الجمعة، 28 نوفمبر 2025

احترقت سنين العمر... بقلم الأديب د. قاسم عبد العزيز الدوسري

 احترقت سنين العمر...

بين المد والجزر...

بين قسوة الحياة ...

وبين الصبر....

كنت أراها تتبددت أمام عيني

وأنا أسير الزمن المر

عندما كنتُ طفلا وكان الفقر يأخذ مني مأخذه

كانت هناك بذرة في داخلي تحب الحياة...

تريد أن تنمو ...ولكن ملوحة الماضي وعسرة الحاضر

جعلتها تتأخر...

كان هناك بصيص من الضوء الخافت...يدخل من نافذة الحياة

يضيء الظلمة ..

وحين أدركت أن الحياة فيها شيء مخفي ...ومجهول.. 

حينها كان العمر يجري كما يجري الماء في النهر...

سنة بعد سنة تتوالى السنين بين

الألم والتعب والغربة المقيتة وبين مرارة الشوق والحنين

تعيش في وطنك محروم من المدنية ومحروم من الحرية ...

تعيش مع ثيابك ذات اللون العسكري...لايحق لك خلعها...الحياة رمادية ...لايوجد استقرار ...أوسكون

تغمض عينيك على أصوات الرصاص وتشتم رائحة الأرض والبارود...ليس هناك حدود للمنفى...لأنك بلا هوية ...تستبدل 

كل شيء من دون إرادة ...تعيش الوحدة والملل ...تنظر بأم عينك 

جثث الموتى على سواتر الخجل...معك أصدقاء من كل المدن لاتعرف طباعهم ولهجاتهم...كل ماتعرفه  أنه صديقك وشريكك في هذه العبودية ...ننتظر متى تنتهي هذه الرحلة الشاقة وفجأة تجد نفسك تجاوزت الثلاثين من عمرك دون هدف ...

والغريب في السنين التي تلت هذه الحروب تجري بسرعةجنونية ...رحلة قطار العمر  ...لن تنفعني شهادتي بأي شيء ..فهي لا تستطيع دحر الطائفية ولا تستطيع محاربة الهمجية...التي بدأت تتكاثر  وبدأ الجهل يزحف نحو وطني ...

سيطر الجهلة وبائعي الذمم على دفة الحكم فأصبحنا بلا وطن...

دمروا كل شيء الصناعة والزراعة والتعليم حتى الرافدين

جففوها حتى يتغيير  اسم الوطن...ليس هناك رافدين ...نفوق الثروة الحيوانية والثروة السمكية...وحتى التوظيف الحكومي انتهى ....بدلوا هوية الأحوال المدنية وادخلوا للوطن ملايين البشر من القتلة والمجرمين واعطاهم هوية الأحوال المدنية وأصبحوا ابناء هذا البلد...قتلوا وشردو أبناء البلد الأصليين ..من أجل أن يتسنى لهم السيطرة والنفوذ...وفجأة اصل الى محطة الخامسة والستين ...هكذا كانت رحلة العمر التي تخللتها حياتي الأدبية بكتابة الشعر  وبعض الخواطر والمقالات التي كانت هي الضوء الذي أرى فيه وأتنفس الصعداء.....   

قاسم عبد العزيز الدوسري



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق