الأحد، 19 أكتوبر 2025

رحيل حلم...! بقلم الكاتب حسين عبدالله جمعة

 رحيل حلم...!

قصه قصيره،بقلم:حُسين عبدالله جُمعة
قبل أن تبدأ رحلته،كان يعلم مسبقًا أنّها ستنتهي رحلة البدايات التي اعتادها وخبرها عن ظهر قلب،
وكما هي آلامه المتراكمة والمتزايدة يومًا بعد يوم…
عاد خائبًا، منكفئًا على نفسه، مطلقًا اعتذاراته،
ملوحًا بها لعله يجد راحةً ولو مؤقتة.
سنين عمره كلها،كانت بحثا عن دفءٍ مفقود منذ الميلاد،
لم يتوانَ عن التقاط أي فرصة لتلمس سكينته التي حلم بها،
إلا أنّه سرعان ما أدرك حظه العاثر…
حاول مرارًا مواجهة العاصفة وريحها العاتية،
والثورات الداخلية المتأججة في قلبه،
وخاصة في قلبه الملتاع، وحلمه الذي يتلوى بين يديها،
يتمنى أن يغفو ويغفو… ربما إلى الأبد…
بعد أن يلمس عطرها ويشتم دفئها المسروق.
كانت تثيره بطيبتها، تدعوه للتساؤل:
كيف يكون له وحشة الغياب وهو أصلاً غريب،
ويعيش الغربة بكل تفاصيلها؟
وكيف يكون غاليًا بينما هو كالريشة
تتناقلها الرياح هنا وهناك،
على حلبة الحنين والانكسار…
صرخ، ملء صوته، وحيدًا كما هي عادته،
في عاصفته الثلجية الأخيرة التي هطلت على مدينته البائسة…
أذناه الباردتان المتجمدتان بفعل الصقيع، التقطتا عواء الضباع والثعالب والذئاب
في صحراء قلبه المتعب…
لكنّه عاود الصراخ، نادى صوته المكسور:
"يا وطن الثلج… يا وطن الثلج… أَعِنّي!"
حينها، أطلت ملكة الثلج،
لكنها لم تكن امرأة…
كانت الوطن نفسه، رمز الحنان المفقود،
تمددت يده المتعبة في معطفه البني،
تحاول أن تمنحه بعض الدفء،
لكن الوطن لا يمد يدًا كاملة،
يترك فقط شعورا بالسكينة إلى
مخلفات الذات المبعثرة لتجمعها على دفء أبدي…
هدأت العاصفة، خمد الصدى،
حتى دموعه تجمدت،
رائحة الوطن تسللت إلى أنفه،
أعادت السكينة إلى قلبه المتعب،
وتركته يحلم بحلم قرمزي قديم،
بحلم لم يكن له وطن إلا في ذاكرته…
حسين عبدالله جمعة
سعدنايل لبنان

حديث مع النّفس بقلم الكاتب رشدي الخميري/ جندوبة / تونس

 حديث مع النّفس

جلس منطويا على نفسه، يحدّق في صفيحة ماء كانت أمامه، كأنّ بينه وبين ذاته مسافة عمر كامل.

ينظر إلى الصّفيحة فيرى وجهه غريبا عنه، ثمّ يعترف لها أن الغرابة ليست فيها وحدها، بل فيه هو أيضا.

يحدّثها بصوت خافت:

كم مرّة ادّعيت الحياد كي لا تتّهمي بالانتماء؟

وكم مرّة خنت إحساسك الحقيقيّ لأنّ الصدق صار ترفا؟

تتحدّثين عن الوطن كما لو كان أغنية قديمة،

لكنّك لا ترفعين صوتك حين يشتدّ الزحام.

تكتبين عن الحلم، وتنسين أنّ الحلم يحتاج إلى شجاعة كي يعيش.

يا نفسي، لقد صرت بارعة في التّّأقلم،

تشبهين مدينة تزيّن شقوقها بالأضواء كي لا يرى العابرون عيوبها.

تضحكين حين كان مفترضا أن تحزني،

وتصمتين حين يجب أن تصرخي،

ثمّ تعودين آخر اللّيل إلى وحدتك تسألين المرآة عن ملامحك الأولى،

تلك التي كانت منحازة إلى قضايا البلد وأهله... فلا تجيب.

أين ضياؤك؟

أين تلك الجرأة التي كانت تهدّ الخوف بالكلمة،

وتسير في الشّوارع والأسواق بصدر مفتوح يرعب أعتى الأعاصير؟

كنت تملكين قلبا يتّسع للجميع،

فصرت تقيسين الحبّ بمقدار الجدوى والمصلحة.

كنت تؤمنين أنّ الأمل مثل السّيل الجارف،

يجد طريقه مهما استعصت الدّروب،

ثمّ صدّقت أن الجدب قدر دائم،

وأنّ الاستسلام أمر محتوم.

يا نفسي، أعاتبك لأنّي أحبّك،

ولأنّي أخاف أن تصيري صورة باهتة لما كنت عليه.

كلّ الّذين يشبهونك تعبوا:

من الانتظار، ومن الشّوارع الّتي لا تعرف خطاهم،

ومن الأفواه الّتي تقول كلّ شيء ولا تفعل شيئا.

لقد خسرنا الكثير لأنّنا خفنا أن نخسر أكثر.

بعنا الحقيقة بالتّعبير المرتعش،

واشترينا الصّمت على أنّه حكمة ولغة عقل.

كنا جزءا من هذا الخداع الجميل،

نكتب عن الكرامة بأيد مرتجفة،

ونختبئ وراء الكلمات كي لا نواجه واقعنا.

ومع ذلك، ما زلت أرى فيك بقايا الأمس الجميل رغم الشّروخ،

شفّافة رغم الغبار.

ما زال فيك قبس يضيء يشبه البداية،

وفتى صغير لا يصدّق أنّ الغد يمكن أن يشبه اليوم.

لهذا، أقول لك بصوت واثق:

عودي كما كنت، لا بطلة ولا ضحيّة،

بل إنسانة تعرف أنّها ارتبكت في منتصف الطّريق،

وتدرك أنّ الاعتراف أوّل الخطوات نحو الصّواب.

عودي كي نتصالح،

فنحن لن ننهض إلّا معا.

رشدي الخميري/ جندوبة / تونس


تغريدة الشعر العربي بقلم الكاتب السعيد عبدالعاطي مبارك الفايد - مصر ٠

 تغريدة الشعر العربي

بقلم : السعيد عبدالعاطي مبارك الفايد - مصر ٠

----------------------------------------

امرأة متوحشة ٠٠!!

الشاعرة و الكاتبة التونسيه / سونيا الفرجاني - ١٩٧٦ م ٠

خطيئتي كانت جسدي

سميته الحياة ٠ 

ودخلت به البراري والشعر 

لكنه كان هاويتي ٠

كثيرة كانت الحرائق حولنا 

هو اختنق وأنا صنعت من الرماد بيوتا.

ربما تابوتا .

العالم أديان تنقلب على بعضها 

والجسدُ أيضا.

------

في غِيابك صرت امرأة متوحشة

تسكنُ الدّواميس

وتشتري ما يلزم  أكلها من مصبات الموتى

فقدت صوتي القديم ٠

( من قصيدة : امرأة متوحشة )

٠٠٠٠٠

من تونس الخضراء نتوقف مع صوت إبداعي لشاعرة و كاتبة و ناشطة ( سونيا الفرجاني ) و التي تواصل متعو العناق مع الحياة بين الحب و الصراع في ثنائية تجسد لنا خريطة المتغيرات مع الأحداث في دفقة فلسفية تأملية ٠

و لِمَ فقد نشأت بين ظلال بيئة جميلة جزيرة الأحلام وسط المياة و الخضرة و الجمال ، و من ثم قد رسمت لوحاتها المتداخلة بتدفق لغة رائعة حوارية و إيقاعات ساحرة تؤثر في النفوس في انسيابية تعج بالصور التي تعكس المشهد فتكتب أمشاجا من وحي القصيد ، و تختار قصيدة النثر التي تجد فيها مرآة عاكس للواقع المتقلب فراحت تعتمد شكل قصيدة النثر ٠٠

حيث قصيدة النثر تؤثر في بلاد المغرب العربي بشكل كبير و ملحوظ ، و لذا تتمسك بها مع الرائدات في الأدب لهذا النوع المغامر مع عملية الإبداع ، و التي تسلكها المرأة في فن الأدب هكذا ٠٠


أليست هي القائلة :

أرغب في قول شيء

لست حزينة ولا منتشية

أنا الآن ماشية،

أجرّ رأسي كفانوس يتدلى خافتاً،

الأطفال العائدون من زمن أبيض

قذفوا عمود الكهرباء بحجر

فسقط وجهي. 


* نشأتها :

------------

ولدت الشاعرة و الكاتبة التونسية سونيا الفرجاني عام ١٩٧٦ م ٠

بجزيرة الأحلام مدينة ( جربة ) . متحصلة على الأستاذية في التاريخ من كلية العلوم الإنسانية.

عملت مدرسة للتاريخ و الجغرافيا ٠

 ناشطة في المجتمع المدني، ومنشطة سابقة في إذاعة أوليس إف إم. 

مديرة بيت محمود درويش للشعر ومُؤسّسته. 

تنشر وتكتب في الصحافة.


= صدر لها : 

"صباح الخزامى" 1998 م٠

"امرأة بني باندو" 2019 م٠

 "فساتين الغيب المزررة" 2018 م ٠

 "ليس للأرض باب وسأفتحه" 2019 م . دار الأمينة للنشر والتوزيع بالقيروان ٠


* مختارات من شعرها :   

حاولنا قراءة بعض الأعمال في لمحة سريعة نطل من خلال نافذتها الإبداعية المتنوعة و المتباينة عن الشاعرة التونسية سونيا الفرجاني ، و من ثم تم حصاد الثلاثية في إلقاء الضوء عليها كمدخل يتناول تحليل القصيدة الفنية كوحدة عضوية ٠٠

تقول سونيا الفرجاني في قصيدتها التالية التي تمزج وجه الحضارة القديم مع الحداثة في لوحة تختصر المعادلة بمفتاح الحب و معالم خريطتها التي تجسد الحقيقة :

الليلُ مرآة سالارا 

أدخلتُ وجهي فيها لأراك،

لكنَّ الزجاجَ انكسر

فتناثر وجهُكَ نجومًا

لم أصل إليها.


كنتَ وعدًا

مكتوبًا على جناحِ فضة في بابل 

حلّق  الطير بعيدًا

قبل أن أقرأ الحروف

فخسرت خرائطي.


انتظرتكَ…

لم تصل 

لكنَّ الغيابَ جاء،

جلسَ إلى جواري

وأمسكَ بيدي

كما يفعلُ العشّاق في مدرسة ريفية ناصعة.


الآن،

كلما عبرتَ في ذاكرتي،

يتشقّق القمرُ القديم 

وتسقطُ منه موسيقى

لا يسمعها إلا البحارة على ضفاف بني باندو 


أحببتكَ…

لكن الحروف ناقصة 

فصرتَ كتابًا مغلقًا،

وصرتُ  القارئةَ العمياء

التي لا تكفّ عن ملامسة الغلاف. 


***

و تقول في هذه القصيدة التي تفتح باباً للحب في دعوة أمل و انتظار من جديد مع الحياة بعد ثوران استحوذ على النفس بين متاهات الحياة فتصرح للنور و للمحبوب كل صباح  :

أعدكِ يا حياتي

أن أنتظرك كلّ صباح 

على عتبات الباب

ولو فاجأني كلب سائب

واتضح في نبرات نباحه

ضجر ورتابة

سأطرده

بعرجون قديم

بدّلت لونه الشمس

وأناّت الوقت

أعدكِ يا حياتي

أن أستيقظ

باكرا

كديك

كي أبدأ الضوء من أوّله

وأجمع من طريقي

زجاج الناس

المهشّمين

ربما يجرحني البلّور 

فأنتظر غرابا

يعلمني ردم الهزائم

أعدكِ يا حياتي

أن أتقن تنظيم وقتك

فللوقت قوتٌ

من البشر

ولي في ترتيبك

طفلة لعبت بالماء

فأغرقها.

من كتابي 

امرأة بني باندو ٠٠


***

و نختم لها بهذه القصيدة تحت عنوان ( امرأة متوحشة ) حيث تطوف بنا الشاعرة و الكاتبة التونسية سنيا الفرجاني في موجة اعتراف عند لحظة غياب قد تحولت إلى امرأة متوحشة فقدت معاني الحياة من خلال صراعات مع الروح وسط قلق فلسفي و حيرة بين المجتمع المضطرب و لكنها مازالت تحلم يحلم العودة حيث الحب و الجمال و الدفء و الأمان لترسم لنا لوحتها المتداخلة بين التنوع و التضاد لتؤكد على فكرة الميلاد من جيد برؤية مشاعر شاعرة تعشق البقاء فتقول فيها :

في غِيابك صرت امرأة متوحشة

تسكنُ الدّواميس

وتشتري ما يلزم  أكلها من مصبات الموتى

فقدت صوتي القديم

نفثته في وجه بذور البطيخ

وابتلعت نمش سمك بحسك

دون أن أتأذى.

صرت بصوت غارق لا تعرفه. 


في غيابك اقترفت جرائم بشعة

خبّأت جهة الشرق خلف شجرة معمّرة  في أقصى صحراء  أتاكاما

غرب جبال الإنديز

دسست طيور العالم في دهليز

وسكبت عليها عطور الجاردينيا

حتى اختنقت. 


لم أشفق على المطر الذي هطل فوق خطوط العرض القريبة من يدي

سحبت خيوطه بشراهة

وصببت الماء العذب في بئر القيامة

لم يعد ثمة خمر على هذه الأرض

عليك أن تعتذر من السكارى وعاشقي التين

قطفت كروم الخرائط واقتلعت عروقها

حَرقت محاصيل التين والزيتون وكسرت النخيل  في واحاتنا. 

 لايمكن أن أكون امرأة في غيابك

صرت أرى في العتمة

وأسمع في الضّجيج

وأستنشق الحمم

وأطبخ عظام القطط. 


و بعد هذه الرحلة السريعة في عالم الشاعرة و الكاتبة التونسية سونيا الفرجاني .. و التي طوفنا معها في عالمها الواسع و خيالها الخصيب و لغتها السهلة الجميلة التي وظفت بها مشاعرها الصادقة مع متغيرات الواقع من خلال البيئة و كيف عانقة الطبيعة من زوايا متعددة الرؤى حيث تجيد فن قصيدة النثر التي تسيطر على إنتاج المرأة في المغربي العربي كي تعبر عن قضاياها بلا حدود دائما ٠

مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي دائما ٠



عرش الحب بقلم الكاتبة ربيحي زهور

 على عرش الكلمات، سأنسج لك أسطرا من أحرف الحب والشوق. دعني أحمل قلمي وأبدأ:

عرش الحب


متهمةٌ أنا بالحب والعشق، لك فقط، بالتحديد. أحادث نفسي عنك، وكأنني أحرقت الدنيا حين دق قلبي بالغرام.

ما أقبحهم وأوقحهم، تفكيرهم، كلامهم عنا. لكنني لا أبالي، للأسف الشديد. الحب سلطان، وأنت سلطاني.

فمرحبًا بك على عرش مملكتي، سلطاني المعظم. أوعدك سيدي بالمحبة والوفاء مدى الحياة، سلطاني الجليل، سيد قلبي وروحي، يا أمنيت القلب.

أتمنى أن تجد في هذه الكلمات ما يليق بمشاعرك وأحاسيسك. الحب يبني عروشًا في قلوبنا، وأنت السلطان على عرشي. 🖋️❤️   

ربيحي زهور 

2025.10.17



الصمت أبلغ من الحديث بقلم الكاتبة زينا شريف

 بصمت أبلغ من حديثي

أفرغت كل الظنون

واستباح سيف  براءتي أنفاسي 

على عتبات سنوات عجاف

فلا تسأل الدخان كيف أتى

ولا تلم لهب تراقص في الهواء

فما خُلق شئ هباء

 زينا شريف



مرثية أبتي بقلم الكاتبة... أوهام جياد الخزرجي

 مرثية أبتي

... أوهام جياد الخزرجي


فتَّشتُ عن أضرحتي تلكَ المهدمةِ، لمْ يبقَ من بقاياها،

سوى جفونِ الظلامِ ،

حفنةُ ترابٍ ظلَّتْ مركونةً،قربَ حفرةٍ ،لمْ يظلْ من بقاياها سوى حفنةِ عظامٍ،أيُّها المركونُ بحافةِ النهرِ،يظلُّ طيفُكَ سدماً تملأُ جوفَ الليلِ،ونهاراتٍ آفلةٌ بظلِّها يغفو اليمامُ،جثَّتي الريحُ تعصفُ بأهوائها ،أبوابُها المغلقةُ حولَ عنقي ،كان الجرحُ يبلُّ اللثامَ،

فمٌ مطبقٌ من هولِ حزني،

وحزنُنا تداعبهُ الأيام،أبتي ناديتُك ،يا أبتي خذْ من جرحي ،وهَبْ لي من وأدك همَّاً يمضي ،إلي يجثم بخطيئتهِ حجرُ صوان. 

18/10/2017



** ((همس المنجل ونبض السنابل)).. قصة: مصطفى الحاج حسين.

 ** ((همس المنجل ونبض السنابل))..

قصة: مصطفى الحاج حسين. 


عندما مات (الأغا)، وجد جدّي (سامي) نفسه، فقيراً وبلا صنعة تستره، وتمكّنه من العيش، فصار دائم الحزن، وعابس الوجه، لا يقدر أن يشكو أمره لأحد.


لم يكن (جدّي) متزوّجاً بعد، ولا دار ملك عنده، وليس بيده صنعة، وأخوته الكثر، عندهم ما يشغلهم عنه، ومنهم من كان متزوّجاً، ومنهم من كان مثله عاذباً، يبحث عن عمل يناسبه، ويستره.


الظّروف الصّعبة، وفقر الحال، أجبر (جدّي) على الذّهاب إلى قرية، قريبة،(أبو طلطل)، تابعة لمدينة (الباب)، ليعمل في حصاد القمح، وهو الشّاب النّاعم والرّقيق، صاحب الأيدي النّاعمة، التي لم تّتعب يوماً، من أجل لقمة العيش.


كانت الشّمس حامية لحدٍ لا يطاق، وسنابلُ القمح خشنة، وقاسية، وصعب جمعها وحصادها، وكان العرق يتصبّب من وجه (جدّي) بغزارة، وجسمه النّحيل يسبح في عرقه، ووجهه الأشقر شديد الاحمرار، وعينيه تكادان لا تنفتحان، بسبب توهّج ضوء الشّمس القويِّ واللاهب، أنفاسه متقطّعة، جسده منهك، ساقاه تكادان ألّا تحملانه، ظهره يؤلمه بضراوةٍ، شفتيه يابستان من شدة العطش، شعره تحت (جمدانته)، ملتهب ومغسول بالعرق، ورأسه يوشك على الانفجار.


كان يعمل وذهنه يفكر بترك الشغل، والهروب من هذا الجحيم، والعمل المضني، سيترك أجرة عمله، وينجو بنفسه.


لكنّه مقطوع من النّقود، وهو بحاجة ماسة إليها.

كان يهمس،في طيّات أعماقه المقهورة:


- عليّ أن أصبر، وأن أتحمّل حتى أعتاد.


وفجأة.. تقترب منه صبيّة، فارعة الطّول، متخمرةَ الوجه، فاتنة العينين، بيضاء البشرة، واضح هذا، من ما يظهر من أطراف خديها، المخبّئين تحت خمارها الأسود، هو لأوّل مرّة يراها، وتعجّب من أين ظهرت له.. هل كانت بين عمال الحصاد، ولم ينتبه إليها؟!.. فهناك بين العمال بعض النّسوةُ والفتيات.. لكنّه لم يكن مهتماً بهنّ، فقد كان ألم أصابعه وأكفه، يشغلانه عن كل نساء العالم.. وبجرأة سألته:


- هل أنت تعمل في الحصاد، لأول مرّة ؟!.


ردّ.. وصوته كلّه اضطراب، وحياء:


- أيّ والله.. لم يسبق لي أن عملت في حصاد الحنطة، ولكن لم تسألين؟!.


أجابته مبتسمة، من تحت خمارها الأسود، والذي يشفّ عن شفتين ساحرتين، بصوتها الأنثويّ، والنّاعم والرّقيق.. وكان قد تأكّد من أن محدّثته، على قدر كبير من الحسن والجمال:


- لأنّني لمحتك.. وأنت تقبض، على المنجل بطريقة خاطئة، وهذا يجعل يدك تدمى، ويجعلك تتعب أكثر، ويكون إنتاجك أقل وأضعف.. وهذا ما سيجعل من مراقب العمل أن يرفضك ويعطيك، أجرة أقلّ من أجرة الآخرين.


قال جدي، الذي كان منهك من التّعب، وحرارة الشّمس، التي لا تطاق:


- على كلّ حال، أنا من سيترك العمل هنا، هذه الشّغلة، ليست شغلتي، لكنّي أحاول أن أكمل نهاري.


قالت الصّبيّة، التي ظهرت، كنسمة ندى، في هذا القيظِ الشّديد:


- تعال.. وانضم إلى مجموعتنا.. وأنا أساعدك وأعلّمك طريقة الحصاد.


أعجب جدي بكلامها، كما كان قد أعجب بجمالها، وقوامها الفارع، فسألها وكانت الفرحة قد بانت على وجهه، الذي كان متعرق ومتعب:


- ولكن هل يقبلوني بينهم؟!.


أجابت باسمة:


- أنت تعال.. ولا عليك منهم.


تعلّم (جدّي)، كيفيّة العمل في الحصاد، بفضل الفتاة الفاتنة، التي كان اسمها (صبريّة)، التي أشفقت عليه، بعد أن أعجبت به، وبجمال شكله، وأناقته.. راقبته وهو يبذل جهوده في الحصاد، فأدركت أن هذا الشّاب الوسيم، لا بدَّ أن يكون ابن أسرة عزيزة، لها قيمتها ومكانتها، فهو ابن حسب ونسب.. وهذا ما جعلها تتعاطف معه، وتنهض من استراحتها، وتتقدَّم منه، لتحدّثه، وتشرح له الطّريقة الصّحيحة، للقبض على المنجل، ليتمكّن من الحصاد، دون أن يجرح يديّه، وتتورّمان، وينزف الدّم من أصابعهما.. وكان إقدامها على هذا الفعل، يعتبر قمة الجرأة، في ذاك الزّمن، من امرأة، وسط هذا الجمع من النّاس،في هذا الرّيف المحافظ، والمتشدّد في عاداته وتقاليده.


وهذا ما دفع (بجدّي)، للاستمرار بالعمل في الحصاد، طوال فترة موسمه.. ولولا وقوعه في حبٍّ تلك الفتاة الجميلة، التي تعاطفت معه، ومن ثمّ تعلّقت به، وبادلته الحبّ، والنّظرات والابتسامات الخاطفة، التي تنمّ عن الإعجاب، والمحبّة، والعشق الملتهب، مثل هذا الصّيف الملتهب.*


   مصطفى الحاج حسين.



على ذمّة الدهر... بقلم الكاتب بسام سعيد عرار

  على ذمّة الدهر...


يستوقفُنا العمر...

عامٌ مضى، وعامٌ يجيء،

أهو عَدٌّ لسنين؟

أم مجرّد وجعٍ، وعذاباتٍ، وأنين؟

أم حكايا برسمِ الفرح؟

أهو مجرّد جسد؟

أم أن الجسدَ وعاءُ روحٍ تسمو بلا نهاية؟

أهو استهلاكٌ وتكرارٌ ممجوج؟

أم إضافةٌ، وارتقاءٌ، وتجدُّد؟

أهو تقاربٌ؟

أم تباعد؟

أهو العلائقُ، والصلاتُ، والأطوارُ،

الأطيافُ، والمفارقاتُ، والفصول؟


دروبٌ ومداراتُ عمر...

تجيءُ وتتكشّف،

بين الخيرِ والشر،

بين الحقِّ والباطل،

بين النورِ والظلام،

بين الحيرةِ واليقين،

بين حلاوةِ الأيامِ ومرارتِها،

بين الماضي، والحاضر، والمستقبل.


يستوقفُنا العمر...

عبقُ الزمانِ والمكان،

بين صمتٍ وبوح،

بين حضورٍ أسمى،

وما باحتْ به الباهياتُ الشامخاتُ، الناصعاتُ، الطيباتُ،

في ثنايا مليئةٍ بالمشاعرِ والمعارف،

في هممٍ ومخيّلاتٍ فاعلةٍ تتحفّز،

في أنبلِ المواقف،

وأجملِ القصص،

ما يجعلُ المراماتِ البعيدةَ قُطوفًا دانية،

حتى يتسربلَ الكونُ بأبهى الحُلَل.


يستوقفُنا العمرُ واعدًا على ذمّة الدهر...

حيث الأثرُ الأبقى،

وبهاءُ الذوات،

والعطاءُ الواعد،

ومحاسنُ ومحامدُ الأعمال.


بقلمي 

بسام سعيد عرار


السبت، 18 أكتوبر 2025

عالمٌ يُقايضُ الدمَ بالصمت بقلم الكاتبة هادية آمنة تونس

 عالمٌ يُقايضُ الدمَ بالصمت

تحت الركام في غزّة، أجسادٌ ما زالت تتنفّس في ذاكرة التراب، أطفالٌ ونساءٌ حملوا بقايا البيوت بأذرعٍ من غبار. العالم يمرّ فوقهم بخفّة المتفرّج، كأنّ موتهم تفصيلٌ صغير في نشرات الأخبار. وفي الضفّة الأخرى من النفاق، تسعة عشر جثمانًا لأجانب ويهود أيقظت نصف الكوكب، استنفرت الحكومات، واعتلى الوعّاظ منابر العهر السياسي ليلقوا دروسًا في الإنسانيّة.


وذاك الذي باع الملامح والذاكرة يغسل وجهه بماء الخنوع، ويصافح القاتل في وضح الدم، يُتقن الدور الذي كُلّف به: الصمت، ثم الصمت، ثم التصفيق. أيّ عالمٍ هذا الذي يزن الأرواح بعملةٍ من الخداع؟ أيّ زمنٍ يُزيّن الجريمة بالاحترام؟ لقد مات العدل، وصار النفاق نبيّ هذا العصر.

هادية آمنة تونس



سطوة الشوق.... بقلم الشاعرة هدى الشرجبي

 سطوة الشوق....

         ومن حين إلى آخر 

نترقب ثورة الشوق تلك 

        توقظ فينا سكون الحرف.

احساس يعانق.  

يرافق روح 

       تتجلى بها  المعاني

           عطر ونبض

        ودفء عناقك  .

         ينثر دررالكلمات

     بعذوبة كالشهد

       يزهر من عطرها الورق.

           سطوة شوق 

وصمت يزلزل مدن تسكنها 

          المشاعر..... 

               في غيابك .

اتفنن بريشة توق 

وارسم  مراسم لقاؤك.

        وها أنا ابتسم

 وكأنما الحلم واقع 

أهداني ملامح من خيالك ....

    سطوة تقيد ....خطوة .

     تشعل فيني

             جذوة حب .

         تنير ظلمة  اشتياقك....

✍️ هدى الشرجبي.الهدى

                      𝓐𝓛 𝓗𝓤𝓓𝓐



على خط النار يا أمريكا بقلم الأديبة زينب بوتوتة الجزائر

 على خط النار يا أمريكا


الكف على الكف

ودبلوماسية الخداع والهف

ووالله تالله ثلاثا

لو غطستم  في الجنة

لن نصدق لكم

لا عين ولا يد ولا طرف

ياقاصمي ظهر العراق

من واحد الى ألف

بغداد الأبية راحت على أيديكم

والبصرة كانت تحاكي العصمة والشرف

دنستم دجلة والفرات

وإغتصبتم الموصل والنجف

وذلك البرنوس الذي به تلتحف

كإمام يصلي الخمس

ويصوم الشهر ويعتكف

وكساحر أعمى الناس بسحره

كل من التقاه من خائف ويرتجف

عنواننا الجهاد فمرحبا بكم في دياره

تاريخكم عار على البشرية

وأرواحكم تستجدي الهروب

من أجسادك الجيف

سحقتم الهنود

واستعبدتم السود

كالمجرم المصر على جرم

لا يريد أن يعترف

وثروات العالم الثالث ملككم

تبيدون كل من معكم يختلف

تثيرون النعرات

تصطنعون الحروب

وتعاقبون كل من خالفكم

وحاد عن الصف

لعب أطفالكم المفضلة هي الرصاص

وشبابكم ينتحر بقتل زملائه

بعدما ضاقت بهم الدنيا

من حضارة الإباحية والعلف

السلاح عندكم حلوى

وهدايا لأعياد الميلاد

تخبؤون السلاح في المطبخ

وتحت المخدة

والدماء مشهد عادي

والرؤوس تقطف قطف

في رعب أبدي مع أنفسكم

ومع الأخرين

وأمام المرآة ولو نطقت

أبلغتكم ليس لي الشرف

فمن أراد التجول في ربوعنا

مقابر الشهداء تخبركم عنا

للسلام سلام

وللحروب نحن لها

جفت الأقلام

ورفعت الصحف

من ديواني الأول *سطوة عينيك وسيوف المطر *


الأديبة زينب بوتوتة   الجزائر 


من ديواني الأول *سطوة عينيك وسيوف المطر *

هذه القصيدة كتبتها عندما كان سفير أمريكا يجول بالبرنوس الجزائري الأصيل الذي حارب به أبي وجدي وجد جدي المستدمر الفرنسي ويده في يد زوجته ولكنها تصلح لكل زمان و مكان بما أن أمريكا التي كانت تدفع الجزية صاغرة للجزائر ولم تكن تمر من البحر الأبيض المتوسط إلا بإذن  من الجزائر التي كانت سيدة البحار وتعطي الأوامر لكل الدول العربية وأولهم أمريكا  

وأمريكا اليوم هي الشريك الأكبر للكيان في القتل والذبح والدمار .



خيط حرير /محمد علي حسين أحمد القهوجي

 خيط حرير /محمد علي حسين أحمد القهوجي العراق الموصل بقلمي 


لا يفصلني عنك

سوى خيط حرير 

إن نسجنا فيه حبنا

تاه فوق الأجساد

قشعريرة تهتز

 تحترق أرواحنا 

كصوت صرير

لا تهربي مسرعة

فلا زالتِ الطريق طويلة

ولا زال عقلي كبير اً

لازالت نظراتها تتكلم

 مازلنا من اشراقتها

من أبتسامتها نتعلم

لازالت سمراء

كقهوة إفطاري

كانت قربي

أو ربما جاري

لكنها كانت أختياري

فأصبح الحب بيننا

 شيئاً خطيرْ

وردتي لم تذبل

بل رحلت نحو وجعها

تظن انه الخلاص

ازهرت من احشائها

نجمتين صغيرتين

فيهما عبق الطفولة

نورهما سرق العيون

كم تمنيت أنهما ملكي

أني لديهما أسير

عاد من فرقنا

يمشي ملكا

قد فاز بعطرها

بجمالها بسحرها

حتى خيالها

أخذه مني قتلني

فوق الحروف شفاهها

وعلى صدري تسير


محمد علي حسين أحمد القهوجي العراق الموصل بقلمي



وَصلُ أَرحَامٍ بقلم الشاعر محمّد جعيجع

 وَصلُ أَرحَامٍ :

ـــــــــــــــــــــــــــ 

وَصلُ أَرحَامٍ فِي الدُّنَى فَرضُ عَينٍ ... وَصلُ رُحمٍ أَوصَى بِهِ ذُو الجَلَالِ 

وَ عَلَيكَ التَّنفِيذُ دُونَ تَرَاخٍ ... أَو تَوَانٍ، فَالوَصلُ سَهلُ المَنَالِ 

مَرَّةً بَعدَ مَرَّةٍ سَاعِدِ المُحـ ... تَاجَ مِنهُم بِالمَالِ أَو بِالمَقَالِ 

وَ بِكَفِّ الأَذَى وَ تَقدِيمِ نُصحٍ ... دُونَ إِهمَالٍ دُونَ قَطعِ الوِصَالِ 

وَ اشدُدِ الحَبلَ جَيِّدًا شَدَّ وَصلٍ ... وَ بِلَا تَقصِيرٍ وَ لَو بِالسُّؤَالِ 

وَ احذَرِ القُربَ فِي ثَلَاثٍ، بِمَالٍ ... وَنِسَاءٍ وَ بَوحِ سِرِّ الرِّجَالِ 

أَوَّلًا: مِن تِجَارَةٍ بِاختِلَاطٍ ... بَينَكُم أَو مِنِ اقتِرَاضٍ بِمَالِ 

ثَانِيًا: مِن حُمَّى مُصَاهَرَةٍ تَأ ... خُذُ أَو تُعطِي وَهْوَ ذَاتُ المِثَالِ 

ثَالِثًا: مِن سِرٍّ تَبُوحُ بِهِ إِمـ ... مَا حَسُودٌ أَو فَاضِحٌ بِالعُضَالِ 

رُبَّمَا يَحدُثُ الخِلَافُ بِرَأيٍ ... أَو طَلَاقٍ أَو سَوءَةٍ بِاحتِمَالِ 

عِندَهَا تُضرِمُ العَدَاوَةُ نَارًا ... وَ حَرِيقًا إِخمَادُهُ بِالزَّوَالِ 

ـــــــــــــــــــــــــــ 

محمّد جعيجع من الجزائر – 15 أكتوبر 2025م


قصيدة: صلاة في محراب عينيك بقلم الشاعر حميد النكادي

 قصيدة: صلاة في محراب عينيك


مكتوبٌ عليَّ

أن أصلّي في محرابِ عينيكِ

عُمراً كاملاً

فأُقيمَ ركعاتِ العشقِ

على سجادةِ الشوق،

وأطوفَ بقلبٍ

يتوضّأ من ماء شفتيك


يا امرأةً

يجري طيفها في وريدي

كما يجري الدم في العروق،

علّمتني أن الليلَ بلا حبٍّ

بلا انتظار  

حلم لاطعم له،و لا ذوق 


وأن الكرى إذا سكنَ الجفنَ

صار قدراً 

كالموت  الذي

ينهي كل مخلوق

لا دمع ينفع 

ولا آهات تشفي الحروق.


ما الذي يميّز عينيكِ؟

أيُّ أهداب هذه

المعلّقةُ في سوادِهما

كما تعلق الأهداب 

تزين البيت العتيق؟

وأيُّ أمواج تسافرُ نحوي

تلطمني،تجرني

كلّما رمشتِ، إلى الأعماق؟

أي سر فيهما

لا يستوعبه العشاق؟

كحلهما الأثمدُ

غير أنهما

يزدادان صفاءً

كلما ابتهل قلبي إليهما،

يشعان من فرط النقاء.

وإذا نظرتِ إليَّ

انهدمَ في صدري

حصنُ الصبر

وتناثرتُ عاشقاً 

كما تتناثر بقايا

 البلور المكسور

على رمال الصحراء.

 يا وجعي الجميل،

قلبي عليلٌ بكِ

لكنه لا يطلبُ الشفاء،

وروحي تسيلُ على طريقكِ

طيناً وريحاً

ولا تملّ المسافة

ولو كانت كما 

بين الأرض والسماء.


لا تلومي هزالي

ولا ارتعاشة صوتي

فهذه عادةُ العشّاق:

يموتون قليلاً

كلما مرّ النسيمُ بذكرى،

ويدفنون أحلامهم

بين أضلاع الأماني

 ولو كانت احلاما جرذاء.


الحبُّ – يا عمري –

دينُ العاشقين،

وله شهداؤه،

وله مذابحه.

فإن لم أمُتْ

على بابكِ عشقاً

فأيُّ معنى يكون للموت؟

وأيُّ فائدةٍ لقبر

لا يزوره قلب

أحبَّ يوماً…

وكانت شيمته الوفاء؟

فرنسا 18/10/2025حميد النكادي


ظَوامئ بقلم. الشاعر هادي مسلم الهداد/

 *((  ظَوامئ.. ))*

====***====

  وسَأَلتُ والأوهامُ رجْعُ تَساؤلِ 

    وهمٌ يُخادعُ شاعراً ويُناظرهْ


   بَانتْ على رَغمِ البعادِ شَمائلهْ

    لكنَّما أمسى الخَيالُ يُساورهْ


 فلقدْ تَركتُ على السّحامِ ظَوامئاً 

    لكنَّها الأمطارُ ليْسَتْ مَاطِرهْ


    تَتسارعُ الأفكارُ حتّى أيْنَعتْ

    شِعراً رقيْقاً قَد يَسرّ خَواطِرهْ

..

بقلم/هادي مسلم الهداد/



حِرَفِيُ الكلماتِ يَخلِقُ عالمًا مُمَيزاً بِفَنِ الكِتابَةِ (1) بقلم الكاتب طه دخل الله عبد الرحمن

 حِرَفِيُ الكلماتِ يَخلِقُ عالمًا مُمَيزاً بِفَنِ الكِتابَةِ (1)

في زمن تضج فيه الفضاءات بالكلمات العابرة، وتتحول الكتابة إلى مجرد نقل للمعلومات أو سرد للأحداث، يبرز كاتبٌ مختلف. إنه ليس مجرد ناقل لأفكار، أو راوٍ لأحداث، بل هو حرفي بارع، يحمل قلمه كما يحمل الصائغ أداته، لا ليكتب فقط، بل ليصوغ وينحت ويخلق عالماً من الجمال والفكر.

صاحب هذا القلم لا يرى الكلمات حروفاً سوداء على صفحة بيضاء، بل يراها كتلًا من الذهب الخام، فيها البريق الخافت والصدأ والجوهر الثمين. تأتي مهمته الأولى في انتقاء أنقاها وأصفاها، فيغربل المعاني ويختار الألفاظ بدقة متناهية، وكأنه يغسل الرمال بحثاً عن ذرات الذهب اللامعة. فهو لا يرضى بالتقريب، بل يبحث عن الكلمة التي تحمل الظل والنور، الدقة والشاعرية، في آنٍ معاً.

إنه حرفي لأن كتابته ليست مجرد إلهام عابر، بل هي مزج دقيق بين العلم بالفن والموهبة الأصيلة. إنه يدرس بناء الجملة كما يدرس المهندس قوانين الهندسة، ويعرف مواطن الجمال فيها كما يعرف الموسيقي النوتات والسلم الموسيقي. موهبته هي الشرارة، ولكن وعيه باللغة وقواعدها وفنونها هو الوقود الذي يغذي هذه الشرارة لتصير ناراً متقدة تنتج نصاً متين البناء، رصين الأسلوب، أخاذ الجمال.

وهو أيضاً صائغ لأن عملية الصياغة عنده لا تقل أهمية عن المادة الخام. يجلس إلى طاولته وكأنه أمام منضدة العمل، فيبدأ بطرق الكلمات وتليينها وربطها ببعضها في سلاسل من الجمل المتدفقة. يضع الفكرة في بوتقة التأمل، ثم يصهرها بروحه وفكره، لتصبح شيئاً جديداً، يحمل بصمته الخاصة. التشبيهات عنده ليست زخرفة، بل حِرفٌ دقيقة تُلحم في النص لتعطيه متانة وجمالاً. والاستعارات هي الأحجار الكريمة التي يضعها في المكان المناسب لتعكس الضوء على المعنى من زوايا متعددة.

ولا يقف عطاء هذا الحرفي عند حدود الأصالة والجمال اللغوي فحسب، بل يتميز بوعي عميق بالمعاصرة. إنه لا يعيش في برج عاجي منعزل عن هموم عصره وإيقاعاته. يحمل قلمه كمرآة تعكس واقع الناس بألمه وأمله، ولكنها لا تقف عند الانعكاس، بل تنفذ إلى الأعماق لتكشف عن الأسرار والتناقضات. إنه يكتب بروح العصر، بلغة العصر، من دون أن يفرط في أصالة لغته أو يخون جماليتها. إنه يبني جسراً متيناً بين تراث اللغة الثري وبين أسئلة الحاضر الملحة، مقدماً إجاباتٍ أو على الأقل إضاءاتٍ تستحق التأمل.

لذلك، عندما تقرأ لصاحب هذا القلم، لا تشعر أنك أمام معلومات جافة أو مشاعر عابرة، بل تشعر أنك أمام تحفة فنية مكتملة الأركان. كل كلمة موضوعة في مكانها بدقة، كل جملة تؤدي دورها في السيمفونية النصية، والفكرة تتوهج كجوهرة مصقولة تدهش العقل والقلب معاً.

في النهاية، صاحب هذا القلم هو ذلك الفنان الذي أخلص لحرفته، فرفعها من مجرد كتابة إلى مستوى الصياغة، ومن مستوى التأليف إلى مرتبة الإبداع. إنه يؤمن أن الكلمة مسؤولية وجمال، وأن القلم أداة بناء لا مجرد أداة تسجيل. وهو بهذا، يستحق حقاً لقب حرفي الكلمات البارع.

طه دخل الله عبد الرحمن

البعنه == الجليل

27/08/2025



تعاليم. للجميع بقلم الكاتبة سلوى مناعي تونس

 تعاليم. للجميع

🌹❤️

الكلب ينبح من قريب 

وهناك طفل يرتجف

وأنا اهدئُ روعه 

لا يا بني لا لا تخف

قف في مكانك ثابتا

وانظر وانفك شامخا

سيراك وحشا كاسرا

يقف النباح وينصرف

كن كالجبال الراسخة

في كل حين شامخة

بالعزم دوما واقفة

دوما كجبار وقف

لا ترتضِ ذلًّا أبد

واصبر على الدرب الأشد  

واحملْ ضياءك في الدجى  

فالزيف بالنور انكشف  

إن الحياةَ لها نظام  

فاخترْ بها عدل الكرام  

وامضِ زمانك راقيا

بالحقِّ لا تخشى السُّخف  

وإذا دنا منك الخَطَر  

فكنِ الشجاعَ ولا تفر  

بالعزم بالإيمان لا  

تأبهْ لقولٍ أو زلَف عن

سلوى مناعي تونس

04/10/2025



أنفاس الوله بقلم الكاتب سلام السيد

 أنفاس الوله .


يجرفني ولهي،

إلى موعد حين تهدأ أمواج الأهواء،

كهمسة تتسلل إلى أعماق الوجود،

أترك خلفي نورًا خافتًا،

وأرتقب إشراقه.


يسير بي في دروب الخشية،

حيث تتلاقى الأرواح،

تعلو آهاتي كأصداء الخفاء،

وتحتضن شهوة الصمت،

توقظ سرًّا دفينًا.


أيدي الروح التائهة في عوالم السر،

ترسم على جسد الحقيقة خرائط الحب،

والأنفاس تتلاقى في لحظة توق،

ولا ملاذ من دوامة الفناء.

يترك فيّ أثرًا عابرًا،

وبشفتيه ينقش بصمةً

تذوب في شهد العشق المنتشي.


يعود الصدى مبحوحًا،

والهمسات تتناثر كأضواء تائهة،

تضيق الروح للحظة الوصل،

وأجمع بقاياه في كنف الغياب،

في حضن السر المتجدد،

أتوهج بالحب، وأستسلم للفناء.


سلام السيد



الصبح الجديد بقلم الكاتب عبدالرحيم العسال

 الصبح الجديد

=========

وأرقب من وراء الشو

ك أزهارا    واشجارا

وأنسج من ظلام اللي

ل نجمات    واقمارا

أفجر في فيافي العم

ر أنهارا.     وأنهارا

ومن ترديد آهاتي

أصوغ اللحن اشعارا

فكم أضحت شراييني

لذاك اللحن أوتارا

وقلبي قد غدا دفا

وأنفاسي له. طارا

أبشر كل من حولي

أناسيا. وأطيارا

بأن الصبح قد ألقي

له في الأفق أنوارا

فهيا صاحبي هيا

فركب النصر قد سار

تباشير الهدي بانت

فكن دوما لها جارا


(عبدالرحيم العسال مصر سوهاج أخميم)


دموع السّماء بقلم الكاتب دخان لحسن

 دموع السّماء


غيمة في السّماء 

من عطفها بكت وسالت

لا الحزن في بكائها ولا الغضب

بل دموع الغيث زلالا مقطّرا

يغسل درن الجفاف

وفوضى الأصوات وكآبة المنظرا

هي السّماء تتأوّه

وتبني على الأقدار ما قدّرا

هذي الشّوارع وتلك السهول 

والرُّبى فقدت من قبلُ نضارتها 

وجفاف الوادي والمعبرا

فصارت كالسّراج 

يجعل دجى الليل يندثر ويُقبرا

تبوس قطراتها خدّ النوافذ

وتجري في المزاريب مجبرا

نفتح أمام عبقها أروقةَ الحبّ 

ماضيا وحاضرا

وحنين القلوب رسائلا 

تزيّن جوف الفؤاد والمظهرا

والرّبيع يزركش الطبيعة 

بعد شتاء روى عطشها الأصفرا

أنشودة الزخّات نُقِشت

على الأرض كأنها حبر ومحبرا

هي الأقدار أيقظت فينا

الإيمان بالحمد والشّكرُ أمطرا

أحيت فينا ما كان مبهما

وما لم ينمو في نفوسنا قد تأخرا

يحادثنا المطر كأنه شاعر

بات ليله يُطيل الهمسات ويقترا

سقتنا السّماء من دموعها

فالماء منها زلالا وغيثا مطهّرا          

يُميت القحط والجفاف بهطوله

فيسكنهم المقبرا 

والجداول منسابة بخريرها تشكّل 

في الحياة السرّ والجهرا

والكائنات تكوّن فيها الرّحمة

خيرَ البيع والمشترى

إذا الظلّ غاب بأفول الشمس

وراء الغمام فهيِّء الموقد والمجمرا

 يا فرحتي باليوم جماله تبسّم

والمطر بالأمس قد انهمرا

 ونسيم الهواء البارد

دفع حرارة الهوى في الأرواح وانتشرا


بقلمي: دخان لحسن. الجزائر  18.10.2025



" عندما كنتُ أحبّه" بقلم الكاتب طارق غريب

 " عندما كنتُ أحبّه"

" صمت ما قبل الحكاية"

(ظلامٌ كامل.

صوتُ نَفَسٍ أنثويٍّ يتهدّج في العتمة ، 

كأنه نداء بعيد من زمن آخر.

ينبعث الضوء ببطءٍ ، مثل شروقٍ حزين ، 

على امرأة وحيدة تجلس على كرسي خشبيّ ،

 في يدها فستانٌ أحمر مطويّ.

الموسيقى خافتة ، تشبه أنين كمانٍ بعيد ، 

نغمةٌ واحدة تتكرّر كنبضٍ حزين.)

المرأة تنظر للجمهور : أنا نجوى

 نجوى بصوتٍ أقرب إلى الهمس :

هل كان حبًّا ؟

أم مجرّد صدفةٍ مرّت بي ، 

 كما تمرّ النوارس فوق بحرٍ ميت؟

لماذا حين أغمض عيني ،

أراهُ واقفًا بين جفوني كظلٍّ يرفض أن يرحل؟

(تضحك ضحكة قصيرة ، مختنقة ، بين الخوف والحنين.)

كنتُ فتاةً عادية ، تمشي بخطى هادئة ،

لا تبحث عن الأساطير ، ولا تنتظر المعجزات ،

لكنّه جاء.

جاء كعاصفةٍ هادئة ، كسؤالٍ لا يملك أحدٌ إجابته.

(ضوء خفيف يتحرك مع حركتها وهي ترفع رأسها إلى الأعلى)

كلُّ ما أذكره أنّ الزمن توقّف ،

وأنّ ضوءَ الغرفة صارَ ألينَ من أن يجرح ،

وأنّني لم أعد أعرفُ من أينَ يبدأُ وجهي ،

وأينَ تبدأُ ابتسامتي.


"ذاكرة الفستان الأحمر"

(إضاءة دافئة مائلة للبرتقالي.

تنهض نجوى ببطء ، تمسك الفستان الأحمر ،

 ترفعه أمامها ،

يتحرك الضوء معه كأنه يستعيد الزمن القديم.)

هذا هو ، فستانُ اللقاء الأول.

كنتُ أظن أن الألوانَ يمكن أن تُخفي الارتباك ،

لكنني كنتُ أرتجفُ كطفلةٍ ترتدي قلبها للمرّة الأولى.

لم أكن أصدّق أنني أنا  ، تلك الفتاة العادية  ، 

سأشعر بكلّ هذا الارتباك ،

تلك الدوخة التي تجعل النساء يبتسمن بلا سبب.

قال لي يومها :

"عيناكِ تشبهان المطر قبل أن ينهمر."

ومن يومها ،

صرتُ أبحثُ عن نفسي في السماء.

(تدور حول نفسها بخطواتٍ بطيئة ، 

كمن تعيد مشهدًا من الذاكرة.)

كان يشبهُ الشتاء في صوته ، 

والصيف في ضحكته ،

وكان يحملُ في عينيه وعدًا لا يكتبه ،

ووعدًا آخر لا يُكمله.

كان يلمس كلماته كما يلمس طفلٌ جناحَ فراشة ،

خائفًا أن تنكسر منه المعاني.


"الكتابة والصمت"

(الإضاءة تتقلص إلى بقعة ضوء حولها.

الخشبة تُصبح عالمًا داخليًا.

تجلس على الأرض ، تضم الفستان إلى صدرها.)

حين أحببته ، كنتُ أكتبُ رسائلَ لا أُرسلها ،

وأحاديثَ لا أقولها ، وأغنياتٍ لا يسمعها أحد.

كنتُ أحادثُه في صمتي،

أعاتبه في خيالي ، أغار عليه من المرايا ،

حتى من الهواء الذي يمرّ قربه.

(صمت طويل ، تُسمع أنفاسها فقط.)

قال لي :

"أحبكِ ، ولكن لا توقعي قلبي في معارككِ."

لم أفهم.

ظننتُ أن الحبَّ ميدانُ شرفٍ ،

وأننا نقاتلُ فيه لنحيا ، لا لنرحل.

لم أدرِ أنه يخاف الهزائم الصغيرة ، 

تلك التي تحدث عندما ، 

تبكي امرأةٌ بصمتٍ في منتصف الليل .

لكنه خاف ،

خاف من امرأةٍ تُحبّ بصدقٍ لا يعرفه ،

من حضورٍ يفضحُ نواياه الصغيرة.


"الخوف من الحب"

(ضوء أزرق بارد ، موسيقى خفيفة متقطعة.

نجوى تسير في دوائر صغيرة حول المسرح ،

 صوتها يعلو ويخفت كالموج.)

كان يريدُ حبًّا لطيفًا لا يُربكُ نومَه ،

وأنا كنتُ عاصفةً لا تنام.

كنتُ أمنحهُ قلبي ، وهو يمنحني تأجيلًا .

كنتُ أزرعُ الورد ، وهو يُعدّ فصولَ الرحيل.

كنتَ تعدني أن تكون المأوى ، فكنتَ الريح ،

كنتَ تقول أنك تُحبني بصدقَ ،  

فكنتَ تصدق فقط حين تُريد الرحيل ،

كنتَ لحنًا لم يكتمل ،

وصوتًا انكسر قبل أن يبلغ آخر النغمة.

(تتوقف فجأة ، تنظر نحو الجمهور ، بصوتٍ خافتٍ حزين)

وها أنا بعدك ،

أتدرّبُ على الحياة كما يتدرّبُ طفلٌ على النطق ،

أتعلّمُ أن أبتسم دونَ أن يوجعني الضوء ،

أن أتنفّس دون أن أستدعيك في الزفير.


" الاعتراف"

(إضاءة بيضاء ناعمة  ، لحظة صدق)

ما أغربَ الرجالَ حين يحبّون!

يقولون "أنتِ كلُّ النساء" ،

ثم يبحثون عن امرأةٍ أخرى ،

كي يتأكدوا أنها  لا  تُشبهني.

أنا لا أكرهه ،

لا يمكنني أن أكرهَ من فتح لي نافذةً على نفسي ،

ولا من تركني أتعلمُ وحدي كيف أغلقها.

لا يمكن أن أكره من علّمني كيف تضيء العتمة بلمسة ،

 ولا من تركني لأفهم كيف أضيئها وحدي.


" السؤال والجواب"

(إضاءة خافتة دافئة  ، مقعد اعتراف)

الآن

حين يسألني أحدهم : "هل ما زلتِ تحبّينه؟"

أبتسمُ وأقول : "لا ،  لقد أحببتُه مرةً واحدة ،

وما زلتُ أعيشُ — إلى الآن — داخل تلك المرّة."

(تمسك الفستان الأحمر وتضعه برفقٍ على الكرسي المقابل)

كان هو البداية ،

ولا أدري إن كنتُ بعدهُ قد وُجدتُ حقًّا ،

أم أنّني ظلّ امرأةٍ كانت تُدعى نجوى.


"الحنين الموجع"

(الإضاءة تتراقص بخفوت ،

 ظلال متحرّكة على الجدار الخلفي.

صوت موسيقى البيانو كخيوط مطر.)

أحيانًا ،  أسمع وقعَ خطواته في الممرات القديمة ،

فأظنّ أن الباب سيُفتح ،

وأنّ الأشياء ستستعيد أسماءها ،

لكنها لا تفعل.

كلُّ شيءٍ يبقى كما هو ،

إلا قلبي ، يتغيّر كلَّ مساء ،

ويعودَ كلَّ صباحٍ ،  إلى نقطة البدء.

أتراه يسمعني الآن؟

أتراهُ يبتسم لأنني ما زلتُ أتحدّثُ عنه؟

أم أنه كعادته يمضي ،

ويتركُني أُكملُ الحوار وحدي؟

يا إلهي ، كم من النساء يضحكن لأنهنَّ لم يبكين بعد!


  "الوعي"

(ضوء ذهبي يسقط على وجهها فقط.

تتحدث بصوتٍ كمن يهمس بحكمةٍ ودمعة.)

كنتُ أظن أن الحبَّ ينتهي حين نفترق ،

لكنني اكتشفتُ أنه يبدأ حين لا يعود.

كلُّ ما بقي منه ، 

صوتهُ في الليل ،

ورائحةُ المطر على كتفي ،

وخوفٌ صغيرٌ من أن أنساه.

أحببته كما يُحبّ الجرحُ دمَه ،

والبحرُ ملوحتَه ، والغربةُ وطنَها المؤجّل.

وربّما ، لم أكن أريده أن يعود ،

بل أن يبقى  ذكرى لا تُمحى ولا تُشفى.

  "الصمت الأخير"

(تنهض ، تعلق الفستان الأحمر في منتصف المسرح.

الضوء ينساب عليه كدمعةٍ دافئة.

الموسيقى تتحول إلى همهمة روحية.

صوتها الأخير يأتي بهدوءٍ ، كترتيل.)

وداعًا أيّها الحلمُ الذي علّمني أن أستيقظ.

وداعًا أيها الغائبُ الحاضرُ في كلِّ ما لا يُقال.

وداعًا ،  لأنّني ،  رغم كلّ شيء ، 

ما زلتُ أحبّه حين كنتُ أحبّه.

(الضوء يخفت تدريجيًّا ، ثم يختفي كل شيء ، 

 إلا الفستان الأحمر المضاء في منتصف الخشبة.

تسقط نغمة واحدة طويلة على البيانو ،  ثم صمت.)

ستار

طارق غريب



مدد يا بدوي لمحمد مطر

 مدد يا بدوي

لمحمد مطر 


مددمدد يا بدوي مددهكذاقال معمم 


ترك  الإله.  وطلب.  من البدوي المدد


وهناك   المعممون كبارهم  وصغارهم 


عند.مقام مولاناوقفواوقدفاقوا العدد


مددمدد يا بدوي مدد قولوا من مدح


ومن أفاض كذباللبدوي في هذاالصدد


نظرت  فما. وجدت إلا. معمما. وعوام 


لغرض من كل حدب لمولاناكان قدوفد


فقدواشدوا الرحال لسيدلاتعرف عنه 


كرامات ومن قرون  بالتراب قد وسد


فقد قالوا.  زورا من  فاس جاء وقال 


المرجفون.  مكي  بطنطا كان قد رقد


فلا أهل لهذا  المقبور او يعرف  نسبه


وإنما ببلطجة السطوحي فيناقدمجد


فقولوا من اين   اتى ذاك  الولي الذي 


يعترف بأنه ما للإله هذا الولي قدعبد


فقد قالوا   من بركاته اكل الخبيز كله


مبطون زاد فينااكله وما لربه قدحمد


وقالوا عنه شرب المياه كلها أجيبوني


اين الماءبعد هذا الشرب منه قد رفد


فياناس افيقوا من غفلاتكم فللضلال


 كم شددتم الرحال لغيرمولانا الصمد


جلبوا الحمير والخيول وكأنما لمعمعة 


همواوالمعمم فيهم وماكان ابداقدرشد


أتوه سائرين من أقصى البلادسعيا و


بطريق الضلال  لاقوا. المشقة والكبد


ويابدوي جاب اليسرى ولربماهذاالملثم


 تلقى. كتابه  بشماله من  واحد  احد


ففي   مولد   سيدنا هذا   ترتكب كل  


الموبقات وبعد  هذافالمعمم قد وجد


اتي للبدوي يطلب صلةلمولاه ومولاه


الرحيم بلا.  واسطة.  يقرب  من بعد


محمد مطر


زهور حيفا وعكا بقلم الكاتب حسين عبدالله جمعة

 زهور حيفا وعكا

بقلم : حسين عبدالله جمعة 


زهورُ حيفا وعكّا ترقصُ فرحًا،

وأنا أُداعبُ قرنفلاتِها الخَمريّة...


يا عاشقَ البحرِ والوردِ،

دعني هذا المساء،

فهُنا تبدأُ حِكايتي...


وحبيبتي قالت للموجِ:

"اهدأْ...

شِئتَ أم أبيتَ،

معهُ سوفَ أُكمِلُ مَشْواري..."


جِئتُكَ أخيرًا،

حتى تَستَريحَ أَحلامي ،

فكلُّ الجِهاتِ، والفُصولِ، والمَواسمِ مُبعثَرة،

وكَيفَ يَستهدِي الطَّريقَ لاجئٌ،

جالَ الدُّنيا يَبحَثُ عن مَرسى؟


آهٍ مِن غُربَتي،

لقد حَطَّمت بوصلةَ الأيّامِ والحياة...


وحَبيبَتي قالَتْ لِلمَوجِ مرّةً أُخرى:

اهدَأْ،

فَفيه مِن رُوحي نَبضٌ،

وفيه مِن دَمعي سَرايَا الحكاية...


فابتسمتُ،

كأنَّ المرافئَ فَهِمَتْ سِرَّ انتظارِها،

وكأنَّ البحرَ أدرَكَ أنْ ليسَ لهُ وطنٌ

إلّا ظلُّها حينَ تَمشي على الموجِ...


يا حيفا،

قولي لعكّا:

إنَّ العاشقَ عاد...

وفي يَدِهِ قُرنفلة،

وفي قلبِهِ كلُّ الندى الذي خبَّأتْهُ البلاد.


حسين عبدالله جمعه 

سعدنايل لبنان