الاثنين، 3 نوفمبر 2025

**(( شرفُ العائلة )).. قصة: مُصطفى الحاج حسين

 **(( شرفُ العائلة ))..

قصة: مُصطفى الحاج حسين


طُرِقَ علينا البابُ، دقّاتٌ عنيفةٌ، سريعةٌ، ومتتالية، بعثتِ الرُّعبَ في أوصالِنا، وجعلتنا ننكمشُ على أنفسِنا، حتّى إنَّ إخوتي الصّغار، الّذينَ لا ينقطعُ ضجيجُهم، لاذوا بالصَّمتِ، وهرعوا نحو أُمّي، ملتصقينَ بها، بحثًا عن الحمايةِ والأمان.


اعتقدنا أنّ القادمَ هو (الحاج منير)، صاحبُ المنزلِ، الذي يُريدُ إخراجَنا منه، قبل انقضاءِ المدّةِ المُتَّفقِ عليها.


وبنظراتٍ مليئةٍ بالحيرةِ والأسى، حدّقَ أبي بوجهِ أُمّي الشّاحب، وهمس:


– قولوا غيرُ موجودٍ.. لن أُقابلَ هذا السّاقط.


انتفضتْ أُمّي، وأعلنتْ بصوتٍ مُثقلٍ بالقهرِ:


– هذا النّذلُ يجبُ وضعُ حدٍّ له.


وبتلعثُمٍ يشي بالعجزِ، نطقَ أبي:


– وماذا بإمكاني أنْ أفعلَ، وكلُّ أقربائهِ يُحاصرونني في سكنةِ هذه الحارة؟!


واستجابةً لأمرٍ صدرَ من والدتي، نهضتُ بتوجّسٍ واضطرابٍ لأفتحَ الباب.


خاطبني أبي:


– كما أوصيتكم.. أنا لستُ هنا.


عندما عبرتُ من جانبِ بابِ المطبخ، خطرَ لي أنْ أَدخلهُ وآخذَ سكّينًا، أَطعنَ بها «الحاج منير»، وأُريحَ والدي منهُ، ومن زعيقهِ العالي، لكنَّني سرعانَ ما جَبُنتُ، وطَرَدتُ فكرتي، لأتقدَّمَ وأفتحَ الباب، الذي كانَ يَرتجُّ بفعلِ قوى الدّقِّ المتواصل.


اندلقتِ المُفاجأةُ فوقَ رأسي، تبخَّر غضبي المُستعر في شراييني، وتلبَّستني الدَّهشة، فجَّرتْ في ثنايا أعماقي المُنقبضة شلَّالاتِ فرحٍ صاخبة، فرحٍ يُرغمُ حامِلَه على البكاء، لكنَّني كظمتُ عاصفةَ النّحيب، وزايلني وَحلُ الخوف.


ما حدثَ كانَ أكبرَ ممّا أتصوّر، نعم، نعم، إنَّهم أعمامي، أعمامي الكُثُر، رجالُ عائلتنا... جاؤوا إلى زيارتنا دفعةً واحدة، لا بُدَّ أنّهم سمعوا بمضايقاتِ «الحاج منير» لأبي، أتَوا ليضعوا له حدًّا، شعرتُ بولادةِ القوّةِ ونموّها في داخلي، نحنُ أقوياء إذنْ، فَلِمَ يجتاحنا الهلعُ كلّما قُرِعَ علينا بابُنا؟!.


ارتبكتُ لمرآهم، وكأنَّ لساني أوثِقَ بحبالِ الصّدمة، في حين كانت جوارحي تهتفُ:


– أهلًا وسهلًا… أهلًا… أهلًا.


زعقَ عمّي «الحاج قدّور» كبيرُ عائلتنا:


– هل أبوك موجود يا ولد؟


صُدمتُ!.. واعتبرتُ طريقته في مخاطبتي إهانةً، فأنا أرفض أن يقول عنّي أحدٌ "ولدًا"، ولو كان القائل كبير عائلتنا.


رَدَدتُ وأنا أبذل جهدًا في كظمِ غيظي، بعد أن غادرتني ابتسامتي، التي لم تكد تستقرَّ فوقَ شَفَتَيَّ بعد، كانت كعصفورٍ حَطَّ فوقَ شجرةٍ مثمرةٍ، لكنَّهُ لمحَ بندقيّةَ الصيّادِ مُسدَّدةً نحوهُ... ففزعَ ورفرفَ بجناحيهِ الصّغيرينِ، وطار:


– نعم… أبي هنا.


صاحَ عمّي «الحاج رحمو»:


– نادِ عليهِ بسرعة...


ثمّ أردفَ ضاحكًا:


– اللّعنة على ذقنهِ.


تهاوى فرحي من عليائهِ، تهشّمت مرايا غبطتي على صخرةِ ضحكاتهم المُقزِّزة. هم نادرًا ما يقومونَ بزيارتنا، لا سيّما بهذا الجمع.


استقبلهم أبي، وعند العتبة تكدّست أحذيتهم الملمّعة، هرعتُ إلى أمّي:


– أمّي… هؤلاء أعمامي.


وبفتورٍ أدهشني، قالت:


– تشرّفنا.


رفضتُ تناول الطعام، أريد مجالستهم، والاستماع إلى أحاديثهم، علَّهم يقرّرونَ ضربَ «الحاج منير»، ومنعه من إزعاجنا.


احتلّوا أماكنهم فوق السّجّادة، أحضرتُ لهم التّكايا، وبسرعةٍ حملتُ من المطبخ عددًا من منافضِ السّجائر...


وكم كنتُ أتمنّى على والدي أن ينتهي من طلباتهِ. طفتُ على الجّميع، وأنا أقدّم لهم الماء، شاعرًا بالحرجِ الشّديد، فالماء غير مُثلَّج، نحنُ لا نملك ثلّاجةً، والطّقس حارّ.


وقبل أن أتّخذَ مكاني قرب عتبة الغرفة، أمرني أبي أن أُوصي على إبريقِ الشّاي… ولحظة أن أردتُ مغادرة المجلس، خاطبني عمّي «الحاج كرمو»:


– نحن نريد قبل الشّاي، أن نتعشّى.


هتف أبي بحماسة:


– أهلًا وسهلًا… العشاء جاهز.


سمّرني ضحكهم المُباغت، ضحكاتٌ ماكرة، ساخرة، لئيمة، ومن خلال ضحكته

، هتفَ عمّي «الحاج ممدوح» مخاطبًا عمّي «الحاج كرمو»:


– يا رجل، أتركهُ بحاله… الجّوع قاتله وقاتل أولاده.


صاح أبي بحدّةٍ وحرجٍ، ممّا زاد من تعرّقه:


– خسئتَ أنتَ والجّوع… الحمد لله مستورة.


تعالت ضحكاتهم المقيتة من جديد، دون أن نُشاركهم أنا وأبي بها. لكنّ «الحاج قدّور» أوقفني قبل أن أُردّ الباب:


– عمّك «الحاج كرمو» يُمازح أباك… أَوْصِ على الشّاي.


كم كرهتُهم في هذه اللحظة، ولولا مخافة إغضاب أبي، لكنتُ طردتُهم من منزلنا. الآن أدركتُ سبب احتقار أُمّي لأعمامي، فهم أغنياء متعجرفون، وأبي مُجرّد معمارٍ لا أكثر.


رَوَيْتُ لأمّي ما حدث داخل الغرفة الخانقة، فقالت بغضبٍ:


– يحقُّ له… أبو شدق… شِدْقُهُ أكبر من فردة الصّرماية.


وكانت تقصد عمّي «الحاج ممدوح» صاحب النّكتة السّمجة.


الضّحكات والابتسامات غادرت الأوجه، وحلّت مكانها ملامح جامدة وقاسية.


جلستُ أُراقب الوجوه العابسة، فتحدّث كبير عائلتنا:


- الكَلبَةُ فَضَحَتْنا، وجَلَبَتْ لَنا العارَ، كُلَّ يومٍ نَسْمَعُ عَنْها أَخْباراً جَديدةً.


هَتَفَ «الحاجُّ صالِح»، وكانَ العَرَقُ يَتَصَبَّبُ مِنْهُ بِغَزارَةٍ:


- ذَبْحُها صارَ حَلالاً.


سَأَلَ أَبي:


- هَل أَخوها «الحاجُّ حَمْدو» يَعرِفُ حِكايَتَها؟!


تَعالَتِ الأَصْواتُ مِن أَمَاكِنَ عِدَّةٍ:


- إِنَّهُ قَوّادٌ، تَدْفَعُ لَهُ ثَمَنَ مَشْروبِهِ، وَتَتَكَفَّلُ بِكُلِّ مَصاريفِهِ.


- مُنْذُ فَتْرَةٍ اجْتَمَعْنا، وَأَرْسَلْنا في طَلَبِهِ، وَلَمَّا جاءَ، طالَبْناهُ بِقَتْلِ أُخْتِهِ.


- قُلْنا لَهُ لا تَخَفْ، نَحْنُ لَنْ نَتَخَلّى عَنْكَ.


- وَلَكِنَّ القَوّادَ رَفَضَ.


- بَلْ راحَ يُبَرِّرُ، وَيُدافِعُ عَنْها.


صاحَ عَمِّي «الحاجُّ كَرمو»:


- وَاللهِ ذَبْحُهُ حَلالٌ، يَجِبُ ذَبْحُهُ قَبْلَ ذَبْحِ أُخْتِهِ الفاجِرَةِ.


تَبِعَهُ عَمِّي «الحاجُّ ممدوح»:


- فَكَّرْنا بطريقةٍ لقتلِها، ولهذا جئنا إليك.


أدرك والدي أنَّ الكلامَ موجَّهٌ إليه، قال حائرًا:


- وماذا بمقدوري أن أفعلَ أنا؟! أنتم، كما تقولون، تَحدَّثتم مع «الحاج حمدو» ورفضَ قتلَها. فهل سيستمع إليَّ؟!


أشعلَ «الحاج قدّور» سيجارته، عبَّ نفثًا عميقًا، قال:


- نحن لم نأتِ لنطلبَ منك أن تتحدّث مع أخيها.


ولأوّل مرّة يتدخّلُ عمي «الحاج محيو»:


- جئنا لنعرضَ عليكَ فكرةً، كنّا قد توصّلنا إليها.


سأل أبي بدهشة:


- تَعرضون عليَّ فكرة؟!


سعلَ عمّي «الحاج وضّاح» صاحب أطولِ أنفٍ في عائلتنا، ودَمْدَمَ:


- ما رأيُكَ أن يقتلَها ابنُكَ «مصطفى»؟


قفز قلبي من سُباته، أَحْسَسْتُ بحبلِ المشنقةِ يلتفّ حول عنقي، داهمني رعبٌ وبردٌ، هل أنا من سيقومُ بقتلِها؟! ولكن من هي؟ وما اسمها؟ أنا لا أعرِفُها، ولا أعرِفُ أخاها!! ثمّ ما صِلةُ القُربى بيني وبينها؟!


وتنبَّهتُ على صوتِ والدي:


– ولماذا اخترتم ابني؟! وكلّكم عندكم أبناء، وصِلةُ القُربى بينكم وبينها أكثر.


ابتسمَ عمّي «الحاج سلّوم»، وهتف:


- يا ابنَ العمّ، ابنُكَ تركَ المدرسة، أمّا أولادُنا، فهم يتابعون دراستَهم، ونحن لا نريدُ تدميرَ مستقبلهم.


غلى الدّمُ في عُروقي، أوشكتُ أن أُعلِن:


- أنا لستُ مستعدًّا لدخولِ السّجن.


لكنّ أبي وفّرَ عليَّ الكلام:


- ابني غالٍ عليَّ، كما أولادُكم غالونَ عليكم. وأنا لا أفرّطُ به، لكن عندي فكرة، إن وافقتم عليها، فأنا جاهز.


عددٌ من الجالسينَ تساءلوا:


- ما هي فكرتك؟! أخبرنا.


تابعَ أبي:


- نكتبُ أسماء أولادِنا، كلّ مَن لم يتجاوزِ السّنّ القانوني، نُسجّل اسمَه،

ثمّ، نقومُ بإجراء «قُرعة»، ومَن تقعُ عليه «القُرعة» يقومُ بقتلها.


كان الرّفضُ شديدًا من الجميع، هم يدّعون أنّ أولادهم يُريدون متابعةَ دراستِهم، وأنا تركتُ المدرسة.


الكلّ راح يهتفُ، ويصرخُ، ويزعقُ، ويصيح:


- لن نتخلّى عنه.


- سنُوكِل له أكبرَ محامٍ.


- سنُقدِّم له كلّ ما يحتاجه في السّجن.


قاطعهم أبي:


- لكنّني أخرجتُه من المدرسة ليساعدني في حملِ مسؤوليّة البيت.


- نحنُ سنُساعدك.


- نشتري لك منزلاً، ونُريحك من مشكلةِ الإيجار.


- سندفع لك راتبًا شهريًّا.


- ونُزوِّج ابنك واحدةً من بناتنا، بعد أن يخرج من السّجن.


وثَبَ قلبي من جديد، أُعجبتُ بفكرتهم، فأنا أحبّ «انتصار» ابنة «الحاج أحمد»، لكن لا أمل لديّ،والدُها غنيّ، وأنا لم أُؤدِّ خدمةَ العسكريّة بعد، وأمّي تقول:


- «انتصار» ستتزوّجُ قبلك، فهي أصغرُ منك بسبعةِ أشهرٍ فقط، وستنجبُ عدّة أطفالٍ، قبل أن نفكِّرَ بزواجك.


نعم، سأقبلُ بعرضهم، أجل، سأوافق.


هم يقولونَ إنّي لن أُسجَن طويلاً، المهمُّ أن أحقّقَ حلمي، وأحوزَ على حبيبتي، ثمّ إنّي سأنقذُ أهلي من مشكلةِ الإيجار.


لكنَّ الباب فُتِحَ علينا، أطَلَّت أمّي بوجهٍ متجهِّمٍ، رمقتْ الجميعَ بنظرةٍ قاسيةٍ، قالت وهي ما تزالُ واقفةً عند الباب:


- ابنك يا «حاجّ محيو»، أيضًا تركَ المدرسة.. فلماذا لا يقتلُ ابنةَ عمّه السّاقطة؟!


احمرّ وجهُ «الحاجّ محيو»، وبعد أن تطلّع بوجوهِ الجميع، أجابَ بتلعثم:


- ابني «محمد» لا يقدرُ أن يقتلَ عصفورًا. ابني لا يستطيع.


وقبلَ أن تردَّ أمّي، وهي محمَرَّةُ الوجهِ، يقدحُ الشَّررُ من عينيها، ارتفعَ صوتُ طرقٍ على الباب، وتعالى صوتُ «الحاجّ منير»، وهو يشتمُ أسرتَنا وعائلتَنا، مناديًا رجولةَ أبي للخروجِ إليه.


ووقفَ الرّجالُ، تأهّبوا، ثمّ خرجوا من الباب، غيرَ آبهينَ لشتائمِ «الحاجّ منير»، وسبابِ والدتي، الّذي كان يُطاردهم في الحارَة.*


   مصطفى الحاج حسين.  

          حلب ١٩٩٠م



تعليق على الحوار بين الباحثة الأكاديمية الدكتورة لمى مرجيّة ـ زهر والأستاذ أوس يعقوب من العربي الجديد ضفة ثالثة منبر ثقافي عربي حول كتابها "تطوّر المسرح الفلسطيني (1948 ـ 1975) مبينا مكنونات الحوار وأهدافه. بقلم الكاتب طه دخل الله عبد الرحمن

 تعليق على الحوار بين الباحثة الأكاديمية الدكتورة لمى مرجيّة ـ زهر والأستاذ أوس يعقوب من العربي الجديد ضفة ثالثة منبر ثقافي عربي حول كتابها "تطوّر المسرح الفلسطيني (1948 ـ 1975) مبينا مكنونات الحوار وأهدافه.

الحوار:  

ولدت الباحثة الأكاديمية الدكتورة لمى مرجيّة ـ زهر في مدينة الناصرة، وأنهت مرحلتي الابتدائية والثانوية فيها، ثم واصلت تعليمها الجامعي في جامعة حيفا، وحصلت على البكالوريوس والماجستير في موضوع اللغة العربية وآدابها، وحصلت على الدكتوراة من جامعة تل أبيب، بعد أن قدّمت رسالة عن تطوّر المسرح الفلسطيني من عام 1948 حتّى عام 1975، موثّقة في رسالتها حوالي 320 مسرحية كتبت ووضعت في فلسطين خلال هذه الفترة الزمنية.

أصدرت حتّى الآن أربعة كتب للأطفال، هي: "ريما والضرير"، و"الطفل الذي علّم أباه درسًا"، و"لين وجوري"، و"ذكاء الطفل زيدان". ولها بحثان في المسرح الفلسطيني: "المسرح الفلسطيني حتّى عام 1948"، و"تطوّر المسرح الفلسطيني (1948 ـ 1975) نظرة اجتماعية، سياسية وأسلوبية"، بالإضافة إلى بحث ثالث بعنوان "مسرح الطفل".

نشرت مقالات عديدة في الصحف المحلّية والمواقع الإلكترونية الفلسطينية والعربية، تناولت فيها الجوانب الحياتية كافة، وخصوصًا النواحي الثقافية والأدبية واللغوية، كما أنجزت مشروعًا وطنيًا هو تجميع وتوثيق الروايات المسرحية التي ألّفها وترجمها رائد المسرح الفلسطيني جميل حبيب البحري (1895 ـ 1930)، ورغم كل الصعوبات والعوائق، بحثت ونقبت خلال سنوات عدة في الصحف والجرائد والمجلّات والملاحق الأدبية القديمة جدًا، الفلسطينية بخاصّة، والعربية عامّة (قبل ضياعها واندثارها)، فوجدت غالبية هذه الروايات المسرحية، ووثّقتها في مجلّد كبير الحجم، عدد صفحاته يزيد عن 1150 صفحة، ليكون وثيقة حيّة بين أيدي الباحثين والدراسين والقارئين (وسينشر هذا المجلّد قريبًا).

كما نشرت مقالين باللغة الإنكليزية في مجلّتين محكّمتين عالميتين.

حاليًا تدرّس موضوع المسرح الفلسطيني في كلّيّة القاسمي، في باقة الغربية في الداخل الفلسطيني، وموضوع اللغة العربيّة في مدرسة الجليل الثانوية في مدينة الناصرة.

هنا حوار معها حول شغفها بالمسرح منذ نعومة أظفارها، وعن دراساتها المتخصّصة بالمسرح الفلسطيني، وآخرها كتاب "تطوّر المسرح الفلسطيني (1948 ـ 1975): نظرة اجتماعية، سياسية وأسلوبية"، والذي صدر أخيرًا وكتابها المشترك مع والدها الباحث الدكتور بشارة مرجيّة، الموسوم بـ"مسرح الطفل".

(*) في مستهل حوارنا؛ أسألك عن كتابك "تطوّر المسرح الفلسطيني (1948 ـ 1975)..."، والذي هو في الأصل بحث نلت عنه شهادة الدكتوراة. ما الذي دفعك إلى اختيار هذا الموضوع تحديدًا؟ ومن قبل ما هي علاقتك بالمسرح؟

اختيار الموضوع لم يكن من فراغ، فأنا من عشّاق المسرح بشكلٍ عامّ، وقد وُلدتُ في بيت يحترم المسرح ويؤمن به. ومنذ صغري، اعتاد والداي اطّلاعي على مختلف المسرحيات، وهكذا كبر عشقي لهذا الموضوع... وحين أتحدّث عن مساري الأكاديمي، فاختياري لدراسة موضوع المسرح الفلسطيني بالذات كان نتيجة نقطة تحوّل اكتشفت من خلالها العلاقة العميقة بين المسرح كأداة ثقافية وبين المقاومة الفلسطينية. في البداية، كنت مهتمّةً بجانب تقني، أو فنّي، للمسرح بشكلٍ عامّ، لكن عندما بدأت في دراسة تاريخ المسرح الفلسطيني، لاحظت كيف كان هذا الفنّ يعكس ويشكّل الهوية الوطنية، ويعبّر عن معاناة الشعب الفلسطيني. تلك اللحظة التي فهمت فيها الأبعاد السياسية والاجتماعية التي يحملها المسرح الفلسطيني، شكّلت منعطفًا حاسمًا في توجّهاتي الأكاديمية. منذ ذلك الحين، ركّزت دراساتي وبحثي بشكلٍ أكبر على الربط بين الفنّ والسياسة، وكيف يمكن للمسرح أن يكون أداة فعّالة في التعبير عن القضايا الوطنية والاجتماعية.

(*) هل واجهتك أيّ معوّقات، أو صعوبات، أثناء تحرير الكتاب، والعمل عليه؟

من أبرز الصعوبات التي واجهتني في دراستي لموضوع المسرح الفلسطيني كانت التحدّيات المتعلّقة بالكتابة عن هذا الموضوع بالذات، والذي يُعد موضوعًا حساسًا للغاية، وأنا أتحدّث هنا من منطلق الوضع السياسي الذي نعيشه نحن الفلسطينيون في الداخل (عرب الـ48)، بالإضافة إلى الصعوبات المتعلّقة بشُحّ المصادر والمراجع الأكاديمية المتخصّصة. المسرح الفلسطيني، على الرغم من غناه وتاريخه الطويل، لم يحظَ بما يستحقّه من توثيق أكاديمي شامل، الأمر الذي جعل من الصعب العثور على دراسات نقدية عميقة وموثوقة. بالإضافة إلى ذلك، كان من الصعب العثور على أرشيفات، أو مواد مسرحية قديمة، حيث تعرّض كثير منها للتدمير، أو الإخفاء، بسبب الأوضاع السياسية الصعبة التي مرّ بها الفلسطينيون، وبعض العروض والكتابات المسرحية التاريخية كانت موجودة في ذاكرة الأفراد فقط، أو في شكل نسخ غير رسمية، مما فرض تحدّيات كبيرة على عملية التوثيق والتحليل.

المسرح ابن اللحظة التاريخية

(*) لماذا اخترت الفترة الزمنية من سنة النكبة 1948 إلى سنة 1975 تحديدًا؟ وكيف قرأتِ تأثير وانعكاسات الأوضاع الاجتماعيّة والثقافية والسياسية، على حركة المسرح الفلسطيني خلال هذه الفترة؟

اخترتُ دراسة المسرح الفلسطيني في الفترة الواقعة بين عامي 1948 و1975 لما تحمله هذه المرحلة من أهمية تاريخية مفصلية في تشكيل الوعي الفلسطيني، سواء على الصعيدين السياسي، أو الثقافي. ففي عام 1948 وقعت النكبة، التي لم تقتصر آثارها على الجغرافيا والسياسة فحسب، بل خلخلت أيضًا البنية الاجتماعية والثقافية للشعب الفلسطيني، ودفعت بالمثقّفين والفنّانين إلى البحث عن أدوات جديدة للتعبير، كان المسرح من أبرزها، وتلي النكبة أحداث سياسية مفصلية أخرى. أمّا عام 1975، فهو بداية تحوّل في أشكال التعبير المسرحي وتوجّهاته، لا سيّما مع تصاعد الوعي السياسي والتنظيمي للفلسطينيين وظهور مؤسّسات مسرحية أكثر احترافًا، وهذا الأمر كان سيوسّع ويضخّم بحثي بشكلٍ لن أستطيع السيطرة عليه ضمن عدد صفحات منطقي، وسيأخذ بحثي إلى منحى آخر، وهنا قرّرتُ التوقّف عند هذه السنة، لأنّ الموضوعات والاستراتيجيات البحثية ستختلف كثيرًا، وهذا يحتاج لبحث آخر مكثّف سأواصل به مستقبلًا بإذن الله.

لقد أردتُ من خلال هذه الدراسة أن أستقصي كيف كان المسرح، في هذه الفترة الحرجة، مرآةً تعكس واقعًا اجتماعيًا متغيّرًا ومتأزّمًا، وفي الوقت نفسه أداة مقاومة ثقافية تُعيد تشكيل الهوية الجمعية وتُحافظ على الذاكرة الوطنية. فالمسرح لا يولد في الفراغ، بل هو ابن اللحظة التاريخية، يتغذّى من معاناة الناس وآمالهم، وينبض بما يدور في الشارع والساحة السياسية. من هنا جاءت أهمّية هذه المرحلة بالنسبة لي، لا كفترة زمنية فقط، بل كمساحة حيوية لفهم كيفية تبلور ملامح المسرح الفلسطيني كفنّ ملتزم وفاعل، في ظلّ سياقات من التهجير والقمع والتشتت.

(*) ما تأثير التراث على المسرح الفلسطيني بعد النكبة وحتّى حرب 1973؟ وما هي أبرز التطوّرات التي مرّ بها المسرح الفلسطيني، سعيًا لبلورة هويته الفلسطينية، وكذلك مراحل التطوّر الشكلي والأسلوبي للمسرحيات الفلسطينية؟

بعد نكبة 1948، كان المسرح الفلسطيني في حاجة ماسة لإعادة تشكيل نفسه، ليس فقط من حيث الشكل والمحتوى، بل من حيث الوظيفة الثقافية والسياسية التي أصبح يحملها. في تلك الفترة، كانت فلسطين قد فقدت جزءًا كبيرًا من أرضها وهويتها الثقافية، وكان المسرح أحد الوسائل الفعّالة لتوثيق الذاكرة الفلسطينية وحفظ التراث الشعبي.

التراث الفلسطيني، بما يحتويه من أساطير، وأمثال شعبية، وأغانٍ، ورقصات، وممارسات اجتماعية وغيره، لعب دورًا كبيرًا في تشكيل هوية المسرح الفلسطيني. وقد تمّ إعادة استحضار هذا التراث بشكل جمالي وفنّي، بحيث يصبح مصدرًا للإلهام في كتابة النصوص وتصميم المشاهد المسرحية. المسرح الفلسطيني بعد النكبة لم يكن مجرّد فنّ في حدِّ ذاته، بل أداة للتعبير عن مقاومة القمع والتشريد، وتأكيد الوجود الفلسطيني رغم محاولات محو الهوية.

من أبرز التطوّرات في هذه الفترة كانت محاولات دمج التراث الشعبي بالأساليب المسرحية الحديثة. في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، بدأ المسرحيون الفلسطينيون في تشكيل أعمال مسرحية تعكس معاناة الشعب الفلسطيني، حيث تمّ استلهام عدد من الرموز التراثية مثل "الفلاح"، و"المجاهد"، و"المرأة الفلسطينية"، لتكون شخصيات محورية في المسرحيات. هذا الدمج بين التراث والشكل المسرحي الحديث شكّل علامة فارقة في التطوّر الشكلي للأسلوب المسرحي الفلسطيني.

ومع تطوّر المسرح الفلسطيني في السبعينيات، تبلورت أساليب مسرحية أكثر تنوّعًا، فبدأت تظهر الأساليب التعبيرية (مثل المسرح الوجودي والمسرح الملحمي)، التي كانت محاكاة للأوضاع السياسية المضطربة، مع التركيز على قضية الاحتلال وأبعادها الإنسانية والاجتماعية. كما ساعدت الحرب الأهلية اللبنانية، وحرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، في بلورة اتّجاهات جديدة في الكتابة المسرحية، حيث تمّ التركيز على الوحدة العربية، والنضال المشترك ضدّ الاستعمار.

أمّا في ما يتعلّق بالتطوّرات الشكلية، فقد كانت هنالك تغيّرات كبيرة على مستوى النصوص المسرحية، حيث بدأ عدد من الكتّاب الفلسطينيين يتّجهون إلى الكتابة المسرحية المعاصرة التي تُعالج قضايا الهوية والمقاومة والتشرّد، مستفيدين من الأسلوب الواقعي السحري والتجريبي. وتمّ تكريس هذه الاتّجاهات في محافل المسرح العربي والدولي، بما ساهم في وضع المسرح الفلسطيني على الخريطة العالمية.

بالتالي، يمكن القول إنّ التراث الفلسطيني كان الأساس الذي بُني عليه المسرح الفلسطيني في تلك المرحلة، لكنّه لم يكن مجرّد تكرار للأشكال التقليدية؛ بل تمّ إعادة إنتاجه وتحديثه في سياق سياسي واجتماعي جديد، ممّا ساعد على بناء هوية مسرحية فلسطينية فريدة في ظلّ التحدّيات السياسية والاجتماعية.

(*) خلال الفترة (1948 ـ 1975) خضعت الحركة المسرحية الفلسطينية في الأراضي المحتلّة لرقابة إسرائيلية صارمة، كأيّ نشاط ثقافي وفنّي تحت الاحتلال، فكيف عمل المسرحيون الفلسطينيون للتخلّص من رقابة المحتلّ ومن ملاحقتهم والتضييق عليهم؟

خلال الفترة ما بين 1948 و1975، كانت الحركة المسرحية الفلسطينية في الأراضي المحتلّة تواجه رقابة إسرائيلية صارمة لم تقتصر على منع العروض المسرحية، بل شملت أيضًا ملاحقة الفنّانين، وتقييد النصوص، وفرض موافقات مسبقة على أيّ نشاط ثقافي. في هذا السياق القمعي، لم يكن أمام المسرحيين الفلسطينيين سوى البحث عن طرق خلاقة وذكية للتحايل على هذه الرقابة والتضييق، من دون التخلّي عن رسائلهم الوطنية والإنسانية.

من أبرز الوسائل التي اعتمدها المسرحيون الفلسطينيون لمواجهة الرقابة كانت اللجوء إلى الرمزية، واستخدام آلية التناص، حيث أصبحت اللغة المسرحية غنية بالدلالات غير المباشرة، وقد كتبتُ مقالًا باللغة الإنكليزية حول آلية التناص المستخدمة في المسرح الفلسطيني، حيث رأيت أن ذلك ضرورة أكثر من كونه أسلوبًا فنّيًا جماليًا. تمّ استخدام الحكايات الشعبية، والأساطير، وأحداث تاريخية قديمة، كأقنعة فنّية لتمرير رسائل معاصرة تتعلّق بالاحتلال والهوية والظلم. بهذه الطريقة، استطاع المسرحيون الحديث عن واقعهم من دون الاصطدام المباشر مع الرقابة.

كذلك لجأ عدد من المسرحيين إلى تنظيم عروضهم في أماكن مغلقة وغير رسمية، مثل البيوت، أو المراكز الثقافية الصغيرة، أو المدارس، لتفادي الرقابة الرسمية. وفي بعض الحالات، تمّ تقديم العروض من دون إعلان مسبق، أو ضمن فعاليات اجتماعية أخرى لإخفاء طبيعتها السياسية. من جهة أخرى، سعى المسرحيون إلى تأسيس فرق مسرحية تحمل طابعًا ثقافيًا عامًّا لتجنّب الحظر، لكنّهم كانوا يحملون أعمالهم بطبقات متعدّدة من المعاني التي كان الجمهور الفلسطيني قادرًا على فكّ شيفراتها بسهولة. بالتوازي، كانت هنالك محاولات للتعاون مع فرق مسرحية عربية في الخارج، أو الاستفادة من تجارب المسرح العالمي في تقديم أعمال تبدو "كونية" في ظاهرها، لكنّها تنقل المعاناة الفلسطينية في جوهرها. بالتالي، لم يكن المسرح الفلسطيني مجرّد فنّ مُقاوِم للرقابة، بل كان فضاءً للإبداع المقاوم، حيث تحوّل القمع إلى محفّز للبحث عن أشكال تعبيرية جديدة، وأساليب سردية مبتكرة تُثبت أنّ الكلمة الحرّة يمكن أن تنجو حتّى تحت الاحتلال.

(*) كيف استقبل النقّاد والجمهور في الداخل الفلسطيني هذا الكتاب؟

كان استقبال النقّاد والجمهور في الداخل الفلسطيني لكتابي موضع تقدير واهتمام، وقد شكّل ذلك بالنسبة لي دافعًا إضافيًا للاستمرار في هذا المسار البحثي. النقّاد رأوا في الكتاب مساهمة نوعية في سدّ فجوة واضحة في التأريخ والتحليل الأكاديمي للمسرح الفلسطيني، لا سيما في الفترة الممتدّة بين 1948 و1975، التي لطالما عانت من التهميش.

ما لفتني أيضًا هو أنّ بعض القرّاء ـ من فنّانين وأكاديميين وجمهور عامّ ـ عبّروا عن امتنانهم لتسليط الضوء على أعمال وتجارب مسرحية كادت تُنسى، أو لم تحظَ بالاهتمام الذي تستحقّه. وقد عبّر بعضهم عن تأثّرهم بالطريقة التي ربط بها الكتاب بين التحليل الفنّي والسياق السياسي والاجتماعي، مما جعل المحتوى أكثر قربًا من واقعهم وتجاربهم الحياتية.

أمّا على الصعيد النقدي، فقد أشاد عدد من النقّاد بالمنهجية التي اتّبعتها، سواء من حيث رصد المصادر الشفوية والأرشيفية، أو في تحليل النصوص المسرحية ضمن سياقاتها التاريخية والثقافية. وقد دار كثير من النقاش حول أهمّية إعادة قراءة التراث المسرحي الفلسطيني، لا بوصفه مجرّد انعكاس للواقع، بل كأداة فاعلة في تشكيل الوعي والهوية الوطنية.

(*) ما تأثير الوالد على مسيرتك الأكاديمية والإبداعية، وكيف كانت بواكير البداية؟

والدي الدكتور بشارة مرجيّة له باع طويل في الأدب العربي، وأدب الأطفال، وهو قدوتي ومثالي الأعلى في كلّ شيء، ولطالما آمنتُ بأنّ عشق اللغة العربيّة انتقل إليّ عبر الجينات، فوالدي هو من أورثني حبّ اللغة والشغف المتعطّش للبحث الدائم، بالإضافة إلى الرسالة الإنسانية التي رافقتني منذ الصغر، من حيث أهمّية وضع بصمتي الخاصّة في موضوعات لم تُبحث سابقًا، أو لم تنل حقّها الكافي من الدراسة والبحث؛ من هذا المنطلق اخترت بحث "المسرح الفلسطيني"، فهذا الموضوع أُهمل كثيرًا رغم أهمّيته، فشعرت بحاجة ملحّة لدراسته ووضع قاعدة متينة لدراسات لاحقة سيقوم بها دارسون شغوفون مثلي.

(*) "مسرح الطفل" هو كتابك الثاني، وهو ثمرة جهد مشترك بينك وبين والدك. كيف تبلورت فكرة هذا الكتاب؟ وما الذي قادكما نحو هذا الموضوع؟ وما هو مضمونه؟

كتاب "مسرح الطفل" هو ثمرة تجربة فكرية وإنسانية عميقة جمعتني بوالدي، الذي لطالما كان له دور محوري في تشكيل وعيي الثقافي منذ الطفولة. جاءت فكرة الكتاب من إدراك مشترك بيننا لأهمّية مسرح الطفل، لا بوصفه مساحة ترفيهية فقط، بل كأداة تربوية وتثقيفية قادرة على التأثير العميق في بناء وعي الأجيال القادمة.

لاحظنا معًا وجود فجوة واضحة في الدراسات العربية، والفلسطينية تحديدًا، حول هذا النوع من المسرح، سواء على مستوى التنظير، أو التوثيق، أو النقد. وهكذا بدأت الفكرة تتبلور: أن نقدّم مرجعًا يعالج مسرح الطفل من زوايا متعدّدة، يجمع بين الجانب النظري والتحليلي، وبين الخبرة الأدبية والتربوية، وهي خبرة حملها والدي لسنوات طويلة من خلال عمله الأكاديمي، وإنتاجه الأدبي.

يقوم مضمون الكتاب على محاور أساسية عدة، من بينها: تطوّر مسرح الطفل عربيًا وفلسطينيًا، وخصائص الكتابة المسرحية الموجّهة للأطفال، والأبعاد النفسية والتربوية لهذا الفنّ، وأمثلة على نصوص مختارة وتحليلها. كما تطرّقنا إلى تحدّيات إنتاج مسرح الطفل في ظلّ الأوضاع السياسية والاجتماعية المعقّدة، وغياب الدعم المؤسّساتي أحيانًا.

العمل على هذا الكتاب لم يكن مجرّد مشروع بحثي، بل كان أيضًا مساحة حوار بين جيلين، وتلاقي رؤى بين خبرة الأب واندفاع الابنة، وهو ما منح العمل طابعًا خاصًّا وشخصيًا إلى جانب قيمته الأكاديمية. نأمل أن يشكّل هذا الكتاب إضافة حقيقية للمكتبة العربية، وأن يسهم في إحياء الاهتمام بمسرح الطفل كرافعة ثقافية وتربوية لا غنى عنها.

(*) كيف تقرأين حضور المسرح عمومًا في المشهد الثقافي والفنّي في الداخل الفلسطيني؟ هل كان دوره إيجابيًا في إنتاج المعرفة؟ وهل أنتج ظاهرة فنّية، أم أنّه لم يزل في مراحل نمو بطيئة؟

قراءة حضور المسرح في المشهد الثقافي والفنّي في الداخل الفلسطيني تقتضي مقاربة مزدوجة تجمع بين الاعتراف بالإنجازات من جهة، وبين الوعي بالتحدّيات البنيوية والظرفية التي لا يزال يواجهها المسرح من جهة أخرى.

لا يمكن إنكار أنّ المسرح في الداخل الفلسطيني لعب دورًا مهمًا في الحفاظ على الهوية الثقافية، وتشكيل وعي جمعي مقاوم، خاصّة في ظلّ واقع الاحتلال وتضييق الحرّيات. لقد كان المسرح، في كثير من الأحيان، بمثابة منبر بديل للخطاب السياسي والاجتماعي، وهو أحد أبرز الفنون التي نجحت في التماهي مع الواقع، ومخاطبة الجمهور بوعي نقدي.

من جهة إنتاج المعرفة، أرى أنّ المسرح في الداخل الفلسطيني ساهم بشكل واضح في طرح الأسئلة الكبرى المرتبطة بالهوية والانتماء واللغة والذاكرة، وفتح آفاقًا فكرية وجمالية جديدة، سواء عبر النصوص المسرحية، أو العروض التي تجرّأت على مساءلة السائد، وكسر المحظورات. عدد من المسرحيين تعاملوا مع المسرح لا كمجرّد وسيلة ترفيه، بل كمساحة معرفية ومجتمعية حيّة قادرة على التأثير والتغيير.

أمّا من ناحية كونه ظاهرة فنّية ناضجة، أو لا تزال في طور النمو، فالإجابة تعتمد على زاوية النظر. هنالك بالتأكيد تجارب ناضجة، وفرق مسرحية رائدة مثل مسرح "الميدان" في حيفا، ومسرح "الحكواتي"، وغيرهما، كما توجد تجارب فردية مميّزة أثبتت قدرتها على الإبداع. ومع ذلك، لا يزال المسرح يعاني من بطء في التطوّر لأسباب عدّة، منها: ضعف التمويل، وغياب السياسات الثقافية الداعمة، وتهميش المسرح في المنظومة التعليمية، وغياب البنية التحتية الملائمة في بعض المناطق، وغيرها.

بالتالي، يمكن القول إنّنا أمام مشهد مسرحي واعد، يحمل في داخله بذور الظاهرة الفنّية المتكاملة، لكنّه لا يزال في حاجة إلى بيئة حاضنة، وإلى استراتيجيات مؤسّساتية وثقافية جادة تُمكّنه من التحوّل إلى قوّة فنّية مؤثّرة ومستدامة في النسيج الثقافي الفلسطيني.

(*) ما الذي تحضرين له في الوقت الحالي، وفي المستقبل القريب، على صعيد الكتابة؟

في الوقت الراهن، أعمل على مشروع بحثي جديد يُعنى بدراسة التجارب المسرحية النسوية في السياق الفلسطيني، من خلال تتبّع حضور المرأة ككاتبة ومخرجة وممثلة، وكيف انعكست قضاياها في المتن المسرحي، لا سيما في ظلّ التحدّيات المجتمعية والسياسية المركّبة. أهدف من خلال هذا المشروع إلى تسليط الضوء على الأصوات النسائية التي غالبًا ما تمّ تهميشها، رغم حضورها الفعّال والإبداعي في المشهد المسرحي.

كما أضع اللمسات الأولى على كتاب جديد موجّه للأطفال يجمع بين الحكاية المسرحية والتربية الجمالية، إيمانًا مني بأهمّية مخاطبة الأجيال الصغيرة عبر أدوات فنّية تزرع فيهم حبّ الفنّ والانتماء والمعرفة.

وعلى المدى القريب، أنوي التفرّغ لتوسيع البحث في موضوع الذاكرة المسرحية الفلسطينية، من خلال أرشفة العروض والفرق والرموز الفنّية التي ساهمت في تشكيل هذا الفنّ، وذلك للحفاظ على الإرث المسرحي وتقديمه للأجيال القادمة بمرجعية موثوقة وشاملة.

وأخيرًا، الكتابة بالنسبة لي ليست مجرّد إنتاج فكري، بل هي امتداد لمسؤولية ثقافية، ومحاولة متواصلة للمساهمة في صياغة خطاب نقدي فلسطيني معاصر يحاور الواقع، ولا ينعزل عنه.

****************************************  

التعليق:

يقف هذا الحوار شاهداً على مشروع ثقافي متوهج، يجسد بصدق معنى "المقاومة بالذاكرة". إنه حوار لا يسرد سيرة ذاتية فحسب، بل يفتح نافذة على روح أمة تخلق الفن من رحم المعاناة، وتُبدع المسرح من بين أنقاض النكبة.

في قلبِ هذا المشهدِ المهيب، تطلُّ الدكتورةُ لمى مرجيّة ككاهنةٍ للذاكرةِ الجمعية، وكفنانةٍ تنسجُ من خيوطِ المأساةِ سجادةً من الأمل. إنها لا تكتفي بتوثيقِ المسرحِ الفلسطيني، بل تُعيدُ بناءَ عالمٍ كاملٍ من تحتِ الأنقاض. في كتابها "تطوّر المسرح الفلسطيني (1948-1975)"، تتحولُ إلى مؤرِّخٍ للروح، وراصدةٍ لحركةِ الوعي في ظلِّ الغياب. الكتابُ ليس مجردَ دراسةٍ أكاديمية، بل هو سردٌ ملحمي لمعركةِ الوجود، حيثُ تتحولُ خشبةُ المسرح إلى ساحةِ معركةٍ ثقافية، والرمزُ إلى خندقٍ للتحايلِ على آلةِ محوِ الهوية.

يكشفُ الحوارُ عن طبقاتٍ عميقةٍ من الدلالات:

المسرحُ كمساحةٍ للمقاومة الوجودية: حيثُ يتحولُ الفنُ من ترفٍ إلى ضرورة، ومن تسليةٍ إلى وسيلةٍ للبقاء. فالمسرحُ الفلسطيني لم يكن يعكسُ الواقعَ فحسب، بل كان يصنعُ واقعًا بديلاً، ويخلقُ حيزًا للحريةِ في قلبِ القيد.

الذاكرةُ كفعلٍ ثوري: فما تقومُ به الدكتورةُ لمى هو فعلُ مقاومةٍ بالذاكرة، حيثُ تنتشلُ تراثًا مسرحيًا كاد يضيعُ في متاهاتِ النكبةِ والتشتت. إنها تُعيدُ بناءَ سرديةٍ فلسطينيةٍ من خلالِ توثيقِ 320 مسرحية، كاشفةً كيفَ حوّلَ الفلسطينيون فقدانَ الأرضِ إلى امتلاكٍ للكلمة.

الرمزُ كاستراتيجيةٍ للبقاء: فيشرحُ الحوارُ كيفَ تحولَ المسرحُ إلى فضاءٍ للغةٍ مزدوجة، حيثُ يتحدثُ بالرمزِ والإيحاءِ ليخترقَ جدارَ الرقابة. إنه مسرحُ الإيماءاتِ الخفية، والإشاراتِ المتفقِ عليها بين الممثلِ والمتفرج، كشفراتٍ سريةٍ في معركةِ الهوية.

التوارثُ المعرفي كاستمراريةٍ للحضارة: فالحوارُ يكشفُ كيفَ تنتقلُ القضيةُ والمعرفةُ كجيناتٍ ثقافيةٍ من الأبِ الباحثِ إلى الابنةِ الأكاديمية، في مشهدٍ نادرٍ يجسّدُ استمراريةَ المشروعِ الثقافي عبرَ الأجيال.

المسرحُ كمرآةٍ للتحولاتِ الكبرى: حيثُ يوثقُ الكتابُ كيفَ كان المسرحُ سجلاً حيًا لتحولاتِ الوعي الفلسطيني من مرحلةِ الصدمةِ بعد النكبة، إلى مرحلةِ التشكلِ في الخمسينيات، وصولاً إلى مرحلةِ البلورةِ في السبعينيات.

ولا يغيب عن هذا المشهد الوالد الباحث الدكتور بشارة مرجيّة، الذي مثل الجذور العميقة لهذه الشجرة المثمرة، فجاء كتابهما المشترك "مسرح الطفل" تتويجاً لحوار بين جيلين، وجسراً بين الأكاديمية والتربية، وبين الإرث والابتكار.

إنَّ هذا الحوارَ مع الدكتورةِ لمى مرجيّة هو أكثرُ من حديثٍ عن كتاب، إنه رحلةٌ في جغرافيا الروحِ الفلسطينية، ورصدٌ لتحولاتِ الوعي الجمعي عبرَ فنّ المسرح. إنه يشهدُ أن الأمةَ التي تُبدعُ تحتَ الاحتلال، وتخلقُ جمالاً تحتَ القمع، وتصنعُ مسرحًا تحتَ الدمار، هي أمةٌ لا يمكنُ أن تموت، لأنها تمتلكُ سرَّ الخلودِ في الفنِ والكلمة.

هكذا، يظل هذا الحوار نبعاً من إصرار العقل الفلسطيني على الانتصار بالثقافة، وتذكيراً بأن الأمة التي تخلق فنها من ألمها.. هي أمة لا تقهر. فتحية للدكتورة لمى على ذلكَ العزمَ الأكاديمي الذي حوّلَ شغفَ الطفولةِ إلى مشروعٍ ثقافي خالد، وجعلَ من البحثِ الأكاديمي قضيةً وجودية، ومن التوثيقِ العلمي رسالةً إنسانية. إنها تذكرنا أن المعركةَ الحقيقيةَ ليست معركةَ وجودٍ على أرضٍ فحسب، بل هي معركةُ وجودٍ في الذاكرةِ والتاريخِ والوعي الإنساني.

طه دخل الله عبد الرحمن

البعنه == الجليل

2/11/2025



صرخة الفاشر بقلم الكاتب عبدالرحيم العسال

 صرخة الفاشر

=======٪==

أنا لا أصدق ما أري

أو ذاك حلم أم كرى؟ 

قتل وتشريد هنا

والعرض يهتك للورى

دفن لأحياء غدا

نهجا وترك بالعرا

هل قال ربي هكذا؟ 

ظلم وربي ما جرى

هل مسلم من جاءه؟ 

من قاله محض إفترا

أخ يقتل إخوة

من أجل ماذا يا ترى؟ 

من أجل مال يجتري

من أجل تبر في الثرى

والله قال بكتبه

الرزق عندي لا مرا

عودوا إلى ألبابكم

عودوا نوثق ذي العرى

أصل ودين واحد

فلم التفرق ذا أرى؟ 

عودوا ولموا شملكم

ودعوا وفوتوا ذا الهرا

يا رب واحقن دمهم

وأحفظ بلادا والورى

والطف إلهي بأهلنا

إن الضيوف لهم قرى

أنت الكريم ودعوتي

فاقبل أيا رب الورى


(عبدالرحيم العسال - مصر - سوهاج - اخميم)


هدية والدي بقلم الكاتب المنصوري عبد اللطيف

 ***هدية والدي****

يوم عيد ميلادي

اهداني ابي

بندقية

وغصن زيتون

و كوفية

ورسم خريطة

وطني

على محفظتي

وملأها

قنابل

وبارود

واوصاني 

بالدفاع عن وطني

واشار الى أن

ساحة القتال

ديدن وجودي

اوصاني 

اوصاني

أبي

بالدفاع عن وطني

مادمت حيا

وان اقاتل من اجل

وطني

حتى آخر انفاسي

انشد المجد

العزة

الكرامة

لوطني

المنصوري عبد اللطيف

ابن جرير 3/11/2025

المغرب



أفتيني أمـاه بقلم الأديب سعيد الشابي

 أفتيني أمـاه

أمــاه ... 

اني رأيت ذات اليمين

أحمرة ...

وبغالا ، وجمالا

وأرانب...وكلابا ...

وزواحف أسلابا...

على هيئة آدم

رأيتهم أمـــاه...

لصــــنم يسجدون

كــبر مقتا عندي ،

يـــا أمي

أن أكــون من الساجدين

والصـــــنم ،...

يزدريني ...يفول لي

مــا لك لا تمّعي ؟...

أبك غــــباء ؟

أم أنت من الـــمارقين ؟

يرميني بكتاب من عـنده

يـــأمرني...

اقرأ باسم أنا المحيي المميت

أعطيتك التـــبن...

أعطيتك لبن الحمــير...

أعطيتك دنيا الاثير

أعطيتك اناث الخــنازير

فاشكر ...

ولا تكن من الممـــترين

ورأيت ذات الشمال دجاجا

يحملن على ظهورهن أسفارا

يرتدين صيغة جمع العاقل

تقــودهن صــراصير

بــــهن تســير

نحو قلس شيد 

من جماجم النحل والجراد

بداخله ثلة من النمل 

تسبح وتصلي

خشيــة سليمان وجنوده

ورأيت وراء القلس 

الشمس والقمر، 

رأيتهما يبكيان

وأنــت وأبي...

على ضفاف دجلة

منحنيان مرتعدان

تغربلان الماء ، بحثا 

عن أحــرف تلاشت

بين العواصف والأعاصير

ثم رأيت بقاع الغربال ،

أحرفا تجمعت ، تماسكت 

رسمت ...

على ألواح من العظام ،

جمـــلا تقول :

أ ، 3 ، ق ، م...رسائل

أنزلت على قوم لا يقرؤون

واذا قرئت عليهم الرسائل

جعلوا أصابعهم في آذانهم

وقالوا ما نحن بسامعين

وفي السـماء ... 

رأيت حمائم بيــضا

تطاردهن غربان سود

والحمائم تــومئ

دسوا اللألواح 

تحت أسرة الموتى

علهم يقـــرؤونها

يوم يبعـــــثون...

أدركيني أماه ، 

أفتيني في ما رأيت ،

أرانــي أصبحت

من الذين لا يفقــــهون

سعيد الشابي


ثَوْرَةُ شَعْب بقلم الكاتب سُلَيْمَان بْنُ تَمَلِّيسْت

 ثَوْرَةُ شَعْب


*****

حينَ سادَ الحَيْفُ، وَاسْتَعْلَى الصَّنَمْ


وَاسْتَطَابَ العَيْشَ فِي ظِلِّ النِّعَمْ


*****


وَتَنَاسَى كُلَّ مَا أَدْلَى بِهِ


مِنْ وُعُودٍ بَعْدَ أَنْ أَدَّى القَسَمْ


*****


بَلْ تَمَادَى مُسْرِفًا فِي غَيِّهِ


يُوئِدُ الحَقَّ، وَيَغْتَالُ القِيَمْ


*****


سَجَنَ الإِنْسَانَ، لَا ذَنْبَ لَهُ


وَبِسَيْفِ الجُوعِ، أَدْمَى وَانْتَقَمْ


*****


كَمْ دِيَارٍ هُجِّرَتْ مِنْ أَهْلِهَا


كَمْ مَنَافٍ ضَمَّدَتْ جُرْحًا وَلَمْ


*****


تَنْصُرِ المَظْلُومَ مِنْ بَاغٍ طَغَى


بَلْ أَمَدَّتْهُ بِمَا يُدْمِي القَدَمْ


*****


بِجِهَاتِ الظِّلِّ مَا كَانَ يَرَى


عُسْرَةَ العَيْشِ وَلَا دَمْعَ الأَلَمْ


*****


وَشَبَابًا عَاطِلًا مُضْنِي الرُّؤَى


بَعْدَ أَنْ أَعْيَاهُ حُلْمٌ قَدْ عُدِمْ


*****


أَشْعَلَ النَّارَ بِجِسْمٍ مُبْتَلًى


لَمْ يَعُدْ يَقْوَى عَلَى كَبْحِ الظُّلَمْ


*****


فَجَّرَ البُرْكَانَ، فَاسْتَشْرَى الصَّدَى


وَتَهَاوَى الحِصْنُ، وَانْهَارَ الهَرَمْ


*****


عَمَّ سَيْلُ الشَّعْبِ، لَمْ يَخْشَ الرَّدَى


حَطَّمَ الخَوْفَ، وَبِالحَقِّ الْتَحَمْ


*****


أَطْلَقَ الصَّوْتَ المُدَوِّي فِي الْمَدَى


قَائِلًا: ارْحَلْ، لَقَدْ خُنْتَ العَلَمْ


*****


فَرَّ مَرْعُوبًا، وَبِالذُّلِّ ارْتَدَى


بَعْدَ عِزٍّ، صَارَ فِي حُكْمِ العَدَمْ


*****


نُصِرَ المَظْلُومُ، وَالحُرُّ انْتَشَى


شَاءَتِ الأَقْدَارُ، وَاللَّهُ حَكَمْ


*****


وَبِلَادِي أَصْبَحَتْ رَمْزَ العُلَى


وِجْهَةَ الأَحْرَارِ مِنْ كُلِّ الأُمَمْ


*****


تُورِثُ العِزَّ، وَتَسْمُو بِالرُّؤَى


ثَوْرَةُ الخَضْرَاءِ، عُنْوَانُ القِيَمْ


*****


✍️ سُلَيْمَان بْنُ تَمَلِّيسْت


جَرْبَةُ – الجُمْهُورِيَّةُ التُّونِسِيَّةُ


2011


(من الأرشيف)



أنتِ… وما كنتِ العائدة بقلم الكاتب سعيد إبراهيم زعلوك

 أنتِ… وما كنتِ العائدة

سعيد إبراهيم زعلوك


انتظرتك،

وكل لحظة كانت شاهدة،

أنني أحببتك

كما لم يحب عاشق في بلادي واحدة.


جعلت من قلبي مرفأً،

ومن ليلي نافذة،

ومن دمعي قصيدة،

ومن صبري أغنية دائمة مجردة.


قالوا: ستعودين في المساء،

فالحنين لا يرضى القطيعة،

والهوى لا ينسى الودادة.

فعلّقت فوق الباب مصباحًا،

وقميصك المعطر،

وكفي الممددة.


لكن مرت المواسم كلها،

والأيام برد،

والسنون موحشة ومقيدة،

وأنت غائبة…

كما النجوم البعيدة.


كتبت لك على الأرصفة المنهارة،

أسمائنا بالحروف المتجمدة،

ورسمت ظلّك على الغيم،

وأطلقت صوتك على العتمة المقيدة.


أين ذهبتِ؟

وأين سكنت الآن، يا روحي المشردة؟

ألم تقولي إنك باقية،

وأن الغياب عندك خيانة مؤكدة؟


هل صدقتِ أنهم لا يموتون

إن غابوا دون وعد ولا عودة؟

ها أنا أحيى كالميت،

أحمل نعشي فوق كتفي،

والروح داخلي مشدودة.


أنا لا أكتب شعرًا الآن،

بل أنثر جثتي في كل مقطوعة

مفخخة بالمرارة والخذلان والخسارة المؤبدة.


صرت أخاف من العيد،

ومن كل فرحة مفترضة،

فالعيد بلا لقاك

كالعصافير بأجنحة مكسورة متعبة.


كل الأطفال يركضون،

وأنا أجرّ ظلي

كحزن طويل الذيل،

كصوت بلا صدى،

وكغصة متعمّدة.


هل تعلمين؟

كل وجه أراه

أبحث فيه عن ملامحك الوليدة،

كل امرأة تمرّ،

أسألها عنك بصمت

وبجفن لا يخفي اللهفة المتجددة.


ما عدت أستجدي الردود،

ولا أرجو من الليل أن يهدي وعد الإجابة،

فما فائدة الصبر

إذا كانت النهاية معروفة

وسطور الانتظار ممتدة؟


أناجي ربي باسمك،

في فجري وركعتي الساجدة،

وأقول:

يا رب، إن كانت حبيبتي في رحابك،

فاجعلها أول الوجوه في جنتك الخالدة.


ربما أراك في حلم

أو في ظلّ وصورة مقيدة،

ربما تأتين في القصيدة القادمة،

أو في موتي…

كابتسامة أخيرة،

مؤجلة،

منتظرة،

عائدة.


ركام بقلم ذ بياض أحمد المغرب

 ركام

بحر أشواق عينيك

ليل خلايا النجوم


تسابيح رمل

غيث واحة


وشاح نبيذ

تنورة الأقداح


طفل موج

لغة القوارب


زهرة عين

قيد الشعاع


صوم الخوابي

إكسير العطش


نسيج الوداع

مرآة سحابة


عين الضحى

صفصافة شمس


مدينة في العراء

غيمة الوجود


جسد موشوم بالتراب

رماح الوصايا


خمرة البراري

أساطير الظمأ


ولادة آتية

شعلة المغيب


صخرة سيزيف

جنين المقل


حلم عابر

دعوة الحروف


همس الريح

صوت الرمل


حديقة الأرواح

تتآكل في صمت


وأقرا

على تاج عينيك

لغة القمر


ذ بياض أحمد المغرب



تيجي يا حبيبي بقلم شاعر العامية /عبد المنعم حمدى رضوان

 تيجي يا حبيبي


تيجي يا حبيبي

 نتصالح وكفاية

 زعل ليلة امبارح


ليه تقعد زعلان

 متنكد مشغول 

البال فكرك سارح


 ودي آخر مرة  

هنتخاصم أنا وانت

 من هنا ورايح


نحل مابينا بهدوء

 يا حبيبي ببساطة

 نقعد نتصارح


نتعاتب ولافيه

ظالم ولامظلوم

 وفي الآخر نتسامح


من نظرة عين

او لمسة ايد نتبسم

 وبعدها نتصالح


بعد شويه هننسى

 زعلناوننسى 

ماجرى ليلةامبارح


وتقولي حقك عندي

 انت كريم 

ياحبيبي ومسامح


واقولك اغفر ماكان

 مني عمري

ماقولك كلام جارح      


            شاعر العامية /عبد المنعم حمدى رضوان



ظلم الحبيب بقلم المفكر العربي عيسى نجيب حداد

 ظلم الحبيب


لا تقسو علي

أيها الحبيب المهاجر. 

فقد كفاني ظلم الدهر

ومرارة الحاجة التي تعصرني

فلم يعد بي الأحتمال على هذا السلوك

اضعفني حزني بأوقات لم أجد فيها من يعاضدني

ومن يؤازرني بمحني التي عبرت على سواقيها المرة

أنا سهم مكسور عن الأذية وبيت مهجور من الأحباب

غايتي أن أسكن قلبي قلبك وسط الأحلام فنسعد معا

نسير على دروب بعشق نراقص الأطياف بلهفات غزل

فنكتب هناك حكايتنا على تلال الغد الشامخة موروث

ياحبيب الروح ما أسمى هذا العشق أن نبض بالخافق

أن ترنمته روحينا على مسارح الايام لتغزونا السعادة

عدل سلوك الهجر وأزرع بذور هواك من جديد كبداية

عساه أن ينبت حقلا مزهر ويفيض بقطر الندى العذب


                             المفكر العربي

                         عيسى نجيب حداد

                        موسوعة رحلة العمر



ليل الغواية بقلم الكاتبة خديجة شاطر الجزائر

 ليل الغواية

حين فك الليل أزراره 

واعتق القمر ستاره

أفصحت الكواكب عن أكنانها

و أردفت النجوم تروي أسرارها

كشرت الشهوة عن أنيابها

تسابق العشاق على طريق الغواية

تزين القصائد و توزع الأقداح

نسيم الصبابة عطره فاح

تغري الكلمات تفتق بكارة

من اطرق السمع في بحرها ساحة

سقط فريسة بين انيابها

تغشاه الموج فضاحا


خديجة شاطر الجزائر



مال لكلام كلمات الزجال المحجوب بوسبولة

 //////+++مال  لكلام +++//////


مال   لكلام   وصبح     ا يخوف


غير    لقليل    لساعتو    مولف


وا     غير    عرفها      وماتخلف


جاي     وحدو   وطريقو   يعرف


عند    ناسو     فهامة     وحكمة


ماشي   حكاية     ولى      حلمة


من    قرايتو    يظهر        بسمة


من    عمقو    نور   ماشي ظلمة


يالناسي       ا  حروف       الكلمة


لكلام     شمس  يزول      اظلام


ويجالس    اطيور    وديك لحمام


هيبة     نازلة    من  وسط لغمام


منو      راحة   لقلوب على  دوام


مكتوب   من     عقول  الفوهامة


يخلق   بين     صحابو      سلامة


عمرو     مابين    لك        ندامة


طافة    وزنو        نبع     لفهامة


بقلم    صقر  لحروف


الزجال   المحجوب  بوسبولة

مشاهدٌ بين العيون بقلم الكاتبة * أوهام جياد الخزرجي *

 مشاهدٌ بين العيون

* أوهام جياد الخزرجي *


قلقٌ كبيرٌ ودمعٌ بحجمِ وطنٍ

فتمطرُ السماءُ آلهةًوزجاجةٌ ثملةٌ غادرتْ جمجمةَ الوقتِ

أفواهَ اراها مبتسمةًوصباحٌ عطرٌ تفتحتْ أزاهيرَهُ،  ظلَّ يجولُ بينَ الأنفاسِ العتيقةِ

لمْ ينفتقْ ثوبُ الطهرِالخوفُ سيبتعدُ يطلقُ زئيرَهُ، مَنْ مًنَّا لا ينتظر ؟جميعُنا يبتسمُ ،

حوريةٌ الزمانِ  ترسمُ افئدةَ الموجِ في العيونِ ،والحبُّ زيفٌ وافتراءٌ،تغتالنا أقاويلٌ،

وجدائلُ النهرِ لوّنتني ،

زحاماتُ الوجوهِ تنتظرُ،وأنا ما زلتُ أنتظرُ ،وأرى بينَ العيونِ موجاً وأقاويل.

3/11/2016



بِعِزِّ الدِّينِ تَفْتَخِرُ الْمَعَالِي بقلم أ د الشاعر والناقد والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه

 بِعِزِّ الدِّينِ تَفْتَخِرُ الْمَعَالِي

بقلمي أ د الشاعر والناقد والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة

مهداة إلى السيد صاحب الفضيلة العالم الجليل الأستاذ الشيخ عِزِّ الدِّينْ غَنَايِمْ شيخ معهد وادي العمر الإعدادي الثانوي منطقة شمال سيناء الأزهرية مع أطيب التمنيات بدوام التقدم والتوفيق ,وإلى الأمام دائما إن شاء الله تعالـَى

{بِعِزِّ الدِّينِ} تَفْتَخِرُ الْمَعَالِي=وَأَزْهَرُنَا الشَّرِيفِ بِلَا جِدَالِ

شُيُوخُ الْأَزْهَرِ انْتَظَرَتْ إِمَاماً=يُتَوَّجُ بِالْمَحَبَّةِ وَالْجَمَالِ

سَلِيلُ {غَنَايِمَ} ارْتَقَبَتْ هِلَالاً=لِبَدْرٍ فَاقَ أَنْوَارَ اللَّآلِي

وَعَى الْقُرْآنَ فِي فِكْرٍ جَمِيلٍ=يُزَكَّى فِي يَمِينٍ أَوْ شَمَالِ

{أَبُو كْبِيرُ}الْحَبِيبَةُ أَرْسَلَتْهُ=لِوَادِي الْعَمْرِ رِئْبَالَ الْجِبَالِ

هُوَ الشَّيْخُ الْمُبَجَّلُ قَدَّسَتْهُ=طُيُورُ الْحُبِّ فِي قِيلٍ وَقَالِ

يُعَلِّمُهَا يُهَذِّبُهَا بِوَعْيٍ=تُغَرِّدُ بِالْعُلُومِ عَلَى التِّلَالِ

أَطُلَّابَ الْعُلُومِ عَظِيمَ بُشْرَى=تُزَفُّ إِلَيْكُمُ يَا رَأْسَ مَالِي

{فَعِزُّ الدِّينِ}شَيْخٌ لَا يُبَارَى=رَعَى الْأَشْبَالَ فِي ثَوْبِ اعْتِدَالِ

تَسَابَقَتِ  الطُّيُورُ إِلَى عُلُومٍ=تُنِيرُ الْعَقْلَ فِي خَيْرِ الْخِلَالِ

مُفَاعَلَتُنْ مُفَاعَلَتُنْ مُفَاعَلَْ=يَفُوقُ فُؤَادُهُ كُلَّ احْتِمَالِ

تَوَلَّى الْأَمْرَ فِي شَغَفٍ وَحُبٍّ=وَلَمْ يَبْخَلْ عَلَيْهِمْ فِي امْتِثَالِ

{وَوَادِي الْعَمْرِ}أَثْنَى فِي فَخَارٍ={بِعِزِّ الدِّينِ}فِي ثَوْبِ الْكَمَالِ

أَلَا حَيِّ التَّفَوُّقَ جَاءَ يَسْعَى={لِعِزِّ الدِّينِ}فِي ثَوْبِ الدَّلَالِ

يَقُولُ: "تَعَالَ" فِي حٌبٍّ وَوُدٍّ=وَيَمْدَحُ فِي كَرِيمَاتِ الْخِصَالِ

نَشَأْتَ عَلَى الْقُرَانِ بِآيِ صِدْقٍ=وَتَدْرُسُ آيَهُ فِي خَيْرِ حَالِ

وَتَحْفَظُ آيَهُ فِي الْعَقْلِ يَحْظَى=بِآيِ اللَّهِ فِي خَيْرِ اتِّصَالِ

{أَعِزَّ الدِّينِ}عِشْتَ كِتَابَ هَدْيٍ=بِأَزْهَرِنَا يَقُودُ إِلَى النِّضَالِ

رَعَاكَ اللَّهُ مِنْ شَيْخٍ جَلِيلٍ=تَقُودُ النَّشْءَ فِي أَحْلَى مَجَالِ

أَحَبَّتْكَ الطُّيُورُ بِثَوْبِ عِزٍّ=مُغَرِّدَةً بِبُسْتَانِ الْخَيَالِ

إِدَارَتُكَ الْحَكِيمَةُ خَيْرُ هَدْيٍ=تُحَقِّقُ لِلدُّنَا أَحْلَى مِثَالِ

وَسَيْنَاءُ الْحَبِيبَةُ أَكْبَرَتْكُمْ=وَوَادِي الْعَمْرِ يُزْهَى بِالرِّجَالِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{1}مركز ومدينة أبو كبير بمحافظة الشرقية -مصر، مدينة العالم الجليل الأستاذ الشيخ عِزِّ الدِّينْ غَنَايِمْ

 ترجع نشأة مدينة أبو كبير إلى عهد المنتصر الفاطمي، ويرجع نسب أهلها إلى قبيلة هذيل التي ارتحل معظمها إلى هذه القطعة من أراضي الشرقية للعمل بالزراعة. وقد كان العرب قديماً يعتزون بأسماء زعمائهم وينسبون أنفسهم إليهم وكان من بين هؤلاء الزعماء عامر بن الحليس الهذلي الشاعر الجاهلي الذي وفد إلي النبي في العام الثاني من الهجرة على رأس وفد هذيل وكان الهذليون المغاربة يعتزون بهذا الشاعر وكانت كنيته "أبو كبير" وكان أشهر هؤلاء القوم الذين أقاموا بهذه البقعة من الأرض وسميت باسم أبو كبير.

وصف مدينة أبو كبير مدينة العالم الجليل الأستاذ الشيخ عِزِّ الدِّينْ غَنَايِمْ

يوجد بمدينة أبو كبير 27 قرية رئيسية و6 وحدات محلية قروية، وبها 284 عزبة وكفر.

تتميز مدينة أبوكبير بنشاط تجاري واسع كما تشتهر بصناعة الأخشاب وتصدير الملابس

{2} العالم الجليل الأستاذ الشيخ عِزِّ الدِّينْ غَنَايِمْ

مولده في مدينة أبو كبير محافظة الشرقية في 21/9/1961

وهبه والده للقرآن فكان أول تعليمه جمعية حفظ القرآن الكريم بأبو كبير

تعلم في معهد أبو كبير الديني بمراحله .

عمل واعظاً بمركز أبو كبير لمدة عامين وتم التحول إلى مجال التدريس

عمل بمعهد أبو كبير بنين ثم انتقل إلى محافظة شمال سيناء

عمل وكيل معهد ضاحية السلام بالريسة وشيخا لمعهد العريش بنين وشيخ معهد بغداد وشيخ معهد القسيمة وشيخ معهد وادي العمر ومدير إدارة الوسط التعليمي الأزهري ومرشح لوكيل وزارة .

بقلمي أ د الشاعر والناقد والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة



انا بخير بقلم الكاتبة رمزية مياس ،كركوك،العراق

 انا بخير

ولكني فقدت نياط فؤادي العليل

انا بخير ولكني فقدت حاسة من حواسي

وضيعت مباهج ايامي 

وألوان احلامي

 ومشاعري و احساسي

انا بخير

وخنجرالفراق المسموم

مزروع في كبدي المكلوم

يسمم اوصال الغيوم

يمزق أحشاء الأنين

ويلملم ركام الهموم

انا بخير

وفي قلبي شرخ واسع

وبين جرح وجرح جروح 

واوجاع وقروح

تنزف مدى الدهور

مع تحيات وأحترام

رمزية مياس ،كركوك،العراق


أصداءٌ متشظِّية بقلم الكاتب كَامِل عبد الحُسين الكَعْبِي

 أصداءٌ متشظِّية


وقفتْ أمامَ ظِلّها صارخةً

متىٰ نلتقي !؟

والشواطِئُ فَكَتْ ارتباطها بالبحار

شاحبةً عليلةً

ثَمَّةَ قبورٌ تنبتُ موتىٰ

ثَمَّةَ طينٌ تنافرَ عن رمسهِ

كَمَنْ يسرقُ رأسَهُ ويبيعهُ لآخر

لأنَّ في سنابلِ رأسهِ أفاعٍ

لا تفهمُ لغةَ القمحِ

أينَ ضفاف الكلماتِ المعتَّقةِ ؟كيفَ استحالتْ إلىٰ رماد !

قَدْ غيَّبَها الزمنُ

فتشظَّتْ زمجراتها إلىٰ حشرجات

أفتِّشُ عنِّي بينَ أسمالي

فلا أجدني

الأمواجُ ولَّتْ هاربة

مراكبُ الهجرِ توارتْ في السحاب

ووحدي ألثمُ ثغرَ الشقاءِ

فيتناثرُ لَمَاهُ شذرات سود

وريقهُ جافٌ بطعمِ الحنظل .


كَامِل عبد الحُسين الكَعْبِي

      العِراقُ _ بَغْدادُ



قصيدة بعنوان *** وخبئيني بقلم الشاعر / محمد الليثي محمد - مصر .

 قصيدة بعنوان ***     وخبئيني

قالت مع القائلين 

هي لا تحبك

ارتج المشهد خلفيا

فاجعلتنى على هامش ظلها

مغتربا ، وحيد ، وحزين

يتبعني  صمتي

في ظلمات العمر القصير

فصرخت في كل خطوة

فالتجأت إلى نفسي

فألم أجد نفسي

حين انفصلت مشاعري 

عن أحاسيس الأمل

إلى فراغ بنت العم

فهرب الخيل  إلى  الفراشات

وبدا الحلم يغيب 

في دنيا الكوابيس

وأنا أصعد بقوة فوق الصعود

 خلفي الأشياء القديمة

يدي تصنع تحيي الرايات

وملامحي تدخل غيابي

كأني ولدت في اليوم الأخير

من موت النعناع

خلف حديقة البيت 

تكاثر النهر عشر مرات

فجاء البحر على مهل

كسجني

حين أعود إلى ما مضى

محمل بغضب الحاضر

سيمطر العمر كلمات

برائحة القرنفل

هل أجد الشيء  ونقيضه ؟ 

في سلة البعاد

وأنا أبحث عن الفرح

ويحملني البحر إلى البحر

فيمتص قلبي بياض البياض

ليمحوا سواد النهاية

لو عدت يوما

وبحثت عن حواء أخرى

لتونس قلبي  الوحيد

وتشغل الفكر بحكايات الأمير

كل موت صغيرة

يدخلني لموت جديد

سوف تأتي بعد قليل

سأخلع عنك القناع

وأري وجهي حين أكون

بين طقوس الوهم

وأنا أبغي الرجوع 

إلى نافذة الحمام

حين تعشق يدي السلام

ترجع الروح إلى نفسي

وحيدة 

تربط حصان القطيعة

في نخلة الرجاء

حين تحلم بالنسيان

سأخرج من شجرة الحديقة

حين يخرج كلام الحب الكاذب

سوف أسكن حجرة نومي

مرت تجاعيد الحب الأخيرة

ومرارة الطعم

ورائحة الأشياء

ونعومة رياح السرير

لم أنتبه لحرارة السؤال 

يئست من السور والحقيقة

ومن أرغفة الاغتراب

وأنا أختفي حول بئر  الماء

خلف أسوار البلابل

حين تغيرك النوافذ

في لحظة المنفي

أتذكري  رائحة الحكاية

فأيا قلب خذ الأوجاع

 وأرحل

وحيدا دون ملابس

عار من أحاسيس 

غابات الرغبة

عار من اللاشيء

أرفض الجرح الجديد

والقديم

وأغني خلسة لضوء القمر

وأسكن واحة عينيك

----------------------___________________---------------------------

بقلم الشاعر / محمد الليثي محمد   - مصر .



أحاديثٌ أمْ أراجيف ؟! بقلم الكاتب محمد الناصر شيخاوي

 أحاديثٌ أمْ أراجيف ؟!

*

افتريْتُمْ على اللّهِ الْكَذِبَ

وحَبَسْتُمُ االملايينَ في قُمْقُمِ الأحاديثِ 

ما وافقَ الكتابَ يُسْتأنسْ بهِ

ويُردُّ مِنهُ ما خالفَ كتابَ اللّهِ

بهذا أدينُ لربِّ العالمينَ وأكفرُ

بكلِّ ما عداهُ

ما لي أرى النّاسَ قد هجروا ما لا يُهْجَرُ  

- على مرِّ الزّمانِ - هُداهُ

إليكَ أشكُو يا إلاهي ما رسولك قد شكاهُ

يا مَنْ تتدّعونَ اتِّباعَ الرّسولِ

وَيْحَكُمْ

هلِ اتَّبَعَ الرّسولُ يوما غير كتابِ اللّهِ؟! 

أتْلَفْتُمُ الأبْصارَ والأعمارَ

تُنقُّونَ الصِّحاحَ مِنَ الضِّعافِ

ما لكُمْ عنِ الحقِّ عميتُمْ

أَوَ ليسَ في الكتاب أوْثَقُ الصِّحَاحِ  ؟! 

يا ربّنا 

بالعقلِ أنْعَمْتَ فزِدْ وبارِكْ 

بالعقلِ عرفناكَ

لا بِزيْفِ الأراجيفِ

                          محمد الناصر شيخاوي

                                       تونس



وقع السيوف . بقلم الكاتبة.. أوهام جياد الخزرجي

 وقع السيوف

... أوهام جياد الخزرجي 


وقعُ السيوفِ وصهيلُ الخيلِ في مسمعي، 

كتبتها بدمي ويا روحي جودي واكرمي,

جاهدي بعليائك قبساً ونوراً لاينثلم,

وإن قطّعوا يدي ,,ياحسين,,

  خذ الماءَ من مدمعي

،، عباس،، هذا أنا إن جاروا عليََ،

فيا نفس لا تهني ولاتجزعي. 

2\11\2014



مواويل فرح بقلم الكاتب جاسم الدوري

 مواويل فرح 


                    جاسم الدوري


هذا الغيث الصييب

ك العشق في أول الغرام 

ينساب إلى الروح

كنثيال الغبش

ساعة يقظة

وهو يعانق الصباح

يعطر أنفسنا بشذاه

ويزرع في اعمارنا

يوما جديدا

يقتل بغنائه

السكون المعمر

قرب نوافذنا

يمنح النفس بهجة وسلام

يغتال الحزن في نفوسنا

يزين عالمنا المنسي

بوجه ضاحك

روعة وجمالا

يغسل بهذيانه

بعض اخطائنا

ويعقم أرواحنا

من اديم الارض

وعطر تبرها المعفر

بدم الشهداء

ويحيل أيامنا 

روضة من رياض

الجنة البيضاء 

تسكنها الأفراح

كل صباح ومساء

وتعقم بشذاها

أنين جراحنا

تلك التي نكأها الغرباء 

وتلوح للربيع هلم الينا

لكي يرتدي ساعتها

حلته الخضراء

وتغني مواويل فرح

تغازل بطلعتها

عيون الشعراء


حين تتألم الروح بقلم الكاتبة سلوى مناعي

 حين تتألم الروح

يحدث أن يصمت العالم فجأة،

فتسمعين في داخلك صدى حزنٍ لا يريد أن يهدأ.

تحاولين أن تشرحي لنفسك ما الذي انكسر،

لكن الكلمات تضيع في الطرقات المظلمة للقلب.

الزمان جفّ، والحنين صار غريبًا عنك،

حتى المرايا لا تعرفك كما كانت تفعل.


تمشين في الدروب كمن يحمل غيمةً بلا مطر،

تبتسمين لتخفي ارتجافك،

وتقولين للريح: “خُذيني إلى حيث لا يؤلمني الضوء.”

النهار يناديك من بعيد:

“تعالي، فربما لا يزال في الأفق فجرٌ ينتظرك.”

لكنّك تهمسين:

“انا سلوة القلوب وبلسم الجراح

وقد أرهقني الانتظار،

كيف أعود إلى عمرٍ مضى؟”


تتمنين لو أن الصمت بيتك،

أن تنامي في ظلّه دون خوفٍ من فكرةٍ أو ذكرى.

تُقَلّبين الصور القديمة،

كأنك تلامسين بقايا زمنٍ لم يُكمل وعده.

تحدّثين نجمةً بعيدة،

تسألينها أن تبقى قليلًا لتؤنس وحدتك.

تكتبين من دموعك سطورًا لا يقرؤها أحد،

وتصنعين من وجعك حبرًا لحكايةٍ تخصّك وحدك.


وفي نهاية الحزن،

حين يضيق كل شيء إلا السماء،

ترفعين عينيك وتقولين:

“يا رب، أنت وحدك تعلم ما في الفؤاد.

امنحني صبرًا يليق بمن فقدت اتزانها ولم تفقد إيمانها.”


ثم تهدئين،

كأن نسمةً لمست قلبك برفق.

تضعين رأسك على وسادةٍ من صبر،

وتهمسين لنفسك في سلام:

“انا سلوة القلوب فالخير طريقي

والصبر وسادي.”


سلوى مناعي



الأحد، 2 نوفمبر 2025

أتُراهُ حقّاً ما قرأتُ وأنظُرُ بقلم الشاعرة عزيزة بشير

 ومن مدينة دير البلح وسَطَ غزّةَ ومِن بينِ الرّكام،شاهدتُ ذاهِلةً، فيديو عن اختِتامَ مهرجانِ غزّةَ الدّوليِّ لسينما المرأة ، فعاليّاتِ دوْرتهِ الأولى في31/ 10/ 25 بالشراكة مع وزارة الثقافة الفلسطينية وقرأتُ عن ندَواتٍ وإعلانٍ عن معرضٍ للكِتابِ في جِنين!


أتُراهُ حقّاً ما قرأتُ وأنظُرُ

في غزّة ٍ غيْرَ الدّمارِ……….يُصَوَّرُ؟


أتُراهُ حقّاً ما أراهُ بِناظِري

حَفْلاً يُقامُ ومَهْرَجاناً ..….. يُنشَرُ؟


أمْ  أنّهُ  حُلْمٌ  أراهُ بِغَفْوَتي

وأماني ،بحْرُ دِماءِ غزّةَ…… يُطْمَرُ؟


وأرَى احتفالاً للثّقافةِ ،ندوَةً

ومُحاضِرينَ مَعَ الصِّحافةِ…يَعبُروا 


(سِينَما لمَرْأةِ)،قضُّها وقضيضُها

شِعرٌ وشاعِرُ  مع أديبٍ ……….يَنثُرُ


فبدأتُ أصْحُو مُصدِّقاً كلَّ الرُّؤى

 وجْهُ المُحاضِرِ مَع وَزيرٍ،……..أذكُرُ


أدرَكتُ أنّ لِغزّةٍ وَلِشعبِها

رَغْمَ الإبادةِ ، قوّةً …..……..لا تُقهَرُ


رغْمَ الإبادةِ يا (نِتِنْ)لن يُهزَموا

شَعبٌ تجَذّرَ، هَلْ يَلينُ …..ويُكسَرُ؟


غزِّيُّ  أقسمَ بالتّرابِ  وَبِالدِّما

وبِرَبِّهِ قبْلَ الجميعِ،سَيُنصَرُ ..ويُحرَّرُ


وَبِمعْرَضٍ لِكِتابِ أقرأُ عَرضَهم

هُوَ في جنينَ بًِضفّةٍ……. فَلْتَحضُروا


هِيَ ذي الإرادةُ رغْمَ كلِّ تَهَجُّمِ

هِيَ ذي العزيمةُ بارِكوهَا… وَكبِّروا


أللهُ  أكبَرُ  يا  إلٰهِي  توَلَّنا

أُنصُرْنَا ربِّي ، فكُلُّنا لَكَ . …….يَجْأَرُ !


وَاللهُ معْهُمْ، ناصراً وَمُؤيِّداً

فْلِسْطينِي أقسَمَ والشّعوبُ تُناصِرُ!


        عزيزة بشير



عطر الأرض بقلم الكاتبة زهيدة أبشر سعيد مهدي

 عطر الأرض

تقتلعنا ظروفنا

قهرا

نبحر ضد التيار


نسافر دون إرادة


دون هوية

نموت في عرض


البحر


نموت غرقا


هربنا من الجبروت


قتلتنا أوطاننا 


بدم بارد


أضعنا سنوات العمر


هباء


غادرنا دون تريث


تاركين الأرض


والحكام يلقونها


بالآثام


تاركينا بيوتنا العتيقة


وعطورها الأبية


تركنا شوارعنا المرسومة


بحب


غادرنا قهرا


بلعتنا الحيتان في


عرض البحر


حيث لم نسلم من


فكها


متنا دون كفن


أو تابوت

دون عزاء


ودعنا مدننا دون


دموع

تبكي علينا عيون


الأرض


تنظر إلينا في حب

تحاكينا في شموخ

تحدثنا أحاديث

الأجداد

أن نبقى معها


حتى لا نصير

رفاتا


نحرثها نخرج منها


ذهبا أخضرا


نرويها تعطينا


عطورا


جمالا من نور


تطرح وردا


خضرة وبهاء


نحولها نعيما


يمتد


نخرج دون


رجوع


تنادينا بخنوع


تمد أياديها


البيضاء


تطارد شغف رحيلنا


المر


تتوسل بأن لا نرحل


تبكي بكاء  تمطر


زخات من ورد


يروي كل مساحات


الدنيا


تنبت رياحين


تحتوينا كالغمام


توعدنا بعالم من احلام


أجمل من الاوهام


يوقظنا من سهوتنا


تمسح أدمعنا

 المتحجرة

تصافينا تنصفنا


في إشفاق

تنحني في شوق

لتحتضننا بحزن


تنسينا هم الجبروت


والبحث عن بلاد


الياقوت


تعانقنا في استسلام


تناجينا بكل لغات


الأرض


تتوسل أن نبقى معها

وتكون حدقاتها


لنا عيون من شمس

تدفينا بحضنها الدافىء 


تجود علينا حدائق


من ريحان


تحمينا من الخوف


تزودنا بجميل الإحساس


تعدنا بمستقبل واعد


فيه كل شروق


فقط نحرثها


ونحرسها من الأعداء 


من كل من تتسول نفسه


أن يغتصبها


سنرعد فية ونساويه


مع تراب الأرض


زهيدة أبشر سعيد مهدي 


السودان الخرطوم


مرثِيّةُ الذَّاتِ .. شعر الأديب /سامي ناصف..

 مرثِيّةُ الذَّاتِ ..

شعر /سامي ناصف..

........

أوجاعي عبر  غيوم الرفض..

 تَسّاقَطُ حزننا  يُغْرِقُني..

 يَجْرِفُني سيلًا  محمومًا..

  بنداءات الغوث  ..

تشق عباب النفسِ..

 لتَخْلُدَ تحت صقيع الهمِّ.. 

القابعِ طيَّ الأملِ الآسنِ..

بين جزوعِ الصمتِ..

لِيَفْرُعَ نزفًا ..

من صفصافِ خريفِ العمرِ..

لا شمسٌ تجدي..

لا نهرُ يفضي ..

 لفتح غرام ربيعٍ ..

يرسم أيقونةَ فجرٍ..

تمنح تلك النفسَ المنهوكةَ..

بالحلمِ الضائعِ..

والملحِ المائعِ..

مصلًا من ترياقِ الصبرِ.

يا نَفْسي نَفَسِي ..

من رجفاتِ القهرِ..

ونبضي من فلذات البَهْرِ..

وليلي من عتماتِ..

البحر اللُّجْيِّ..

ونجمي يَرْفُلُ بين سجوفِ الصدِّ..

أيا نايي..

اللاينوي عزف لحون  الصبح..

تَشَقْقْ وابْلَعْ عزفَكَ..

وارجمني بصفير البُعدِ..

تقيئ نزفَكَ ..

خلفَ جدارِ المَوت..

اجْهَلْني كي أقرأ نفسي..

آياتٍ من سور الحب.

شعر /سامي ناصف



الوَلِـيـمَة بقلم الأديب حمدان حمّودة الوصيّف... (تونس)

 الوَلِـيـمَة

قَصَدُوا الوَلِيمَةَ شَــمَّرُوا اَكْـمَامَهُمْ

وبُطُونُـهُمْ في مَشْيِهِمْ تَتَدَعْدَعُ

بَـلَـغ الـقُتَارُ أُنُوفَـهُمْ فتَـحَـلَّبَتْ

أَفْوَاهُهُمْ بالرِّيقِ: سَيْلًا يَهْمَعُ

سُكّـتْ عُـقُـولُـهُمُو كَطَيْرٍ قَشْعَمٍ

قد شَاهَدَتْ جُثَثًا، بِحَقْلٍ، تَلْمَعُ

وتَـحَلَّقُوا حَوْلَ الـجِفَانِ كَـأنَّهُـمْ

ضُبْعَانُ غَابٍ حَوْلَ ثَوْرٍ جُمِّعُوا

وامْتَدَّت الأَيْدِي لِتَنْهَشَ لَحْمَهُ

وكَـأَنّهَا أَنْيَابُ سَبْعٍ  جُـوِّعُـوا

لَحْمٌ وشَـحْم والعُسُولُ تَدَفَّقَتْ

وسَطَ البُطُونِ الجَاحِفَاتِ تُجَمَّعُ

وتَـجَشَّأُوا مِنْ بَعْدِ ذَاك كَـأَنَّـهُمْ

صَرَخُوا بِقَاعِ البِئْرِ، لَيْلاً، فُزِّعُوا.

في سَاعَةٍ تَـجِدِ الذَبِيحَةَ هَـيْكَـلًا

ودُبُورُهُمْ حَبْلَ الضُّرَاطِ سَتَدْفَعُ


هَذَا غَرَامُ العُرْبِ: أَكْلٌ مُجْحِفٌ

أَمَّا العُـلُومُ، فَعِنْدَهُمْ ، لَا تُصْنَعُ.

لاَغَـيْـرَةً لا نَـجْــدَةً لا هَــبَّــةً ...

لا صَرْخَةً للحَقِّ فِيـهِمْ تَسْمَعُ...


مَنْ هَـمُّهُ في الأَطْيَبَيْنِ بَـهِـيـمَةٌ

مِثْلُ السَّوَائِمِ في الـمَزَارِعِ تَرْتَعُ.

حمدان حمّودة الوصيّف...  (تونس)

"خواطر" ديوان الجدّ والهزل



** ((دراسة نقدية لقصة: “حتى الآن” للشاعر والقاص مصطفى الحاج حسين)).. بقلم: الكاتبة (( خولة محمود عادل)).

 ** ((دراسة نقدية لقصة: “حتى الآن” للشاعر والقاص مصطفى الحاج حسين))..


              بقلم:

 (( خولة محمود عادل)). 


قصة "حتى الآن" تدور في ظلّ نظام عسكري صارم، حيث يعاني البطل – المجند الذي هو شاعر أيضًا – من تضارب بين الانضباط العسكري وبين إحساسه بالذل والخضوع، من جهة، وآلامه النفسية والوجدانية من جهة أخرى. المفتاح الإداري (الصندوق) أصبح مركز صراع، ليس فقط لأنه يحتوي أمرًا مهمًا، بل لأنه رمز للسلطة، للقرار، وللخيانة المحتملة. تتوالى الأحداث بتصاعد من الخوف والانتظار إلى مواجهة شفوية، حيث يُفضح الانتهاك، يُثار الغضب، يُطلب الانتصاف، لكن النظام ذاته يعيد إنتاج القهر والذل حتى الآن.


العمود الزمني والمكاني: المعسكر—الخيمة—الرتبة العسكرية—أوامر العقيد—غياب المساعد الأول—الانتقام… كل ذلك يُنشئ مناخًا اختباريًا مكبوتًا.  

- حوار الشخوص: الحوار بين الضابط والمجند متوتر جدًا، يتضمن اتهامًا، دفاعًا، تبريرًا، خيبة أمل، ذلًا فنيًا.  

الذروة: تأتي حين يُفضح المجند المكيدة ويُكشف عن محاولة السلطة استخدام الخطأ الكتابي أو الإجراءات كبوابة للمعاقبة.


الرموز: الصندوق الإداري، حلاقة الشعر “على الزيرو”، البرقية المُكرّرة، كلها رموز تُحوّل التفاصيل البيروقراطية إلى أدوات قمع.  


من النظرية ما بعد الكولونيالية/نظرية السلطة: كيف تُمارس السلطة على الجسد والمظهر، وكيف يصبح الشعر والكلمة مقاومة.  

من نظرية التمثيل النفسي والشعر الاعترافي: البطل هو شاعر يتعرّض للذنب والإذلال، لكنه يريد أن يقول الحقيقة، أن يُثبت وجوده.  

من نظرية استجواب اللغة: اللغة لا تُستخدم فقط كأداة للتعبير، بل كميدان صراع؛ كيف تُستخدم اللغة المكتوبة، البرقية، الخطأ الكتابي كذريعة للسلطة، كيف يُحكم على الإنسان بناءً على التواصل والخطاب.


يمكن ملاحظة تشابه مع قصة مثل “عرس الجراح” أو “المخيّمة” في أدب المنفى أو السجون؛ حيث تُستخدم التفاصيل اليومية للتحقيق في الكرامة الإنسانية.  

أيضًا، تشبهها في الموضوعات قصص *غسّان كنفاني" في موضوع الاحتلال والكبت، حيث الفرد ينهار أمام آلة القمع، ولكن يقاوم بالكلمة.  

- أما عالميًا، فربما يُقارن بـ "سِولِس" (V. S. Naipaul) أو "جوزيب كونسول" أو كتاب السجون، حيث التفاصيل الدقيقة تُحوّل إلى شهادات للحالة الإنسانية.


الكاتب وموقعه الإبداعي

مصطفى الحاج حسين يجمع بين الشعر والرواية والقصة، وقد أثبت براعته في تحويل شعور مختبئ إلى نصوص تعبّر عن خيبة الوطن، خيبة الأصدقاء، خيبة الذات.


قدرته على استخدام تفاصيل بسيطة – “حلاقة الشعر”، “فتح الصندوق” – لتحويلها إلى رموز كبرى تعكس السياسة والسلطة والهوية تجعله بارزًا بين كتاب جيله.  

في سياق قصيدة النثر، في أدب القصص، يُظهِر تجربة تجمع بين الصدق الفني والحساسيّة، بين القسوة والألم العميق، وبين رغبة في تحقيق أثري.


القصة ليست فقط عن انتقام مساعد أول، بل عن الإنسان الذي لا يُسمَع فيه إلا بأخطائه، عن الكرامة التي تُنتزع حتى الآن.  

الفحوى: إن الكرامة الإنسانية ليست مفروضة بقوة القانون فحسب، لكنها تُحاسب بالمعايير الأخلاقية واللغوية الصغيرة.  

الهدف المحتمل: التنبيه إلى أن السلطة تمارس قهرها ليس فقط بالأسلحة، بل بالكلام، بالشكل، بالتحقير الإداري، بالمظاهر، كما أنها إن لم تُقاوم بالكلمة تبقى آلة ظلم صامتة.


القصة تُبرز أن(حتى الآن) ليست فقط ظرفًا زمانيًا، بل رمز للمقاومة الصامتة، لرفض القمع ولو في التفاصيل اليومية.  

- تُثبت هشاشة الإنسان أمام السلطة مهما حاول أن يكون مخلصًا، أن التغيير لا يحدث فقط بتطبيق الأوامر، بل بتفعيل الضمير والكلمة.  

تُظهر أن الأدب لا يكتفي بتوثيق المعاناة، بل بنحتها في لغة، شكل، سرد، لتبقى ذاكرة حيّة.  


مقارنة مع كتاب عرب: يجمع بين مرارة "غسان كنفاني" في وصف الاحتلال، وبين تجربة حكاية الجندي التي في بعض أدب السجون والاعتقال وأدب المقاومة العربي الذي كان يركّز أحيانًا على رموز كبيرة؛ هنا التركيز على التفاصيل اليومية يُشبه أسلوب كتاب مثل "ميخائيل نعيمة" أو "جبران" في دقّة المخابر النفسية.


قصة “حتى الآن” هي قصة عن الصمت القسري، عن الخطأ الصغير الذي يُصبح ذنبًا كبيرًا، عن السلطة التي تُستخدم حتى في أخلاق اللغة، عن الهوية التي تُعطرها الكلمات. مصطفى الحاج حسين لا يكتب ليُونس، بل ليُوقظ، لا ليُطمئن، بل ليكشف أن “الآن” لا يزال قيد التشكل.


النهاية المفتوحة: القصة لا تُغلق بمحصِّلة كاملة، بل تترك القارئ أمام سؤال “حتى الآن”، ما الذي تغيّر؟ هل انتهى القمع؟ هل وُجد العدالة؟ “حتى الآن” تعني أن الزمن لا يزال مستمرًا في ابتلاع الكرامة.  


الخوف من السلطة: المجند يعيش في رهاب دائم من العقوبة، من أن يُهان أمام الملأ، من أن يُجلد، من أن يحلق شعره، من أن يُستخدم “الخطأ” ذريعة لقهره.

الذنب والمبارَاة: بقدر ما يشعر بأنه فعل ما ينبغي (فتح الصندوق في إطار لجنة، تنفيذ أوامر)، يشعر بوزر الخطأ المتكرر، بالبرقية المكرّرة، كأن الخطأ الإداري يصبح جزاءً عاطفيًا.  

الهوية المزدوجة: شاعر في معسكر، مجند يُخاطر بالكلمات، بالحقيقة، ليس فقط بالسمع والطنطنة، ولكنه يدفع ثمن النطق. صراعه هو بين الواجب العسكري وبين صدق الذات الأدبي.

 

العدالة الأخلاقيةالمفقودة

الأخلاق هنا هي الحِمَية أكثر من القانون؛ الصراع ليس فقط قانونيًا بل أخلاقيًا: هل الغدر أخلاقي؟ هل الكذب الإداري أخلاقي؟  


الأسلوب الفني واللغة

الفعل المضارع والتكرار: “قلت … زاد غضبه … صرخ … قلت …” تُستخدم الأفعال الحاضرة والمتعاقبة لإبقاء القصة في الآن، في الشعور، في الرهاب. الزمان لا يبتعد؛ المجند دائمًا تحت تهديد السلطة.  

اللغة الحوارية اليومية لكن محمّلة: ليست لغة شاعرية مُصقولة فحسب، بل كلام جنود ومعسكرات، ولكن شاعر يستخدمها ليُخلّف الصدى. الحوار ليس فقط لنقل الأخبار بل لنقل الجرح الداخلي.*


      خولة محمود عادل.



أغزلُ كفنَ ليلةٍ رحلتْ/ سرد تعبيري بقلم الأديبة سامية خليفة/ لبنان

 أغزلُ كفنَ ليلةٍ رحلتْ/ سرد تعبيري


يا صباحًا ملأ الدّنيا نشورا آتيا بقبّعةٍ برتقالية هي بهجةٌ للرّوح، مزيلًا عن عيني الشّمسِ غبارَ الليل الساكن، ألا أقبل عليّ يا صباحُ وانظرْ إلى تورّمِ مقلتَيِّ سراجٍ يعلو جبينَهُ السقم، انظرْ كمِ الافكارُ تتقافز باحثةً عن أجوبةٍ مستعصية، عن مخرجٍ وإنْ من خرمِ إبرة. الليلُ يا صباحُ كلّما أردتُ نومًا ّجافاني، ساحبًا الاغفاءةَ بكفّه اللأرقِ! ها أنذا مع حلولِ كلّ صباحٍ أترنّحُ، تسكرني أحلامُ اليقظةِ التي أدمنتُها.  مع أول خيطٍ من خيوطِ الشّمسِ، أغزلُ كفنَ ليلةٍ رحلتْ، يا ليلُ جثثُ لياليكَ المحنطةِ أمستْ تاريخًا من مومياءاتٍ تصطفُّ في منفايَ الطّوعي. أقبعُ في صومعتي، غرفةٌ  تتجانسُ مع مومياءاتِ ليالٍ رحلت، أأناجيكَ يا صباحُ أم أناجيكَ يا ليل؟ سيّان عندي، فكلاكما متساويان في سرقةِ العمر! سأقطفُ ليلةً من تاريخِكَ يا ليلُ وأضعُها في سلّةِ اللّامبالاةِ، لعلّي أغفو، لتكنْ ليلةً بلا جدرانٍ، بلا نافذةٍ، أو كتب، لآخذَ قيلولتي المشتهاةَ، لعلّها ليلةٌ  هادئةٌ بلا صخبٍ، بلا كوابيسِ يقظاتٍ داميةٍ، لما تشاهده العين من مجازرَ، من قتلٍ وتعذيبٍ وتنكيلٍ، لعلّها ليلةٌ خارجةٌ عنْ مألوفِ هذا العالمِ القميء ، ليلةٌ تجرجرني بعربةِ الخيالِ إلى حيثُ الهدوءِ، حينها فقط دثّرني يا ليلُ برداءِ الأمانِ، حينها اتركْ كفّ الأرقِ تكفّ عن صفعاتِها.


سامية خليفة/ لبنان



كيف لي وأنا عابر الزمان أن أرصد الغيب..وهدير المعجزات..؟! بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 كيف لي وأنا عابر الزمان أن أرصد الغيب..وهدير المعجزات..؟!


لا تنام تونس-ما قبل الثورة-ولا أنام أنا،هي الغارقة،بلا انقطاع في كوابيسها اليومية وهمومها الغائرة،وأنا الغارق إلى ما بعد انبلاج الصباح في الأمنيات اللطاف،يحدوني أمل بإشراقة ربيع يبدّد نوره ما ترسّب في سماء بلادي من سحب دكناء وغيوم رمادية..

كيف يمكن لرجل في مثل عمري "هرم" ونال الشيب منه أن ينام داخل بيت جاثم على تخوم الجنوب متخم بالمتاعب والمصاعب..؟..كأنّي لا أنتظر شيئا سوى أن تتشظى في الهواء رائحة شواء آدمي تربك العقول وتدمي القلوب..رائحة احتراق لجسد بشري غضّ غادرته الروح لتحلّق في الأقاصي ثم تحطّ في الماوراء حيث نهر الأبدية ودموع بني البشر أجمعين..

لم أكن أعرف حقا من أين ستأتي المعجزات..كما لم أكن أعرف أيضا من أيّ الجهات ستهبّ العاصفة كي تجرف معها تراكمات السنوات العجاف..؟!

 كيف يمكن-للتونسي المتخم بالمواجع-أن يحلم بمعجزة ما لا تعيده إلى ما تحت خط الفقر من جديد..؟!

 كيف يمكن لي أن أكتب عن الغد الأجمل..أو الشمس..عن مدينة بلا أسوار..أن أغازل الأفق؟..كيف سأكتب عن رغبتي المترعة بالحب وانعتاق الروح والجسد..ولا تأتي"اللعنة" من أقبية التعذيب بتهمة الحلم إلى المجهول..؟! ثم..كيف لي وأنا عابر الزمان أن أرصد الغيب وهدير المعجزات..؟!

على أية حال،سأقف-اليوم-على رصيف الإنتظار علّني أرى بلدي(تونس) وهي تتهودج في ثوب الحرية دون أن يزعجني نعيق-المولوتوف-وعويل الرصاص المنفلت من العقال..

لست أحلم..لكنه الإيمان الأكثر دقة في منعطفات التاريخ..من حسابات راكبي سروج الثورة في الساعة الخامسة والعشرين..! 


محمد المحسن



السبت، 1 نوفمبر 2025

صَبَاحُ الغَرَامِ بِقَلَمِ الكاتب: سُلَيْمَانُ بْنُ تَمَلِّيستْ

 صَبَاحُ الغَرَامِ

🌺🏵️🌷


تَدَثَّرُنِي بِالكَلَامِ،

تُخَبِّئُ فَرَحَتَهَا ... دَاخِلِي،

وَتَسْتَمْطِرُ ... المُسْتَحِيلَ.


فِي صَبَاحِ الغَرَامِ

أُوَسِّدُهَا سَاعِدِي،

ثُمَّ ... أُهْدِي لَهَا

وَرْدَةً،

سَوْفَ أُهْدِي لَهَا

مِنْ صَهِيلٍ.


كُلَّمَا ... دَغْدَغَتْ خَافِقِي

رَفْرَفَ السَّعَفُ،

غَنَّتْ عَرَاجِينُهَا،

وَانْحَنَتْ

لِاحْتِضَانِ اللِّقَاءِ،

انْحَنَتْ

ظِلَالُ النَّخِيلِ.

🌸🌺🏵️🌷

✍️ بِقَلَمِ: سُلَيْمَانُ بْنُ تَمَلِّيستْ

(جَرْبَة – الجُمْهُورِيَّةُ التُّونِسِيَّةُ)

(مِنَ الأَرْسِيف)



**لا تضغط على وتيني** بقلم:الأستاذ عبد الستار الخديمي -تونس

 **لا تضغط على وتيني**


أضجر 

ويشتدّ حنيني

وتقف حروفي موجعة كالسياط

تعاتب جيلا تهرّم من شعراء البلاط

كلّما احتضنت طيفا

ارتجف رهبة منّي

وتوارى بين يديّ 

معلنا الرّحيل 

أو باحثا عن حضن بديل 

فحضني ضاق بي حتى الاختناق 

فهو دافئ حدّ الاحتراق 

ويداي تلامسان أغوار الاشتياق 

ونشيدي معطّر بعبق الصّهيل 

وعشقي وارف كظلّ ظليل

الأطياف دؤوبة كالفَراش

لا يغريها لون النبات

ولا تستهويها أطر الثّبات

ولا تكترث لمن عاش أو مات

صرير تربّع في رأسي 

كقاطرة تئنّ بثقل أوزارها 

كأنين بقايا حرب 

في جسد ممزّق 

كأشرعة الأساطيل المنهزمة 

تجرّ أذيال الخيبة

الصّخب عالٍ

والنّوايا السّيئة 

تتسيّد الخطابات الرّنّانة 

مقرف أنت يا زمن 

مات ضميرك 

وانتحر على ضفافك حنيني

وتزايد مع الأشلاء المتناثرة أنيني 

رجاء

لا تضغط بكلتا يديك على وتيني 

فآخر نفس قد يقتلني أو يحييني


بقلم:الأستاذ عبد الستار الخديمي -تونس



الناس في مدينتي ٠٠!! / بقلم الكاتب السعيد عبدالعاطي مبارك الفايد - مصر ٠

 الناس في مدينتي ٠٠!! /

السعيد عبدالعاطي مبارك الفايد - مصر ٠

الناس في بلادي تتسابق حول الحسناء 

و مدينتي تعشق الشعر و الشعراء 

و ترسم لوحة الجمال في بهاء

و تهدى الحب و السلام عند اللقاء

و سكانها الطيبون يستيقظون مع الضياء

ينطلقون مع الطير في نوبة نداء 

و أطفالها في براءة تُغني لقمر السماء 

الناس في مدينتي تبكي على دماء الشهداء 

كيف يقتل الاخ أخاه و يرتدي حُزنا الثياب السوداء ؟!

تعاليت يا ربي كل شيء لا يخرج عن محيط القضاء ٠٠

الناس في بلادي 

الناس في بلادي ٠


سودان والفاشر بقلم الشاعر فهمى محمود حجازى

 سودان والفاشر

سودان يهلك والفاشر

ودماء تسفك من فاجر

إعراض تهتك من سافر

وأطفال هلكت من جوع

قد ماتت لا تجد مقابر


ياكل أحرار العالم هل

تتركوا طفل للظالم

أراديتم بإبادة فاشر

من طمع السارق والماكر


لن ترضى أديان العالم 

أن يذبح بشر من غادر

وتعلق أحرار  لتموت

وآلام تعتصر حناجر


وحناجر تعلوها سكوت

وقلوب صنعت في محاجر

تتلذ في آلم الغير

على جثث وأجساد الفاشر

بقلم الشاعر فهمى محمود حجازى