الأربعاء، 18 أغسطس 2021

القراءة مثل التنفس (جولة في أروقة معرض الكتاب 2021 بتونس) بقلم الأديبة نعيمة الحمامي

 " نقرأ كي نفهم، أو من أجل التوصل إلى الفهم. إننا لا نستطيع فعل آي أمر مغاير: القراءة مثل التنفس، إنها وظيفة حياتية أساسية ". هكذا يتحدث الكاتب العالمي ألبيرتو مانغويل عن القراءة فهي دعوة لتجذير ثقافة القراءة والمطالعة والتشجيع على امتلاك الكتاب وجعله تقليدا يوميا في حياتنا. لا خلاص لنا من واقعنا المهزوم ، الذي تهزٌه الازمات، إلاٌ بالقراءة والمطالعة لتقليص مساحات الأمية الثقافية. المعرض الوطني للكتاب التونسي في دورته الثالثة، 17 / 27 جوان 2021 يمدينة الثقافة بالعاصمة، سعى إلى الإحتفاء بثقافة القراءة من خلال تعدٌد مواضيع الدورة وتنوعها.

نصيبي من هذا المعرض مجموعة من الكتب في اجناس أدبية متموعة، في السرد، في الشعر ، دراسات وبحوث في تحليل الخطاب. وفي علم الاجتماع .
مع متعة التجوٌل بين أروقة الكتب المعروضة، وحضور:
- حفلات توقيع لمجموعة من كتب صديقاتي واصدقائي المبدعات والمبدعين .
- ندوات عديدة نُظٌمت على هامش المعرض،
بدات اولى خطواتي يوم 20 جوان 2021. وستتوالى تباعا يومي الجمعة 25 والسبت 26 جوان .
الأحد 20 جوان:
سُعدتُ في هذا اليوم، في جناح دار زينب للنشر والتوزيع، بحدثين ثقافيين هامين ازاحا عني انا ورفقتي: ثلة من أصدقائي اعضاء ورشة الكتابة لرابطة الكتاب التونسيون الأحرار، فرع نابل التي تتخذ من رواق "ريدار" منزل تميم مقرا لها، بعضا من النكد والبؤس. فكان يومنا جميلا رغم حرارة الطقس الخانقة، ومشقة التنقل بين منزل تميم والعاصمة باعتماد النقل العمومي عبر الناقلة الجهوية في هذا الحرٌ المشْبَع بالرطوبة الخانقة، ومخاطر الكوفيد - 19. كنت صحبة صديقتي، الشاعرة رفيقة حمام
والأديبين اليانعين القادمين على مهل: عبد القادر بن صالح. وعزيز جمال اليحياوي:
الحدث الأوٌل: الساعة 11.30د
حفل توقيع المولود الادبي الاول للشاعرة أحلام بن حورية الصادر عن دار زينب للنشر. ديوان
" تحت عنوان " مجادل" . مجادل، بفتح الميم جمع مِجْدَلً وهو القصر او البنيان. العالي الشاهق.
يقول " الكُميتُ":"
" كسوْتُ العلافيٌاتِ هُوجا كأٌنها
مَجادلُ شدٌَ الراصفون اجْتِدالها(بنيانها).
مَجادل يعني ايضا المرأة الجميلة، حسنة الخَلْق والخلُق، مجدولة الضفائر (قوية ومفتولة) منذ البداية يروادنا البحث عن العلاقة بين العتبة والمتن وعن الرسائل المشفرة التي يبعث بها الكاتب. لذلك للعنوان دلالات تعكس حيرة الكاتب وتساؤلاته ومدى إلتزامه بقضايا عصره وبوعيه المجتمعي لذالك لا توضع العتبات جزافا.فالكاتب يكون حريصا على انتقاءها.
يقيني ان " مجادل" صدقتنا احلام هو عتبة تعكس عصارة تأملات شاعرة مُثقلة بهموم عصرها وقضاياه، انسكبت نظما شجيا مجدول البناء مجادلُ. ينحى في نفس سياق العتبة، يُغري المُتلقي ليقتفي الأثر والدلالة. فالعنوان مغري والمتن موشٌى بجميل النظم، يغوص في هموم الراهن بوعي وحرفية شاعرة متمرٌسة، تسبر أغوار اللغة بالنبش، وتطوٌعها فينقاد لها الحرف يُولٌد صورا ومعاني حول الأنا والآخر
حول الوطن، حول الحياة والطبيعة والانسان وقضاياه وصراعه الوجودي بين المعتم والمضيء، بين الحياة والعدم.فتغنت بالحب بمفهومه الانساني بصدقية عالية المنسوب. فكان " الصدق في اللهجة وفي الصورة، ظاهر لا يحتاج إلى تدليل" يقول الدكتور جلول عزونة في تقديمه للديوان. بصدقية غنت للحبيب وللامٌ والاب والإبنة والوطن لأنٌ " الحبٌ والوطن متماهيان في ذهنية الشاعرة", ص فصدقتنا أحلام ، شاعرةمسكونة بالإنسان... "الشامخ... حتى وإنْ تكالبت عليه الحياة... وألقت به في غياهب الظلمات، تأتيه أحلام وهي تحمل شمعة مضيئة، وبريق أمل، وقارب نجاة لتنقذه من أمواج الحياةالعاتية " كما جاء في تقديم الروائي الجزائري الطيٌب عبادلية في ص 9 من الأثر.. فالف مبروك ، بالالق والتوفيق للشاعرة المبدعة احلام بن حورية
جمعتني هذه الاحتفالية بمجموعة من المبدعين والمثقفين منهم صديقي الرٌسام والشاعر سامي الساحلي والصحفي الإعلامي الشاذلي عرايبية والمصور الفتوغرافي الاستاذ فاروق ابن حورية والشاعرة جميلة عبسي والشاعرة حنان عامر
التقيت ايضا الأديب المبدع صاحب مؤسٌسة الوجدان الثقافية الاستاذ الطاهر المشي الذي حدثنا من مشاريعه الابداعية في الشعر والقصة القصيرة.
رغم ان برمجة المعرض تزامنت مع الإمتحانات المدرسية والجامعة، ورغم تازم الوضع الوبائي وارتفاع أسعار الكتب، فالحضور كان نوعي مع التشديد على البرتوكول الصحي كما كانت الأجواء حميمة .
الحدث الثاني: الساعة 16 مساء:
حضوري حفل توقيع عمل علمي متكامل لصديقي الدكتور علي الشبعان، الباحث الأكاديمي المختص في تحليل الخطاب، ونظريات الترجمة، ومناهج النقدالحديث، بجامعة: الإمام عبد الرحمان بن فيصل، الدمٌام المملكة العربية السعودية، وبكلية الآداب، والعلوم الانسانية، جامعة القيروان، تونس، وهو أيضا عضو جمعية الترجمة العالمية ATIDA، ومدرٌب معتمد، فيها. وعضو فريق ICAR، جامعة الأنوار، ليون2، فرنسا.
هذا العمل هو عبارة عن مشروع فكري حول رسم طبوغرافيا جديدة للفكر العربي من خلال نظرية الأشكال، يتضمٌن هذا المشروع 8 أجزاء صدر منها. 5:
- الجزء الأول كتاب عنوانه "كتاب الهاوية" الحجاج/الحقيقة في متون تفسير القرآن، وتأويله:( الطبري),الزٌمخشري), ( ابن عربيٌ)." بحث في ( أشكال المقانعة), و( طرائق الشرعنة), و( استراجيات التأويل)." مقاربة بلاغيةٌ جديدة. في 458 صفحة.
- الجزء الثاني: " كتاب البرهان",مطارحات، في الحجاجية التأويلية", " البلاغة الجديدة"( القضايا والتحولات) في 328 ص.
- الجزء الثالث، " كتاب الذوق: " مقاربات في الانشائية العربية", ( تأويلات، وتفكيكات). كيف، تبني، اللغة، أفضية جمالها، وتُحدث، بلاغات" كمالها؟ في 370 ص،،
الجزء الرابع: "كتاب الوجد"، البلاغة الآثمة، وميلاد، العقل المنشق" ( من بلاغة البيان), إلى بلاغة العرفان). في 200صفحة.
- الجزء الخامس: "كتاب التوحش": المرايا المهشٌمة في نقد " الأصوليات الفكرية" و " تمركزات العقل المُستقيل"( ظاهرة. الغُلوٌِ، أُنموذجا)
مقاربة:"اركيولوجية، " هرمنيوطيقيٌة" ( بلاغة الراهن، وريطوريقا اليوميٌ) في 204 ص.
يرمي مشروع الدكتور الشبعان الفكري، إلى الإنتقال، من توصيف الظٌاهرات المعرفية المدروسة، في الثقافة العربية المؤسلمة:( الظاهرات الجمالية، والظاهرات الثقافية، والظاهرات الحجاجية، والظاهرات الفلسفية والعقائدية والدينية ...), إلى البحث، في خفايا التوصيف، وأسرار التٌصانيف، من خلال، ( رؤية فكرية ), لايضيرها، فضح المُكتٌم، أو كشْف المُؤٌَثٌمِ الذي رسمته، إراداتُ الفاعلين الإجتماعيين، يحفظ، مصالحهم، ويُديم، نفوذهم.".
استهل هذا المبحث باهداءٍ إلى كل من علٌمه حرفا وزرع بذرة للعلم والمعرفة في صدره، إلى روح والده ....وإلى أستاذه واستاذ الأجيال الدكتور محسن بن العربي اعترافا وامتنانا لمن علٌمه" أنٌ للنصوص، أسرارا، وللخطابات، أنوارا، لا، يُظهرها، إلاٌ، التأويل العميق، ولا يجلوها، إلاٌ،، الجوسُ الدٌقيقُ، ولا، تنطقها، إلاٌ، الشٌجاعة الكافية....
يهدي الدكتور علي الشبعان ، " هذه الإلماعاتِ التأويلية، عساها، تعيد، إلى ( النٌصوص العظام)، نضاراتها، وتُرجع، إلى مكنون الجواهر، حقيقتها، نبني، بها، فضاءَأعتقادٍ، يؤمن، فاعلوه، بأن، لا، حياة، خارج العصر، ولا، أصالة، دون ترهين..."
-
.يستهله باهداء جاء فيه :
" إلى كلٌ ، من، طرد، العُنفَ، من حومته، ونبذ، الغُلُوَ، من فكره، وأزاح، القيود، عن عقله...
إلى كلٌ دعاة السٌلام، ودُعاة الفضيلة...
أهدي، خلاصة، هذا الجهد...".
صدرت هذه الأجزاء الخمسة عن دار "زينب والنشر والتوزيع"(2021). تنتمي إلى جنس تحليل الخطاب. فتعود الارتدادات بموجاتها وتدرك أن للنقد أرباب ومدارات لايعرفها إلا من استبطن طقوسه وعوالمه، فيعود إليك قطعا بعض من ذاك النبض الذي ضخٌه فينا صاحب الاثر بمتعه الروحية والحسية يتدفق منه البيان معتٌقا. تستعيد شوقك تستكنه الموروث وتسائله بشغف انساني جامح..
الف مبروك دكتورنا وبالتوفيق
الأديبة نعيمة الحمامي 














في رحاب سحابتك الصماء أعوم بقلم.. الدكتورة رنيم رجب

 في رحاب سحابتك الصماء أعوم

أحاكي رياح الصبر كلما جفت دواتي
عروق مصباح تلوي زراع شهب حالمة
عناقيد أمنيات تتدلى في شمس الافق
صهيل سعادة يلامس عمق الشعور
قطعان أفكار تغزو أفلاك المساء
فترقد في سريرها أيامي الشقية
ترقص على عتبة الفناء حروفي
معتقة النبيذ موهومة تغريها المرايا
جسدها ممتلأ بالخطوط معالمها فاتنة
وعاصفة ايقاعها بليد تستعطف الفجر
عطرها في الزوايا وحيدا يئن وجعا وجوعا
شريدة شاحبة تملي علي بنظراتها القاتلة
تسلب اللب بدهاءها تراقص ليلي العنيد
بسخاءها وعذوبة ألحانها ينصهر الجليد
عفيفة النوايا تارة وخبيثةتارة قناعها البرود
جعلتني التقط شعاع ابتسامتي العارية
على حافة حبال الدهشة تستلقي
شهب ايقاع تسعفني أتصبب بها
في أكنفاها ترسو سفن الحاضر والامس
في طياتها تختفي بهجة العيد،الجريح
والوان كحل في أجواء مداري تغني
تسترسل في حقول العمر تهني...
بقلم.. الدكتورة رنيم رجب

أحلام الطفولة بقلم الشاعرة محجوبة بن حميدة

 أحلام الطفولة

أحلامنا أحلام الطفولة
و كأنها قلب يرفرف بين الثنايا
يرحل فصل و يأتي آخر
و فصل الأمل لم يشرق بعد
كبرنا و لكن أحلامنا بقيت فينا
كـالطفولة تسكن أعماقنـا
نحن نحلم و القدر مكتوب
سراب نعيشه في كل الأوقات
كأوراق الخريف سقطت أرضا
تعرّت الأشجار صارت تنوح
هكذا الأماني تبخّرت عاليا
ليبقى الأمل في عيون الطفولة
ستشرق الشمس و تغنّي الطيور
و تتسـارع الدقــات فرحًـا
و يبقى الأمل في عيون الطفولة
كأنه النور يشتهيه فاقد البصر
بقلمي محجوبة بن حميدة
تونس
14~8~2021
Peut être une image de Mahjouba Ben Hmida, enfant, position debout et fleur


اخــــتــيــارات بقلم الشاعر الهادي العثماني/تونس

 اخــــتــيــارات

`````````````````
أحبُّ البلادَ التي شيّدتها حروف القصيدْ
وأنسى الكثير من الذكريات اذا ما رحلت،
ويــبـقــى الــوفـــاء،
وما يبعث الروح من نغمة في النشيدْ
وأمضي وحيدا، أروح هناك
الى مرفإٍ خلف بـحــرٍ بـعـــيـــدْ
* * *
أحبُّ مجـازَ اللغات الموشّــى
بأحــلام نرجسـة لا تنـــامْ،
يـــغــنّــي الـحـــمـــامْ
يلوح الصباح بنورٍ جـديـدْ
وللشعر تأصيل هذا الكيانِ
وســحـــر الــبــيـــانِ
على زورق مُـبْـحِــرٍ فـي السلامْ
يــــلــذّ الــــكــــــلامْ،
أجوب الأقاصي فأمسي المريدْ
وبـوصلتـي نبـضـةٌ فــي الــوريــدْ
الهادي العثماني/تونس


مع تواصل مأساة «الحرقة»: حين يتحوّل الشباب التونسي..إلى "وليمة لأعشاب البحر" بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 مع تواصل مأساة «الحرقة»: حين يتحوّل الشباب التونسي..إلى "وليمة لأعشاب البحر"

لا تؤثر الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ الصيف الماضي على المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية فقط،، ولكنها تتعدى ذلك حسب الخبراء لتمس نفسيتنا ودواخلنا ...فالتونسي اليوم مريض بما مرضت به البلاد من احتقان وعنف تجاوز كل الحدود المتعارف عليها في مجتمعنا.
والمتتبع لما يكتب وما ينشر خاصة على صفحات التواصل الاجتماعي التي أصبحت تشكل بلا منازع المرآة العاكسة لكل انفعالات التونسيين والتونسيات يلاحظ بسرعة علامات التشنج الواضحة في الخطابات وفي السلوكيات من كل الأطراف بدون استثناء..
بين واقع إجتماعي و إقتصادي صعب و سلطة تهب رياحها دون أن تسقي رحيق أحلام شباب الوطن وماء المتوسط الهادئ , آثر آلاف الشباب البحر و اختاروا الهجرة بحثا عن مرسى لأحلامهم التائهة قبل أن يكتشفوا أن للكون حافة و للأرض منتهى يقود للهلاك أين إنقلبت مراكبهم و إنغمرت أمنياتهم بأمواج الموت التي حفظت مسارهم و إقتاتت مراكبهم لسنوات عديدة .
بعد أقل من يوم على فاجعة مركب قرقنة التي راح ضحيتها قرابة الستين (العدد كان زمنئذ كان مرشحا للإرتفاع) ,رُفع الغموض على عديد التساؤلات ,التي كان أبرزها هويات الضحايا,تساؤلات طرحها الجميع إلا أمهات المهاجرين اللواتي إنشطرت قلوبهن بين أمل إنقاذ وهاجس فقدان و شبح إنتشال..عبارات لم يكنّ مخيرات في إنتقاء إحداها ،غير أن الواقع فرض عليهن الإنتظار بعين باكية و جسد مرتعش وقلب وجل ,قبل أن يرفع بعض الستر-وقتئذ- حين أعلن مصدر طبي لمندوب-الصريح أونلاين بتطاوين-,أن أغلب الناجين ينحدرون من ولايات قابس و مدنين و المهدية و تطاوين و القيروان وسيدي بوزيد و القصرين ,ما يؤكد مجددا أن ولايات الوسط و الجنوب خاصة ,هي الخاسر الأكبر في فواجع غرق مراكب الموت في كل عملية هجرة غير نظامية لسنوات عديدة ,فالحوادث المماثلة السابقة شهدت أيضا ضحايا كُثر من ولايات الجنوب التونسي.
ما أريد أن أقول في هكذا ىحزن كافر..وقهر سافر..؟؟
أردت القول..كمن ينثر الورد في واد غير ذي زرع.. هكذا صارت حالنا بعد سبع سنوات من ثورة دحرجت رؤوسا كثيرة وردّت الإعتبار لمن نال منهم الظلم والظلام في نخاع العظم..
ننحن بواد و-الحكومات المتعاقبة- بواد آخر، تنبئنا مع اشراقة كل صباح بأنّ قوافل الخير المحمّلة بجرار العسل في طريقها إلينا..ستفيض بلادنا لبنا وعسلا.. قليلا من الصبر فقط.. أيّها الشعب العظيم..
الكل ينآى بنفسه عن الواقع الأليم الذي تتحفنا به قنواتنا الوطنية في كل نشراتها الإخبارية:اعتصام هنا..واحتجاج هناك..واضراب يلوح في الأفق سيشمل كل القطاعات.. قوارب موت تحمل على ظهورها شبابا في عمر الزهور سقطتت بمن فيها في عمق اللجة..ولنا أن نفرح.لنا أن نهلّل.وطوبى للحزانى لأنّهم عند الله يتعزّون.
قيل لنا أنّ تونس ستشبه بعد الثورة جنّات من تحتها تجري الآنهار.وقيل لنا أيضا أنّ الحرية سينتشر عطرها في الأقاصي حتى يزكم الأنوف.. أما أرغفة الخبز فسيكون عددها أكثر بكثير من عدد الأفواه الجائعة..جاري فقط نبّهني لأمر جلل..جاري الذي قدّم ابنه مهرا سخيا لعرس الثورة قال لي:لا تؤذّن مع المؤذنين في مالطا،فلن يسمعك أحد.. هكذا صارت حال كل من ينتقد الوضع الراهن..-الثورات العربية-وعدتنا بأنّ الخيرات ستتوالى. وسيعمّ الخير و الرفاه بلاد العرب من البحرين حتى أقاصي بلاد شنقيط موريتانيا العظمى،وستنال الصحراء الغربية نصيبها من الغنيمة أيضا.وعلى العرب أن يفرحوا.عليهم أن يهللوا للصدقات أمريكية هذه المرة.ولهم أن يبتهجوا بالنظام العالمي الجديد صانع المعجزات،وكافر من يردّد قول المسيح ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.
الكل يهرب من الواقع المؤلم،يحتضن طموحاته مرغما ويمضي بها.
من اعتقد أنّ الدين هو الحل لحلحلة الملفات العالقة ارتدى جلبابا "أفغانيا" وأطال لحيته وانتهى إلى أنّ الديمقراطية كفر وضلال.أما الذي يرى في "البروليتاريا" قوّة ضاربة وقادرة على ترجيح الكفّة لصالح الفقراء والجياع فانبرى ينظّر ويرمي -اللوم-جزافا على الناخبين الذين لم يهدوا له أصواتهم، وأشاحوا بوجوههم عن برامجه الثورية الواعدة.. موضّحا أنّ الطريق إلى جهنّم مفروش بحسن النوايا..
البعض منا أصيب بالفصام أيضا: يصفّق للنهضة صباحا.. وينتصر للقوى التقدمية عند المساء..!
الشباب لعن الساسة..والساسيين واستيقظ من-غفوته-بعد أن حلم طويلا بجنات تجري من تحتها الأنهار جادت بها ثورة التحرير..و"أهدى" نفسه مهرا سخيا لبطون الحيتان في عمق الأبيض المتوسط ..لم يكن عبد المجيد المؤدب(الشاب اليافع المنحدر من أصول عريقة) أولهم..ولا غسان المحسن (إبن الكاتب الصحفي والمحلل السياسي (مندوب الصريح) محمد المحسن آخرهم.) فالقائمة لا تزال طويلة..والموت السافر يكشر عن نابه الأزرق المتوحش وينتظر المزيد..كم أنت جشع أيها الموت اللعين..؟
وكم قلبك متحجر يا بحرنا الأبيض المتوسط..؟..وكم أنت جشعة يا-حكومتنا المؤقرة- يا من تخليت عن شبابك الذين كانوا بالأمس القريب وقود ثورة التحرير وشرارة اندلاعها و"رميت بهم " إلى الماوراء حيث نهر الأبدية..ودموع بني البشر أجمعين..
أما أنا فمازلت ألعن أم الإنتهازيين وخالاتهم من الرضاعة..والأمم المتحدة..وكلّ قوى الخراب في هذا الكوكب الأرضي الكئيب..
لم أعد أعرف ماذا كان يجب عليّ أن أفعل، أخذت جرعة من الأمل،ثم دسست طموحاتي بين كتب الأدب،واعتبرت الكتابة جدارا أخيرا أحتمي به من الإنكسار.لعلي آمنت بأنّه لا فائدة من -الحكومة التي لا تحتضن شبابها وترعاهم- إذ هي ظلّت تعزف على نفس الوتر:التنمية قادمة.. العدالة الإجتماعية في طريقها إلينا.. والخير والرفاه سيعمّ البلاد من شمالها إلى جنوبها.. وداعا أيها الفقر اللعين..
أنا لا أراهن كثيرا على -الحكومة القادمة على مهل-سيما وأن شبابنا أصبح-وليمة لأعشاب البحر-ولكن حضور الأمنيات القليلة اللطاف أفضل من غيابها الكلي.. لذا سأرتّل، بصوتي العليل تعاويذ الأمل.. وأكتب..ولكن الحياة الكريمة أقدس من النص، والفعل المقاوم أعظم من أن تحيط به الكلمات..
كان يحدوني الأمل قليلا وأنا أتابع خطابات -رئيسنا العظيم الراحل سي الباجي-(رحمه الله) وهو يذكّر الجميع بحكمة ورثناها عن أجدادنا: لا تغلّب الفتق..على الرتق..واطلب المستطاع إن أردت أن تطاع.. ثم يتعهّد بإتخاذ اجراءات صارمة ضد الإرهاب.. "فينتفض جبل الشعانبي هلعا..ووجلا..
يا رئيسنا الفذ-رحمك الله-كم كنا نحتاج قليلا من صبرك الرباني فالرّوح محض عذاب.فبيوتنا تكاد تتحوّل إلى بيوت للعزاء تأسفا أليما على شباب ركبوا قوارب الموت فأستقروا-كما أسلفت- في بطون الحيتان..
إعلامنا المؤقّر -أبهجنا -بعودة- رموز التجمّع- إلى الواجهة كي يعلموننا المبادئ الأساسية للديموقراطية الحقيقية.. وحقوق الإنسان!! علنا نأسف على رحيل -المخلوع- ونذرف دموعا سخية بحجم المطر على الإطاحة بحزب التجمّع اللعين..
ثمّة في العيون غيظ مكتوم..
وطوبى للثكالى لأنهن عند الله يتعزين..وطوبى ..وطوبى أيضا لصلاح المؤدب(شقيق الشهيد عبد المجيد المؤدب الذي استقرّ به المقام في عمق اللجة بعد أن ركب قارب الموت بحثا عن غد أجمل بعد ن ضاقت تونس "التحرير" بشبابها العاطل عن العمل..
رئيس الحكومة-السابق-(يحفظه الله) أنبأنا بأنّ أوضاعنا الإقتصادية ليست على ما يرام،أما بخصوص القروض الذي "يتكرّم" بها علينا صندوق النقد الدولي فستخصّص للإستهلاك بدل التنمية،وما علينا والحال هذه، إلا أن نواجه مصيرنا الكئيب بأمعاء خاوية..بعد أن تراجع الدعم العربي وشحّ المال والماء والأمل..
علينا إذا،أن نهلّل..ولنا أن نبتهج بالثورة التونسية المجيدة صانعة المعجزات.
وكافر من يردّد قول المسيح ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان..
رئيس حكومتنا -المستقيل-"أبدع" في التصريع.. بمعنى إثخان الجرح ورش الملح عليه بدل لملمته وتضميده.. صادق أنت وصريح.. يا "رئيس حكومتنا المستقيل"..!
غريب أمر هذا الشعب التونسي لا يكتفي بالخبز بديلا عن الحياة والكرامة. مدهش أمر هذا الشعب الذي أربك بثورته المجيدة أصقاع العالم..عظيم هذا الشعب الذي مضى لملاقاة دبابات وعسكر ولا سلاح معه غير جسده وإصراره،فمعنى ذلك أنّ المقدّس فيه قد تجلّى.
أفتح الأنترنات و -أتسكّع- بين مواقعه فأبتسم للتعليقات الساخرة على صفحات -الأصدقاء الفايسبوكيين-على مردود الحكومة وعدم قدرتها على ترتيب -ما بعثرته الفصول -لشعب أنهكه طول الإنتظار و من ثم دعوتهم للإعتصام غدا أو بعد غد..لا يهم..المهم أن لا تتوقّف الإحتجاجات والإعتصامات،وما على الجميع إلا أن يحملوا معهم زجاجات المياه المعدنية وعلم تونس وأحذية مريحة وسندويتشات تكفيهم طوال مدّة الإعتصام.. ويستلهموا من أبي القاسم الشابي المعنى الحقيقي للمجد والكرامة..
عجيب أمر هذا الشعب التونسي الذي يرفض أن تنتهي الحياة إكراما للذين تسابقوا للموت إعلاء للحياة.. وتمجيدا لها..
هذا الشعب التونسي العظيم يعلم علم اليقين أنّ هناك من عقد العزم على إبادة الحياة وعلى إفسادها وتحويلها إلى جحيم.وهو على يقين أيضا بأنّ -المفسدين في الأرض- يستدرجون الحياة إلى الهاوية.وهاهم جنودنا البواسل ورجال أمننا الأفذاذ يتسابقون إلى الموت لأنهم مؤتمنون على استمرارية الحياة. من هنا تستمدّ المواجهة لديهم عنفها المدوّخ الضاري.
تونس يا مهد الثورات العربية. تونس.. يا خضراء.. ذات ربيع رحل أوكتافيو باز*. كتب شعرا ثم رحل.لست أنا القائل بل هذا الشاعر الذي اسمه أوكتافيو باز هو القائل: "لا يجب علينا أن نترك التماسيح الكبيرة تصنع تاريخ البشرية، إنني لا أستبعد الإنهيار الأمريكي فالتاريخ لا يمكن أن يتحمّل إلى ما لا نهاية هذا الإلتحام الهائل بين الموت والموت. لذلك أدعو دول العالم الثالث إلى العودة إلى الجوهر،وإلى الوقوف وقفة واحدة في مواجهة الجحيم."
حتما لم يكن أوكتافيو باز يدري أنّ التونسي سيقف في مواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة وحيدا. و"سي الباجي"يدعو أيضا شعبه إلى الوقوف في وجه الإرهاب بجسارة من لا يهاب الموت.. ألغى ذات مرة سفره إلى جينيف.. ثم قرّر حالة الطوارئ وحظر التجوال بتونس الكبرى.. أما اتحاد الشغل -يحفظه الله- فقد ألغى كل الإضرابات..
ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بذاكرته المنقوشة في المكان. أزمنة متراصة مكثّفة.
هي ذي تونس إذن. زمان تكثّف حتى غدا مكانا وحكايات،أقاصيص وملاحم،سماء تنفتح في وجه الأرض، أرض تتسامى وتتخفّف من ماديتها حتى تصبح كالأثير. ثم يلتقيان.الأرض والسماء يغدوان واحدا.
هي ذي تونس اليوم -كما أراها-مجلّلة بالوجع ومخفورة بالبهاء: أمل يرفرف كلما هبّت نسمة من هواء.. ثمّة فسحة من أمل.. خطوة بإتجاه الطريق المؤدية، خطوة.. خطوتان ومن حقّنا أن نواصل الحلم.
سلاما لأرواحكم الطاهرة يا من قدمتم أنفسكم -قسر الإرادة-إلى بطون الحيتان..هربا من جحيم يبدو أننا غدونا نعيشه جميعا بعد أن إقتربنا من هوة اليأس وغدونا منها على الشفير..سلاما ثانية لروحك الطاهرة يا غسان المحسن..يا نجل الكاتب الصحفي الذي نالت منه المواجع في نخاع العظم"محمد المحسن..
على سبيل الخاتمة:
في السنوات الاخيرة، غلبت على السياسات الاوروبية،أكثر فأكثر المقاربة الامنية، لكن أمام تواصل تدفق المهاجرين، تسعى الان بكل الطرق للتخلص من ازمة تدفقهم عبر ترحيلهم الى بلد اخر من خلال ابرام صفقات مع الحكومات، مثلما وقع مع تركيا،وحسب المراقبين فان كلا الحلين، الامني أو الترحيل،غير ناجعين ما دامت هناك معضلات عميقة في جنوب المتوسط، منها الفقر والبطالة والقمع السياسي والحروب الاهلية.
وحتى اتفاق مراكش الاممي حول تحقيق «هجرة امنة ومنظمة ومنتظمة « التي صادقت عليه 164 دولة في العالم، خلال شهر ديسمبر 2018، فقد أظهر انقساما حادا ضمن دول الاتحاد الاوروبي، رغم صبغته غير الالزامية، حيث اثارت نقاط عديدة، منها «تحسين الخدمات الاساسية للمهاجرين» و»العمل على ان لا يشوب تقديم الخدمات اي تمييز ضدهم» حفيظة حكومات يمينية في اوروبا.
أمام فشل كل المحاولات،ربما حان الوقت ان تنظر أوروبا الى الهجرة نظرة مغايرة وتواجهها عبر استراتيجيةبعيدة المدى استراتيجية تقلل من ردود الفعل الامنية، وتأخذ في الاعتبار مبادئ حقوق الانسان وتكرس التضامن الدولي ، عند ذلك فقط يتحول المهاجرون، بكافة اصنافهم،من عبء الى عامل اثراء تستفيد منه دول المنشأ والدول المضيفة.
محمد المحسن


‏لاتستعجل الغيث.. بقلم الدكتور موسى الشيخاني

 ‏لاتستعجل الغيث..

فربما غيومك ستأتيك بغيث مشبع بالفرح..
اصبر وأنت موقن أن الكريم..
سيأتيك بالعطايا التي ستدهشك حين يحين موعده
ثم يأتي يوم و يأتي معهُ الفرح من حيث لا تحتسب و تذهبُ أحزانك و تزُهر الاماني , تفائل و ردد دائماً : لعلّ في كل تأخيره خيره..
إمسح عن وجهكَ ذاك الحزنُ العميق ، وابتسم فلا شيء يستحقُّ أن يسرق جمالَ مبسمك ، سيمضي كلُّ صعبٍ وتأتي الأشياءُ التي تُسعد قلبك بإذن الله
‏عش وكأنك لا ترى أحداً
وافرح وكأن الفرح خُلِقَ لأجلك
صباحكم_بشائر_من_رب_العباد
{▪︎الدكتور موسى الشيخاني ▪︎}
Peut être une image de 2 personnes, rose et texte

رجُلُ المَكارِمِ والرِّجالُ قليلُ بقلم الشاعرة عزيزة بشير

 رجُلُ المَكارِمِ والرِّجالُ قليلُ

تَقْوَى الإلهِ على النّفوسِ جميلُ !
قَدْرَ المُعَلّمِ حافِظٌ وَمُقَدِّرٌ
مَرْأى الجميعِ لِكَفِّهي تَقبيلُ !
حَفِظَ الجميلَ فكانَ قُدْوَةَ غَيْرِهِ
رَأسُ البِلادِ مُعَلِّمٌ ، وَخَليلُ !
فِيهِ الدِّيانةُ أثمرَتْ وّترَعْرَعَت :
"فرَضَ المناهجَ للتُّقاةِ دَليلُ
ألدّينُ نهْجٌ في الحياةِ مُقَرَّرٌ
لُبُّ الدِّراسةِ ، سيرَةٌ وَرَسولُ !
ألعِلْمُ يُكرَمُ والمُعلِّمُ مِثْلُهُ
إنّ المُعَلِّم لِلعُلومِ رَسُولُ !
عَوْنُ الفقيرِ مُقَدَّمٌ ومُقَدَّسٌ
لا ظُلْمَ لا استِعْبادَ بَعْدُ يَصولُ !
كُلٌّ لَهُ حقُّ الحَياةِ بِدَوْلَةٍ
(تُرْكِيَّا)حِضْنٌ ،( أردوغانُ ) يَقُولُ "!
عزيزة بشير
Peut être une image de 6 personnes et personnes souriantes

رِفقاً بالحيوان ! بقلم الشاعرة عزيزة بشير

 رِفقاً بالحيوان !

سَلِمَتْ يَمينُكَ ، زادَ في نَعمائكُمْ
ربُّ العِبادِ وخصّكُمْ.….. بِجِنانِهِ
صدَقاتُكُم فيها الحياةُ …...لِقِطّةٍ
ولمِثلِها زيدوا على……… إطعامِهِ
فكما نجوعُ يجوعُ كلٌّ ……..مثلَنا
حِرمانُهُ ،فيهِ الوُقوعُ ……. بِنارِهِ
إطعامُهُ،سُقياهُ……….. يُدخِلُ جنّةً
رِفْقاً بِهِ ؛ فاللهُ يَجزِي……….بأجرِهِ!
عزيزة بشير
Peut être une image de 1 personne