الأحد، 19 أكتوبر 2025

تغريدة الشعر العربي بقلم الكاتب السعيد عبدالعاطي مبارك الفايد - مصر ٠

 تغريدة الشعر العربي

بقلم : السعيد عبدالعاطي مبارك الفايد - مصر ٠

----------------------------------------

امرأة متوحشة ٠٠!!

الشاعرة و الكاتبة التونسيه / سونيا الفرجاني - ١٩٧٦ م ٠

خطيئتي كانت جسدي

سميته الحياة ٠ 

ودخلت به البراري والشعر 

لكنه كان هاويتي ٠

كثيرة كانت الحرائق حولنا 

هو اختنق وأنا صنعت من الرماد بيوتا.

ربما تابوتا .

العالم أديان تنقلب على بعضها 

والجسدُ أيضا.

------

في غِيابك صرت امرأة متوحشة

تسكنُ الدّواميس

وتشتري ما يلزم  أكلها من مصبات الموتى

فقدت صوتي القديم ٠

( من قصيدة : امرأة متوحشة )

٠٠٠٠٠

من تونس الخضراء نتوقف مع صوت إبداعي لشاعرة و كاتبة و ناشطة ( سونيا الفرجاني ) و التي تواصل متعو العناق مع الحياة بين الحب و الصراع في ثنائية تجسد لنا خريطة المتغيرات مع الأحداث في دفقة فلسفية تأملية ٠

و لِمَ فقد نشأت بين ظلال بيئة جميلة جزيرة الأحلام وسط المياة و الخضرة و الجمال ، و من ثم قد رسمت لوحاتها المتداخلة بتدفق لغة رائعة حوارية و إيقاعات ساحرة تؤثر في النفوس في انسيابية تعج بالصور التي تعكس المشهد فتكتب أمشاجا من وحي القصيد ، و تختار قصيدة النثر التي تجد فيها مرآة عاكس للواقع المتقلب فراحت تعتمد شكل قصيدة النثر ٠٠

حيث قصيدة النثر تؤثر في بلاد المغرب العربي بشكل كبير و ملحوظ ، و لذا تتمسك بها مع الرائدات في الأدب لهذا النوع المغامر مع عملية الإبداع ، و التي تسلكها المرأة في فن الأدب هكذا ٠٠


أليست هي القائلة :

أرغب في قول شيء

لست حزينة ولا منتشية

أنا الآن ماشية،

أجرّ رأسي كفانوس يتدلى خافتاً،

الأطفال العائدون من زمن أبيض

قذفوا عمود الكهرباء بحجر

فسقط وجهي. 


* نشأتها :

------------

ولدت الشاعرة و الكاتبة التونسية سونيا الفرجاني عام ١٩٧٦ م ٠

بجزيرة الأحلام مدينة ( جربة ) . متحصلة على الأستاذية في التاريخ من كلية العلوم الإنسانية.

عملت مدرسة للتاريخ و الجغرافيا ٠

 ناشطة في المجتمع المدني، ومنشطة سابقة في إذاعة أوليس إف إم. 

مديرة بيت محمود درويش للشعر ومُؤسّسته. 

تنشر وتكتب في الصحافة.


= صدر لها : 

"صباح الخزامى" 1998 م٠

"امرأة بني باندو" 2019 م٠

 "فساتين الغيب المزررة" 2018 م ٠

 "ليس للأرض باب وسأفتحه" 2019 م . دار الأمينة للنشر والتوزيع بالقيروان ٠


* مختارات من شعرها :   

حاولنا قراءة بعض الأعمال في لمحة سريعة نطل من خلال نافذتها الإبداعية المتنوعة و المتباينة عن الشاعرة التونسية سونيا الفرجاني ، و من ثم تم حصاد الثلاثية في إلقاء الضوء عليها كمدخل يتناول تحليل القصيدة الفنية كوحدة عضوية ٠٠

تقول سونيا الفرجاني في قصيدتها التالية التي تمزج وجه الحضارة القديم مع الحداثة في لوحة تختصر المعادلة بمفتاح الحب و معالم خريطتها التي تجسد الحقيقة :

الليلُ مرآة سالارا 

أدخلتُ وجهي فيها لأراك،

لكنَّ الزجاجَ انكسر

فتناثر وجهُكَ نجومًا

لم أصل إليها.


كنتَ وعدًا

مكتوبًا على جناحِ فضة في بابل 

حلّق  الطير بعيدًا

قبل أن أقرأ الحروف

فخسرت خرائطي.


انتظرتكَ…

لم تصل 

لكنَّ الغيابَ جاء،

جلسَ إلى جواري

وأمسكَ بيدي

كما يفعلُ العشّاق في مدرسة ريفية ناصعة.


الآن،

كلما عبرتَ في ذاكرتي،

يتشقّق القمرُ القديم 

وتسقطُ منه موسيقى

لا يسمعها إلا البحارة على ضفاف بني باندو 


أحببتكَ…

لكن الحروف ناقصة 

فصرتَ كتابًا مغلقًا،

وصرتُ  القارئةَ العمياء

التي لا تكفّ عن ملامسة الغلاف. 


***

و تقول في هذه القصيدة التي تفتح باباً للحب في دعوة أمل و انتظار من جديد مع الحياة بعد ثوران استحوذ على النفس بين متاهات الحياة فتصرح للنور و للمحبوب كل صباح  :

أعدكِ يا حياتي

أن أنتظرك كلّ صباح 

على عتبات الباب

ولو فاجأني كلب سائب

واتضح في نبرات نباحه

ضجر ورتابة

سأطرده

بعرجون قديم

بدّلت لونه الشمس

وأناّت الوقت

أعدكِ يا حياتي

أن أستيقظ

باكرا

كديك

كي أبدأ الضوء من أوّله

وأجمع من طريقي

زجاج الناس

المهشّمين

ربما يجرحني البلّور 

فأنتظر غرابا

يعلمني ردم الهزائم

أعدكِ يا حياتي

أن أتقن تنظيم وقتك

فللوقت قوتٌ

من البشر

ولي في ترتيبك

طفلة لعبت بالماء

فأغرقها.

من كتابي 

امرأة بني باندو ٠٠


***

و نختم لها بهذه القصيدة تحت عنوان ( امرأة متوحشة ) حيث تطوف بنا الشاعرة و الكاتبة التونسية سنيا الفرجاني في موجة اعتراف عند لحظة غياب قد تحولت إلى امرأة متوحشة فقدت معاني الحياة من خلال صراعات مع الروح وسط قلق فلسفي و حيرة بين المجتمع المضطرب و لكنها مازالت تحلم يحلم العودة حيث الحب و الجمال و الدفء و الأمان لترسم لنا لوحتها المتداخلة بين التنوع و التضاد لتؤكد على فكرة الميلاد من جيد برؤية مشاعر شاعرة تعشق البقاء فتقول فيها :

في غِيابك صرت امرأة متوحشة

تسكنُ الدّواميس

وتشتري ما يلزم  أكلها من مصبات الموتى

فقدت صوتي القديم

نفثته في وجه بذور البطيخ

وابتلعت نمش سمك بحسك

دون أن أتأذى.

صرت بصوت غارق لا تعرفه. 


في غيابك اقترفت جرائم بشعة

خبّأت جهة الشرق خلف شجرة معمّرة  في أقصى صحراء  أتاكاما

غرب جبال الإنديز

دسست طيور العالم في دهليز

وسكبت عليها عطور الجاردينيا

حتى اختنقت. 


لم أشفق على المطر الذي هطل فوق خطوط العرض القريبة من يدي

سحبت خيوطه بشراهة

وصببت الماء العذب في بئر القيامة

لم يعد ثمة خمر على هذه الأرض

عليك أن تعتذر من السكارى وعاشقي التين

قطفت كروم الخرائط واقتلعت عروقها

حَرقت محاصيل التين والزيتون وكسرت النخيل  في واحاتنا. 

 لايمكن أن أكون امرأة في غيابك

صرت أرى في العتمة

وأسمع في الضّجيج

وأستنشق الحمم

وأطبخ عظام القطط. 


و بعد هذه الرحلة السريعة في عالم الشاعرة و الكاتبة التونسية سونيا الفرجاني .. و التي طوفنا معها في عالمها الواسع و خيالها الخصيب و لغتها السهلة الجميلة التي وظفت بها مشاعرها الصادقة مع متغيرات الواقع من خلال البيئة و كيف عانقة الطبيعة من زوايا متعددة الرؤى حيث تجيد فن قصيدة النثر التي تسيطر على إنتاج المرأة في المغربي العربي كي تعبر عن قضاياها بلا حدود دائما ٠

مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي دائما ٠



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق