الأحد، 2 نوفمبر 2025

أغزلُ كفنَ ليلةٍ رحلتْ/ سرد تعبيري بقلم الأديبة سامية خليفة/ لبنان

 أغزلُ كفنَ ليلةٍ رحلتْ/ سرد تعبيري


يا صباحًا ملأ الدّنيا نشورا آتيا بقبّعةٍ برتقالية هي بهجةٌ للرّوح، مزيلًا عن عيني الشّمسِ غبارَ الليل الساكن، ألا أقبل عليّ يا صباحُ وانظرْ إلى تورّمِ مقلتَيِّ سراجٍ يعلو جبينَهُ السقم، انظرْ كمِ الافكارُ تتقافز باحثةً عن أجوبةٍ مستعصية، عن مخرجٍ وإنْ من خرمِ إبرة. الليلُ يا صباحُ كلّما أردتُ نومًا ّجافاني، ساحبًا الاغفاءةَ بكفّه اللأرقِ! ها أنذا مع حلولِ كلّ صباحٍ أترنّحُ، تسكرني أحلامُ اليقظةِ التي أدمنتُها.  مع أول خيطٍ من خيوطِ الشّمسِ، أغزلُ كفنَ ليلةٍ رحلتْ، يا ليلُ جثثُ لياليكَ المحنطةِ أمستْ تاريخًا من مومياءاتٍ تصطفُّ في منفايَ الطّوعي. أقبعُ في صومعتي، غرفةٌ  تتجانسُ مع مومياءاتِ ليالٍ رحلت، أأناجيكَ يا صباحُ أم أناجيكَ يا ليل؟ سيّان عندي، فكلاكما متساويان في سرقةِ العمر! سأقطفُ ليلةً من تاريخِكَ يا ليلُ وأضعُها في سلّةِ اللّامبالاةِ، لعلّي أغفو، لتكنْ ليلةً بلا جدرانٍ، بلا نافذةٍ، أو كتب، لآخذَ قيلولتي المشتهاةَ، لعلّها ليلةٌ  هادئةٌ بلا صخبٍ، بلا كوابيسِ يقظاتٍ داميةٍ، لما تشاهده العين من مجازرَ، من قتلٍ وتعذيبٍ وتنكيلٍ، لعلّها ليلةٌ خارجةٌ عنْ مألوفِ هذا العالمِ القميء ، ليلةٌ تجرجرني بعربةِ الخيالِ إلى حيثُ الهدوءِ، حينها فقط دثّرني يا ليلُ برداءِ الأمانِ، حينها اتركْ كفّ الأرقِ تكفّ عن صفعاتِها.


سامية خليفة/ لبنان



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق