الرحيل دونما وداع
الى روح الراحل دون وداع
داوود الربيعي استذكارا لغربة الارواح
جاسم العبيدي
في الحيانية
الاطفال يتوزعون على موائد الارصفه
يتوجون اعينهم بالتوابيت حين تمر
وحين تمر بهم نساء الحيانية ملفعات بالسواد
تتحرك اقدامهم اثر النواح
على الراحلين دون وداع
وها انت تسافر في غربة الأرواح
ايها العائد من نيران مقابر السجون
وزوايا الانكسارات
لا ادري لماذا
يسدل الاصدقاء الستائر البيضاء على المغدورين
اللذين رحلوا دونما عودة
مقرف ذلك النهار الذي ودعتك فيه من بعيد
دون ان تتلمس يدي ذلك الصندوق الخشبي الذي يحملك راحلا بك الى وادي السلام
ايتها الارواح المهاجرة
الى متى نعتصر حليب امهاتنا في اعين الغائبين
ايتها الارواح المهاجرة هل من عذاب نتحمله حين تمر جثامينكم امام اعيننا
وهل سنتلمس ماض يعبر بنا الى طريق لا نهاية فيه
اكفهرت وجوهنا ونحن نمارس حقنا في التصاريح
هاهو التاريخ يشهد اسماءنا
كم من العذاب تحمله اجسادكم
السجانون وحدهم يعرفون
كم من النهارات تمر
دون ان ترى وجوهكم المعتمة ضياء الشمس حين تشرق
وحين تسمعون صرخات الجلادين ممتزجة بصراخ البائسين
تلك اذا النهاية العقيمة
تلك هي الايام التي رحلت بكم وعجزنا عن تذكر اسماءكم
الاسى يلوح قريبا منا
ونحن نشعل شمعة واحدة لكل من رحل منكم
شمعة لكل من رحل دونما استئذان
رحل ولم يتبعه سوى احفاده
رحل ولم يترك اثار اقدامه على التراب
لا ادري هل اننا نكتب معا تاريخ الاسى والجنون
ام ان هنالك من يسرق اسمالنا واسماءنا دون استئذان
معقبا بالقول ( انتقل الى رحمة الله )
هكذا نودعكم دائما بصمت
وانتم تكتبون تاريخنا بالدماء
هكذا كنت حين حاصرتك رجفة الموت
لا ترتدي الا ما خرجت به من سجن نقرة السلمان
هكذا لا ترى الا كفنا ابيضا
يتطاير مثل حمامة السلام
ليظل شاهذا على مرارة السنين
وهنهنات السجانين
نم ملتحفا رداءك المترب
لتقول للرب
ها انا جئتك كما خلقتني
ولكن بلا عينين
مستهيما بلا قدمين
مغمورا بالعذاب حد النخاع
يالايامكم البائسة وهي تحفر في اذهاننا الحسرة والندم
على ماض لن يعود
وكلما مرت التواريخ
تنحسر امام اعينكم موجة هواء الصحراء
مثقلة بالغربة والوجع
فانتم غادرتم الحصون قبل ان تغادركم
واختفت اسماؤكم من رصيف الذاكرة
الضحايا انتم ونحن المتفرجون
الفقراء انتم ونحن العابثون
ياللايام المقرفة التي تتوزع بقايا اسماءكم
وها انتم تجرون بقايا حروف اسمائكم
وانفاسكم من لهيب محتوم
فمن منا يحس عذاباتكم
وهي تفرقع عظامكم بلسعات الجلادين
نصف عرايا
كأن المدينة تسطو
وان بقايا الوجوه بغير ملامح
وانتم موتى على لائحة الانتظار
ولكن
من يمنحننا الدفء بعدكم
ونحن نحمل أوجاعنا بلا حقائب
هكذا نسمي السعادة موتا
وحين تكون دماءنا معجونة برائحة شواء الأجساد
سيتغير الموت الى سعادة
هكذا صرنا نؤمن بان سعادتنا في خوض السجون
الفقراء لا يموتون جوعا
لكنكم متم مثل اسماك الجنوب
ونحن نتذكر الأسرار بشواء الاجساد
صرنا نؤمن بان الفقراء لا يموتون
خوفا من سياراتكم المظلله
وانما يموتون من الماء المالح في جداول انهاركم
فمن يتذكر لحظات السعادة يموت خرفا
انس ياصديقي ايام المرارة في حالكات السجون
بين كماشات السجانين
تذكر ياصديقي ان الايام لعبة المجانين
ونحن من يلقنها باقتدار حكمة الموت
تذكر ياصديقي الراحل
اننا نلعب لعبة الانبهار
هكذا تبقى ايامنا بعيدا عن روايات المخبولين
بعيدا تلمس طريقك
وحين يمر بك صديقنا كزار حنتوش
لا تخبره بانك تزداد كآبة حين ترتشف كاسك الاخير
من خمرة المساء
ولا تخجل من تاريخك الذي كتبوه بايديهم
لانهم لا يدركون ما تعرفون
اطفال الحيانية وحدهم
يدركون مايعنيه الموت بلا وداع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق