الاثنين، 26 ديسمبر 2022

أحكي يا أمّي أحكي بقلم الشاعر دخان لحسن

 أحكي يا أمّي أحكي

عن أحداثِ عمركِ كاوراقِ الاشجار
ذاكرةٌ حرّكَها الريحُ، كادَ يعصِفُ
بها النِسيَانُ كالطوفانِ والإعصَار
احكي يا أمّي أحكِي
فأنا اسمَعُ بشغَفِ المُحبِّ للاخبَار
احكي عن خبزةِ قمحٍ وقِربةِ ماءٍ
وجِراحٍ من مقالعِ الاحجَار
عن قهوةِ جَمرٍ ورشفَةِ فِنجان
ورقصَةِ عُرسٍ تَحتَ ضوءِ الاقمار
احكِي عَن رَعي الاغنَامِ
وغزلِ الصوفِ ونسجِ الاوبار
عن بَيتَيْ الشَّعرِ وَالطُوبِ
ونَظمٌ يسْكنُكِ يَتفَجَر بالاشعَار
عن فلحِ الارضِ وجَمعِ الحَطبِ
وسَرجِ الخَيلِ وحَلبِ الابقار
عن شكوَةِ لبنٍ هِي وَقْفٌ
بِزبدَتِها لمَن ألِفُوا صَدقةَ الابرَار
أحكِي يا أمّي عَن دَفعِنا للمَدرسَةِ
تحتَ دمُوعِ البردِ وحِفظِ السَتّار
وعَن دَسِّ الكِسرةِ والكرَاسِ
في جِرابٍ كاللُؤلؤةِ في المَحّار
مِن بَعيدٍ عَبرَ الازمَانِ أحكِي
فبالاعتِزازِ يَصِلك لفيفُ الاعتِذَار
نمتِ فحَركتكِ صَلاةُ الفَجرِ
وشُروقِ الصُبحِ لنشَاطِ الإعمَار
ضَحكاتُكِ يا أمّي تزيلُ الالامَ
تزيِّنُك طِباعُ الحَنانِ وعَينُ الإبصَار
تنَاثَرت قِصَصُك وَردًا بعِطرِه
كالنُجومِ ضوئِها عِطرٌ للاقمَار
تَطلّعتُ الى قدّكِ فَكُنتِ شَبَابا
وسِنُّ الرجَالِ شِراعٌ يأخذُكِ للإبحَار
فرحَتُكِ تستَوعِبُ الهَزاتِ
تَعكِسُ بَريقا مِن عيُونِ الصِغَار
كَم انتَظرنا حُضُورُك في السَهَرات
لنسعَدَ ونتَجنَبَ متَاعِبَ الانكَار
آهٍ يَا أمّي يا نَجمةً مِن زَمان !
أشواقُكِ غَنّاها الشَّادي دونَ أوتَار
حِين تَنظرين، حين تُبتسِمين
أراكِ قَمرا مِنه تلَألأُ الانوَار
على صَفحةِ الماءِ، وظَلامِ اللَيل
أرُى قلبَكِ يَكشِف ما وَراءَ الاشْفَار
صَغيرةٌ كالفراشةِ تَنثرِين الجَمَال
وتبعثِينَ رَسَائلَ الحبَّ بحُروفِ الكِبار
ويَصِيرُ الصَبرُ عِندكِ حِليَةً
اذا مُا صَمُّوا عن سَمعِ الافكار
ولأنِّي أحِبُّك يا أمّي لا تَتوقَفِي
فُدونَ وِصالُكِ يتَلاشَى الحِوَار
حِينَ تَحكِي عَن كُلّ الاهوَاء
سُبلِ العَيشِ والحَربِ والاخطَار
وعَن مَيدان الثَورةِ به سُقوطُ العَمّ
واستِشهَاد الوَالدِ وكَتم الاسرَار
وعَن زَوجٍ كُابُد مُشاقَ الحَياة
كَادَ الواجِبُ يَدفَعه لِعينِ الاعصَار
كَم تَشبثتِ بالارضِ سَقاهَا دَمٌ
ومَا فَارقتِ النخلَ والزيتُونَ والدوَّار
احكِي كَم تحَمّلتِي مِن اعبَاء
صَارَت دُروسًا تَسْطعُ تارِيخا كالأنوَار
حِين تَبكِين مِن تألمِ الابطَالِ
يَفرَح الوَطنُ بنِضالِكِ والثُوَّار
فانتِ تَنْقلينَ العِزةَ والامْجَاد
للاطفالِ ليَكونوا بالوَطَنِ أبرار
هَذه قصِيدَتي أتغنّى بِحبِّك
قبلَ حُبِّي لانّكِ الاوتارُ والقِيثَار
كلُّ حُرُوفِها تَسبيحٌ لكِ بعدَ الله
وكلُّ أنفَاسِي دُعَاءُ لَيلِي ونَهَار
انتَ روحٌ وتاجُ الافتِخَار
وأنتِ القلبُ النابضُ وعينُ الابْصَار
تَجمَع الخَلائِقَ مِن أمثَالِكِ الحَكَم
وتصَاحِبِيهم بِدفءِ قَلبِك وَبِالاخبَار
يــَا أيتُها القَلبُ المتعبُ بالسنين
عَصَرتِ مِن عُمرِك عِطرا بيَدِ العَطَار
نَامِي رَاضِيةً فالعَينُ تَدمَع للفِراقِ
وَاللسَانُ لا يَفتَأ يَسكُتُ عَن الأَذكَار
بقلمي: دخان لحسن. الجزائر. 25. 12. 2022




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق