الأربعاء، 7 يوليو 2021

حين يتلو جبل الشعانبي صلواته..ترحما على أرواح أبطالنا الشهداء.. بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 حين يتلو جبل الشعانبي صلواته..ترحما على أرواح أبطالنا الشهداء..

الأبدية هناك في ذاك المكان متوارية خلف غلالة شفّافة،في منتهى الرقة،لو خدشنا الهواء الجاف قليلا سنجد أنفسنا هناك في الماوراء حيث نهر الأبدية ودموع بني البشر أجمعين.
جبل الشعانبي أحد هذه الجبال الواقفة في المهبّ ما بين المادي الصلب والأثيري الشفاف.
لابد أن يكون هذا المكان مرتعا لنجوم السماء.
وإذن ؟
هوذا جبل الشعانبي إذا : مكان محمّل بالإشارات..غابة من رموز وايماءات.
لا يمكن للمرء أن يعبر من هناك ولا يرى بعضا من تلك الإشارات والإيماءات التي تملأ المكان بالقسوة والهشاشة. فالمشهد يربك الجسد ويدوّخ الحواس.
بمفردهم في عراء الخليقة الدامي يخوض أبطالنا البواسل معركهم مع حفاة الضمير،بجسارة من لا يهاب الموت في سبيل رفع راية الحرية والتحري..ظلالهم ستظل في ذاك المكان مثل رفّ جناح.
هكذا يتخذ الحلم طابع الكابوس ويلتحف بجميع سماته.
يكفي أن يحدّق المرء قليلا في الجبال الجرداء،في صفرتها الشاحبة المعجونة بالرماد،في الكيفية التي تتماسّ بها ويتكئ البعض منها على البعض الآخر فيما هو يواصله،حتى يخيّل إليه أنّها جبال متحرّكة،جبال تزحف بإتجاه تونس تريد سحقها نهائيا ثم تطحن الكون بأسره.
من هناك سينتهي العالم..!!
لكن لتونس رجالها الذين ما هادنوا الدّهر يوما.
ولذا لا يجب أن تنتهي الحياة إكراما للذين يتسابقون إلى الشهادة إعلاء للحياة.
التونسيون يعلمون علم اليقين أنّ هناك من عقد العزم على إفساد العرس الثوري..على إبادة الحياة وتحويلها إلى جحيم.وهم على يقين أيضا أنّه يستدرج البلاد إلى الهاوية.
وها نحن نتسابق إلى الشهادة لأننا مؤتمنون على استمرار الحياة.
ومن هنا تستمدّ المواجهة في ديارنا عنفها المدوّخ الضاري.
هل لدي ما أضيف؟..قطعا لا.
إذن هو ذا منطق من لا منطق لهم في مطلع الألفية الثالثة..
نعم..
وليعمّ الجحيم..
ولتظل تونس ترنو ببصرها إلى الآتي في موكب الآتي الجليل..
محمد المحسن


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق