ لِي أنْ أختَارَ مَابَينََكُمَا
وأنْ أُقَاتلَ على جَبهَةِ أحَدِكُم
أُحَاربَ حتَّى المَوتِ
أترُكَ أسرَتي وأخدمَكَ
أفَارقَ أمِّي وَأتبَعَكَ
أتشَرَّدَ عَنْ وَطني لأجلِ وَاحدٍ مِنكُما
وأنا لا أعرُفُكُما
لا أنتَمِي إليكُما
لَمْ يَربطْنا دَمٌ
أَوْ وَطنٌ
كلُّّ مَا في الأمرِ إنَّكُما تَتَحَكَّمانِ بمصيري
وَمَنْ أعطَاكُما هذا الحَقَّ لا أدرِي ؟!
الدّستُورُ لا يَتَعرّفُ عَليكُما
تُرابُ الوَطَنِ يَنفرُ مِنْ رائحتِكُما
نساءُ المَدِينَةِ يَرتَعبْنَ مِنْ نَظَرَاتِكما
مَنْ أنتُم بِحقِّ اللهِ ؟!
كيفَ تسللتُم إلى ربوعِ الوَطنِ ؟!
دَعُوْنِي أبتَعدُ عَنكُمَا
دَعُوْنِي أَتَحَرَرُ مِنْ أحكَامِكُم
بَلَدِي مَا عَادَ لِي
ثِمارُهُ تَنهَشُ جُوعِي
مَاؤهُ يَشرَبُ عَرَقِي
هَوَاؤهُ يَشتَمُ حَسرَتِي
سَمَاؤهُ تَجثمُ على صَدرِي
جِبَالُهُ تَمتَطِي وَهَنِي
دُرُوبُهُ تَقُودُني للجَحِيمِ
وَطَنٌ بَاعَ السّيَادَةَ
وَطَنٌ يَتَمَلْكُهُ الغَرِيبُ
لُغَتُهُ لُغَةُ الأعَاجمِ
عَلَمُهُ عَلَمُ القَتَلَةِ
نَشِيدُهُ الوَطنيُّ لا نَعرفُهُ
أخذوا البَحرَ مِنْ وَطني
أخذوا الصّحرَاءَ حتَّى
الشّجر استَبدَلُوهُ بالعَربَاتِ المُجَنزَرَةِ
الأبنِيَةُ جَاثِيةٌ بِلا حيطَانٍ
والتّارِيخُ يَكتبُهُ الكَذَبَةُ
مَا مِنْ دَليلٍ وَاحدٍ على أنَ وَطَنِي
كانَ ذاتَ يَومٍ وَطَنِي
التّرَاثُ غَادَرَ مَوَاقِعَهُ دُونَ هَوِيَّةٍ
المَقَابِرُ ذَهَبتْ بِجَوَازِ سَفَرٍ مُزوّرٍ
الصّبَاحُ صَارَ أسوَدَ
الليلُ تَحَوَّلَ إلى رقعَةِ مُفَرقَعَاتٍ
وَطَنِي بِلا خَرَائِطَ
الخَرائِطُ سَتَأتي مِنَ البَعِيدِ
وَمَجلِسُ النّوَّابِ لا يَنُوبُ عَنَّا
نَحنُ لا يُمثّلُنَا سِوى الخَرَابِ
الخَرَابُ الذي أنشَأتَهُ أنتَ وَهُوَ .
مصطفى الحاج حسين .
إسطنبول
Peut être une image de 1 personne et lunettes