الأحد، 2 نوفمبر 2025

كيف لي وأنا عابر الزمان أن أرصد الغيب..وهدير المعجزات..؟! بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 كيف لي وأنا عابر الزمان أن أرصد الغيب..وهدير المعجزات..؟!


لا تنام تونس-ما قبل الثورة-ولا أنام أنا،هي الغارقة،بلا انقطاع في كوابيسها اليومية وهمومها الغائرة،وأنا الغارق إلى ما بعد انبلاج الصباح في الأمنيات اللطاف،يحدوني أمل بإشراقة ربيع يبدّد نوره ما ترسّب في سماء بلادي من سحب دكناء وغيوم رمادية..

كيف يمكن لرجل في مثل عمري "هرم" ونال الشيب منه أن ينام داخل بيت جاثم على تخوم الجنوب متخم بالمتاعب والمصاعب..؟..كأنّي لا أنتظر شيئا سوى أن تتشظى في الهواء رائحة شواء آدمي تربك العقول وتدمي القلوب..رائحة احتراق لجسد بشري غضّ غادرته الروح لتحلّق في الأقاصي ثم تحطّ في الماوراء حيث نهر الأبدية ودموع بني البشر أجمعين..

لم أكن أعرف حقا من أين ستأتي المعجزات..كما لم أكن أعرف أيضا من أيّ الجهات ستهبّ العاصفة كي تجرف معها تراكمات السنوات العجاف..؟!

 كيف يمكن-للتونسي المتخم بالمواجع-أن يحلم بمعجزة ما لا تعيده إلى ما تحت خط الفقر من جديد..؟!

 كيف يمكن لي أن أكتب عن الغد الأجمل..أو الشمس..عن مدينة بلا أسوار..أن أغازل الأفق؟..كيف سأكتب عن رغبتي المترعة بالحب وانعتاق الروح والجسد..ولا تأتي"اللعنة" من أقبية التعذيب بتهمة الحلم إلى المجهول..؟! ثم..كيف لي وأنا عابر الزمان أن أرصد الغيب وهدير المعجزات..؟!

على أية حال،سأقف-اليوم-على رصيف الإنتظار علّني أرى بلدي(تونس) وهي تتهودج في ثوب الحرية دون أن يزعجني نعيق-المولوتوف-وعويل الرصاص المنفلت من العقال..

لست أحلم..لكنه الإيمان الأكثر دقة في منعطفات التاريخ..من حسابات راكبي سروج الثورة في الساعة الخامسة والعشرين..! 


محمد المحسن



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق